خاص بآفاق البيئة والتنمية
يقول وائل الحاج، صاحب مبادرة "بال ترحال" ان هذه المبادرة تهدف إلى كسر الروتين اليومي وتعزيز ارتباط ووعي المواطن بأرضه والبيئة المحيطة به، كما تسهم في تشجيع السياحة الداخلية. إلا أن الأحداث الحالية قد ألقت بظلالها على هذا النمط من السياحة، فحدّت من قدرته على الابتكار والتوسع في ظل معيقات الاحتلال وحواجزه واعتداءات المستوطنين.
يروي الحاج أبو مصطفى 64 عاما، من سكان ضاحية قرب مخيم الجلزون، ذكريات من طفولته وذلك أثناء مرافقته للمقهى وسط المخيم، يقول: "كنا وكان الزمان زمانا آخر، كنا نجتمع واخوتي وأبناء عمي ووالدي كل عطلة أسبوع متوجهين لأحضان الطبيعة في الأحراش والينابيع المحيطة، تحضّر والدتي عدتنا المعتادة والمكونة من ابريق الشاي وقنينة الزيت وبعض "الرصيص" والزعتر والبندورة، ونسير في ساعات الصباح الباكر قبل بزوغ الشمس مع والدينا للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، يبتعد أبي في المكان للصيد، وتقوم والدتي بجمع الأعشاب البرية لاستخدامها في العلاج للحروق والجروح والسعال وغيره، بينما نقوم نحن باللهو واللعب في المكان لجمع الحجارة ذات الاشكال الغريبة، والبحث عن السلاحف والحلزون وما الى ذلك".
ويشفق أبو مصطفى على أحفاده الذين يحاولون الذهاب للعب في الأراضي المحيطة لكن أمهاتهم يمنعونهم، وذلك بسبب وجود المستوطنين الذين يتصيدون الفرص للاعتداء على الأطفال في ظل الأحداث الحالية، مشيراً إلى أن والديهم وحين يريدون إخراجهم في نزهة فيقصدون الملاهي والأماكن المغلقة. يعلق: " ينشأ الطفل ولا ترابط روحي بينه وبين الأرض والطبيعة، ورغم تنشئتي لأطفالي على حب الأرض، إلا أنهم ونتيجة عيشهم في شقق مغلقة في مساحات ضيقة ضمن امكانياتهم، لا تربطهم في الارض الا ذكريات الماضي وبضع شجرات من الزيتون مزروعة في حديقة المنزل يحتفلون بها وقت قطاف الثمار".
وأضاف: " أترقبهم وأتساءل، ماذا لو كانت أراضينا المصادرة من قبل الاحتلال تحت تصرفهم، ماذا لو استطعت اصطاحبهم لتلك الأرض الواسعة لينتشروا في المكان ويعيدوا للقلب بعض شبابه؟".
يضيف أنه وفي عيد الأضحى الأخير سأل ولده اصطحابه والأحفاد للشواء قرب عين الماء في دورا القرع حيث كانت شقيقاته يذهبن وهن صبايا لقطف النعناع البري والزعتر وجمع الحطب، ولكن حين وصل أبو مصطفى المكان، تفاجأ من حاله، فالكلاب الضالة تنتشر في المكان والخنازير البرية، اضافة الى وجود مستوطنة بيت ايل التي تزحف بشكل متواصل تجاه القرية وينابيعها".
المسار البيئي الرابع
احصاء لانتهاكات مدمرة
تعاني سياحة المسارات في فلسطين من عوامل عدة تساهم في اضعافها في ظل الاحداث السياسية الحالية، ومن بين هذه العوامل اعتداءات المستوطنين والتي كانت خلال شهر تشرين اول كالتالي حسب ما زودتنا به سلطة جودة البيئة:
-محافظة نابلس بتاريخ 2/10/2015 أضرم المستوطنون النيران بعشرات اشجار الزيتون بشكل متعمد في محيط منزل "ام ايمن صوفان" الواقعة على بعد عشرات الامتار من مستوطنة "ايتسهار" جنوب بورين جنوب نابلس، كما أضرم المستوطنون النار في جبل "السبع" الواقع شرقي بلدة بورين بشكل متعمد.
-في بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس أضرم المستوطنون النار في عشرات الدونمات الزراعية من أراضي البلدة . وبتاريخ 2/10/2015 استطاع المواطنون منع امتداد النيران التي أشعلها المستوطنون بشكل متعمد في محيط منتجع 'كنتري حوارة’ غرب بلدة حوارة الواقعة إلى الجنوب من نابلس والتي تسببت بحرق أشجار ومزروعات.
وترافق ذلك مع تشديد قوات الاحتلال من إجراءات التفتيش والتدقيق على حاجز زعترة الواقع على الطريق العام نابلس- رام الله، الأمر الذي تسبب في أزمات مرورية بسبب بطء إجراءات تفتيش المركبات.
-بتاريخ 3/10/2015 أشعل المستوطنون النار في أشجار ومزروعات المواطنين في بلدة بورين جنوب نابلس. بتاريخ 3/10/2015 نصبت قوات الاحتلال الإسرائيلي بيوتًا متنقلة 'كرفانات' وخيامًا على حاجز بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس، فيما عملت قوات الاحتلال المتواجدة منذ ساعات الصباح على تجريف الأراضي المحيطة بالحاجز باستخدام الجرافات، ووضعت 'الكرفانات' ونصبت الخيام فوقها.
-بتاريخ 4/10/2015 أضرم مستوطنون النار في حقول زراعية ببلدة حوارة جنوب نابلس في منطقتي "اللحف والطيرة".
-بتاريخ 4/10/2015 أضرم عشرات المستوطنين من مستوطنة "ايتسهار" النار بعشرات الدونمات من الأراضي الزراعية في منطقة "وادي الصرار" الواقع شمال شرق قرية عوريف جنوب نابلس، مما أدى إلى انتشار النيران في عشرات الدونمات الزراعية.
-بتاريخ 4/10/2015 قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الطريق الواصلة بين مدينتي رام الله ونابلس.
-بتاريخ 9/10/2015 هاجم اكثر من 50 مستوطنا من مستوطنة "الون موريه" شرق نابلس منطقة " خلة الراجح" شرقي قرية روجيب جنوب شرق نابلس، وحطموا عشرات أشجار الزيتون في المنطقة قبل ساعات من وصول المواطنين اليها لقطف ثمار الزيتون.
-بتاريخ 9/10/2015 هاجم عشرات المستوطنين من مستوطني "جدعونيم" عدداً من المزارعين خلال قطف ثمار الزيتون في يانون، وقاموا بمحاولة منع المزارعين من قطف ثمار الزيتون في المنطقة، بالرغم من التنسيق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
-محافظة قلقيلية تعاني أيضا، فقرية بيت أمين تشكو من انسياب مياه المجاري من المستوطنات المحيطة بها من الشرق والغرب.
-المياه العادمة ما زالت تنساب في أراضي المواطنين في كل من بيت أمين وعزون عتمة من مستوطنة اورانيت، جينصافوط من مصنع المخلل في مستوطنة عمانوئيل، النبي الياس من مستوطنة الفيه منشيه. واستمرار تجريف الأراضي في عزون عتمة وجبل الذيب في جينصافوط، مجاري مستوطنة الفيه منشيه تنساب من تحت الجدار المار جنوب غرب مدينة قلقيلية وتغرق أراضي المزارعين مسببه لهم خسائر فادحة.
-محافظة طولكرم تعاني من المياه العادمة التي ما زالت تنساب في أراضي المواطنين في شوفة من مستوطنة أفنيه حيفتس. واستمرار التجريف في أراضي كفر صور من قبل المستوطنين في مستوطنة سلعيت. ومياه المجاري من مستوطنة حرميش ما زالت تنساب الى أراضي المواطنين من قفين والنزلة الشرقية. هناك أيضاً عدد من الانتهاكات منذ بداية الهبة الجماهيرية بتاريخ 1/10 في محافظة طولكرم وهي على النحو التالي :
-بتاريخ 3/10 مستوطنو مستعمرة أفنيه حيفتس يحرقون عددا من أشجار الزيتون في أراضي الوقف الإسلامي في بلدة كفر اللبد، وقد طال الحريق عشرات من أشجار الزيتون المعمرة ( الرومي) وتقع الأراضي جنوب بلدة كفر اللبد.
منذ بداية موسم الزيتون وخلال فترة الهبة الجماهيرية يعاني المزارعون على بوابات الزيتون الزراعي في قرى وبلدات محافظة طولكرم بدءا من قفين وعكابة شمالا حتى كفر صور جنوبا من المضايقات المتصاعدة، وتتمثل هذه المضايقات في تأخير فتح البوابات صباحا وحجز المزارعين حتى ساعات متأخرة مساء ناهيك عن الاعتداءات على الشبان كما حصل على بوابة فرعون يومي الأحد والاثنين 4-5/10
بتاريخ 8/10 اقتحمت جرافات الاحتلال أراضي جامعة خصوري من الجهة الغربية وقامت بهدم الأسوار وقلع أشجار الزيتون حديثة الزراعة، كذلك قامت الجرافات بتجريف الأراضي في منطقة الارتباط العسكري سابقا. وفي قرية شوفه، قام المستوطنون بإغلاق الشارع الرئيسي لمدة ثلاثة أيام وقاموا بإحراق عدد من البيوت البلاستيكية.
بتاريخ 11/10 أُشعلت النيران بأراضي المواطنين خلف الجدار في منطقة قفين مما أدى إلى احتراق العشرات من أشجار الزيتون.
-في محافظة الخليل كان هناك تراكم للنفايات الصلبة بسبب عدم قدرة وصول سيارات النفايات التابعة للبلديات لمناطق الاشتباكات وجمع النفايات. كما جرى إغراق ورش الشوارع ومنازل المواطنين بالمياه العادمة ومواد كيماوية ملوثة مسببة روائح ومكاره صحية تستمر لمدة أسابيع، خاصة في مداخل المدن والبلدات ومناطق المواجهات.
هذا بالاضافة الى تلويث الجو بالغازات والمواد الناتجة عن الرصاص وقنابل الغاز والصوت والاسلحة والذخيرة.
-كما أن هناك تراكم لبعض المواد الصلبة الناتجة من عمليات الاشتباكات مع الجنود من رصاص وبقايا قنابل الغاز والصوت وغيرها، ما يشكل خطرا خاصة على الاطفال وطلاب المدارس والمارة في الشوارع.
المستوطنون في الخليل دمروا خلايا شمسية جنوبا، واعتدوا على حارس متنزه يطا.
واستولى الاحتلال على مبنى سكني ومخازن زراعية في بلدة بيت أمّر، كما ويغرق الاحتلال منطقة رأس الجورة ومنازل المواطنين وجسر حلحول بالمياه العادمة والكيماويات الملوثة .
أما المحافظات الأخرى، فلم يتم الحصول على احصائيات لاعتداءات المستوطنين فيها.
مشهد في المسار البيئي الأول
وفود سياحية ألغت حجوزاتها
يقول جواد مصلح، منسق برامج في مركز دراسات السياحة البديلة ATG، أن السياحة في فلسطين كانت بشكل عام تمر في حالة انتعاش، لكن الاحداث الحالية أثرت على قطاع السياحة كونه الأكثر حساسية بالأحداث السياسية، وكذلك السياحة البيئية على وجه الخصوص والتي تأثرت بشكل كبير، فكثير من الوفود السياحية ألغت الحجوزات. وتعد فترتا الخريف والربيع، وفق مصلح، من أكثر الفترات حركة للسياحة البيئية، فهناك فئات من السياح يرغبون في المشي او البايكنج او زيارة الحقول والبرية الفلسطينية، كما أن هناك أيضا وفود كان من المفترض أن تحجز خلال موسم الزيتون، لكنها لم تحجز بسبب الأحداث، هؤلاء وفق مصلح يحبون عيش أجواء قطاف الزيتون ويرغبون بالمشاركة في هذه الفعالية والتضامن مع الفلسطينيين.
ويتابع "من بين الوفود السياحية، كان هناك وفد مكون من 80 سائحا أتى لبيت لحم قبل اشتداد الاحداث، وشاركوا في القطاف، لكنهم كانوا مذعورين ولم يحققوا المتعة وحرية الحركة بأمان كما كانوا يتخيلون."
ويعبر مصلح عن تخوفه من ضرب موسم السياحة البيئية في الربيع، يقول "لا نعرف ماذا سيحدث في ظل استمرار هجمات المستوطنين على الحقول والأماكن الزراعية، كما أن وضع الاحتلال الحواجز بين القرى والمدن الفلسطينية، وإغلاقها أحيانا، أمور تخيف السياح وتجعلهم يفكرون مئة مرة قبل الحجز للمشاركة في جولة سياحة بيئية في فلسطين.
فيما يلي صور توضح المسارات البيئية، وهي صور وضعت في منشور تم إنتاجه بالتعاون بين عدة أطراف لتعريف الزوار والناس المحليين بالمسارات البيئية الموجودة في فلسطين:
 |
المسار البيئي رقم 1 |
 |
المسار البيئي رقم 2 |
 |
المسار البيئي رقم 3 |
 |
المسار البيئي رقم 4 |
لا احصائيات حاليا..
"يبدو انه من الصعب احصاء الضرر الواقع على السياحة البديلة والسياحة البيئية بالأرقام في ظل الاحداث السياسية على أرض الواقع، لكن السياحة البيئية بشكل عام تحتاج الأمن والأمان، وغياب هذا العنصر يضرب السياحة البيئية والبديلة، فالفلسطيني غير مؤمّن على نفسه في حال خرج في جولة سياحة بيئية في ظل اعتداءات المستوطنين، فكيف يمكنه ان يتحمل مسؤولية وفد كامل؟ يقول أحمد نعيرات، مدير السياحة الداخلية في وزارة السياحة.
ويضيف نعيرات "المسارات شكل من أشكال هذه السياحة، طورتها الوزارة لاشراك المجتمع المحلي في دعم السياحة، وهناك ميزات لها وتتمثل في التبادل الثقافي بإشراك اهالي القرى التي فيها المكان السياحي البيئي المنوي التوجه له، ويكون هناك مرشد سياحي يعرض تاريخ المنطقة، كما أن الناس منهم من ملّ النمط التقليدي للسياحة، فاعتبر السياحة البيئية نمطاً جديداً، وتتمثل في زيارة الينابيع واماكن اطلاق الطيور وزيارة القرى المشهورة بزراعة منتوجات معينة كـ بتير المشهورة بزراعة الباذنجان، والخليل المشهورة بزراعة العنب وغيرها من القرى.
وأوضح نعيرات أن تقسيمات أوسلو للأراضي الفلسطينية (مناطق ج، ب، أ) تحدّ من حرية الحركة وتضيق على السياحة البيئية، اضافة الى اعتداءات المستوطنين واطلاق المياه العادمة على الاراضي الزراعية واطلاق حيوانات برية لتخريب المزروعات وإيذاء المواطنين، كلها أمور تحد أيضا من تطور السياحة البيئية.

مشهد في المسار البيئي الثاني