في كل عام نخسر ثروة ًلا يستهان بها. إنها "صوف الأغنام" ففي شهر نيسان من كل عام يقوم مربو الأغنام بجز صوف أغنامهم. وبعد الانتهاء من جز أغنامهم يقومون بحرق أو برمي الصوف مع النفايات. تعليقاً على هذا السلوك، هناك أسئلة عديدة تدور... لماذا يقوم مربو الأغنام بالتخلص من الصوف؟ لماذا لا توجد مصانع للاستفادة من هذه الثروة؟ لماذا لا تقدم وزارة الزراعة الفلسطينية بعض الندوات والمحاضرات حول كيفية الاستفادة من الصوف؟ لماذا لا يستخدم الصوف في صناعة الأسمدة العضوية؟
ما يقارب المليون رأس من الغنم في فلسطين بحسب المركز الفلسطيني للاتصال والسياسات التنموية (2009). إذن نحن نمتلك مئات الأطنان من الصوف لا بل مئات فرص العمل التي ستتوفر لو نعرف كيف نستغل هذه الثروة، مئات العاملين في مصانع النسيج ومئات العاملين في مصانع الأسمدة.
العالم كله اليوم يفكر كيف بإمكانه أن يكون صديقاً للبيئة، يتحدث عن الاحتباس الحراري والمشاكل الجمة التي ستنتج عن هذه الظاهرة. ولكن وتعقيباً على موضوعنا، فالتوجه نحو حرق الصوف في ظل غياب الوعي والإرشاد حوّل الريف -المكان الذي يعشقه أهل المدن للترويح عن النفس ولاستنشاق الهواء النقي- أضحى يشارك مصانع المدن ودخان سياراتها في إنتاج التلوث الهوائي.
الصوف والحفاظ على البيئة
"الزراعة الخضراء"، "الأسمدة العضوية"، "تلوث المياه الجوفية" عناوين رنانة يتحدث عنها العالم في سبيل الحفاظ على خصوبة التربة ومنع المياه الجوفية من التلوث، ولكن للأسف وفي سياق حديثنا، فإحدى إمكانياتنا المتمثلة بـ (الصوف) تستنزف لعكس ذلك، مع أنها إحدى الحلول للحد من التصحر وتلوث المياه الجوفية. فالصوف يعتبر من المواد الغنية بالنيتروجين والمعادن كما أنه يساعد في عملية النترجة وهي عملية أكسدة الأمونيا NH3 وتحويلها إلى نترات (NO3−) عن طريق نوع من البكتيريا.
وتلعب النترجة دورا هاما في دورة النتروجين في الطبيعة، حيث أنها تحول الأمونيا الناتجة من موت الكائنات الحية إلى نيترات. بذلك تحصل النباتات على غذائها من مواد تحتوي على النتروجين والمعادن وتكتسب الأرض خصوبتها.
يحتاج المزارعون الفلسطينيون الى آلاف الأطنان من الأسمدة سنوياً وكلها فعلياً مستوردة، الأمر الذي يجعلهم يتحملون أعباءً اقتصادية كبيرة الى جانب مشاركتهم في تلوث مياهنا الجوفية، والإسراع في تصحر مساحتنا الزراعية الخصبة، ولكن لو قام مزارعونا أو مصانعنا بالاستفادة من الصوف كأسمدة طبيعية عضوية، لما وصلنا إلى هذا الحد من استيراد سموم الأرض والإنسان دون أن نلتفت للثروة المهدورة من حولنا.