بات للنفايات عالم علمي وتقني وأبحاث شبيهة بعلوم وأبحاث علم الذرة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وكان قضية النفايات قنبلة نووية عالمية انفجرت وطالت مخلفاتها كل أنحاء العالم من دون استثناء. هذا ما يمكن استنتاجه بشكل عام من خلال المشاركة في المؤتمر الدولي الذي انعقد في أكتوبر الماضي حول إدارة النفايات في سردينيا، وهو من أكبر المؤتمرات الدولية التي تعقد كل عام في حوض المتوسط.
جمع هذا المؤتمر الذي نظمته المجموعة الدولية للنفايات، أكثر من 735 مشاركاً من جميع أنحاء العالم وقدّم خلاله أكثر من 500 بحث من معظم جامعات العالم المهتمّة بمناهج تتعلق بمعالجة النفايات من الناحية العلمية والتقنية.
بين هذه الجامعات الأساسية المشاركة، جامعة بادوفا الايطالية (IT)، جامعة تونجي الصينية (CN)، الجامعة التكنولوجية الدنماركية (DE)، جامعة فوكوكا اليابانية (JP)، جامعة سنترال فلوريدا (الولايات المتحدة الأميركية)، جامعة هامبورغ للتكنولوجيا الألمانية (DE). كما شارك لبنان عبر الجامعة الأميركية في بيروت (قسم الهندسة البيئية) بدراسة عرضتها أماني معلوف بإشراف البروفسور معتصم الفاضل.
كما قدّمت الكثير من العروض وورش العمل الموازية والنقاشات التي كانت تمتد الى ساعات متأخرة من كل ليلة تناولت سياسة النفايات والتشريعات، استراتيجيات إدارة النفايات، تقييم إدارة النفايات وأدوات اتخاذ القرار، توصيف النفايات (القمامة)، التقليل وإعادة التدوير، المعالجة البيولوجية والحرارية، المعالجة الميكانيكية البيولوجية قبل الطمر، الطمر الصحي بالمقارنة مع الرمي العشوائي، الإدارة المتكاملة لمياه الصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة، إدارة النفايات وتغير المناخ، إدارة النفايات في البلدان النامية والمنخفضة الدخل...الخ
الخلاصة الأكبر التي يمكن أن يخرج بها أي مشارك في مؤتمر دولي كهذا حول إدارة النفايات حول العالم، غير أن مشكلة النفايات ناجمة بشكل أساسي عن سوء تقدير وانسجام بين الانسان والطبيعة، وان ذلك جرى التذكير به عبر الفرقة الموسيقية العالمية التي أحيت حفلة خاصة بالمؤتمر بمقطوعات على آلات صنعت جميعها من النفايات بانسجام بديع.
اما الملاحظات الأساسية فيمكن تسجيلها على الشكل التالي: أولاً: إن الصورة الكبرى عن النفايات في العالم تحتاج إلى معالجة، ربما يجب أن تكون نفسية قبل أن تكون تقنية، بمعنى أن يصبح اهتمامنا بنفاياتنا بمثل اهتمامنا بطعامنا، وكسر حاجز القرف والتعالي الذي لا يساعد أبداً في حل مثل هذه المشاكل. ثانياً: على الرغم من اتخاذ العديد من البلدان بعض الإجراءات لمنع الهدر وزيادة إعادة التدوير، فإن النفايات في جميع أنحاء العالم مستمرة في الارتفاع وأفضل نسب الفرز من المصدر العالمية لا تتجاوز الـ40% (30% في الولايات المتحدة الأميركية). وقد قدر البنك الدولي في دراسة العام 2012، إنتاج 1.3 بليون طن من النفايات سنوياً على مستوى العالم، مع توقع أن يرتفع الرقم إلى 2.2 بليون طن سنوياً بحلول العام 2025.
ثالثا: يجب التوفيق دائماً بين الوطني والعالمي في حل مثل هذه القضايا. وهذا ما كان يجب أن نعرفه في لبنان لو توقفنا لحظة وتأملنا بنفاياتنا لا سيما تلك الخطرة والتي في معظمها مستوردة، ولفكرنا في كيفية الاتصال بالمنتجين والمصدرين للبحث في كيفية استرداد معظمها. ولكنا لم نفوت فرصة المشاركة في أي من المؤتمرات الدولية ذات الصلة للمطالبة بأنظمة جديدة وبقوانين دولية أكثر عدلاً تلزم البلدان المتقدمة على استرداد بضاعتها بعد الاستخدام.
رابعاً: إن هناك ضعفاً كبيراً في إنتاج قاعدة معلومات وبيانات وطنية وعالمية حول هذا الموضوع لمساعدة الباحثين والمخططين والحكومات والأكاديميين على إنتاج المعرفة والحلول. مما يجعل التفكير في الإدارة المتكاملة للنفايات ممكناً أكثر وأكثر في المستقبل.
خامساً: تختلف السياسات المعتمدة في إدارة النفايات بين بلد وآخر، حسب الوضع الجغرافي والاقتصادي والسياسي والتنموي، وتستخدم البلدان المتقدمة وتلك النامية جميع التقنيات التي نعرفها ولا نعرفها بنسب وطرق وكلفة متفاوتة حسب العوامل المذكورة... وإن أي بلد في العالم لم يستطع ان يصل الى إدارة متكاملة لنفاياته (لا المنزلية ولا غير المنزلية) لاسيما لناحية التحكم بدورة حياة المنتجات من المهد إلى اللحد، أي من استخدام الموارد والتصنيع والتسويق والبيع والاستخدام والمعالجة بعد الاستخدام. ولذلك يفترض من خلال هذا التقييم العام للتجارب العالمية وكما سنعرض، أن نستفيد في لبنان من هذه التجارب وان نطور بهدوء سياساتنا والتوقف عن المزايدات والادعاءات البعيدة عن الواقع، مع ضرورة وضع برامج مستقبلية أصبحت معروفة عالمياً تقوم على التخفيف (عبر نظام ضرائبي محدد وهادف) والفرز كمبادئ أساسية لا تختلف عليها أية علوم أكاديمية ولا استراتيجية في العالم.
التسلسل الهرمي
يعتمد الاتحاد الأوروبي في إدارة النفايات على التسلسل الهرمي للتفضيل بين الخيارات، والتي يظهر فيها أن المكبات أو المطامر هي الخيارات الأقل تفضيلاً. في حين يعتبر التخفيف وإعادة التدوير هي الخيارات الأفضل والتي يضعها في أعلى الهرم. إلا أن ذلك لم يحُل دون الاستمرار في الاعتماد على خيار الطمر، بالإضافة إلى كل الخيارات الأخرى المعروفة. كما بات يعتمد بشكل كبير على خيار الحرق واسترداد الطاقة من النفايات، لاسيما تلك التي لا يمكن إعادة تدويرها ويمكن أن تلعب دوراً هاماً في حل متكامل لإدارة النفايات. كما يتم التفضيل بين الاستفادة من القيمة الحرارية العالية والتي تعتبر كخيار بيئي أفضل من استعادة الميثان المتولد في المكبات، أو الهروب غير المنضبط من غازات الاحتباس الحراري.
في أوروبا أيضاً، تمّ وضع أطر تشريعية لمعالجة تأثير توليد النفايات وتعديلها أكثر من مرة. إلا أن استعادة الطاقة من النفايات أصبحت تعتبر جزءاً من الإدارة المتكاملة للنفايات لاسيما للنفايات التي لا يمكن إعادة استخدامها.
استرداد الطاقة
تلعب السياسة الضريبة التي تضعها الدول دوراً مهماً في تغيير الاتجاهات الأساسية لطرق المعالجة وللتنمية والتوفير الاقتصادي. فهولندا التي اشتهرت بمحارقها، وضعت ضريبة على النفايات التي تذهب الى الحرق لتشجيع عمليات الفرز وإعادة التصنيع.
كما كان لافتاً في الكثير من الاوراق التي تحدثت عن السياسات الأوروبية، أن الدول التي ليس لديها اراض كبيرة مخصصة لطمر النفايات كانت تتوجّه الى الحرق والمحارق لاسيما في المدن، مع السعي إلى تطوير وتحديث هذه المحارق بشكل دائم. ويعتبر توافر الأراضي وأسعارها من العوامل الرئيسية في تحديد الاتجاهات. ففي استراليا التي لديها وفرة من الأمكنة، فهي تلجأ إلى المكبات والمطامر التي تعتبر رخيصة. ولولا قضية تغيّر المناخ والدراسات ذات الصلة التي تصدر في مؤتمرات المناخ كل عام والتي تحمل غاز الميثان المنبعث من المكبّات المسؤولية أكثر من 32 مرة من غاز ثاني اوكسيد الكربون، لما قرّرت إعادة النظر بطرق الطمر، وهي لذلك وضعت الضرائب على الطمر لتغيير الاتجاهات في معالجة النفايات... مع تأكيد أن الطمر الصحي الذي يتحكم بالانبعاثات ويستفيد منها لتوليد الطاقة (وبالعصارة)، أفضل بكثير من الاستمرار في الاعتماد على مكبّات عشوائية كما يحصل في العديد من دول العالم.
وأظهرت الدراسات أن الدول التي ترتفع فيها اسعار الطاقة تتجه الى توليد الطاقة من النفايات، أما البلدان التي تعتبر فيها تكاليف الطاقة منخفضة وأسعار التخلص من النفايات منخفضة فهي تذهب إلى الطمر أو محاولة استرداد الموارد.
في اليابان، حيث الأراضي محدودة، فإن المعالجة بالطمر كانت تاريخياً جداً محدودة واتجهت الدولة الى المحارق أكثر. وقد تقدمت كثيراً طرق المعالجة الحرارية من النفايات.
وفي ظل الحديث عن "أمن الطاقة" في العديد من البلدان الأوروبية في الفترة الأخيرة، تزايد الاعتماد على فكرة استرداد الطاقة من النفايات وتوليد الطاقة الكهربائية منها، كجزء من الحل لتلبية احتياجات الطاقة، خصوصاً أن توليد الطاقة من عمليات التفكك الحراري في المحارق الحديثة والمتطورة تعتبر صديقة لقضية تغيّر المناخ ولا يصدر عنها انبعاثات من ثاني اوكسيد الكربون المتهم الرئيس بتغير المناخ.
لذلك أصبح للطاقة المستعادة من النفايات مساهمة كبيرة في توليد الطاقة غير الأحفورية. وتشير التقديرات إلى أن استعادة الطاقة من النفايات يمكن أن تسهم بين 4 و 8٪ من الطلب على الطاقة في المملكة المتحدة والتي باتت تصنف ضمن "الطاقة المتجددة".
الاتحاد الأوروبي يتراجع
العام 2014 قدمت المفوضية الأوروبية اقتراحاً لتعديل العديد من التوجيهات بشأن النفايات. وقد طرحت رزمة من الاصلاحات تحت عنوان "الاقتصاد الدائري" وأنشأت لجنة لمتابعة هذا الموضوع. وقيل وقتها إن هذا التغيير يفتح أفقاً ووظائف جديدة تمّ تقديرها بما يقارب 180000 وظيفة، كما تساهم في حفظ الموارد.
ثم عادت المفوضية الأوروبية الجديدة بعد أشهر من العام نفسه (2014) وتراجعت عن هذه الخطة وسُحبت حزمة الاقتصاد الدائرية. لتعود في نيسان العام 2015 للإعلان عن إنشاء لجنة جديدة، وضعت برنامجاً أكثر طموحاً من حزمة الاقتصاد الدائرية في وقت متأخر من العام 2015، والذي يهدف إلى تحويل أوروبا الى قارة أكثر قدرة على المنافسة في كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية، ومعالجة مجموعة من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك النفايات.
بين اليابان والبرازيل
يعتبر الدكتور ترنكليالا من كلية الدراسات العليا في القانون والسياسة، جامعة أوساكا اليابانية، أن اليابان طوّرت سياساتها العامة بشأن إدارة النفايات منذ عام 1900. وهي كانت تركز في البداية على القضايا الصحية (1900-1969) ومكافحة التلوث (1970-1990). وإذ كانت تعتمد بشكل كبير على الحرق، إلا أنها وضعت مؤخراً أهدافاً جديدة تقوم على تعزيز إعادة التدوير. وقد زادت عندها في الفترة الأخيرة النفايات الالكترونية بعد ان قل حجم النفايات العادية بسبب سياسة الضرائب التي اتبعتها وبعد أن زادت معدلات إعادة التدوير.
يذكر الباحث الياباني أن البعد الإقليمي الياباني والكثافة السكانية هي العقبات التي تحول دون بناء مطامر النفايات، التي تتطلب مساحة كبيرة. هذه العوامل، بالإضافة إلى قضية ندرة الموارد الطبيعية، دفعت بالذين وضعوا الإطار القانوني لإدارة النفايات الياباني بالاعتماد على مبدأ التقليل من النفايات وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير.
اما في البرازيل فقد تم وضع الإطار القانوني لإدارة النفايات العام 2010، ولا تزال حتى الآن، تطمر 59٪ من النفايات، ويتم تجاهل نحو 40٪ من النفايات التي ترمى بشكل عشوائي في مكبات عشوائية وتلوث البيئة، ولا تتجاوز معدلات إعادة التدوير 1.5٪ من النفايات. وهي كسائر البلدان النامية لا تزال تفتقر الى قاعدة بيانات وطنية واسعة حول أوضاعها بالتفاصيل.
مطامر المكسيك
أظهرت دراسة مكسيكية عرضت في المؤتمر أن إنتاج ومعالجة النفايات في المدن بين 1997 و 2012 قد أظهرت زيادة بنسبة 44% وذلك بسبب ما أسمته "التقدم المدني وزيادة السكان". وكما في لبنان كذلك في المكسيك لناحية تصنيف النفايات، إذ تصل نسبة العضوية منها إلى 50% والورق والكرتون 14% وهي تتأثر صعوداً الى تراجع بتغير الفصول والاستهلاك والنمو الاقتصادي والتغيرات الديمغرافية.
يتم تجميع النفايات في المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم وهي تشكل 78% من المكسيك. أما باقي المناطق نصف المدنية والقرى فتتخلص منها في مكبات ومحارق عشوائية وهي تشكل 22% من النفايات. وقد تم استبدال المكبات العشوائية بالمطامر الصحية في الكثير من المناطق. وقد بينت دراسة العام 2010 أن هناك 238 مطمراً صحياً و1643 مكباً عشوائياً. وقد وضعت الخطط لزيادة عدد المطامر. كما بينت الدراسات أنه لا يوجد في المكسيك فرز من المصدر، وتقوم شركات بسحب المواد القابلة لإعادة التصنيع من اكوام النفايات قبل التخلص منها.
بين أسيوط وبنغلادش
يقول الباحث من جامعة أسيوط عبد الرحمن عبد الجواد إن إنتاج النفايات على مستوى الفرد في مصر بشكل عام عالٍ نسبياً ويتجاوز الكيلوغرام، اما في أسيوط التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة فيقارب نصف كيلوغرام للفرد يومياً. وليس في أسيوط غير محطة تخمير للنفايات واحدة للنفايات العضوية. اما بقية النفايات فتذهب للطمر العادي. ولا يجمع من النفايات سوى 30% من حجمها فقط. وأن السلطات المحلية هي التي تتولى عملية معالجة النفايات في الأحياء. بينما في القاهرة فإن تسع شركات خاصة هي التي تتولى عمليات الجمع والمعالجة بالطمر. ويقترح عبد الجواد في دراسته التي عرضها أن تتولى السلطات المحلية جمع النفايات بعد فرزها وان تتسلم شركات خاصة عمليات المعالجة.
اما في بنغلادش فقد فاجأ الباحث في عرضه أن المشاكل العادية في بلاده باتت اقل حدة كقضايا الصحة وتأمين المياه والكهرباء والتعليم، باستثناء النفايات التي لا تزال أوضاعها تتفاقم، وذلك بحسب رأيه الناجم عن زيادة العمران والكثافة السكانية.
أول مطمر في اليونان
زرع المتحدث اليوناني البسمة على أوجه المشاركين في المؤتمر حين أكد أن أول مطمر للنفايات في العالم (في حوض البحر المتوسط على الأقل) كان في أثينا منذ 500 سنة. وأكد الباحث أن اليونان التي تضم 6000 جزيرة بينها 117 جزيرة مسكونة، يدخلها كل سنة ما يقارب 26 مليون سائح، يساهمون جميعاً في انتاج كمية ضخمة من النفايات سنوياً. وقد وضعت اليونان الخطط لمعالجة مكباتها البالغة أكثر من 3000 مكب منذ العام 2005، بعد ان تعرّضت لضغوط كبيرة من الاتحاد الأوروبي لذلك.
وقد بدأت أعداد المكبات بالانخفاض بعد إقفالها وتأهيلها حتى وصلت الى 300 مكب العام 2014 بعد ان تم صرف ما يقارب 14 مليار و500 مليون يورو لمعالجتها. وقد لخص المتحدث اليوناني المشاكل الأساسية لإدارة النفايات في اليونان بعدم وجود أماكن للطمر والكلفة، مؤكداً أن هناك برامج قد بدأت الفرز في بعض الجزر وأن الحكومة وضعت العديد من الضرائب على المكبات لكي تتحول إلى مطامر صحية بعد أن يتم اعتماد الفرز والتسبيخ.
كما عرضت مشكلة المهاجرين إلى اليونان وإنتاجهم للنفايات، إذ تحدثت الأرقام عن 300 ألف مهاجر العام 2015 أنتجوا ما يقارب ثمانية أطنان من النفايات على الشواطئ اليونانية في غالبيتها من البلاستيك، تبين فيما بعد أنها في معظمها، كناية عن سترات النجاة للوقاية من الغرق. وقد أجمع الباحثون في اليونان أن الحل يُفترض أن يكون مركزياً، لاسيما لناحية اختيار المطامر المراقبة وليس الحرق.
أزمة اللجوء
خُصّصت في نهاية المؤتمر جلسة لطرح قضية اللاجئين في حوض المتوسط، وأزمة النفايات التي تنتج عن هذا الموضوع. وقد قدّم رينر ستيغمن رئيس قسم إدارة النفايات في جامعة هامبورغ الألمانية ومدير المؤسسة المنظمة للمؤتمر عرضاً بيّن فيه أن هناك ثلاث مناطق تتفاقم فيها أكثر من غيرها مشكلة النفايات وهي نابل (في إيطاليا) وبيروت ومناطق الحروب واللجوء لاسيما في سوريا والأردن ولبنان.
وقد اعترضت اماني معلوف من الجامعة الاميركية في بيروت على طريقة تصنيف بيروت، معتبرة إن إدارة النفايات في لبنان قبل شهرين كانت شبيهة بكل دول العالم تقريباً، لاسيما البلدان النامية والناشئة، وان الأزمة الأخيرة التي ظهرت منذ فترة قصيرة نسبياً ناجمة عن تعثر سياسي في إدارة معظم الملفات التي تحتاج إلى قرارات حكومية، وبينها ملف النفايات. كما عرضت لمشكلة اللجوء في لبنان التي باتت أكبر من حجم هذا البلد الصغير والمنهوك بمشاكله، معتبرة أن مسؤولية معالجتها دولية أكثر منها محلية. وكانت معلوف قد عرضت ورقة باسم الجامعة الأميركية في بيروت حول الطرق المعتمدة في الدول المتقدمة لقياس الانبعاثات من النفايات وتأثيرها على تغيّر المناخ مقارنة بينها. وقدمت نموذجاً جديداً يمكن اعتماده عالمياً لقياس الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة وهو يشمل كل مراحل إدارة النفايات من الجمع الى إعادة التدوير الى المعالجة البيولوجية والى مختلف طرائق الحرق والطمر، بالإضافة إلى استخدام وتوليد الطاقة من هذا القطاع.
بين السياحة والزراعة
يمكن وصف المنتجع الذي عُقد فيه المؤتمر الدولي (فورتي فيلدج) بالجزيرة داخل الجزيرة لناحية انفصاله عن محيطه بزيادة الخضرة والتنظيم. كما بدت جزيرة سردينيا التي تبلغ مساحتها ما يقارب 33 ألف كيلومتر والتي يسكنها ما يقارب المليون و200 ألف نسمة، شبه خالية من السكان، لاسيما في المناطق البعيدة عن العاصمة كاغلياري. يقول أحد المشاركين الطليان أن الجزيرة تعتمد تاريخياً على السياحة والزراعة ولذلك لا تبدو عليها مظاهر "الحضارة" والحداثة بشكل كبير، إلا أن ما يلفت الأنظار في هذه الجزيرة الجميلة التي تظهر فيها، في أكثر من مكان، معالم فينيقية قديمة لاسيما في منطقة "نورا"، التي كانت تعتبر مستعمرة تجارية، محطات تكرير النفط الجاثمة على مساحات كبيرة من الشاطئ والتي حولت لون مياه الشواطئ في أكثر من مكان الى بني غامق وداكن!
أسطورة إعادة التصنيع
أظهرت دراسات كثيرة عُرضت في المؤتمر أن النفايات المعاد تدويرها تصل الى مرحلة لا يمكن إعادة تدويرها. كما أظهرت دراسات أخرى ان هناك صعوبات كثيرة لتقبل المستهلكين لها وكيفية تسويقها... بالإضافة إلى إشكاليات كثيرة تتعلّق بالنوعية.
مع الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي وضع هدفاً لتدوير 75% من النفايات وغرامة قدرها 200 يورو لطنّ النفايات لكي يتم الوصول إلى هدف إعادة التدوير، إلا أن بعض الباحثين نبّهوا من كيفية احتساب نسب إعادة التدوير، معتبرين أن الأرقام والنسب عالية، لأنها تتمّ إضافة إليها من نفايات غير منزلية تسهل إعادة تدويرها كنفايات المحال الكبيرة وأسواق الخضار.