الاقتصاد غير الرسمي... متنفس أساسي لفائض احتياطي الطاقة البشرية الفلسطينية

النساء عماد الاقتصاد الفلسطيني غير الرسمي
من الواضح أن البنية الاستهلاكية والطفيلية لكل من اقتصاد السوق (القطاع الخاص) من جهة والقطاع العام من جهة أخرى، غير قادرة لوحدها على امتصاص العدد الضخم من العاطلين عن العمل في الضفة والقطاع، علما أن للقطاع العام قدرة تشغيلية أكبر من القطاع الخاص. من هنا، وفي ظل واقعنا الاقتصادي الراهن حيث البطالة المرتفعة وتآكل كبير في المداخيل، تبرز أهمية الاقتصاد غير الرسمي الذي يشكل المتنفس الوحيد عمليا لفائض احتياطي الطاقة البشرية المحلية، ليس فقط العاطلة عن العمل بل أيضا العديد من عمالنا وموظفينا الذين يتقاضون "أجور الفقر". حيث بإمكان الأخيرين تعويض أجورهم المتدنية جدا، عبر ممارستهم نشاطات إنتاجية "غير رسمية" (ليس بالضرورة زراعية فقط) تؤمن لهم دخلا اضافيا أو سلعا استهلاكية أساسية لعائلاتهم، تعطيهم شعورا أكبر بالأمن المعيشي وتقلل من تبعيتهم الكلية للجهة التي تشغلهم.
وعلى الرغم من أن النشاط الاقتصادي عبارة عن النشاط الذي يضيف قيماً مادية معينة، إلا أن الاقتصاديين "الرسميين" لا يقرون بهذه القيم المادية إلا في حالة إمكانية قياسها سعريا في السوق عندما تباع السلع أو الخدمات لشخص أو جهة ما. لكن هذا التعريف للقيمة المضافة محدود وغير كاف لأنه يتجاهل النشاط الاقتصادي-الاجتماعي في إطار الاقتصاد غير الرسمي، كالبستنة والنشاط الإنتاجي المنزلي والعمل الزراعي النسائي الذي يولد جزءا كبيرا وهاما من الانتاج الزراعي الفلسطيني.
ومن وجهة نظر اقتصادية وطنية، يفضل، ضمن ظروفنا السياسية-الاقتصادية الحالية، تبني وتطبيق إستراتيجية أساسها التمحور الداخلي حول الذات (في سوقنا المحلي) لتلبية احتياجاتنا السلعية والغذائية المحلية الأساسية، بدل استهلاك تلك الاحتياجات من الخارج وبالتالي تسريب الفائض الاقتصادي والرأسمالي نحو الأسواق الإسرائيلية والأجنبية الأخرى.
ونظرا لتحكم الاحتلال بالأرض والموارد الطبيعية وحركة قوة العمل ورأس المال والحدود والصادرات والواردات، فلا لزوم لأن يبقى توجهنا نحو الأسواق الخارجية رازحا تحت رحمة الاحتلال الذي (إلى جانب جهات خارجية أخرى) يضع، بشكل منظم ومدروس، مشاكل كثيرة أمام التجارة الخارجية؛ إضافة لافتقارنا إلى أنظمة التسويق الغربية الرفيعة والمعقدة والمتقدمة التي لا نستطيع مجاراتها، ضمن ظروفنا وأوضاعنا الراهنة.