"المسعوديه"... من محطة لسكة الحجاز في العهد العثماني إلى خرابة...على من تقع المسؤولية؟؟
بعض المقاعد وسط منطقة المسعودية المهملة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
على السفوح الشمالية في بلدة برقه شمال مدينة نابلس حيث الخضرة والتنوع البيئي الفريد، توجد منطقة المسعودية الأثرية، والتي تعدّ إرثا تاريخيا يعكس عروبة الأرض وطابعها الجمالي الفريد، فتعود في جذورها إلى أكثر من مائة عام خلت، حين احتضنت آنذاك محطة من محطات سكة الحجاز في العهد العثماني، السكة التي اعتبرت حلقة وصل ما بين المناطق الحجازية وبلاد الشام.
ولكنها اليوم مع تقالب الأيام والسنين باتت مهجورة وتعاني التهميش دون أي مبرر أو مسوغ يقبل، فالزائر إلى تلك المنطقة يصطدم بالواقع الذي آلت إليه، فبدلاً من أن تعج بالحياة والحركة، هي مكان مهجور إلّا من الحجارة المتناثرة هنا وهناك، ومنطقة تكاد أن تكون منسية بحاجة إلى المزيد من العناية والاهتمام البيئي والزراعي.
عمليات ترميم أولية في منطقة المسعودية
إهمال رسمي واستهداف من الاحتلال...
مجلة " آفاق" تجولت في المنطقة وحاورت رئيس بلدية برقه شمال نابلس السيد سامي دغلس والذي بدوره عقب بالقول: " أن تاريخ منطقة المسعوديه يعود إلى عام 1908، حيث تبرعت هناك عائلة آل مسعود بقطعة ارض تبلغ مساحتها 26 دونما إلى شركة الحجاز للسكك الحديدية، وذلك لإقامة محطة مركزية للسكك الحديدية هناك عام 1914، وبالفعل أصبحت المنطقة محطة رئيسية للسكك الحديدية الحجازية التي تربط ما بين مدينة حيفا وبين الأردن ومن ثم بلاد الحجاز ( السعودية اليوم)، وكذلك نقطة التقاء السكك الحديدية بين مدن نابلس وجنين وطولكرم حتى فترة ما بعد الانتداب البريطاني على فلسطين.
وأضاف: "تعاني تلك المنطقة من عدم الاهتمام الكافي بها سواء من ناحية تسليط الضوء عليها إعلامياً، أو من ناحية الاهتمام المادي المتمثل بإقامة مشاريع تطويرية فيها.
وكشف دغلس عن وجود مخطط إسرائيلي يعد له هناك لابتلاع كامل المنطقة، فوزارة السياحة الإسرائيلية كما يقول – دغلس- تصنف المنطقة بأنها حديقة قومية للاحتلال بصفتها ملاصقة للمنطقة التاريخية الرومانية في بلدة سبسطية التي تصنف أيضاً ضمن المناطق التاريخية الإسرائيلية بحسب ادعاءاتهم.
واستطرد دغلس بالقول " أن منطقة المسعودية حتى اليوم لم تغب عن أذهان الاحتلال، فخلال عام 1975 استعملت كمركز للدعاية الانتخابية لحزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " مناحم بيغن"، وكذلك حاول المستعمرون نصب بيوت متنقلة بها بغية الاستيلاء عليها عام 1997 على الرغم انه وبحسب اتفاق أوسلو فقد تم اعتبار 8 دونمات منها ضمن المنطقة المصنفة جـ، وما تبقى من أراضٍ تقع ضمن المنطقة المصنفة ب، لكن تصدي أهالي البلدة افشل مخطط المستوطنين.
عمليات ترميم بسيطة في منطقة المسعودية
لجنة إعمار المسعوديه مع وقف التنفيذ ....
تجدر الإشارة إلى أن تهميش منطقة المسعودية ذات الطابع الجمالي الفريد بالتوازي مع المخطط الإسرائيلي في المنطقة، دفع بعض أهالي المنطقة لتشكيل لجنة ترعى شؤون المنطقة في 2010 أطلق عليها لجنة إعمار المسعوديه، تتكون عضويتها من وزارة الحكم المحلي، وزارة الزراعة، سلطة البيئة، وزارة السياحة والآثار، وزارة النقل والمواصلات، محافظة نابلس، بلدية نابلس، بلدية سبسطية ومجلس قروي برقه، حيث ان المهام الرئيسية للجنة تتمثل في الدفاع عن المنطقة وحمايتها من مخططات الاحتلال التوسعية.
وحول الفكرة من إنشاء تلك اللجنة تحدث السيد ذياب مسعود العضو في لجنة إعمار المسعودية لمجلة " آفاق " بالقول: لم يكتف الاحتلال وأذنابه من محاولة الاستيلاء على المنطقة، فحتى الآثار القديمة والسكك الحديدية المعدنية تم سرقتها بالكامل، وتم أيضا سرقة كامل مقدرات المنطقة وآثارها التاريخية، حيث يصر الاحتلال على رفض أي عملية ترميم للمنطقة".
ولكن الآن على أرض الواقع وبعد خمس سنوات على تشكيل مثل هذه اللجنة، فإن الانجازات تكاد توصف بأنها شبه معدومة من قبل الجهات الرسمية، فعلى الرغم من الكتب الرسمية والمناشدات المقدمة إلى الجهات الرسمية والتي لا تحصى -إن جاز التعبير - حول أهمية تطوير المنطقة، إلا انه فعلياً لم تحرك أي جهة رسمية ساكنا من أجل العمل على النهوض بالمنطقة، فما كان للمجلس القروي في بلدة برقه وعدد من الأهالي الغيورين على المنطقة سوى الآخذ بزمام الأمور وتبني بعض الخطوات التطويرية للمنطقة منها: إقامة منتزه ومسبح هناك، وبناء مقاعد للزوار ومرافق صحية والتي ألقت بظلالها على إقبال عدد كبير من العائلات الفلسطينية للمنطقة.
منطقة المسعودية التاريخية
لا توجد إمكانيات في الوقت الحاضر....
ورغم ذلك لا تزال المنطقة بحاجة إلى المزيد من العمل كتعبيد الطرق وزراعتها بالأشجار المختلفة، كذلك يجب إدراجها ضمن برنامج الرحلات المدرسية التي تنظمها وزارة التربية والتعليم، وكذلك منوط بوزارة السياحة والآثار إصدار نشرات تعريفية بالمنطقة وأهميتها التاريخية بالنسبة للشعب الفلسطيني.
من جهته أكد السيد محمد جرادات من وزارة السياحة والآثار أن وزارته تولي الاهتمام الكافي بالمنطقة، ولكن الحفاظ على المنطقة من الناحية الجمالية يجب ان يساهم به المجلس القروي وسكان المنطقة. وقد برّر جرادات عدم ترميم المكان بقلة الموارد المالية ووجود أجزاء منها داخل المنطقة المصنفة جـ.