عن قمة المناخ القادمة في باريس
يشهد العالم أواخر شهر نوفمبر في باريس إنعقاد قمة المناخ ( COP 21 ) ، والتي تأتي بعد سنة حافلة بالتغيرات والأحداث المناخية التي عصفت بكل دول العالم دون استثناء، فحسب الوكالة الأمريكية للعلوم المناخية تعتبر سنة 2015 هي الأشد حرًا منذ بداية التسجيلات المناخية سنة 1856، حيث وقع تسجيل درجة حرارة قياسية في إيران في حدود 74 درجة مئوية.
اختلال التوازن المناخي يرجع بالأساس إلى ارتفاع نسبة غازات الدفيئة ( CO2،CH4،NOX) في تركيبة الغلاف الجوي والتي تسهم في إضطراب ظاهرة الإنحباس الحراري. وتتأتى هذه الانبعاثات بالأساس من الأنشطة الصناعية والزراعية المكثفة، فظاهرة الانحباس الحراري هي ظاهرة طبيعية تسهم في توزيع وتعديل درجة الحرارة على سطح الأرض، فبفضل هذه الظاهرة تحتفظ الأرض بمعدل درجة حرارة تقدر بـ 15 درجة مئوية ولولاها تنخفض درجة حرارة الأرض إلى ما دون 18 - درجة مئوية.
العرب وقمة المناخ
لن تكون الدول العربية بمنأى عن هذه المتغيرات المناخية فقد شهدت مؤخرا كل من لبنان ومصر وفلسطين مواسم ممطرة وفيضانات، كذلك شهدت تونس والجزائر وليبيا مواسم جفاف طويلة وقاسية، فعلى الرغم أن نسبة انبعاثات الدول العربية مجتمعة لا تتجاوز 4% من نسبة الانبعاثات العالمية، إلاّ أنها تعتبر من أكثر المناطق عرضةً للمتغيرات المناخية المحتملة، وتختلف السيناريوهات بين ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من درجة مئوية في دول الخليج العربي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحر بنحو نصف متر في تونس ومصر، إلى تندر المياه العذبة بانخفاض يقدر بـ 40% من نسبة المياه في غور الأردن وشمال إفريقيا، إضافةً إلى فيضانات موسمية حادة في جنوب السودان. هذه التغييرات ستكلف خسائرَ اقتصادية وبشرية كبيرة ستنعكس سلباً على مسار التنمية الاقتصادية في دول المنطقة. هذه التحديات ستفرض تغيراً جذرياً في الاستراتيجيات التنموية المستقبلية لدول المنطقة العربية.
التطلعات والإلتزامات المنتظرة
تعتبر هذه القمة فرصة لتدارك أخطاء الماضي والمضي قدماً في برنامج تخفيض الانبعاثات الغازية بحدود 30% حتى سنة 2030 ، لكن تبقى بعض الإشكاليات المطروحة وأهمها إحجام الولايات المتحدة عن توقيع إتفاقية كيوتو للحد من انبعاث غازات الدفيئة خاصةً وأن لها نصيب الأسد بنسبة تعادل 23,7%، كما ترمي هذه القمة إلى إرجاع كندا إلى حظيرة الدول الموقعة لاتفاقية كيوتو خاصةً وأنها انسحبت منها سنة 2011، كذلك سيتم دعوة الصين إلى ضرورة الالتزام بجدية أكبر في برنامج تخفيض الانبعاثات بعد أن قبلت به على مضض، وترجو المنظمات الغير حكومية أن تلتزم الدول الصناعية الكبرى بتعهدات أكثر جدية كي يحدث الأثر الإيجابي على مناخ الأرض.
وتبقى قمة المناخ هي الضمير الأخير لدول العالم لإنقاذ كوكب يحتضر بمشاكل بيئية لا تنفك تتفاقم يوماً بعد يوم، وسط مسؤولية تاريخية كاملة لدول طورت اقتصادياتها على حساب باقي أمم الأرض.