خاص بآفاق البيئة والتنمية
انتصرت ست عشرة صحافية لبيئة مدينتهن، فخرجن إلى شوارع طوباس، وواجهن محافظها ووزير الصحة الذي تفقد مستشفاها، وحملن هموم غياب النظافة ورمي النفايات العشوائي وحرقها، وندرة المساحات الخضراء وسط المدينة، ورحن يسألن عن أسباب تراجع الوعي البيئي، كما لاحقن قضايا إعلامية كبيرة.
وتلقت الصغيرات، ذوات الربيع الخامس عشر، تدريباً على فنون الإعلام المكتوب والمرئي، وحظين بإطلالة على التحديات البيئية في المخيم الصيفي الرابع لوزارة الإعلام ومركز التعليم البيئي وجمعية طوباس الخيرية.
هموم
تقول أماني دراغمة: "خلال أربع سنوات من التدريب على البيئة والإعلام، صرنا نسأل ونكتب ونسجل حوارات ومقابلات مع الناس في شوارع مدينتا، وسألناهم عن تقييمهم لأداء المستشفى الحكومي التركي، وأسباب عدم الاهتمام بالبيئة المحيطة بنا، ومعنى اسم طوباس، وعرفنا أن الإعلام سلطة رابعة في الوضع الطبيعي، وبوسعه أن يراقب ويحقق ويكتشف ويحاسب.."
وكانت دراغمة واحدة من بين زميلاتها فاطمة ووعد دراغمة وصمود نزال، وقررن أن يتتبعن في الحوار التلفزيوني "أصوات من طوباس" ما يقوله الناس عن مستشفى محافظتهم ذات الـ 60 ألف نسمة.
وتجولت الصحافيات الأربع في مستشفى المدينة، وسألن الأطباء ورؤساء الأقسام والممرضين والمرضى والزوار عن أداء المؤسسة الصحية حديثة العهد، وحصلن على إجابات متباينة، ثم طوّرن أسئلة أخرى لوزير الصحة جواد عوّاد، خلال جولة له في المستشفى، الذي يضم 12 سريراً للرجال و18 للنساء.
وسألن الوزير عن مواعيد افتتاح بنك الدم، ووحدة العناية المُكثّفة، وخطط توسيعه، وأسباب التأخر في إتمام مراحله، والشكاوى التي وصلته حوله، فرد عليهن أنه سيتم تعيين كوادر جديدة في المستشفى، وتخصيص طواقم إضافية لافتتاح مركز ولادة آمنة في الأغوار يعمل 24 ساعة. فيما أكد لهن الأطباء أن المستشفى استقبل الشهر الماضي 3 آلاف حالة طارئة، فيما أجرى قسم الجراحة 100 عملية، بجانب 75حالة ولادة.
تقول دراغمة: "سمعنا تعليقات من مرافقي الوزير، أن هذه الأسئلة كبيرة علينا، وأننا جريئات وواعدات، لكنا عرفنا أن الصحافة مهنة متعبة وخطيرة، وقد يفقدنا تحقيق واحد حساس حياتنا، ومع ذلك فرحنا بنقل هموم الأهالي، الذي لم يجمعوا على رأي واحد حول المستشفى، فالبعض وصفه بالممتاز، وآخرون بالجيد، وقال لنا قسم ثالث إن إغلاقه أفضل!"
الصحافيات الصغيرات يحاورن المسؤولين
قلق بيئي
واختارت سديل أبو عامر وإكرام صوافطة ومرام الطيطي ويمنى دراغمة قضايا البيئة، فحاورن المارة في طرقات المدينة، وموظفيها، وفتياتها، وسائقيها عن سبب تراجع الاهتمام بالبيئة، وإلقاء النفايات العشوائي فيها، وغياب الحدائق العامة عنها، وتراجع الأشجار والأزهار في شوارعها، وسبل تجميل المدينة.
واقترحت سديل تنفيذ حملات توعية من بيت لبيت، فيما رأت إكرام أهمية فرض الغرامات على من يلوث مدينته، وقالت مرام إن الحل في تعليم الأطفال لأقرانهم أهمية النظافة والبيئة الجميلة، وذهبت يمنى لفكرة غرس شجرة بإسم كل مواطن في مدينته ليرعاها.
والتصقت بتول وماسة دواّس وبيان صوافطة وراما قديح باسم مدينتهن، فسألن عن معناه ودلالته، وتفاجأن بأن الاسم الكنعاني الذي يشير للضياء غير معروف بالنسبة للغالبية.
واختارت رحيق الكيلاني ولانا وأحلام صوافطة تتبع التغيرات التي أحدثتها التكنولوجيا بحياتنا، وفتشن عن الثمن الذي ندفعه لها ماديًا ومعنويًا.
الصحافيات الصغيرات
ثمن التكنولوجيا
وقلن بعد التعرف لآراء عينتهن: ذهلنا حين عرفنا أن كل ثلاث أسر تدفع للتكنولوجيا الكثير، فلديها بالمعدل 12 هاتفًا نقالًا، و6 حواسيب محمولة وثابتة أو لوحية، و4 أجهزة تلفاز حديثة، وثلاثة اشتراكات في خدمة الانترنت والهاتف الثابت.
ووفق بحث الصغيرات، فإن الأسرة الواحدة تدفع قرابة أربعة آلاف شيقل سنوياً ثمن كلامها، وملاحقة الأجهزة الذكية، ودفع الفواتير الثابتة والشحن المتنقل والإنترنت، عدا عن الإكسسوارات، والأهم الوقت الذي يذهب هدرًا، والعلاقات الاجتماعية التي يجري تدميرها.
وتبعًا لرئيس جمعية طوباس الخيرية، مها دراغمة، فقد تضمن المخيم تدريبات نظرية وعملية على إعداد الأخبار وكتابتها والشروط التي تجعلها صالحة للنشر، بجوار إطلالة على فنون التقرير والريبورتاج والمقال والقصة الصحافية والتصوير التلفزيوني، عدا عن التعريف بالاتصال وعناصره وأهميته، وأشكال الوسائل الإعلامية. وتطرق لجوانب من بيئة فلسطين وتحدياتها، وتنوعها الحيوي، وملامح تدمير الاحتلال لها، بجوار إطلالة على مفاهيم التدوير، وإعادة الاستخدام، وصناعة الأسمدة الطبيعية، ومخاطر حرق النفايات، والتغير المناخي، والزحف العمراني، وغيرها.
تضيف: "زارت الصغيرات مقر شبكة معاً الإخبارية وفضائيتها ببيت لحم، واستمعن لنبذة من مدير الأخبار كريم عساكرة ومدير البرامج في الفضائية محمد فوزي عن سير العمل ومراحله وتقنياته. وطرحن أسئلة حول العمل الصحافي، والإعلان التجاري، والتمويل الأجنبي، وصدى التحقيقات الصحافية، وتقنيات البث الفضائي المباشر، ومصادر الأخبار وطرق التحقق منها، وموقع "الفيس بوك" من اعتباره مصدرا للمعلومة. وزرن أيضاً مركز التعليم البيئي ببيت جالا، وتعرفن على مرافقه: حديقة التنوع الحيوي، ومحطة مراقبة الطيور وتحجيلها، والمسار الخشبي، ومتحف التاريخ الطبيعي، والمعرض البيئي."
تتابع: "استمعت الصغيرات لشرح حول أهمية التنوع الحيوي وما يتهدده، وشاهدن طرق تحجيل الطيور ومراحلها ووظائفها، وتلقين شرحًا عن طيور فلسطين وأنواعها، التي تضم نحو 530 ضمن 5 مجموعات. وتجوّلن في متحف التاريخ الطبيعي الذي يضم أكثر من 2500 عينة محنطات تعود إلى عام 1902."
يقول منسق الأنشطة في "التعليم البيئي" عدي خليل إن دمج البيئة بالإعلام في سن مبكر للأطفال، يساهم في تطوير الوعي وتعزيز المشاركة المجتمعية لهم. ويشير إلى أن المركز سيدعم مبادرات الصغيرات الخضراء؛ لدورها الفاعل في نقل رسالة البيئة والمحافظة عليها باعتبارها مسؤولية فردية وجماعية.
صحافية صغيرة تحاور أحد المسؤولين
صديقات المستشفى
وأعلنت الصغيرات في منتصف أيلول عن مبادرة (صديقات المستشفى الصغيرات) بمشاركة محافظ طوباس والأغوار الشمالية اللواء ربيح الخندقجي، والقائم بأعمال المدير العام للمستشفى د. عايد سليم، ومدير المهن الطبية المساندة د. واثق جبر، ورئيس الجمعية الخيرية مها دراغمة.
وقالت الصغيرات أماني دراغمة وأحلام صوافطة، إنهن تبنين مبادرة المحافظ الخندقجي، على هامش زيارة وزير الصحة للمستشفى الشهر الفائت، بهدف مساعدة إدارته في إيصال رسالته إلى المواطنين، ولتحفيز الكبار على تشكيل جمعية مماثلة تأخذ بيد المؤسسة الصحية الأولى في المحافظة، ذات الـ 60 ألف نسمة، وتحث على تطويرها.
وأثنى الخندقجي على تبني الصغيرات للمبادرة، وأكد أن أحساس جيل الغد بمسؤوليته تجاه المستشفى، واستجابته السريعة لإطلاق جمعية صديقات صغيرات تساند الأطباء والعاملين فيه، يجب أن تشكل حافزًا للمجتمع المحلي للالتفاف نحو هذه المؤسسة، وللشراكة في توفير احتياجاته، ولنقل قصص نجاحه.
وتابع: "نأخذ من الصغيرات جرعة أمل، وسنساعد الصغيرات في مساعيهن، ومتأكدون من أنهن سيقدمن مبادرات ستكون محل إعجاب المواطنين، بالرغم من صغرها ورمزيتها، ونتوقف طويلاً عند جهودهن، لأنهن يقلن:" المستشفى لنا، وسندعمه بجهودنا."
وأكد د. سليم أن إدارة المستشفى ترحب بالمبادرة، وستتعاون بكل طاقمها لإنجاح مسيرتها. ومهتمة بالتواصل مع المجتمع المحلي. وأضاف: "سنسمع من الصغيرات ما يقال عن خدماتنا، وسنعمل بكل جهدنا لخدمة المحافظة، فقد بدأنا بعدد أسرة متواضع، واليوم لدينا 35 سريراً بإشغال كامل، ونشعر بالفخر حين نخفف عن المرضى، ونطمح لتطوير الأداء."
صحافية صغيرة تعد تقريرا عن مشفى في طوباس
مبادرة جديدة
وسيضع القائمون على المبادرة ميثاقاً لـ"صديقات المستشفى الصغيرات" بالشراكة مع إدارة المستشفى، تشمل آلية العمل والمهام والمبادرات الأكثر إلحاحاً لتنفيذها خلال بقية العام الحالي وعام 2016. وستحمل المبادرة الجديدة مضامين صحية وبيئية عديدة، وستبدأ الصغيرات خلالها بالتوعية حول الأمراض السارية، وطرق تفادي انتقال العدوى، وخطورة النفايات الطبية على الصحة والبيئة، وسبل تجميل باحات المستشفى، وحملات نظافة تطوعية في محيطها وغيرها من القضايا؛ لأن الصحة والبيئة لا ينفصلان.
وتجولت الصغيرات برفقه المحافظ ومدير المستشفى في أقسامه، ووزعن باقات أزهار على الطبيبات والممرضات والعاملات، كما قدمن الحلوى للمرضى في أقسامه المختلفة، وسألنهم عن الخدمات التي حصلوا عليها. فيما عبر الطاقم الطبي عن سعادته بمبادرة الصغيرات، وقال إنه يتلقى منهن التشجيع والتكريم.
aabdkh@yahoo.com