خاص بآفاق البيئة والتنمية

الصحافات الصغيرات خلال نشاط ميداني في قرية بتير
تحلّقت 30 زهرة حول طاولة داخل جمعية طوباس الخيرية، وأمضين عشرة أيام في المخيم الإعلامي البيئي العاشر لوزارة الإعلام ومركز التعليم البيئي، والمركز الفلسطيني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، بالشراكة مع جمعيتي طوباس التعاونية للخدمات الاستثمارية، وطوباس الخيرية.
حمل التمرين الأول للصغيرات تدريبًا مختلفًا، وكتبت المشاركات اللواتي لم يتخطين السادسة عشرة، لائحة بالتحديات البيئية التي تطارد البيئة الفلسطينية. وتقاطعت خلاله آراء الزهرات في ترتيب ما يعترض طريق التنوع الحيوي، ويدمر عناصر البيئة أو يهددها.
لكن سيدرا أبو خضر توقفت طويلًا عند الأغوار التي تعاني شحًا في المياه، ونهبًا للأرض، واحتلالًا لكل شيء، واستوقفتها مفارقة الخيام العطشى مقابل المستعمرات الخضراء، وقالت إنها تسمع وتتابع المعاناة اليومية، التي يتسبّب الاحتلال بها لمواطني الأغوار.
في اليوم ذاته، رسمت نغم عباس وشهد خليل من سلطة جودة البيئة لوحة قاتمة لحال البيئة الفلسطينية، بسبب انتهاكات الاحتلال، وتدني الوعي البيئي.
وقالتا إن الاحتلال أساس كل تدمير للبيئة، لكن ممارساتنا الذاتية تساهم أيضًا في المزيد من المتاعب.
 |
 |
تدريب الصحافيات الصغيرات على صناعة الأخبار |
حوار بيئي مع المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي |
لائحة تحديات
وقدمت نور الهدى مسلماني لائحة طويلة تتكون من 12 نقطة، منها الزحف العمراني، وبناء المستعمرات والجدار الاستعماري، والطرق الالتفافية، والقطع والصيد الجائر، وطوفان النفايات، وإهمال ترك الأعشاب دون معالجة؛ وحرقها صيفًا، والاستخدام المُفرط للكيماويات، وهجرة الأرض الزراعية.
وبعيدًا عن القاعة المستطيلة في طوباس، حاورت الصحافيات المتدربات سيمون عوض المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي/ الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، في أطراف حديقة المركز ببيت جالا.
وتناول في حديثه التحديات البيئية، لكنه ركز على أهمية إيجاد حلول وبذل الجهود لوقف التعديات، وتشجيع المبادرات الإيجابية لحماية التنوع الحيوي.
وذكر عوض أن المسارات الخضراء أصبحت تشكل تهديدًا للبيئة، جراء غياب وعي فئة من المشاركين فيها، وقطفهم الجائر للنباتات، وتعدّيهم على الحياة البرية، وإيذاء المزارع والحقول الخاصة.
وتطرّق إلى تجارب النوادي البيئية المدرسية، التي أطلقها المركز، وعمّمتها "التربية والتعليم"، وسرد نشاطات 40 منها يرعاها المركز سنويًا في بيت لحم ورام الله.
قبل الحوار، شاهدت الصغيرات "تحجيل" الطيور عن كثب، وتعرّفن إلى نباتات فلسطين الأصلية، وتجولنّ في متحف التاريخ الطبيعي الذي يضم أكثر من 25000 عيّنة لطيور وحيوانات وبرمائيات، بعضها انقرض من فلسطين، أو يتهدده الخطر.
وترى الصحافية الصغيرة بيسان صوافطة أن توظيف التواصل الاجتماعي في الترويج لحماية البيئة لا يكفي، فنحن بحاجة إلى جهد على الأرض، والوصول إلى مختلف الشرائح.
 |
 |
الصحافيات الصغيرات إثر حوار رئيس بلدية طوباس |
الصحافيات الصغيرات خلال فترة التدريب |
حوار سنوي
وفتحت المشاركات حوارًا مع حسام دراغمة رئيس بلدية طوباس، وهي المقابلة السنوية التي تجريها الصغيرات مع رئيس المجلس المحلي في مدينتهن.
دارت الأسئلة كلها حول النفايات وأزمتها، وغياب المساحات الخضراء، والافتقاد لمتنفسٍ للأطفال بمنتزه خاص، والعراقيل التي تواجه البلدية، والبرامج الانتخابية للقوائم التي تصل المجلس، وتصريف مياه الأمطار.
لم يخفِّ دراغمة شعوره بالإحباط من غياب الوعي البيئي، فقد نفّذ في أول أيام توليه رئاسة البلدية حملة نظافة في المدينة كلها، لكنها بعد 4 أيام عادت إلى سابق عهدها.
وقال إن الإمكانات المادية، وثقافة المجتمع "كابحان" أمام أي مجلس، فتنفيذ مشروع لتصريف مياه الأمطار يكلف نحو 150 ألف دولار، وهو ما تعجز البلدية عنه دون تمويل، كما أن ممارسات الاحتلال تحد من تخضير جبال المدينة، التي سبق أن اقتلعَ مئات الأشجار في منطقة عينيون بعد 4 سنوات من غرسها.
 |
 |
الصحافيات الصغيرات في الجامعة العربية الأميركية |
الصحافيات الصغيرات في محاضرة حول الفكر التعاوني |
تجربة خضراء
وتتحدث مها دراغمة رئيسة جمعية طوباس الخيرية عن تجربة الروضة الخضراء منذ عام 2013، تجربةٌ عمّمت مفاهيم حماية البيئة، والممارسات الصحية بين الأطفال، ونفذّت عشرات الأنشطة الميدانية، وأوضحت أن حماية البيئة يجب أن يبدأ من الطفولة، وأن يشارك الأهل في الممارسات نفسها مع أطفالهم.
تجمع كرمل عيسى بين "صحافيات صغيرات" و"الروضة الخضراء"، فقد كانت إحدى خريجات الروضة وما زالت تتذكر برامج حماية البيئة، وأنشطة غرس الأشجار، وجولات التفتيش على الأغذية غير الصحية الممنوعة، وإنتاج الأسمدة العضوية.
فيما قارنت شامة عاصم، في زيارة تعليمية لبتّير، بين الأنماط الزراعية في البلدة المدرجة على لائحة التراث العالمي ومثيلاتها في طوباس والأغوار، كما تجاذبت أطراف الحديث مع المزارعات في "مقطع فيديو" عن الباذنجان والمصاطب الزراعية والنظام المائي، ومثلها فعلت رتال شريم.
وقدم د. محمود خلوف أستاذ الإعلام الرقمي في الجامعة العربية الأمريكية محاضرة للزهرات، وكذلك سناء بدوي أول إعلامية في محافظة جنين، والصحافية وجدان دهيدي في شبكة فرح الإعلامية الإلكترونية، والمصورون المختصون في توثيق التنوع الحيوي: محمد دراغمة، ووسيم دواس، وعماد دواس، وجمال خورشيد نائب المدير العام للمركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعبد الباسط خلف مدير وزارة الإعلام في جنين.
 |
 |
الصحافيات الصغيرات في محاضرة لسلطة جودة البيئة |
الصحافيات الصغيرات في مركز التعليم البيئي في بيت جالا |
حياة برية
استخدم المصور دراغمة زيّ التخفي من الطيور في حصة تدريبية، ونقل تجربته في توثيق التنوع الحيوي بالأغوار، وشرح للزهرات ما يرتكبه الاحتلال بحق المنطقة ومحمياتها الطبيعية، وسرد أسماء من أبرز طيورها كالحجل وغزال الجبل الفلسطيني.
من جانبه، يعرب صاحب فكرة المخيم عبد الباسط خلف، عن فخره بــ "صحافيات صغيرات" الذي بنسخته العاشرة يكمل حصيلة سنوات من تدريبات مكثفة على فنون الإعلام، فقد خرّج 200 يافعة، واستضاف 30 إعلاميًا، وزار 5 مؤسسات صحافية، وحاور 15 وزيرًا ومحافظًا ورئيس بلدية وصحافيًا، وأنتجت المشاركات فيه 5 أفلام وثائقية، وعشرات النصوص المكتوبة والومضات المسموعة في الإعلام والبيئة.
وقال خلف إن الوزارة ستعقد في جنين المخيم الأول بالشراكة مع البلدية، مؤكداً سعيه لتعزيز التربية الإعلامية، والترويج لقضايا حماية البيئة.
وذكر د. خورشيد، أن المخيم يقدم تدريبات متخصصة تناقش الإعلام والبيئة والفكر التعاوني، ويراكم سنويًا المعرفة في الصحافة.
 |
 |
تدريب إذاعي |
تدريب الصحافيات الصغيرات على تقنيات التصوير |
وأشار عوض المدير التنفيذي لـ "التعليم البيئي"، أن "صحافيات صغيرات" يساهم في تخريج أجيال قادرة على استشعار التحديات البيئية، والإلمام بالتنوع الحيوي وسبل حمايته، والمساهمة في التعبير عنها في وسائل الإعلام، وبخاصة مع انتشار الإعلام الاجتماعي.
وبدورها أشادت مها دراغمة رئيسة "طوباس الخيرية" بتجربة المخيم التي وصفتها بــ "المختلفة"، مضيفة: "استطاعت الصغيرات نقل عطش الأغوار، والتعبير عن واقع الزراعة، وإجراء حوارات بيئية مع مسؤولين، كما شاركن في جولات إعلامية وبيئية".
فيما قالت الصحافية الصغيرة كرمل أكرم، إنها التحقت بالمخيم منذ سبع سنوات، وأتقنت أساسيات الكتابة الإخبارية والإبداعية، وتسنى لها الاطلاع على التصوير الفوتوغرافي والجوي.
كما تلّقت تدريبًا على صحافة الموبايل، وإنتاج أفلام قصيرة، ومفاهيم حماية البيئة والعمل التعاوني، وزارت مؤسسة إعلاميات، وإذاعة الجامعة العربية الأمريكية، وشاركت في أيام تدريبية بــ "أحراش طوباس".
وتجولّت كرمل في مركز التعليم البيئي بــ "بيت جالا"، وشاركت في مسار في بتّير، واستضافت وزميلاتها مسؤولين وإعلاميين وممثلين عن سلطة جودة البيئة، وأعددنّ نشرات أخبار افتراضية شملت أمنيات بيئية، على غرار "طوباس تحتفل بالانتهاء من غرس 10 مليون شجرة في عام واحد"، و"باحثتان طُوباسيتان" تبتكران عقارًا يقهر السرطان".