تحقيق: تامر شعبان
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تسرد"آفاق البيئة والتنمية" نص التحقيق الإذاعي المثير، الذي أعده طالب اللغة العربية والإعلام في الجامعة العربية الأمريكية تامر شعبان، كما ورد بالفصحى واللهجة العامية في حوار مسموع، ضمن الإذاعة الإلكترونية البيئية للمجلة، وبرنامج "حوارات بيئية".
وسط أجواءٍ ملبدة بالغيوم يقف جمال صالح دراوشة من بلدة عرانة في حظيرة أغنامه ماسكاً جرعة ً من الدواء في يمناه، محاولاً أن يلتقط في يسراه مواليد أغنامه التي تعاني من الإسهال والإرتفاع في درجة حرارتها، بسبب تطعيم ٍوترقيم ٍ لأمهاتها - من قبل الدائرة البيطرية في مديرية زراعة محافظة جنين - قبل أيام ٍ من ولادتها.
دراوشة الذي مات في مزرعته ثمانية من مواليد ِأغنامه بعد أيام ٍمن تطعيم أمهاتها ليس الوحيد من ضمن مربي الأغنام الذين أصاب الضرر مزارعهم نتيجة مشروع ِ ترقيم الأغنام الذي تقوم به الدائرة البيطرية في مديرية زراعة جنين. مشروعٌ تقول الدائرة البيطرية بأن الهدف منه السيطرة على الأمراض.
أصحاب مزارع الأغنام في محافظة جنين الذين قامت الدائرة البيطرية بتطعيم ِأغنامهم، عللّوا سبب انتشار الأمراض وحدوث المشاكل داخل مزارعهم وانتشارها بين المزارع في المحافظة الى عدم قيام طاقم الدائرة البيطرية بتغيير رأسية الإبرة عند إجراء التطعيم للأغنام، سواء داخل القطيع نفسه أم من قطيع إلى آخر.
جمال دراوشة: (ولا مره ولا مره لدرجة أنو اجا واحد قبل سنين من فقوعه بالراس..، انا ما بعرف انو جاي بنفس الراس من بلد ثانية علي، صار يطعم، شفت الغنم صارت تتذايق، بقوله يا رجل غيِّر الرأسية، ولا بقولي لليش هو انا معاي غيره، بقوله الله اكبر وَلْ انتي صرت امطعم، انا عندي 150 راس اانتي صرت امطعم 20 راس، انتي صرت اتبعط فيها يا رجل فجبتلوا روس جديدة، وقلت له خذ هاي، وكل خمس روس غيِّر الراسية ).
راتب:( كان معه راسية ولا بعرف ان كانت جديدة ولا مستعملة. المئة رأس طعمهن في الإبرة نفسها)
أبو يوسف: (طعموا فيها31 راس بنفس الرأسية وبنفس السرنج)
كلام أصحاب مزارع الأغنام نقلته الى مدير الدائرة البيطرية في جنين الدكتور غالب أبو علي. فرد أبو علي بأنه لا داعي لتغيير رأسية الإبرة لكل رأس عند التطعيم، مشيراً إلى أنه في جميع اللقاحات التي أعطت الوزارة الأوامر بتطعيمها لم يكن من ضمن التعليمات لكل رأس من الغنم إبرة باستثناء مرض العقد الجلدية في الأبقار( وهذا الكلام عمروا ما صار في الوزارة انك اتحط لكل نعجة راسية، الا في مرض جلدي اصاب الابقار قبل سنتين ثلاث، اضطرت الوزارة انو تعطي تعليمات لكل بقرة راسية، أنا بقول مافي داعي لكل نعجة راسية)
تشخيص أبو علي لموضوع تغيير رأسية الإبرة عند إجراء أي تطعيم يتناقض مع كلام الطبيب البيطري في المركز الفلسطيني لتطوير الثروة الحيوانية الدكتور أيمن حسان، والذي شدّد على ضرورة تغير رأسية الإبرة عند تطعيم كل رأس في الأصل وأقله تغيير الإبرة عند الانتقال من قطيع إلى آخر. وأضاف الدكتور حسان بأنه يجب تغيير رأسية الإبرة في كل اللقاحات
الدكتور أيمن حسان: ( نعم يجب تغيير الإبرة عند تطعيم كل راس، وعلى الأقل يجب تغيير الإبرة عند الإنتقال من قطيع الى آخر في كل اللقاحات على الإطلاق حتى في العقد الجلدية في حال تطعيم رأس مصاب سيتم إصابة كل القطيع وعدم تغيير رأسية الإبرة ما يساهم في انتشار الأمراض).
يشارك الدكتور حسان في الرأي أطباء بيطريون رفضوا الكشف عن أسمائهم، ولم يسمحوا لي بإجراء تسجيل لمقابلاتهم. الأطباء اعتبروا أمر تغيير رأسية الإبرة واجب سواء عند التطعيم أو عند إعطاء الأدوية للأغنام.
سرعة وسهولة انتقال الأمراض والعدوى بين الأغنام بسبب عدم تغيير رأسية الإبرة أمرٌ يمكن السيطرة عليه، وذلك من خلال ِإبرة خاصة تعرف بعبوة التحصين.
الدكتور أيمن حسان يقول بهذا الخصوص: (هي طريقة سريعة وسهلة قد تكون اقتصاديا جيدة حيث تقوم بتطعيم الأغنام دون الحاجة للوقت اللازم للتبديل ما بين ابرة وأخرى، وبالتالي هي أسرع، وهي طريقة معقمة تعتبر للانتقال من رأس الى آخر أثناء التطعيم)
خلال مقابلتنا مع الدكتور أبو علي وجهت ُله سؤالاً عن سبب عدم استخدام طواقم الدائرة البيطرية لعبوة التحصين، وذلك بعد إفادته بأن الدائرة البيطرية تقوم بشراء رأسيات الإبر من جيوب موظفيها أو من خلال سلف إذا توفرت.
الدكتور غالب أبو علي: (احنا عملياً مرات ابنشتري من اجيابنا وإذا في سلفه بنشتري من السلفة، شو ابر تحصين لهذا الحكي احنا ما عنا هذا الحكي )
أما فيما يخص المآخذ الأخرى التي يراها أصحاب مزارع الأغنام والتي تكون ربما سبباً في انتشار الأمراض ونقل العدوى داخل المزرعة الواحدة أو المزارع المتعددة فهو انعدام التعقيم. فأصحاب المزارع يؤكدون بأن طواقم الدائرة البيطرية لا يعقمون أرجلهم ومعداتهم خلال قيامهم بتطعيم وترقيم الأغنام في مزارعهم.
المزارع إياد الملاح :( ولا عقموا ولا حالهم ولا معداتهم ولا التراكي ولا أي حاجة ولا معهم تعقيم أصلاً)
المزارع رضا أبو حسن :( لأ معقموش، حتى عندي جزمه عرضتها عليهم، برضوا ملبسوش)
المزارع جمال دراوشة :( لا يعقمون من نعجة الى نعجة، ولا من حظيرة الى أخرى، ولا من بلد الى بلد).
مدير الدائرة البيطرية في مديرية زراعة جنين الدكتور غالب أبو علي نفى ما يقوله أصحاب مزارع الأغنام، موضحاً بأن طواقم الدائرة التي تقوم بالذهاب الى مزارع الأغنام يكون معها المعقمات اللازمة لأذان الأغنام وأرجلهم وجزمهم وأنه يعمل كل ما بوسعه حتى يكون العمل بشكل صحيح.
الدكتور غالب أبو علي: (كل فريق في التطعيم والترقيم معاهم المعقمات اللازمة لآذان الغنم وللرجلين وجزمهم. انا بعمل كل ما بوسعي حتى نعمل بشكل صحيح)
موت أغنام/ شلل/ قزاز/ قطع لآذان الأغنام بسبب إصابتها بالغرغرينا/ وضع الرقم في غير مكانه الصحيح. كل هذه الأعراض ظهرت في مزارع الأغنام التي قامت طواقم الدائرة البيطرية بترقيمها ضمن مشروع ترقيم المواشي.
المزارع أياد الملاح: (مشاكل صارت، تشنج الغنم في ذنيها وإديها، يومين ثلاث وبعدين اتموت راح عندي 6 روس، في بعد 3 ثلاث حالات)
المزارع رضا أبو حسن: (أجا عندي مرض هاي اول مره طول حياتي، عندي غنم اول مره بيجي عندي المرض، الحب الي بطلع على الفم، الاسبوع هاض صرت دافع مش اقل من 600 شيقل دَوا، والمرض لا زال موجود، وهاي الأمراض عن طريق العدوى، انا بتوقع اجا منهم عن طريق البيطرة)
المزارع عماد نصار: ( صار ينزل دم ومده وقيح من الذان، شكلوا صار التهاب عندها بالذان، ثنتين مش وحده، ولدت 3، ماتت هيه وياهن وحده توم هي وياهن)
الدكتور أبو علي أقرّ بحصول مشكلة التتنوس ( القزاز) في بعض الأغنام . إضافة ً إلى إصابة الأغنام التي تم ترقيمها بالتشنجات الأمر الذي أدى الى موت الأغنام المصابة.
الدكتور غالب أبو علي: ( فوجئنا في بعض المناطق مثل بيت قاد، انو بعد الترقيم بكم يوم، حصل عنا مشكلة التتنوس في بعض الأغنام، مرض القزاز وتشنجات وبالتالي أدى الى موت الغنم المصاب بهذا المرض)
ويفيد أبو علي بأن الدائرة البيطرية استشارت اختصاصيين بموضوع التتنوس، الأمر الذي أدى إلى اختلاف في الآراء، فقسم من المستشارين استبعد إمكانية الإصابة بالقزاز بسبب الترقيم وقسم آخر من المستشارين كان رأيه بإمكانية الإصابة بسبب الترقيم.
الدكتور غالب أبو علي: (حاولنا نستشير اختصاصيين في هذا المجال بموضوع التتنوس، فقسم استبعد وقسم قال انو ممكن من الرقم)
ويتابع أبو علي بأن الدائرة البيطرية من باب الوقاية من هذا القزاز تقوم بعملية تعقيم وتطهير للأذن مكان الخرم لوضع الرقم. علماً بأن المزارعين أكدوا بأنه لم يكن أي نوع من التعقيم بل كانت تتم عملية الترقيم لرأس تلو الآخر بدون تعقيم.
الدكتور غالب أبو علي: ( وقاية لهذا المرض احنا جبنا معقمات خاصة، قبل البدء بالترقيم نقوم بعملية تعقيم وتطهير للأذن مكان الخرم )
المزارع زياد أبو حسن: (ولا بيستعملوا أي مادة للتعقيم، بفوتوا عند الجميع وبطلعوا نفس الطريقة)
الأطباء البيطريون يرون بأن سبب موت الأغنام وظهور هذه الأعراض داخل مزارع الأغنام التي تم ترقيمها وتطعيمها، يعود لسوء استخدام وتعقيم الأدوات التي تم استعمالها أثناء عملية الترقيم، إضافة ًإلى عدم المعرفة بكيفية الترقيم وعدم ِ توعية المزارع في كيفية التعامل مع الحالات التي تظهر عليها مثل هذه الأعراض.
أثناء زيارتي لأصحاب مزارع الأغنام للاطلاع على المشاكل التي ظهرت في مزارعهم نتيجة الترقيم، لاحظتُ بأن بعض المزارعين أزالوا الأرقام وعقموا مكانها بعد يومين من وضعها من قبل طواقم الدائرة البيطرة .
المزارع جمال دراوشة:( يؤدي الى شلل في النعجة يسموه قزاز، وغنم انقطعت ذانها، الاطباء قطعوا ذنيهن نتيجة اصابتها بالغرغرينا من الرقم، انا عندي نعجة انتفخت ذانها قطعت الرقم. الناس ذهبت الى البيطرة وقالت لهم رميناهن ما بدنا ارقامكم)
الدكتور أبو علي أقر بأنه خلال زيارته لإحدى المزارع التي تم ترقيم مئة وأربعة وستون رأساً فيها، وجد الأرقام التي تم وضعها مقطعة وملقاة على أرضية المزرعة.
الدكتور غالب أبو علي:( انا رحت عند مزارع الاسبوع الماضي، القيت عنده 164 رقم على الأرض، لأنه وِرْمَت نعجة أو ثنتين ذنيهن، إجا قص ال164 رقم ورماهن بأرض المزرعة. قلت له ليش هيك اتصرفت قال هيك أنا حر)
مشروع التطعيم والترقيم أمران ضروريان للثروة الحيوانية، لكن إذا طبقا مثلما ذكر في هذا التحقيق فعلى الدنيا السلام. فهل سنشهد ضعفاً في هذا القطاع الحيواني الهام؟