
خاص بآفاق البيئة والتنمية
ينتظر مربو الأغنام منتصف نيسان من كل عام ليقوموا بجز صوف أغنامهم. فعملية جز الصوف عن الأغنام لها فوائد جمة سواء لمربيها أو للأغنام نفسها.
في الماضي كان مربي الأغنام يعتمد على الطرق التقليدية في جز صوف أغنامه، حيث يقوم بشراء مقصات خاصة لجز صوف الأغنام. كانت عملية الجز يدوية وتحتاج إلى جهد ووقت فالمزارع صاحب العدد القليل من الأغنام يجز أغنامه بنفسه، أما إذا كان عدد رؤوس الأغنام كبيراً لدى مربٍ ما، فقد كان يجري التنفيذ من خلال نظام العونه بين المزارعين، حيث كان يجتمع العشرات من مربي الأغنام، وكل واحدٍ منهم يحمل مقصه ويبدأون بجزِّ القطيع. بعد الانتهاء من الجز، كان صاحب القطيع يبدأ بتجهيز الغداء والحلوى ليقدمها لزملائه المزارعين الذين عاونوه في جز صوف أغنامه.
اليوم وبعد التطور التكنولوجي، أصبح هناك ماكينات خاصة لجز صوف الأغنام حيث توفر الوقت والجهد على المزارعين.
صحيح ٌ أن التكنولوجيا ( ونقصد هنا وجود المكينات الخاصة بجز صوف الأغنام) نعمة لكنها نقمة إذا اُستغلت بطريقة خاطئة. لقد أصبح اليوم اقتناء ماكينة لجز صوف الأغنام بمثابة مشروع استثماري فبعض الأشخاص غير المربين للأغنام أصبحوا يشترون ماكينة جزّ لتدر عليهم دخلاً فهم يجزون الأغنام ويأخذون 7أو 8 شواكل مقابل جز صوف رأس واحد من الأغنام.
هنا المصيبة!
يقوم أصحاب ماكينات جز الصوف بالتنقل بين المزارع وقطعان الأغنام دون مراعاة للشروط الصحية للتنقل بين مزارع الأغنام وعلى رأسها التعقيم.
فأصحاب ماكينات الجز يدخلون إلى مزرعة (1) ويبدؤون بجز صوف أغنام هذه المزرعة. بعد الانتهاء من عملهم، لا يقومون بتعقيم ماكينة جز الصوف بل يضعونها في علبتها (صندوقها) من دون تنظيف أو تعقيم. ثم يذهب أصحاب الماكينات (الغير معقمة) الى مزرعة أخرى(2) ويبدؤون بجز صوف أغنامها وهنا تبدأ المشكلة.
لماذا؟ لأنه من الممكن أن تكون المزرعة (1) مصابة بأمراض معينة ومع عدم تطبيق الشروط الصحية اللازمة للجز تكون الأمراض قد انتقلت للمزرعة (2). فيجب على أصحاب ماكينات الجز تعقيم أدواتهم بالمعقمات القوية القادرة على قتل البكتيريا والفيروسات التي قد تعلق على أدواتهم. ويجب عليهم أن يرتدوا أكياساً خاصة في أرجلهم عند التنقل بين مزارع الأغنام.
أوبئة بالجملة
"الجرب"، "الميكوبلازما"، "الكلاميديا"، وغيرها كلها أمراض خطيرة من السهل أن تنتقل بين مزارع الأغنام بسبب عدم مراعاة أصحاب ماكينات جز الصوف للشروط الصحية في تلك العملية. تعتبر جرثومة الميكوبلازما من أكثر الأمراض التي أصابت الأغنام في السنوات القليلة الماضية، فهي تتسبب في إرتفاع درجة حرارة الأغنام المصابة بها، الأمر الذي يؤدي إلى تلف ضروعها. وبالتالي خسارة حليب الأغنام. وقد يبلغ ثمن علبة الدواء للوقاية من الميكوبلازما 350 شيكلاً. كما أن تكلفة علاج نعجة واحدة مصابة تبلغ 80 شيكلاً. وإن إعطاء نعجة مصابة بالميكوبلازما الدواء لا يعني شفاءها من المرض بل من الممكن أن يتطور المرض الى حالة تسمم في الدم تصيب النعجة، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج او موت النعجة بسبب الارتفاع الحاد في درجة حرارتها.
إن انتشار مثل هذه الأمراض بين مزارع الأغنام لا يكلف المربين وحدهم الثمن بل يلحق أضراراً في الناتج القومي الإجمالي فعندها تنتشر الأمراض بين الأغنام، الأمر الذي يستدعي تدخل وزارة الزراعة الفلسطينية للقيام بتلقيح الأغنام من العدوى. كما أن إصابة الأغنام بالميكوبلازما من شأنه حرمان السوق من الحليب ومنتجاته مما يؤدي الى استيراد الحليب ومشتقاته ومن ثم الإسهام في ارتفاع أسعار الألبان.
تمنح عملية الجز فوائدَ اقتصادية جمة لمربي الأغنام فعملية الجز تساعد في زيادة وزن الحملان الأمر الذي يقلل من تكاليف شراء الأعلاف. كما ويمنح الجز الأغنام منظراً جمالياً حيث يسهم جزُّ الصوف عن نعجة واحدة في زيادة سعرها في السوق.
كل هذه الفوائد الاقتصادية التي يمنحها جز الصوف عن الأغنام أصبحت اليوم تعطي نتائج عكسية، وذلك بسبب ما سبق وذكر من إهمال الشروط الصحية اللازمة لعملية جز صوف الأغنام.