خاص بآفاق البيئة والتنمية
تتخذ السعادة مكانًا لها في تفاصيل وجه رئيس بلدية عقابا جمال أبو عرة، وهو يُلخص سيرة المدرسة الخضراء، التي بدأت تشق طريقها، لتكون الأولى من نوعها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقول: قدمنا تصميمًا لمدرسة عادية، وأرسلناه لمؤسسة "مجتمعات عالمية"، التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية، بقيمة 700 ألف دولار، فأعجبوا بالتصميم، ورفعوا موازنته إلى مليون وربع دولار، لتكون مدرستنا الأولى، التي تحظى بلقب "مدرسة خضراء"، وفق تصنيف مجلس البناء الفلسطيني الأخضر برام الله.
وصف
يتابع وهو يستعرض مجسمًا للبناء: ستكون المدرسة مُوفّرة للطاقة والمياه، بحيث سيتم عزل جدرانها عن المحيط الخارجي بسمك 52 سنتيمترا مربعًا، وستصمم الإنارة لتستفيد طوال العام الدراسي من طاقة الشمس، والضوء الطبيعي، فيما لن تحتاج إلى تدفئة شتاء أو تكييف صيفًا، وسنجمع مياه المطر في آبار، بينما ستكون لدينا 3 آبار تنقية، عدا عن بئر رابع للمياه الرمادية. وستروي المياه المعالجة الملاعب والحديقة المحيطة.
وبحسب أبو عرة، فإن البناء التعليمي الجديد سيؤسس لثقافة بيئية، وسيكون نقطة انطلاق للتحول نحو ممارسات خضراء تنعكس ليس فقط على الطالبات، وإنما على البلدة برمتها، وسيبدأ المواطنون بمشاهدة آثارها الإيجابية، الربيع القادم.
تدّوير
يزيد: بدأنا بالتجريف، ولم نعثر على أرض خالية من الأشجار، واضطرنا لاقتلاع عدة أشجار زيتون، وأعدنا زراعتها في مدخل البلدة، وأعطيناها اهتمامًا خاصًا بالري، وستكون في عهدة المقاول، وسنحيطها بجدران من الحجر الطبيعي، كما بدأنا بنقل 800 كوب من الأتربة الناتجة عن أعمال الحفر إلى الملعب البلدي، الذي خفضنا من تكلفته نحو 200 ألف شيقل، وسنستغل كل شيء يمكن إعادة تدويره.
واستنادًا إلى رئيس البلدية، فإن مدرسة عقابا الخضراء ستكتمل في وقت قياسي، وسيجري تسليمها في 29 آذار 2016، لتستوعب 250 طالبة في المرحلة الثانوية، وستراعي إحداث فرق في التعليم أيضًا، وستمرر البلدية قرارات ومبادرات خضراء، بمساهمة نحو 100 متطوع، وبشراكة مؤسسات رسمية وأهلية ومانحة، وصولاً لبلدة صديقة للبيئة.
يقول: هناك الكثير من التحديات، التي تعترض سبيلنا، وأبرزها الحفر الامتصاصية العشوائية في البلدة ومحيط المدرسة، وهو ما سنحله من خلال مشروع شبكة الصرف الصحي الوشيكة. وسنعالج الانتشار العشوائي لحظائر الأغنام وسط البيوت السكنية، عبر نقلها إلى مجمع خاص خارج حدود المخطط الهيكلي. ولن ننسى إطلاق أنشطة ودعم مبادرات وتشجيع الأهالي على صداقة البيئة في ممارساتهم اليومية.
فوارق
يفيد ممثل الشركة المقاولة المهندس ماهر طنينة: يختلف مشروع المدرسة الأخضر عن غيره، وأصبح لدى العمال ثقافة مختلفة، وصرنا نلتزم بعدم التدخين في مكان الورشة، وخصصنا منطقة لمن لم يقلع عن السجائر، وسنشجع من يتوقفون عنها بحوافز. وما يميز الورشة الحالية، اشتراطات السلامة المهنية، فيمنع دخول الموقع دون وسائل حماية وزي خاص، كما وضعنا إرشادات في الموقع في حال وقوع حوادث.
ووفق طنينه، فإن عدد العاملين في المدرسة بدأ بعشرة، وسيرتفع في بعض المراحل المتقدمة إلى خمسين، وسيخضعون كلهم لإجراءات مهنية مشددة، ولن يتم التساهل في موضوع التدخين. مثلما جرى عزل موقع العمل عن محيطه، بمساحة أمان حرصًا على المجاورين.
يتابع: التحدي هو أن تعمل في مشروع بيئي وسط محيط لا يعتبر البيئة أولوية، أو أنه لا يمتلك ثقافة ووعي أخضر، ولو كان الحال مغايرًا لحققنا نتائج أسرع. ولدينا تحديات في المنطقة كتربية الأغنام والحفر الامتصاصية العشوائية، وكلها سيتم إيجاد حل لها.
أبعاد
تقول مسؤولة المبادرة الخضراء في "مجتمعات عالمية" رشا الطزمي: نعمل منذ 20 سنة في تطوير مبادرات، وندعم قطاعي البنية التحتية والحكم المحلي، ونربط البيئة في الأنشطة التربوية والمجتمعية، ونطبق إجراءات مشددة في الموقع نفسه، وحين يكتمل المشروع سننفذ أنشطة لدعمه فكرة المدرسة الخضراء، وسنهتم بالمشروع في المياه والطاقة.
وتضيف: سبق أن نفذنا مبادرات بيئية في عقابا، ووجدنا ثقافة خضراء مقبولة في صفوف الطلبة، وتساعدنا مع المتطوعين في غرس أشجار، واحتفلنا باليوم العالمي للتفاح الأخضر، ولن تتوقف أنشطتنا بعد اكتمال المدرسة.
شروط
ويفيد رئيس قسم وحدة التصميم في "مجتمعات عالمية" المهندس بلال أبو ريان: نهتم كثيرًا بتقييم الأثر البيئي للمشروع، ونتعامل مع المخططات الهندسية والإنشائية بكل مراحلها، ونولي اهتمامًا خاصًا بالعزل الحراري والصوتي، وطبقنا الكود الزلزالي بأعلى مراحله، ونفرض إجراءات صارمة في السلامة المهنية والعامة، ونهتم بأن لا يتسبب المشروع بأي تلويث.
يقول: ممنوع أن تتسبب الشاحنات في سكب بقع زيوت على الطرقات، ويتم تغطيتها أي الشاحنات أثناء دخولها وخروجها لموقع العمل فلا تتسبب بالغبار، ومهتمون بكل التفاصيل البيئية، ونأمل إشراك عناصر المجتمع المحلي كافة لدعم المشروع، وتحقيق غاياته بعيدة المدى.
يضيف أبو ريان بأن التحدي في المدرسة الخضراء سيكون بطريقة البناء، وبالاهتمام بالبنية التحتية، وستحصل المدرسة على الرقم (1) بالتسمية الصديقة للبيئة، وستكون ثالث مبنى أخضر يُقام في الضفة الغربية وغزة.
ويختم مهندس الإنشاءات يوسف الكاشف: نهتم بالبيئة بشكل مباشر، ولا يساهم مشروعنا في تلويثها، ونحرص على كل التفاصيل الصغيرة، ونرفع شعار: "لا نضر بعناصر البيئة، وإنما نفيدها".
aabdkh@yahoo.com