خاص بآفاق البيئة والتنمية
الأغوار الفلسطينية التي لطالما اشتهرت في السابق بأنها سلّة فلسطين الغذائية ومنبع الخيرات في الضفة الغربية، تواجه اليوم حملة شرسة من الاحتلال ليس فقط بهدف مصادرة الأرض، بل تدمير خيراتها، ما انعكس على قطاع الزراعة الفلسطينية.
مجلة " آفاق" رصدت نشاط مصنع إسرائيلي لصناعة " الكمبوست" الملوث يقع بجانب مكب للنفايات الإسرائيلية شرق مستعمرة "مسواه" في قلب الأغوار الفلسطينية، ويدعى المصنع باسم " توف لام" وتعود ملكيته إلى مستثمرين فرنسيين.
تكمن الخطورة في " الكمبوست" في الطريقة التي يتم تصنيعه بها، وهنا سوف نسلط الضوء على طبيعة ونوعية المواد التي أدخلها الاحتلال في تصنيع تلك المادة، والآثار التي نتجت عن تسويق تلك المادة في مناطق الأغوار الفلسطينية؟؟ كذلك سنشير إلى الدور الذي قامت به المؤسسات الرسمية لمكافحة منتجات المصنع.
ارتفاع نسبة العناصر الثقيلة في "الكمبوست" الإسرائيلي
في دراسة قامت بها جمعية بيت المهندس الفلسطيني ونشرت تفاصيلها في شهر آب 2013 حول المكونات التركيبية لمادة "الكمبوسوت" المنتج في مصنع " توف لام"، أكد الباحثان فيحاء نجم واحمد لافي وجود عناصر سامة بتركيز مرتفع في مادة "الكمبوست" المصنّع في ذلك المصنع، حيث استخدم الباحثان أسلوب التحليل (Atomic Absorption Spectrometric) في تحليل العينات المأخوذه بطريقة عشوائية من الكمبوست الصادرة عن ذلك المصنع، وبينت النتيجة التالي:
المادة
|
تركيز المادة (g/kg )
|
السقف الأعلى المسموح به (g/kg)
|
الخارصين
|
17.5
|
2.58
|
الرصاص
|
1.135
|
.6050
|
النحاس
|
6.535
|
.070
|
وبحسب الدراسة، فإن نسبة المواد المعدنية السامة مرتفعة عدة أضعاف عما هو مصرح به، ما سينعكس بشكل سلبي على التربة وقطاع الزراعة بشكل كامل في منطقة الأغوار.
المكب الإسرائيلي في الأغوار المحتلة حيث تدفن النفايات الخطرة ويصنع منها الكمبوست الزراعي
ناقوس الخطر
من جهة أخرى، أكدت السيدة أمينه الزمور مديرة دائرة الصحة والبيئة في محافظة أريحا لمجلة " آفاق" أن محافظة أريحا عقدت خلال عام واحد عدة ورش توعوية حول ذلك المنتج والذي وصفته بـ " غير قانوني".
وأكدت على إقدام لجنة السلامة العامة في محافظة أريحا بضبط عدد من المنتفعين "إن جاز التعبير" يروجون لذلك المنتج لنفس المصنع وتم إحالتهم إلى القضاء.
وحول مدخلات عملية التصنيع والمصدر الذي تأتي منه المواد الخام في صناعة الكمبوست، أشارت السيدة أمينه - بناء على المعلومات التي حصلت عليها من مدير المكب الإسرائيلي خلال زيارة ميدانية قامت بها - "هناك مكب ضخم يحتوي على كميات كبيرة من النفايات من كافة المستعمرات المنتشرة في الأغوار، وحتى من داخل الخط الأخضر، ويتم نقل النفايات إلى المكب بواقع 200 طن في اليوم عبر شركتين هما شركة " توف لام" و" كمبوست أور" حيث تحتوي النفايات الواردة على كميات كبيرة من البلاستيك والمعادن بالإضافة إلى المخلفات البيولوجية، وتبلغ مساحة المكب 150 دونما، وقد أقيم في عام 1980م".
ويقع المكب بجوار مصنع " توف لام" ، ويقوم الأخير باستغلال النفايات في صناعة " الكمبوست" الزراعي، لتلقى تلك المنتجات طريقها إلى المزارع الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا تخضع منتجات المصنع إلى رقابة أو حتى متابعة من قبل وزارة البيئة الإسرائيلية نفسها.
لا سلطة لنا على الأغوار
من جهته أكد السيد يوسف لافي مدير الارتباط المدني في محافظة أريحا، أن السلطة الفلسطينية لا سلطة لها على طول الطريق رقم 90 والمناطق المحاذية على طول الأغوار الفلسطينية، لهذا لا نستطيع التحكم بشكل فعلي في المنطقة، حيث حالت الاتفاقيات مع الاحتلال دون سيطرة السلطة على المناطق المصنفة "ج" خاصة مناطق الأغوار.
جهاز رقابي متواضع
وحول الآثار المترتبة من استعمال " الكمبوست" الملوث أكد م. احمد الفارس مدير زراعة أريحا، تكمن المخاطر الأساسية من استعمال تلك المادة في المواد المعدنية الملوثة التي تحويها، ذات التأثير المباشر على التربة وعلى فعاليتها في الزراعة، ما سيخلق تربة ضعيفة غير منتجة، إضافةً إلى الأثر السلبي على نمو النباتات والتنوع الزراعي البيئي.
وأضاف: "نحاول نحن في وزارة الزراعة ومن خلال دائرة الإرشاد عمل ورشات توعية للمزارعين حول الكمبوست الملوث، وكذلك ضبط أي كمية تدخل في السوق الفلسطينية ومحاسبة التجار والمستخدمين لتلك المادة".
وأكد الفارس: "لا نملك أي حل سحري في معالجة تلك الآفة فلا سلطة لنا على كثير من المناطق أو حتى المعابر نحن نعمل بالإمكانيات المتاحة لنا".
 |
 |
مصنع الكمبوست الإسرائيلي الملوث في الأغوار المحتلة |
مكب النفايات الإسرائيلي شرق مستعمرة مسواه في الأغوار المحتلة ويحوي على معادن ثقيلة وعناصر سامة |