الهزات الأرضية المتتالية التي ضربت فلسطين زادت احتمالية حدوث زلزال كبير
الدمار في جبل الزيتون بالقدس بسبب الهزة الأرضية عام 1927
خاص بآفاق البيئة والتنمية
ضربت فلسطين خلال الأشهر الثمانية الأخيرة سلسلة هزات أرضية صغيرة ومتوسطة نسبيا، كان آخرها وأكبرها في الرابع والعشرين من أيار الماضي حين ضرب جنوب فلسطين (وادي عربة) زلزال بقوة 4.1 على سلم ريختر المكون من عشر درجات؛ شعر به الكثيرون في المدن الفلسطينية. وكانت بؤرة الزلزال في صدع الأغوار، وتحديدا البحر الميت الذي يعد منطقة نشطة زلزاليا ضربتها في الماضي معظم الهزات الأرضية القوية في فلسطين. واللافت أن في السنوات الأخيرة لم تضرب تلك المنطقة من صدع البحر الميت هزة أرضية بهذه القوة.
كما ضربت فلسطين في كانون ثاني من هذا العام هزة أرضية بقوة 3.5، كانت بؤرتها تبعد نحو 4 كم شمال بحيرة طبريا. وفي أوائل كانون أول الماضي، ضربت جنوب فلسطين، وتحديدا منطقة عراد (غرب البحر الميت)، هزة أرضية بقوة 3.2. وفي أواخر ذات الشهر، ضربت جنوب خليج أناطوليا (على الشاطئ الجنوبي الغربي لتركيا) هزة أرضية بقوة 5.9 شعر بها مواطنون في شمال فلسطين، وبخاصة في قضاء حيفا.
وفي أواسط تشرين أول الماضي أيضا، ضربت فلسطين خمس هزات أرضية خلال أسبوع واحد؛ بلغت قوة الأولى 3.5 على سلم ريختر، بينما بلغت قوة الهزة الثانية التي وقعت يوم 19 تشرين أول 3.6. أما الهزتان الثالثة والرابعة فقد ضربتا فلسطين في يوم واحد من ذات الأسبوع، وتحديدا في 20 تشرين أول؛ وبلغت قوتهما نحو 3.5 على سلم ريختر. الهزة الخامسة التي كانت قوتها 3.3 (سلم ريختر) ضربت فلسطين (خلال ذات الأسبوع) في يوم 22 تشرين أول. وبحسب خبراء الزلازل، كانت مراكز الهزات الخمس في محيط بحيرة طبريا الواقعة على الفالق السوري-الإفريقي؛ وقد شعر بها جميعا العديد من فلسطينيي تلك المناطق، وبخاصة أهالي الجليل والجولان المحتلين، إلا أن أيا منها لم يتسبب في أضرار بشرية أو مادية.
ومن المعروف أن فلسطين تقع في منطقة نشطة زلزاليا منذ آلاف السنين، وتحديدا على ملتقى صفيحتين من صفائح القشرة الأرضية، وهو ما يعرف بالفالق (أو الصدع) السوري – الأفريقي، الأمر الذي قد يعرض فلسطين، وباحتمال عالٍ، لهزة أرضية مدمرة.
وقد تعرضت فلسطين في الماضي، لكثير من الزلازل المتوسطة والقوية التي حدثت بفواصل زمنية قصيرة نسبيا. وكان بعض هذهالزلازل مدمرا، مثل زلزال عام 1927 بقوة 6.2، وكان مركزه في عين جدي (محيط البحر الميت)؛ فتسبب في قتل نحو 300 شخص وجرح الآلاف؛ ودمر أجزاءً من صفد وطبريا وبيسان ونابلس.
وفي حال ضرب فلسطين زلزال قوي (فوق 6.5-7 على سلم ريختر)، فإن بعض الخبراء يتوقع أن تصل الخسائر البشرية الفلسطينية إلى آلاف القتلى وعشرات آلاف الجرحى، إضافة إلى عشرات آلاف المنازل والمباني التي ستدمر بشكل كامل أو جزئي.
إن تكررا تعرض منطقة الأغوار، وتحديدا محيط حوض نهر الأردن-طبريا-البحر الميت، إلى سلسلة متواصلة من الهزات الأرضية، يؤكد ما حذرت منه مجلة آفاق البيئة والتنمية أكثر من مرة، من خطورة تنفيذ مشروع قناة البحرين (البحر الأحمر-البحر الميت) الذي تدعي الأطراف المسوقة له بأنه مشروع بيئي هدفه الحفاظ على البيئة؛ وبينت المجلة، استنادا إلى العديد من خبراء البيئة والجيولوجيا، بأن تنفيذ هذا المشروع سيتسبب في حدوث زلازل مدمرة، وذلك نظرا لأن تدفق كميات كبيرة من مياه البحر الأحمر في البحر الميت الذي يعد أخفض منطقة في العالم، سيؤدي إلى زيادة الضغط على قعر البحر الميت، ما سيولد اختلالات في طبقات الأرض في منطقة الأغوار التي تقع فوق ما يعرف بفالق شمال أفريقيا النشط زلزاليا؛ بمعنى أن تدفق المياه في تلك المنطقة قد يحرك الفالق وينشط الزلازل في المنطقة. إن حدوث هزات أرضية متتالية خلال الأشهر الأخيرة، كان مركزها جميعا منطقة بحيرة طبريا-البحر الميت، يؤكد صحة رأي الخبراء الرافضين لهذا المشروع الصهيوني الذي جندت له "إسرائيل" بعض الأنصار الأردنيين والفلسطينيين.

منطقة حوض نهر الأردن والأغوار النشطة زلزاليا
أخيرا، ورغم الهزات الأرضية المتتالية التي ضربت فلسطين منذ تشرين أول الماضي وحتى يومنا هذا، إلا أن أيا من الجهات الفلسطينية المعنية لم تكلف نفسها عناء التحرك لاتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة لمواجهة الكارثة الطبيعية المتوقعة باحتمالية مرتفعة؛ أو على الأقل، إصدار التوجيهات والإرشادات العملية والمنظمة للمواطنين بشكل عام، ولسكان الأغوار بشكل خاص، حول كيفية السلوك أثناء الزلزال القوي، وخصوصا في الليل.