خاص بآفاق البيئة والتنمية
تنتشر الكلاب الضالة في العديد من شوارع وأحياء مدينة رفح "الحدودية"، وتبث الرعب في نفوس الأطفال والسكان. ومع ما تشهده "سيناء" ومدينة العريش المصرية من توتر في الحالة الأمنية واضطراب الأوضاع، لوحظ في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة لعدد الكلاب في المنطقة، ما سلب راحة البال من المواطنين وكان مدعاة قلق عند الجهات المختصة. مشكلة الكلاب في رفح تبدو أكثر تعقيدًا كونها قريبة من الحدود مع مصر التي تشهد اضطرابات أمنية بين الحين والآخر، "وبالتالي الكلاب في الجانب المصري تدخل الى رفح بأعداد هائلة، لتستقر فيها. حاليًا، يجري العمل على دراسة حل رحيم لهذه الظاهرة، يتمثل في إنشاء محمية للكلاب الضالة؛ علمًا أنه لو توافر المكان الآمن والمأكل والمشرب لهذه الكلاب فلن نجدها منتشرة في الشوارع. كذلك لا بد من بذل الجهود، من أجل توعية الناس بأهمية الرفق بالحيوانات ومحاولة توفير طعام وماء لهم بالقرب من الأراضي الزراعية، حتى يقل تواجدهم حول التجمعات السكانية أو بمحاذاة حاويات النفايات. ومن الأهمية بمكان، تخصيص دروس في المناهج لحث الطلاب على مساعدة الحيوانات الضالة، من أجل نشء يتمتع بثقافة الرفق بالحيوان.
|
|
إطعام الكلاب داخل محمية تديرها جمعية سلالة |
ما أن تغرب الشمس في مدينة رفح الحدودية، جنوب قطاع غزة، حتى تبدأ الكلاب الضالة بالانتشار في الشوارع دون أن يتوقف نُباحها، ليفزع منها الأطفال والسكان.
ومع ما تشهده "سيناء" ومدينة العريش المصرية من توترٍ في الحالة الأمنية واضطراب الأوضاع، لُوحظ في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة لعدد الكلاب في رفح، ما سلب راحة البال من المواطنين وكان مدعاة قلقٍ عند الجهات المختصة التي تميل إلى دراسة حلٍ رحيم يكمن في إنشاء محمية.
حسام ماضي يقطن في تلك المناطق الحدودية؛ يحدثنا عما جرى معه مَطلع هذا العام.
يقول: "كنت عائداً من صلاة الفجر فوجدت مجموعة من الكلاب بالقرب من منزلي، حاولت إبعادها فإذ بها تهاجمني، حاولت أن أحمي نفسي وبدأتُ بمناوشتها فاستشرست إلى أن تدخل المارة ونجحوا في إبعادها عني".
نُقل بعدها الشاب على الفور إلى المستشفى لمعالجة جروحه التي تسبّب بها العراك مع الكلاب، وقُطبت جروحه بــ 15 غرزة، بالإضافة إلى حقنه بعدد كبير من إبر التسمم ما زال يأخذها حتى اليوم.
يسترجع حسام تلك اللحظات العصيبة ويكمل حديثه متنهداً: "منذ ذلك اليوم لا أذهب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر خوفًا من تجدد هجوم الكلاب مرة أخرى".
ومن اللافت أن في مكان سكناه، بمجرد أن يحل المساء تبدو المدينة عندئذٍ وكأنها دخلت في "حظر تجوال"، خصوصًا للذين يتحركون دون وسيلة نقل، خوفًا من اعتداء الكلاب عليهم.
الكلاب الضالة في شوارع قطاع غزة
المحمية "حل رحيم"
مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح، م. مهند معمر أكَّد في حديثه مع مراسلة "آفاق البيئة والتنمية" أن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة تؤرق المواطن والبلدية على حدٍ سواء.
ويقول: "حالياً لدينا 2500 كلب في مدينة رفح، ولم نعثر بَعد على الحل الأمثل للتعامل معها".
ويصارحنا معمر أن هذا الملف شائك، إذ اقترحت البلدية بعض الحلول له، إلا أنها قوبلت بالرفض من بعض الجهات المعنية، فيما جهات أخرى أبدت مرونة، مضيفًا:" تقوم بلدية رفح بالتشاور والتنسيق مع مديرية البيطرة في وزارة الزراعة، والطب الوقائي، وكذلك أجهزة الشرطة".
وأشار إلى أن الكلاب الضالة المنتشرة في المناطق الحدودية تشهد تواجدًا واضحًا في بعض الشوارع الفرعية.
وعن الحلول التي تم تباحثها، فصلّها م.معمر على النحو التالي: "فكرنا بوضع مصل خاص بمكافحة الكلاب يؤدي إلى قتلها بشكل فوري، إلا أن هذا المصل مُحرم دولياً ويُحظر دخوله إلى قطاع غزة من قبل سلطات الاحتلال، كما أنه محظور أيضاً في بعض البلاد العربية كجمهورية مصر العربية لضرره على الحيوان والإنسان".
تعاون بلدية رفح مع جمعية سلالة في تجميع الكلاب الضالة ونقلها الى المحميات
وفي السياق نفسه، قال أن البلدية حاولت استخدام بعض السموم لكنها لم تجدِ نفعاً، أما خيار تصفية الكلاب بإطلاق النار عليها، فقد قُوبل بالرفض القاطع من قِبل مؤسسات حقوق الحيوان بعد تجربتها في بعض المناطق في القطاع.
حاولت الجهات المسؤولة، بحسب معمر، الحصول على فتاوى من "دار الإفتاء" في الجامعة الاسلامية، ووزارة الأوقاف وتباينت الفتاوى، بعضها أجاز قتل الكلب العقور فقط، وذلك يتطلب فرز الكلاب الإناث عن الذكور.
ومضى في حديثه: "حصلنا على فتوى من أحد دور الإفتاء تجيز قتلها، إلا أن ذلك يحتاج أيضاً إلى متطلبات لم نستطع توفيرها، ونعمل حاليًا على دراسة حل رحيم يتمثل في إنشاء محميةٍ لجميع هذه الكلاب، ونتشاور حاليًا بشأنه مع جمعية سلالة لرعاية الحيوانات".
ومن المتوقع الإعلان عن إقامة محمية في منطقة "كسارة" بالمنطقة الغربية برفح، في وقت قريب، والكلام لمعمر، مستدركًا قوله: "لكن التنفيذ يحتاج إلى جهد كبير وعلى الأرجح سيسير الأمر ببطء شديد خصوصًا أن العدد يبلغ 2500 كلب أو أكثر".
وتجدر الإشارة أنه سبق لبلدية غزة وأن أنشأت محمية جمعت فيها 200 كلب في غضون ثلاثة شهور. "إلا أن مشكلة الكلاب في رفح تبدو أكثر تعقيدًا كونها قريبة من الحدود مع مصر التي تشهد اضطرابات أمنية بين الحين والآخر، وبالتالي؛ الكلاب في الجانب المصري تدخل الى رفح بأعداد هائلة، لتستقر فيها" يقول مدير دائرة الصحة والبيئة.
وما يأمله المواطن أمام تصريحات رسمية كهذه، ألا تطول كثيرًا دراسة الحل، وحيرة البلدية.
انتشار الكلاب الضالة في الشوارع
عجز البلدية مرفوض
تقصّت مراسلتنا عن أماكن تمركز الكلاب، فوجدت أنها تنتشر في بؤر بعينها من مدينة رفح، وبعد البحث وجدت أن سبب تواجدها بالقرب من منازل المواطنين، البحث عن الطعام بالدرجة الأولى وليس لمهاجمتهم.
وتلك مؤشرات تؤكد أنه لو توافر المكان الآمن مع المأكل والمشرب لهذه الكلاب فإنها ستختفي من الشوارع، ما يشجع على فكرة إنشاء محمية لجمع الكلاب الضالة.
ومسألة أساسية، بذل الجهود من أجل توعية الناس بأهمية الرفق بالحيوانات، ومحاولة توفير طعام وماء لهم بالقرب من الأراضي الزراعية، حتى يقلّ تواجدهم حول التجمعات السكانية أو بمحاذاة حاويات النفايات.
قابلنا في جولتنا، المزارع حمودة عاشور، والواقعة أرضه بالقرب من حدود منطقة الفخاري في محافظة خان يونس، بجوار محطة معالجة مياه الصرف الصحي، إذ المشكلة أيضًا تمتد إلى جنوب القطاع عمومًا، فقال: "تتحول منطقتنا إلى "مدينة أشباح" بعد الساعة العاشرة مساءً، إلى درجة أننا لا نستطيع التحرك مهما كانت الظروف طارئة، وأي شخص يحاول الخروج من بيته في هذا الوقت يُعرض نفسه للخطر، ولو اضطررت للخروج، فلا بد من أخذي عصا أو حجر حتى أدافع عن نفسي لو واجهت هجومًا من الكلاب".
رعاية الكلاب الضالة داخل المحميات التي تديرها جمعية سلالة
ولا يتوقف الأمر عند بثها الذعر، بل يشكو المزارع أيضًا من تضرر محاصيله يوميًا.
ويضيف: "نباح الكلاب وأحجامها الكبيرة يُخيف الكبار قبل الصغار، ومن هنا أطالب الجهات المعنية بإيجاد حلٍ لهذه المشكلة على ألا يسبب الضرر لها".
ومن جانبه، يقول أحمد القيق "ناشط شبابي" من سكان المدينة، إن الكلاب تسيطر على منطقة "تل السلطان" ليلاً وحتى ساعات الصباح الباكر، فيما تغزو المناطق السكنية على شكل قطعان من بعد منتصف الليل، والقطيع الواحد لا يقل عن 10 وقد يصل إلى 15 كلب.
ويتخوف القيق من "أضرار بيئية جسيمة" نتيجة تناول الكلاب للمخلفات والنفايات في الشوارع، ناهيك عن الأصوات المرعبة التي تصدرها طيلة الليل، تبعًا لقوله.
وعلاوة على ما سبق، يستمر تواجد الكلاب حتى الساعة السادسة أو السابعة صباحاً، موعد خروج الطلاب إلى المدارس، مما يتسبب بــالهلع، وقلق ذويهم عليهم.
ووجه نداءً لبلدية رفح، خلاصته: "يدفع المواطنون الضرائب الشهرية للبلدية لقاء خدمات من المفترض القيام بها على أفضل وجه، وليس مقبولًا البتّة أن تقف عاجزة عن اتخاذ الإجراءات المطلوبة منها".
بدوره، قال رئيس جمعية سلالة للرفق الحيوان سعيد العر، إن جمعيته تحاول بكل الطرق، ورغم شُح التمويل، أن توفر سبل الحماية للحيوانات الضالة والمصابة، لا سيما أنه مطلع عن كثب على مشكلة الكلاب الضالة في قطاع غزة.
ويتلقى العر يوميًا، اتصالات ومناشدات لإنقاذ الحيوانات، فيما هو ينقذ بعضها ويعالج البعض الآخر.
كلاب ضالة في شوارع قطاع غزة
وحسب رأيه أن "تخصيص قطعة أرض ضمن نفوذ البلدية لـــ "جمعية سلالة" حتى يتمكن من إنشاء محمية خاصة بالحيوانات الضالة وجمعهم من الشوارع، حلٌ أمثل للمشكلة القائمة، وفي الآن نفسه يراعي الرفق بالحيوانات الضالة.
ويعتز العر بتجربته الناجحة في إنشاء محمية تخدم مدينة غزه للكلاب الضالة، إذ يتعاون مع الكثير من البلديات كبلدية مدينة الزهراء، وخزاعة، وبيت لاهيا، وجباليا، وبيت حانون لإنشاء محميات وإيجاد حلول رحيمه للكلاب الضالة في مناطق نفوذهم.
"التنسيق مع فريق الصحة والبيئة في بلدية رفح جارٍ على قدم وساق، وعاينا الأرض التي تم تخصيصها لتقام عليها المحمية، وقد طالبت بتزويدها ببعض المتطلبات التي تؤهلها لاستقبال واحتواء الكلاب" يقول العر.
ومن جهة أخرى طالب وزارة التربية والتعليم بتخصيص دروس في المناهج لحث الطلاب على مساعدة الحيوانات الضالة، من أجل نشء يتمتع بثقافة الرفق بالحيوان.
كلاب ضالة قريبة من بيوت المواطنين في قطاع غزة