أسرة حُرة طيبة المعشر
خاص بآفاق البيئة والتنمية

نضال البراوي
في عمر السابعة كنت التصق بأبي كل يوم ليصحبني معه إلى الأرض. أُلقي يدي الصغيرة في يده الحنونة ونسير معاً بين أشجار الحمضيات، كُنت أعجب من فطنته وسرعة بديهته في التعامل مع الزرع، ومشاكله الناتجة عن عوامل الجو والبيئة.
ها أنا كبرت وسرت على درب والدي، وعرفت أن الممارسة تُعلّم صاحبها الكثير.
هنا لا ساعات محددة للعمل، المهم وَفرة الحصاد، فموسم جني الحمضيات، الذي يبدأ في منتصف الخريف ويمتد حتى نهاية الشتاء، هو بمثابة عُرس كبير لكل مزارع سخّر كل وقته للاهتمام بمحصوله.
في السنوات الأخيرة بدأ القطاع الزراعي في غزة، يواجه تحديات كثيرة، أبرزها؛ ارتفاع وتيرة التوسع العمراني على الأراضي الزراعية، الذي يُهدد محاصيل كثيرة في وقت نحن في أمّس الحاجة إلى توطيد صداقتنا مع البيئة.
كل يوم أقضيه في الأرض يحفر أثرًا عميقًا في روحي؛ وبحمد الله أصحبت أكثر خبرة ودراية بالزراعة وهي عندي مهنة "بالدنيا وما فيها"، وبمرور الأيام أيقنت أكثر، أن الحُر من يملك قوت يومه بعيدًا عن إملاءات البشر.
العلاقة بين المزارعين، لا يختزلها وصف، فلا يُمكن أن تشعر عند زيارة المكان أنك تتجوّل بين عوائل مختلفة بطباعٍ متباعدة، بل جميعنا أسرة واحدة معطاءة طيبة المعشر، يمتلأ أفرادها بصحة نفسية يحلم بها الكثيرون.
نضال البراوي
بيت لاهيا/ شمال قطاع غزة