خاص بآفاق البيئة والتنمية

خلال التدريب الميداني حول التطوير التشاركي للتكنولوجيا في مزرعة لنبات المورينجا
بهدف زيادة إنتاجية الأبقار الحلوب، نفذّت "منظمة أوكسفام" في قطاع غزة أخيرًا، تجربة ركزّت فيها على زراعة "نبات المورينغا أوليفيرا" نباتًا علفيًا بديلًا يغذي هذا النوع من البقر.
ومن المعروف أنه إذا ما كانت التغذية سليمة وصحية ستكون "مفتاح ربح" للمربي، وستنعكس على زيادة في كمية الحليب وتحسين نوعيته، فيما تُشكل الأعلاف أكثر من 70% من جملة تكاليف تربية الأبقار.
ودخلت "المورينغا أوليفيرا" المعامل الطبية بوصفها "مكملات غذائية صحية" للحد من سوء التغذية، وعلاج العديد من الأمراض، كونها تتميز بخصائص غذائية ممتازة لا سيما في احتوائها على نسبة عالية من البروتين، لذلك من المتوقع أن يعمل نبات المورينغا أوليفيرا على حل مشكلة التغذية غير المتوازنة للأبقار الحلوب في قطاع غزة.
ومن خلال تدريب ميداني لمربيّ الأبقار، ارتأى الباحثون من خلال التطوير التشاركي للتكنولوجيا في مزرعة لنبات المورينغا، توسيع مجالات استخدامها لتكون نباتًا علفيًا بديلًا يُغذي الأبقار الحلوب.
وقلّما يعرف الناس الفوائد الغذائية التي يحظى بها نبات المورينغا، فهو مصدر للبروتينات مما يشجع على استخدامه علفًا أخضرًا للمواشي، كما يتميز بإنتاجية عالية للمادة الخضراء مقارنة بمحاصيل الأعلاف الأخرى.
وفي إطار البحث عن غذاء قليل التكلفة للأبقار، أُجريت العديد من الأبحاث والدراسات والتجارب على نبات المورينغا أوليفيرا، لذلك عكف فريق إرشادي من "منظمة أوكسفام" في قطاع غزة على تصميم وتطبيق تجربة، للتحقق من النقاط التالية:
- مدى صلاحية نبات المورينغا أوليفيرا على أن يكون بديلًا لتغذية الأبقار الحلوب.
- قدرته على التكيف تحت الظروف المناخية والبيئية.
- تقدير إنتاجية المادة الخضراء من نبات "المورينغا أوليفيرا" لوحدة المساحة.
- التركيب الكيميائي لأوراقها ومدى ملاءمتها لتغذية الأبقار الحلوب.

شتلات المورينغا
تنفيذ التجربة
في مزرعتين في قطاع غزة، نُفذت التجربة.
الأولى: في مزرعة المُزارع غسّان المصدر، الواقعة في منطقة المصدر في محافظة الوسطى.
الثانية: كانت في مزرعة المزارع حسن الشراتحة، الواقعة في قرية أم النصر في محافظة شمال قطاع غزة.
علما بأن التجربتين نفذتا على قطعتي أرض زراعية مساحة كل منهما حوالي 850 متر مربع، ورُكّبت شبكة ري بالتنقيط بعد حراثة الأرض وتسميدها بكمية 6 متر مكعب من السماد العضوي.
ومن ثم بدأت مرحلة زراعة الشتلات بمسافة 40 سم * 30 سم ليتسنى زراعة ما يقارب 8200 شتلة / دونم، تَلتها عملية ريّ أشتال المورينغا أوليفيرا لمرتين أسبوعيًا، كما أضيفت أسمدة تحتوي على العناصر الصغرى وخصوصًا عنصر الحديد، بالإضافة إلى المغذيات الكبرى مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم.
ولأن الهدف من التجربة هو إنتاج الأعلاف الخضراء بنسبة بروتين عالية والقليل من الليجنين- "مادة عضوية بوليمرية مركبة توجد في جدران عدد كبير من النباتات وتكسبها الصلابة والملمس الخشبى؛ وهي إحدى آليات النبات في الدفاع عن نفسه"- فقد وجب على المزارعين قص النباتات بعد 55 يومًا وبما لا يتجاوز 60 يومًا، وفي القصات الأولى نُفذت عملية القص بعد 75 يومًا من زراعة الأشتال، وذلك للسماح لبنات المورينغا أوليفيرا بالنمو وتكوين جذور قوية.
فريق الإرشاد وبمشاركة مجموعة من المزارعين، صمّموا الجداول التي ستستخدم في رصد نتائج التجربة من قبل المزارعين أثناء تنفيذ التجربة.
ونظم فريق الإرشاد زيارات إرشادية أسبوعيًا لمتابعة الممارسات الزراعية وتقديم النصائح اللازمة، علمًا بأن مدة تنفيذ التجربة كانت لمدة 5 شهور، وفي تلك الفترة قُص نبات المورينغا ثلاث مرات.
نتائج التجربة:
إليكم نتائج التجربة في مزرعة حسن الشراتحة والموضحة في الجدول، وتشمل عدد مرات قص النبات والوزن الكلي لنبات المورينغا أوليفيرا:
العملية
|
الوحدة
|
الوزن الكلي لعملية قص النبات بالكيلو غرام لمساحة 1 دونم.
|
توقيت زراعة المورينغا
|
-
|
-
|
الحشة الأولى
|
كغم
|
3520
|
الحشة الثانية
|
كغم
|
6900
|
الحشة الثالثة
|
كغم
|
10450
|
المجموع الكلي
|
|
27870
|
وبناءً على التجارب والدراسات تبيّن أن زراعة نبات المورينغا تتناسب مع البيئة المحلية التي تُزرع فيها، وخلصت إلى أنها تتميز بسرعة نموها وقدرتها على تحمل ملوحة المياه، بالإضافة إلى مقاومتها للآفات والأمراض.
وما يلفت الانتباه أن كمية المادة الخضراء المنتجة من زراعة نبات المورينغا أوليفيرا أكثر من الكمية المنتجة من زراعة البرسيم، والذي يُنتج 9800 كيلو غرام سنوياً (من خلال ست قصات للنبات ينفذها المزارع في الموسم).
أما زراعة نبات المورينغا أوليفيرا فتنتج ما معدله 20870 كيلو غرام من المادة الخضراء (أي بمعدل ثلاث قصات للنبات في الموسم) والتي تُقدم وجبات علف أخضر للحيوان.
ومن الجدير ذكره أن نبات المورينغا ينمو في فصل الصيف، وفي تلك الأثناء يعاني مربو الأبقار من قلة الأعلاف الخضراء.
كما تبين أن هناك زيادة واضحة في إنتاجية نبات المورينغا أوليفيرا عما هو متوقع، وذلك لعدة أسباب أهمها زيادة المعدلات السمادية والمائية في التجربة العملية عما هو مخطط له في التصميم، بالإضافة إلى زيادة التفرعات النباتية لنبات المورينغا عند تقدمها في العمر، مما تسبب في زيادة المادة الخضراء المنتجة في وحدة المساحة.
إجماع واسع
مما سبق، نستنتج أن نبات المورينغا أوليفيرا مصدر مهم لإنتاج المادة الخضراء كونها تشكل بديلاً عن الأعلاف الخضراء، وتحديداً نبات البرسيم، إذ ينمو في فصل الصيف وينتج المادة الخضراء بكميات وفيرة.
وخلال فترة التجربة، نفذ فريق الإرشاد عدة لقاءات مع المزارعين، بغرض تقييم مدى نجاح زراعة نبات المورينغا أوليفيرا ونجاعتها في تغذية الأبقار الحلوب، وكان هناك إجماع يثني على التجربة.
ثم دعا الفريق عددًا من مزارعي الأعلاف الخضراء والمهندسين الزراعيين من مختلف المؤسسات لمشاركتهم ومناقشتهم نتائج التجربة.
وجاء في أبرز توصيات فريق الإرشاد والمزارعين، التأكيد على اعتماد هذا النبات الجديد كمحصول علفي أخضر جديد في قطاع غزة.
ومن ناحية أخرى، شارك المدعوون في مداخلات، تناولت أهمية نبات المورينغا أوليفيرا ليس على صعيد فائدتها للحيوان فقط، بل تمتد أيضًا إلى معالجة العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، وتحديداً السكري، والقلب، والسمنة، وكذلك الحال لكسور العظام الصعبة.
ويُعد هذا النبات علاجًا فعالًا للعقم عند الذكور، وللأورام وتضخم الطحال، وخافضًا لضغط الدم، ناهيك عن جدواه في الوقاية من الإصابة بالسكري والأكسدة والسرطان.
وعلاوة على ما سبق، فإن مستخلصات أوراق نبات المورينغا أوليفيرا مصدر غنيّ بالفيتامينات والأحماض الأمينية.
المراجع:
- OXFAM، RUAF Foundation، و Schweizerische Eidgenossenschaft. كتاب التطوير التشاركي ضمن أنشطة المدارس الحقلية (2017).
- كامل كيلاني. كتاب "المورينغا شجرة الحياة" (2020).