الأَسود أفضلها.. مصائد فرمونية بألوان مختلفة لمكافحة سوسة النخيل الحمراء
خاص بآفاق البيئة والتنمية

مصائد فرمونية بألوان مختلفة
يتكبد مزارعو النخيل في قطاع غزة خسائر اقتصادية متوالية في السنوات الأخيرة، بسبب انخفاض أسعار ثمار النخيل.
وتأثرَّ قطاع النخيل إلى حدٍ كبير، بسبب ظهور سوسة النخيل الحمراء، التي نجم عنها أضراراً بالغة، إلى درجة أن بعضهم فقد اهتمامه بأشجار النخيل.
منظمة أوكسفام في قطاع غزة التي تطلق حملات لمساعدة المزارعين الفلسطينيين، نفذّت تجربة استهدفت قطاع نخيل البلح، وتضمنت مكافحة سوسة النخيل الحمراء باستخدام مصائد فرمونية بألوان مختلفة.
التجربة نُفّذت في إطار منهجية المدارس الحقلية وتجارب التطوير التشاركي للتكنولوجيا، ووفقًا لتلك المنهجية يمكن التعامل مع العديد من المعوقات والتحديات في هذا الصدد.
ففي سلسلة القيمة لقطاع نخيل البلح، أُعطيت الأولوية لإنتاج ووقاية الأشجار وعملية الحصاد وتقليل التكاليف، علمًا أن منهجية التطوير التشاركي للتكنولوجيا تبدأ من التحليل التشاركي للمشكلة من قبل المزارعين بمساعدة مُيسر "مرشد زراعي" وبموجبه يحصر ويحدد المزارعون المشاكل الرئيسية التي تؤثر على الممارسات الزراعية، ليجري البحث عن حلول مبتكرة وممكنة لحلها.
ومن ثم يُصمم وينفذ المزارعون التجارب الحقلية في حقولهم وبحسب ظروف الإنتاج لديهم، مع التركيز على تحليل النتائج واستخلاص توصيات نهائية بشأن أفضل الممارسات، وأخيرًا تعميمها على المزارعين.
وبالتوقف عند مفهوم المدرسة الحقلية، فهي "مجموعة من المزارعين يجتمعون بشكل منتظم أثناء الموسم الزراعي، وتعقد لقاءات المدارس الحقلية خلال العمليات الزراعية الهامة في إدارة المزرعة (زراعة البذور – مكافحة الأمراض – الحصاد ..) على أن يتم شرح وتوضيح الممارسات الأساسية، فتبدأ المدارس الحقلية بشكل مثالي بالتوازي مع تجارب التطوير التشاركي للتكنولوجيا. ولهذا، المشاركون في المدارس الحقلية هم مَن يتولون مهمة تصميم وتنفيذ التجارب والتعلم منها.
فالمدارس الحقلية ترتكز على الحقل، والمزارعون مُقيدون بما يجب تجربته، فيما يدعم "المُيسر" المزارعين أثناء مرحلة تعلّمهم من التجارب القائمة.
وتعد سوسة النخيل الحمراء إحدى الآفات المدمرة التي تهاجم أشجار النخيل المزروعة في دول البحر الأبيض المتوسط، ومن الصعب مكافحة هذه الآفة في المرحلة الأولى من هجومها على أشجار النخيل بسبب وجودها في الأنسجة الداخلية للأشجار.
أما المصائد الفرمونية، مكون رئيسي لبرامج الإدارة المتكاملة للآفات، وهذه المصائد تجذب كلا الجنسين من آفة سوسة النخيل خصوصاً الأنثى التي تكون مسؤولة عن وضع البيض داخل أشجار النخيل، لذلك تلعب المصائد الفرمونية دورًا هامًا في عملية تقليل تكاثر آفة سوسة النخيل.
ويؤكد الخبراء أن المصائد الفرمونية أداة آمنة بيئياً وأهميتها بالغة في برامج الإدارة المتكاملة للآفات.
وتتأثر فعالية المصائد بعدة عوامل رئيسية مثل لون المصائد، ونوع الفرمون المستخدم، ومحتويات طعم المصائد، ومواقعها.
والهدف من التجربة، تقييم تأثير ألوان المصائد على قدرتها في جذب آفة سوسة النخيل الحمراء في ظروف قطاع غزة المناخية، وقد تم تجربة مدى فعالية خمس مصائد بألوان مختلفة (أسود وأحمر وأبيض وأزرق وأخضر) خلال موسم واحد في موقعين مختلفين لاثنين من ذوي الحيازات الصغيرة لأشجار النخيل في مدينة دير البلح، وقٌيّمت فعالية الألوان المختلفة من خلال حصر أعداد آفة سوسة النخيل الملتقطة.

مكافحة سوسة النخيل الحمراء باستخدام المصائد الفرمونية
تنفيذ التجربة:
نُفذّت التجربة في مزرعتين مختلفتين (مزرعة يوسف شاهين ومزرعة عماد الفليت) في مدينة دير البلح خلال شهر مايو/ آيار - حتى أكتوبر/ تشرين أول، وكانت كل مزرعة تحتوي على ما يقارب 300 شجرة نخيل، بأعمار مختلفة (من 6 إلى 30 سنة).
ووزّعت المصائد بمعدل مِصيدة واحدة لكل 30 شجرة نخيل.
وُوضع خمس مصائد فرمونية داخل مزارع النخيل بطريقة عشوائية، بحيث تحتوي كل مصيدة على 350 غرام دبس التمر، و 25 مل من خلات الإيثيل، وفرمون تجميع الذكور، وعُلّقت هذه المكونات في داخل غطاء المصيدة العلوي بواسطة حبل صغير، ومُلئت المصيدة بحوالي 3 لتر من المياه، على أن تُجدد المياه دائمًا للحفاظ على رطوبة كل مصيدة، بالإضافة إلى تغيير الطُعم شهريًا مع تجديد إضافة الفرمون الجنسي.
هذا وقد تم تسجيل عدد آفة سوسة النخيل (الذكور والإناث) أسبوعيًا، بالإضافة إلى تحريك محتوى المصائد جيدًا لمنع نمو الفطريات داخل المحلول أو أي شي آخر.
وبُدّلت أماكن المصائد عشوائيًا داخل المزرعة التي طُبقّت فيها التجربة، وذلك لمنع تأثيرات المكان على قدرة المصائد على جذب الآفة.
نتائج التجربة كانت على النحو التالي:
رُصد تواجد آفة سوسة النخيل في المصائد التي وُضعت في المزرعتين، على مدار فترة التجربة.
وكانت أعداد الآفات (سوسة النخيل) المصطادة في كل شهر تختلف من شهر إلى آخر كما هو موضح في الجدول التالي:
مزرعة شاهين:
عدد آفة سوسة النخيل الملتقطة
|
لون المصائد
|
مايو
|
يونيو
|
يوليو
|
أغسطس
|
سبتمبر
|
الإجمالي
|
أسود
|
55
|
31
|
33
|
33
|
36
|
188
|
أحمر
|
6
|
13
|
19
|
18
|
21
|
77
|
أبيض
|
4
|
1
|
2
|
8
|
7
|
22
|
أزرق
|
7
|
3
|
17
|
2
|
6
|
25
|
أخضر
|
26
|
2
|
16
|
27
|
17
|
88
|
الإجمالي
|
98
|
50
|
77
|
88
|
87
|
400
|
مزرعة الفليت:
عدد آفة سوسة النخيل الملتقطة
|
لون المصائد
|
مايو
|
يونيو
|
يوليو
|
أغسطس
|
سبتمبر
|
الإجمالي
|
أسود
|
8
|
22
|
23
|
38
|
39
|
130
|
أحمر
|
8
|
18
|
19
|
36
|
34
|
115
|
أبيض
|
7
|
3
|
5
|
7
|
6
|
28
|
أزرق
|
1
|
6
|
5
|
18
|
14
|
44
|
أخضر
|
17
|
4
|
16
|
15
|
16
|
68
|
الإجمالي
|
41
|
53
|
68
|
114
|
109
|
385
|
وبالنظر إلى الجدولين السابقين يتضح لنا أنه في مزرعة شاهين، كان أكبر عدد لسوسة النخيل المُصطاد خلال شهر مايو وأقل عدد في شهر يونيو.
وكان هناك تأثير واضح للون المصيدة في أعداد الحشرات المصطادة، فاللون الأسود يجذب أكبر عدد من الحشرات (188 حشرة) مقارنةً مع المصائد ذات اللون الأبيض التي التقطت (22 حشرة) خلال 5 شهور ابتداءً من مايو وحتى سبتمبر، أي أن المصائد ذات اللون الأسود التقطت ما نسبته 47% من الإجمالي الكلي للحشرات الهالكة وعددها 400 حشرة.
بينما في مزرعة الفليت كان أكبر عدد للحشرات خلال شهر أغسطس وأقلها في شهر مايو، حيث التقطت المصائد ذات اللون الأسود ما نسبته 33.7% من مجموع الحشرات الملتقطة.
وبذلك أثبتت هذه النتائج أن تكاثر الحشرات يحدث طوال موسم التجربة، ما يؤدي إلى زيادة الأضرار التي تحدث للأشجار مع مرور الوقت.
كما أشارت النتائج إلى أن المصائد ذات اللون الأسود كانت الأكثر فعالية.
من ناحية أخرى، ليس من السهل عمل تحليل لإجمالي هامش الربح لاستخدام المصائد الفرمونية لمكافحة سوسة النخيل، وذلك لأن استخدام المصائد لمكافحة سوسة النخيل وحدها ليست ذات فعالية، لذا يجب دمج المصائد مع طرق أخرى للمكافحة مثل حماية ساق النخيل بالشبك، وإعدام الأشجار المصابة لكي تصبح عملية مكافحة الآفات فعالة.
نتائج التجربة
تشير نتائج التجربة إلى أهمية استخدام ألوان مناسبة للمصائد الفرمونية المستخدمة لمكافحة سوسة النخيل.
ويجب الحفاظ على تلك المصائد، ومتابعتها وإضافة فرمون جنسي جديد بانتظام، بالإضافة إلى تغيير الماء والطعم عند الحاجة.
كما أثبتت المصائد الفرمونية فاعليتها للتقليل من أعداد سوسة النخيل التي تهاجم أشجار النخيل في كلا المزرعتين، ولكن ستكون فعَّالة أكثر عند استخدامها ضمن برنامج الإدارة المتكاملة لأشجار النخيل.
وفي نهاية التجربة، نُفذت عدة زيارات للمزارعين الرياديين في مدينة دير البلح ومنطقة القرارة، للاطلاع على التجارب، وكان هناك أكثر من 50% من مزارعي النخيل غير واثقين بشأن فعالية المصائد الفرمونية، وعدم الثقة ينبع من الاستخدام العشوائي للمصائد دون التخطيط لها ومتابعتها، ما جعل فريق الإرشاد يشرح أهمية طرق مكافحة سوسة النخيل وبخاصة المصائد الفرمونية، من خلال لقاءات عقدوها مع المزارعين، ناهيك عن تدريبهم على كيفية المحافظة على المصائد.
المراجع:
- OXFAM، RUAF Foundation، و Schweizerische Eidgenossenschaft. كتاب التطوير التشاركي ضمن أنشطة المدارس الحقلية (2017).