خاص بآفاق البيئة والتنمية
ضريبة!
تمكث طويلاً في عزاء قريبك، لكنك تكافح التدخين، دون جدوى، تفتح نافذة ديوان العائلة غير مرة، حيث تجلس، ويأتي غيرك لإقفالها؛ بدعوى أن الطقس شديد البرودة، تضطر للهروب إلى البوابة، فتدفع ثمن ذلك بزكام تشتريه بالمجان. تحاور غير مدخن عن فوائد التبغ، ثم تطلب من هؤلاء أن يفعلوا ما يحلو لهم، ولكن من دون المس بصحة غير المدخنين. يبدو أن الأمر لن يُحل دون فرض "أماكن خاصة للمدخنين" حتى في بيوت العزاء!
تطبيع
لمناسبة حديث الساعة، لا بد من سطور: بسبب التطبيع افترقت وصديق سابق إلى الأبد. قلت له: من يدخل بيت شمعون بيرس لن أُدخله بيتي. وبفعل هذا الداء أيضاً، منعت نفسي من تقديم واجب العزاء بمناضلة فلسطينية أحبت أرضها كثيرًا، وأكلت من طعامها، والتهم جدار الفصل العنصري أجزاء من أرضها، ولكن ابنها قرر أن يسير في ركب "شلومو". وبفعل هذا الشذوذ السياسي، سأعلم أطفالي أن التطبيع هو انفصام عن الواقع "شيزوفرينيا" من خلال الاسترضاء الرخيص للمحتل.
الطالب المعجزة مصطفى في جامعة بير زيت
مصطفى
أبكاني رحيل الطالب الاستثنائي مصطفى نهاد البرغوثي في الرابع عشر من شباط، وهو صاحب الجسد الذي كان يُلاصق الأرض والأحلام التي تُعانق السماء. وأتذكر ما أعددته عنه قبل أن يُغيبه الموت: تنساب خطوات الشاب مصطفى بصعوبة بالغة، فيتحرك فوق كرسيه النقال داخل حرم جامعة بيرزيت، فيما تشق كلماته بصوت خافت مساراتها من حنجرته. يقول: أدرس العلوم، وأقهر ظروفي الصعبة، وأحلم بأن أكون عالم فلك، لأثبت أن إرادتي عالية، وأقهر كل الصعوبات التي تحيط بي.
يمسك مصطفى بكتبه وواجباته الدراسية وأبحاثه، وتساعده أمه يوميًا في مهمة الوصول إلى الجامعة، ويحيط به بعض الطلبة والطالبات الذين تطوعوا لمساعدته، بالتنسيق مع إدارة الجامعة، ومجلس طلبتها في تنقلاته بين القاعات والمختبرات. يبتسم ويدرس ويسجل تحصيلاً ممتازًا كما يقول، أما أمه زين عبد الله، فتشير إلى قصة إرادة العائلة التي تخلت عن السكن في بلدة عابود، البعيدة نسيباً عن مسرح أحلام ابنها، وانتقلت إلى مكان قريب من الجامعة، للتخفيف على مصطفى ولجعل حلمه قابلاً للتحقيق.
تقول: يعاني ابني منذ الولادة، فهو مصاب بإعاقة حركية، ونطقه لا يصدر إلا بصوت خافت، لكنه أصر على إكمال تعليمه، وكانت معدلاته ممتازة في المدرسة قياسًا بوضعه، وكان يحلم بأن يتعلم في الجامعة.
يتكفل مصطفى بالدراسة لوحده، وتقتصر معاونة أمه والطاقم المساعد له على التنقل بين البيت والجامعة وكلياتها المختلفة، والتفوق على أدراجها وطرقات غرفها التدريسية.
تتابع والدته: ساعدتنا إدارة الجامعة، غير أن مبانيها القديمة غير مجهزة لاستقبال من هم في حال مصطفى، لكن المباني الجديدة فيها أصبحت جاهزة لاستيعاب أصحاب الاحتياجات الخاصة.
ويتضايق مصطفى من نظرة الشفقة التي تحيط به، لكن والدته وأخوته الصغار يصرون على دعمه لتحقيق أحلامه.
قصة مصطفى لا تخلو من صعوبات، فهو يشعر أحيانًا، بأنه في حاجة دائمة لمساعدة ومرافق، وحتى وإن فرغ شاحن بطارية العربة التي تساعده على الحركة، يمتلك شعورًا قاسيًا بوضعه الاستثنائي....
اليوم يرحل مصطفى تاركًا خلفه قصة إرادة من فولاذ.
احتقان
عينة من احتقاننا الذي يوشك أن ينفجر: طوال رحلة التسعين دقيقة، مطلع الليل بين رام الله وجنين، تصبح الحافلة ساحة حوار ساخن، تبدأ هادئة ثم تتحول الى اتجاه معاكس. السبعة نحن والسائق ينثرون بضاعتهم، ومما قيل: بلد زي هيك ما بتهتم بالشباب بدها حرق أحسن ما نحرق حالنا...، المصلون يمثلون أمام الناس بإيمانهم...، الخلافة قادمة وستقطع رأس من لم يبايعها...، نفهم فريضة الصيام بالخطأ ويجب أن تكون دائما في شهر تموز كما فعل الرسول عليه السلام...، أحمل شهادة جامعية في إدارة المستشفات منذ خمس سنوات، ولم أجد عملاً...، وزير الأوقاف ......، الله يعاقبنا بقلة المطر، صرنا نخجل من كتابة مسلم بالهوية، السلفية هي الحل...، حماس أصدق فصيل...، فتح أم الثورة...، كلهم يكذبون...، بدي أهاجر...، شوفوا البنات ولبسهنالفاضح...، ما بحلها إلا زلزال يأكل الأخضر واليابس...،
أتساءل: كيف سنروج لقضايا البيئة وسط كل هذا الاحتقان؟
عرض وطلب
أغلب الظن أن وظائف مركز تطوير الإعلام بجامعة بيرزيت الثماني( كمثال ليس إلا)، سيجري إعادة نشرها ألف مرة، وسيحلم بها ثمانية آلاف إنسان، وسيتقدم مثلهم لطلب يدها، وسيفتش العشرات عن "وسيط" لضمان التأهل للدور الثاني، دون جدوى على الأغلب، وسيظن البعض أن النشر شكلي، وأن الموظف قد استلم عمله، وغير هذا وأكثر: المهم أن هذا المثال، أحد الأدلة الدامغة على البطالة التي تطحن "جيش" الخريجين دون رحمة، و"النقص في الأموال والأنفس والثمرات" والوظائف أيضًا.
معادلة
معادلة الأرض والمنتوج: خمسة رؤوس زهرة بعشرة شيقل. قال لي أحدهم: زرعناها في أيلول، وسقيناها بسبب انحباس المطر، وتكلفنا الشتلة الواحدة نحو 3 شيقل. أما علبة المعسل ومشروب الطاقة فسعرها مرتفع وثابت ومراقب!
أرقام
يتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأرقام: ثمن علبة السجائر محلية الصنع 16 شيقلاً ونصف، وضرائب الحكومة عليها 14 ونصف، خسائر شركة سجائر محلية في شهر واحد فقط 700 ألف شيقل، وضرائب سنة واحدة تمد الحكومة بقرابة 400 مليون دولار، وشركة محلية بصدد تسريح 60% من عمالها جراء الأزمة (250 عائلة). ثمة خلل في عقولنا وأولوياتنا!
تسويق
شركاتنا الوطنية: تصلك فاتورة الهاتف بزيادة كبيرة بدل خدمة باقة اتصالات دولية، مع أن الصفر العالمي مُعطّل في منزلك منذ 10 سنوات. تُراجع الشركة، فيقول الموظف: أنتم طلبتم الاشتراك بالخدمة مرتين. ترد: عزيزي كيف لي أن أشترك بحملة دولية ولا صفر في هاتفي؟ بعد 24 ساعة يخبرك موظف ثانٍ بأن الأمر "خلل بسيط"! ذكرني هذا بمقطع ذاع صيته من مسرحية لعادل إمام، يتحدث فيها عن فاتورة تصله دون أن يكون عنده تلفون!
سرقة
صحافي فلسطيني كبير جدًا جدًا، ويحمل لقب (دكتور)، ويُدرّس الطلبة أخلاقيات المهنة، قدم ورقة لمؤتمر متخصص في البيئة، مستعينا بالنسخ واللصق من مقالين: الأول لصحافي خليجي، والثاني لمغربي. الغريب في الأمر أن هذا " السارق" غفل عن تغيير كلمة في منطقتنا الخليجية، وحضرت لهجة المغاربة في كلامه المنتحل!
aabdkh@yahoo.com