خاص بآفاق البيئة والتنمية
(1)
أول الأماني الخضراء وأهمها لعام 2019، أن تكون السنة الجديدة حافلة بالمطر والثلوج، لتعويض العجز المائي، وللتخفيف من آثار موجات الجفاف المتلاحقة، التي سيطرت على فلسطين والمنطقة. تكررّ دائمًا "أن يوم شتاء مطير واحد، أفضل من كل الصيف".
تعود إلى شريط الذكريات، وفيه شغفك للذهاب إلى الحقول بعد العواصف الماطرة، تكرر هذا العام تجربة مماثلة، لكن قلبك يصاب بالحسرة، فالزحف العمراني يواصل التوغل بلا حسيب ودون رادع، وتتكاثر الممارسات المدمرة للبيئة، فلم تعد هناك أشجار البلوط والزعرور، واختفت شجرة الخروب الكبيرة، وحجبت كسارات الحجارة جزءًا كبيرًا من الأفق الذي اعتدنا تأمله، والذي بربط جنين بنابلس.
(2)
بحلول عام 2019، تكمل 44 سنة دون سجائر. 25 سنة بلا شاي وقهوة ومشروبات غازية سوداء. 11 سنة بعيدًا عن المرتديلا والنقانق. و5 سنوات من العداء مع أي شيء يحوي السكر الصناعي. هذه قرارات ذاتية، ودون طلب طبي، بحمد الله. الأمر ليس مستحيلًا، وكل ما يتطلبه قرار وإرادة متماسكة، لا تتداعى عند الإغراءات والألوان الجذابة. في المستقبل القريب ستضيف "حزمة" جديدة من المحظورات، أولها اللحوم الحمراء، وكل الزيوت عدا زيت الزيتون، لكن العقبة في التحول إلى النبات، حرصك على عدم التأثير على قرار رفيقة دربك وأطفالك، فهم حتى الآن يرفضون مقاطعة اللحوم.
(3)
تقرأ في محضر اجتماع مجلس الوزراء يوم 23 تشرين الثاني 2018، فقرة تقول: "صادق المجلس على مشروع نظام تداول المخصبات الزراعية، والذي يهدف إلى تنظيم تداول المخصبات الزراعية، وتنظيم إجراءات التسجيل والرقابة والتفتيش للمخصبات الزراعية، والاتجار بها، ونقلها إلى جهة أخرى، بالإضافة إلى الحد من مخاطر المخصبات الزراعية وآثارها السلبية على المنتوجات الزراعية والبيئية." جميل هذا القرار، والأجمل أن ينتقل أيضًا إلى المبيدات الكيماوية في العام الجديد.
(4)
الأحلام في السنة الجديدة، وربما تكون بعيدة المنال، ولكنها تتمنى أن تحمل سنة 2019 إجراءات فعلية لتطبيق قوانين: الزراعة، والصحة، والبيئة، والهيئات المحلية، ليتوقف بذلك جزء كبير من سرطان الإسمنت، الذي يلتهم الأراضي الخصبة، وتتوقف فوضى النفايات التي تشوه كل طبيعتنا وتجمعاتنا، ونكف عن إقامة المزيد من الهوائيات التي تبث الرعب، وتصل عمليات القطع الجائر للأشجار والرعي الجائر نهايتها، وينتهي التدخين في الأماكن العامة، وتنتهي عمليات الذبح الأسود للحيوانات في الطرقات العامة.
(5)
في العام الضيف، يمكن تنفيذ أحلام صغيرة خضراء، أولها محاربة استخدام العصي في قطاف الزيتون، فهو سلوك مؤسف، ويؤثر على الإنتاج، ويثبت أننا لا نقدّر قيمة ما ورثناه من الآباء والأجداد. والكف عن استخدام التنكات البلاستيكية لحفظ الزيت، فلها الكثير من العواقب السلبية.
(6)
ستواصل في العام الزائر إنتاج السماد العضوي في منزلك، وتسعى إلى إقناع مؤسسات وأصدقاء لتبني الفكرة ذاتها، فحاويات بلا مواد عضوية لن تنتج روائح كريهة، ولن تساهم في توفير بيئة خصبة للحشرات والقوارض، والأهم أنها ستنتج تربة خصبة، تبعث الأمل.
(7)
لائحة لما تخطط متابعته عام 2019 إعلاميًا: فوضى مبيدات الأعشاب، وأحوال التجمعات المجاورة لمكب زهرة الفنجان، واستمرار الزحف العمراني القاتل على الأراضي الخصبة، وغياب الرقابة على الحقول، ومقالع الحجارة، والنفايات الطبية، والألوان والمواد الحافظة. وتخطط لحوار وزير الزراعة، ورئيس جمعية حماية المستهلك، وصناع قرار في مجالات الزراعة، والصحة، والبيئة، والحكم المحلي.
(8)
خلال العام الماضي زرت أسطنبول وبورصة في آب وتشرين الأول، وعمان وجرش، والقاهرة، وكتبت عن أحوال البيئة في شيلا وأغوا وصبنجة والمعشوقية في تركيا، ونحتُ نصًا عن صخر جرش الوردي الناطق. في السنة الجديدة، تبحث عن وجهة طبيعية خلابة ساحرة بحول الله، تستمد منها قوة أمل جديدة.
(9)
للسنة الثالثة، تقتني مقياسًا للمطر، وتحرص على قراءة يومية له خلال المنخفضات وحالات عدم الاستقرار، وتقارن الأيام الماطرة بالسنوات الماضية. تضاف رغبة جديدة هذا العام لتركيب محطة رصد جوي في منزلك، وتواظب على تدوين يوميات الطقس طوال العام، بعد الانقطاع عدة أشهر خلال العامين السابقين، وخاصة أن توثيق حالة الطقس أمرٌ مهم حين نعود إليها بعد مدة، ونقارنها بحاضر الأيام، ونربطها بأحداث ومناسبات وتفاصيل عديدة.
(10)
ستخصص في العام القادم بحول الله يومًا كل أسبوع بلا حاسوب وبلا هواتف نقالة، ودون الدخول إلى عالم التكنولوجيا، واستبدال ذلك "الإدمان" بالطبيعة وحديقة المنزل والأرض.
aabdkh@yahoo.com