قطاع غزة: حفرة كبيرة من المياه العادمة ومياه شرب ملوثة بالكامل - المطلوب تحرك عربي ودولي فوري لمنع كارثة إنسانية وبيئية مرعبة
ورقة مركز العمل التنموي/معا في المؤتمر الصحفي الذي نظمته مجلة آفاق البيئة والتنمية (مركز معا) في غزة بتاريخ 12/11/2013 بعنوان: "معطيات خطيرة حول قنبلة المياه العادمة وانعدام مياه الشرب النظيفة في قطاع غزة"
يعقد هذا المؤتمر الصحفي اليوم (12/11/2013) لتوضيح حجم ما يتعرض له سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة من انتهاك لأبسط متطلبات مناحي الحياة، بسبب الحصار الظالم المفروض عليهم منذ ثماني سنوات والذي يطال كافة تفاصيل حياتهم وحاجاتهم الأساسية، ماساً بذلك كل الحقوق الانسانية الاولية التي كفلتها لهم الشرائع السماوية والمبادئ الاممية لحقوق الانسان.
ان استمرار هذا الحصار وإغلاِق كافة المعابر، ومنع دخول اي من المواد الأساسية إلا بتصريح من دولة الاحتلال التي تتحكم بشكل مطلق في حياة الناس هنا، يؤكد على ان اي محاولة لتنصيل او تنصل الاحتلال من مسؤولياته كمحتل يضعه امام المساءلة القانونية والإنسانية، هي محاولة فاشلة ويجب التصدي لها.
ويأتي على سلم اولويات الحاجة الآن في قطاع غزة، وبسبب الحصار ايضا، عدم توفر الوقود الصناعي اللازم لتشغيل محطة الكهرباء اليتيمة في غزة، الامر الذي حَوَّل القطاع إلى كهف مظلم يعاني سكانه كافةً تبعات هذا الانقطاع، والتي على رأسها، انقطاع المياه، وأيضا، وهذا محور مؤتمرنا اليوم، توقف تشغيل بعض او كل محطات معالجة المياه العادمة، التي بذلك قد تحول قطاع غزة إلى حفرة كبيرة من المياه العادمة غير المعالجة التي تتدفق في كل مكان، وبشكل أساسي نحو البحر، وتؤدي الى تلوث خزان المياه الجوفي وتلوث كافة اشكال الحياة أكثر مما هي عليه.
وللاطلاع على حجم الكارثة، فإن عشرات ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة التي ينتجها سكان القطاع سنويا، والتي تشير الإحصاءات إلى أن النسبة الأكبر منها غير معالجة، يتم تصريفها إما الى مياه البحر مباشرة او تتسرب الى مياه الخزان الجوفي.
وتتجسد الكارثة الإنسانية بأبشع أشكالها في كون أكثر من 95٪ من مياه آبار الشرب في قطاع غزة اصبحت غير صالحة للشرب لأسباب كثيرة؛ ـأهمها تسرب مياه الصرف الصحي المنزلي نحو خزان المياه الجوفية، الامر الذي أدى إلى تلوث هذا الخزان بتركيز مرتفع من النترات بلغ أحيانا نسب قياسية، تعدت بشكل مطلق المقاييس الدولية التي اوصت بها منظمة الصحة العالمية والتي هي 45 مليغرام/لتر.
المؤتمر الصحفي في مركز معا بغزة
البحر ملوث والكهرباء شحيحة جداً
كما أن تلويث مياه البحر بالمياه العادمة، يجعل البيئة البحرية المحيطة بغزة غير صالحة للحياة، إذ أن تلك الملوثات تطال الأسماك وتستنزف الأكسجين وتتسبب في موت وهجرة الأسماك والكائنات البحرية؛ مما يشكل أيضا خطرا على مستهلكي الأسماك الملوثة، ناهيك عن الخطر القائم على صحة المصطافين، بسبب ما تحويه المياه العادمة من تركيز كبير للمواد والمذيبات العضوية والمخلفات البشرية والمواد الكيميائية والجراثيم والفيروسات والكائنات الممرضة الأخرى.
إن الشح الكارثي في الكهرباء بقطاع غزة، والمتسبب في شل عمل بعض محطات معالجة المياه العادمة، والذي ان استمر قد يعني وقفها تماما، ناتج أساسا عن الهبوط الهائل في تزويد الكهرباء، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي على الوقود وقطع الغيار اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في قطاع غزة، والتي كانت قد تقلص انتاجها بشكل كبير نتيجة قصفها سابقا بالطائرات الإسرائيلية... كما أن نقص التمويل لشراء الوقود الصناعي اللازم لتشغيل المحطة فاقم الأزمة؛ ونتيجة ذلك، يعاني أكثر من 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة من انقطاعات يومية في الكهرباء تتراوح بين 12-18 ساعة.
لذا، ومن واقع مسؤوليتنا كمؤسسات وأفراد، نطالب كافة الوان المجتمع الانساني، والمؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية، التحرك فورا لفك الحصار الظالم على قطاع غزة، وفتح المعابر، والسماح بدخول المواد الأساسية، وبخاصة الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، وقطع الغيار اللازمة لتشغيل محطات المعالجة القائمة وتوسيعها؛ بل وإنشاء محطات معالجة جديدة تستوعب الكميات الهائلة من المياه العادمة التي تتدفق حاليا نحو البحر والمياه الجوفية... وما لم يحدث ذلك فورا، فإن نحو 1.8مليون فلسطيني في قطاع غزة سيكونون وحدهم على موعد مع كارثة إنسانية وبيئية مرعبة...