خاص بآفاق البيئة والتنمية
سائدة دراغمة تعتني بالأزهار والأعشاب التي زرعتها في مديرية الصحة بطوباس
بدأت سائدة علي دراغمة بالعمل مراسلة في مديرية الصحة بطوباس عام 2000. في حينه، لم تعجبها تفاصيل مقر عملها، فالحديقة فقيرة من الأشجار والأزهار، والمحيط مهمل، لكنها لم تقبل بهذا الوضع طويلاً، فقررت تحويل المشهد، وفعلاً تغير حاله، فالمديرية اليوم محاطة بحديقة خضراء مفعمة بالحياة من كل الجهات.
وقالت، وهي تروي أزهار الخبيزة: "منذ استلام المدير الجديد د.جميل دراغمة، بدأنا بتغيير شكل المكان، وأخذنا نهتم بغرس الأشجار، وصرت أكثّر بنفسي الورود وأزرعها، وأحرص على ريها وتنسيقها وتعشيبها".
وتبعًا لدراغمة، 49 عامًا، فإن عملها السابق بالزراعة ونشأتها في قرية عين البيضاء بالأغوار الشمالية، ساهما في دفعها لرعاية حديقة مديرية الصحة، وصارت تحاول تقليد ما أحبته في طفولتها، حين كانت تزرع الخضروات والأشجار، وتساهم في توفير معظم احتياجات عائلتها الممتدة.
سائدة دراغمة حولت الأرض الفقيرة المحيطة بمديرية الصحة بطوباس إلى حديقة جميلة وغنية بالأعشاب الطبية والأزهار والخضار والأشجار
ألوان
وأضافت: "أبدأ العمل قبل الشمس في معظم الأيام، وأصلُ مقر العمل قبل الزملاء كلهم، وألفُ على كل أقسام الحديقة، وأحرص على الري المبكر حتى لا يتبخر أيام الحر، وأراقب اهتمام المرضى والمراجعين والعاملين بالحديقة، التي أعتقد أنها تحسن من نفسيتهم".
وتنهمك سائدة في الحديث عن الحديقة، وتعدّد الأصناف المزروعة، كالخبيزة، والنعناع، والقدّسية، والريحان، والزنبق، والزعتر، وعشرات الأنواع، أما الأشجار فهي للزيتون دون غيره. واللافت أن معظم مزروعات الحديقة كثّرتها دراغمة ذاتيًا في مشتل متواضع بمنزلها، ولا تبخل في توزيع الفسائل على طالبيها.
وقالت: "يساعدني في عملي اليوم زميلي ناصر علًان، وأحرص على تفقد الحديقة بعد انتهاء الدوام، وركبّنا منذ فترة حماية لها، حتى لا يصل إليها العابثون في غيابنا، وأتعامل مع الحديقة مثل أولادي".
وتابعت: "خلال الشتاء أزرع البقدونس، والخس، والبصل، والفول، والفجل، والكزبرة، وورقيات أخرى وأوزع المحصول على الزملاء، وأشعر بالسعادة حين أرى الحديقة بكامل أناقتها، وأنزعج من إتلاف أي زهرة، فالورود وجدت ليتمتع بمنظرها الجميل كل الناس، وليست لأحد دون غيره".
راحة
وتلاحظ دراغمة التفاعل الكبير للمرضى، الذين يقصدون المكان طلبًا للدواء، فمعظمهم يشعر بالراحة النفسية، وبعضهم يجلس قرب الأزهار، أو يلتقط صورًا لها.
ووالت: "أتمنى أن أساعد في تحويل حدائق مديريات الصحة كلها، ومحيط المؤسسات العامة إلى حدائق مشابهة لحديقتنا، وأتضايق كثيرًا من قطف الأزهار، أو محاولات تخريبها، وأشعر بالورود إن عطشت، وأحاول غرس حبها لولدي عبد الحميد (17 عامًا)، ومؤمن (12 عامًا). وما أفعله في مديرية الصحة أكرره في حديقة بيتي الصغيرة".
آمال
في جعبة دراغمة أمنيات وآمال كثيرة، لكن أهمها أن يتغير فهم الناس للبيئة وللحدائق الخضراء، فيما رافقها طويلاً الشغف بإكمال تعليمها الذي توقف في الصف السادس الابتدائي، لدراسة تنسيق الحدائق، والعمل في رعاية الحدائق العامة والإشراف عليها.
وزادت: "ساهمت في تربية أخوتي بعد وفاة والدي، واليوم أشرف على علاج زوجي السبعيني المريض، ورغم ضيق وقتي، إلا أنني أعطي قسمًا كبيرًا منه للورود، وتواجهني مشكلة شح المياه وثمنها المرتفع، فكثيرًا ما أستمع إلى ملاحظات عن الفاتورة الكبيرة للمياه في المديرية، رغم أننا نروي الأشجار كلها وقسم من الأزهار بالتنقيط، ...، كما سمعت عن خطط تركيب عدادات مسبقة الدفع، ولو أن المياه وفيرة ورخيصة الثمن لضاعفتُ حجم الحديقة".
وتنزعج حارسة الأزهار من تخريب الأطفال وبعض الكبار للحديقة، وتنتظر الشتاء بشوق كبير، فهو يوفر من استهلاك المياه المُشتراة، ويجعل الحديقة في كامل أناقتها، كما تزرع سائدة البقوليات والورقيات، وتوزعها على رفاق العمل.