الانسحاب الأميركي من اتفاق باريس سيؤثر سلبا على مساعي الدول الأخرى لمكافحة التغير المناخي حتى أواخر عام 2020

باريس / خاص: قال خبراء قانونيون أن الولايات المتحدة قد تعطل أو تؤثر سلبا على مساعي الدول الأخرى لمكافحة التغير المناخي حتى أواخر عام 2020 ، بسبب قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق باريس.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوفى بتعهده الانتخابي وانسحب من اتفاق باريس لمكافحة تغير المناخي.
وتنص قواعد الأمم المتحدة للاتفاق المبرم عام 2015، والذي يسعى إلى تحويل الاقتصاد العالمي بعيدا عن الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) خلال هذا القرن، على ضرورة انتظار واشنطن رسميا حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2020 قبل الانسحاب من الاتفاق.
ويمكن لترامب أن يضغط فترة الإجراءات الشكلية إلى عام إثر انسحابه من المعاهدة الأم المبرمة عام 1992 والتي أسست لـ"اتفاق باريس".
انسحاب ترامب من الاتفاق أدخله في مرحلة رمادية قانونية حتى الانتخابات الأمريكية المقبلة في 2020.
وقال دانييل بودانسكي، أستاذ القانون في جامعة ولاية أريزونا، أنه في أسوأ الأحوال "ستصعب الولايات المتحدة تبني قواعد اتفاق باريس". وأضاف أن الانسحاب من الاتفاق "سيضر بعلاقاتنا مع حلفائنا (لكن) البقاء وإعاقة الأمور سيكون أكثر ضررا".
ووعد ترامب بتشجيع قطاع الفحم على حساب أنواع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى. وقالت ميغان بومان، وهي محاضرة في القانون في "كنغز كولدج" في لندن، ان فترة الانتظار لأربع سنوات كانت تستهدف بشكل جزئي حماية الاتفاق من تداعيات انتقال محتمل للرئاسة إلى الجمهوريين بعد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. ولا ينص "اتفاق باريس" على الكثير من الالتزامات القانونية قبل عام 2020، ولا يفرض عقوبات على عدم الالتزام.
وفي برلين قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان جلود يونكر، في أيار الماضي أنه ينبغي لأوروبا أن توضح للولايات المتحدة أن الانسحاب من الاتفاق ليس عملية بسيطة وإن ترك الاتفاق كليا سيستغرق سنوات.
الاتفاق في خمس نقاط
يشكل التعهد الأول الذي يلتزم فيه مجمل المجتمع الدولي مكافحة تغير المناخ ومواجهة أحد أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين.
أبرم 195 بلدا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي اتفاق باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015 في العاصمة الفرنسية إثر سنوات من المفاوضات الشاقة. وأنهى 147 بلدا حتى الآن عملية المصادقة عليه محليا. وبين الاقتصادات الكبرى، لم تصادق عليه روسيا وتركيا حتى الآن.
يترتب على أي بلد يريد الانسحاب من الاتفاق إبلاغ أمانة سر اتفاق الأمم المتحدة للمناخ، لكن ليس قبل انقضاء ثلاث سنوات على سريان النص الذي تم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. ولاحقا يفترض صدور إشعار قبل عام ليتم "الانسحاب" الفعلي.
حدد الاتفاق هدفا عالميا بإبقاء متوسط ارتفاع حرارة الأرض "أقل من درجتين مئويتين بكثير" قياسا بحقبة ما قبل الثورة الصناعية، وإن أمكن على 1.5 درجة. لكن هذا الهدف بات مرادفا لتغيرات كبرى بحسب خبراء المناخ. فسقف الدرجتين يبدو صعب التحقيق نظرا إلى الالتزامات الحالية بتقليص انبعاثات الغازات المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، التي أعلنتها الدول على أساس طوعي. وينص الاتفاق على مراجعة هذه الأهداف.
يؤكد خبراء الهيئة الحكومية الدولية للمناخ أن بقاء ارتفاع حرارة الأرض دون درجتين يفرض تقليص انبعاثات هذه الغازات من 40 إلى 70% حتى العام 2050. وهذا يعني التخلي تدريجيا عن مصادر الطاقة الأحفورية (المسؤولة عن 80% من انبعاث الغازات)، الأمر الذي لا يذكره الاتفاق بشكل صريح، مكتفيا بالقول أن البلدان تسعى إلى "تحديد سقف للانبعاثات في أقرب وقت ممكن".
رغم طوعية الالتزامات الدولية تعهدت البلدان إعلان سياساتها المناخية ونتائجها ووضع تقييمات جماعية للجهود العالمية. وما زال يترتب تحديد كيفية تنظيم هذه العملية. كما يجب توخي الشفافية في المساعدات التي توفرها الدول الثرية إلى البلدان الأكثر فقرا.