"من السهل على أي مصور أن يختار تصوير الطبيعة بصورة عامة، لكن من الصعب جدا أن يتخصص في تصوير الحياة البرية لعدة أسباب من أهمها: إن هذا النوع من التصوير يحتاج للتركيز والدقة والمتابعة بالإضافة لمراقبة الحيوانات والطيور المختلفة ودراسة شاملة للبيئة التي يعيش فيها الكائن الحي سواء أكان حيواناً أم نباتاً... مثلا يجب معرفة أماكن تواجد نوع محدد من الطيور ووقت تكاثره وإقامته وهجرته قبل البدء في التصوير".
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 |
المصور عاشق الطبيعة سلطان السعدي |
في هيئته وبلباسه الزيتي وكوفيته التي يرتديها في كل مرة يخرج فيها إلى الطبيعة، وبجهاز القنص يبدو صياداً يجهز نفسه جيدا قبل إصطياد فريسته، يترقب وينصت لصوت طير ما يُحلق أو نبتة يلمع لونها في الحقول، فيقتنص اللحظة ويضغط بأصبعه السبابة لكن ليس على الزناد، بل على زر الكاميرا لتوثيق لحظة لن تتكرر في الطبيعة.
سلطان السعدي 39 عاما، مصور حياة برية من جنين، بدأ التصوير قبل 14 عاما بأدوات بسيطة كالموبايل، وقبل سنتين فقط استطاع أن يدخل التصوير من أوسع أبوابه بعد امتلاكه كاميرا احترافية متخصصة.

الفنان سلطان السعدي مع فريق محميات فلسطين
الرسالة التي قرر السعدي إيصالها من خلال تصويره للحياة البرية هي تسليط الضوء على الإهمال والتدمير الذي تتعرض له، وضرورة المحافظة عليها حسب وجهة نظره.
الزهور الصغيرة والنباتات الأخرى النادرة بالإضافة للطيور مثل طيري مرزة الدجاج، وآخر مهاجر يسمى الوقاق المرقط الكبير يرصدها السعدي بعدسته وهو سعيد، لأنها مشاهد من الطبيعة صعب أن تتكرر.
"من السهل على أي مصور أن يختار تصوير الطبيعة بصورة عامة، لكن من الصعب جدا أن يتخصص في تصوير الحياة البرية لعدة أسباب من أهمها: إن هذا النوع من التصوير يحتاج للتركيز والدقة والمتابعة بالإضافة لمراقبة الحيوانات والطيور المختلفة ودراسة شاملة للبيئة التي يعيش فيها الكائن الحي سواء أكان حيواناً أم نباتاً... مثلا يجب معرفة أماكن تواجد نوع محدد من الطيور ووقت تكاثره وإقامته وهجرته قبل البدء في التصوير" يقول السعدي
 |
 |
تصوير الفنان التشكيلي ومصور الحياة البرية سلطان السعدي |
تصوير الفنان التشكيلي والمصور المبدع سلطان السعدي |
 |
 |
تصوير المبدع البيئي سلطان السعدي |
تصوير الفنان المبدع سلطان السعدي |
حلو ومر!
تتميز فلسطين إجمالاً بتنوع في الحياة البرية. ففي الهجرة الخريفية والشتوية يوجد عددٌ كبيرٌ من الطيور المهاجرة التي يمكن رؤيتها ودراسة كل نوع منها، ويرى السعدي أنها فرصة كبيرة لإلتقاط الصور لها ومعرفة تفاصيلها بمساعدة الخبراء.
لا يكفي التقاط الصور وتخزينها بل يجب الترويج لها وتعريف المواطنين بالتنوع البيئي الموجود في فلسطين، وتوعيتهم بضرورة الحفاظ عليه وعدم اصطياد الحيوانات والطيور.
"بعض أنواع الطيور كنت أستغرب وجودها في منطقتنا لمعرفتي أنها من النوع المهاجر الذي استوطن مؤخرا مثل الدرة الهندية، وصائد السمك، وأبيض الصدر، والصرد والكثير من الطيور الأخرى التي لم نكن نراها الإ وقت الهجرة". يبين السعدي
 |
 |
تصوير عاشق الحياة البرية سلطان السعدي |
تصوير الناشط والمصور البيئي سلطان السعدي |
يعتقد المصور الهاوي أن تصوير الحياة البرية يغيب عن فلسطين، وذلك لأنه يحتاج للتحدي والخبرة ودراسة الحيوانات والحشرات والزواحف الموجودة في الطبيعة حتى لا يتعرض المصور إلى الخطر، كذلك على المصور أن يتحلى بالصبر في اختيار الزاوية الصحيحة والالتزام بالهدوء لإلتقاط صور احترافية جميلة وبجودة عالية.
الحياة البرية يتطلب تصويرها معداتٍ متخصصة يصعب أحياناً الحصول عليها نظراً لعدم توفرها مثل العدسات ذات البعد البؤري المرتفع 800 ملم أو 600 ملم والتي يعد سعرها مرتفعاً مقارنة بغيرها إذ يصل بين 60 إلى 80 ألف شيقل لكل منها.
 |
 |
تصوير سلطان السعدي |
تصوير سلطان السعدي المتخصص في الحياة البرية |
"هذا التحدي يحد من قدرة المصور على امتلاك مثل هذه العدسات، في ظل قلة وجود دعم للمصور من المؤسسات المعنية التي تهتم في الحياة البرية" يعلق السعدي.
من ناحية أخرى هناك معيقات تعرقل عمل مصور الحياة البرية، وهي أن معظم الأماكن ذات الطبيعة الخلابة تقع داخل الخط الأخضر، أو قريبة من الجدار، أو محاطة بالمستوطنات، ما يصعب من الوصول إليها.
 |
 |
سلطان السعدي المصور المتخصص في الحياة البرية |
تصوير مصور الحياة البرية سلطان السعدي |
فنان تشكيلي
قد يكون احتراف التصوير موهبة حديثة لدى السعدي مقارنة بموهبته الأقدم وهي الفن التشكيلي الذي لا يبتعد كثيراً عن التصوير.
يعتبر السعدي الصورة جزءاً من الفن الذي يحبه ويمارسه، لكن الفرق بين الأول والأخير بالنسبة له هو الوقت.
"من الممكن أن التقط صورة وأنشرها في لحظة، أما اللوحة التي أرسمها فتحتاج لشهر أو أكثر للخروج بصورة ذات جمالية". يروي السعدي
 |
 |
مصور الحياة البرية المحترف سلطان السعدي |
لا يستثني الفنان سلطان السعدي أولاده من جولات الطبيعة |
تجوال عائلي
كان يخرج السعدي للطبيعة لوحده وهدفه ليس التصوير فقط، بل محاولة تشجيع الناس على احترام الطبيعة والمحافظة عليها بعدم قطع الأشجار وحرقها، وعدم اصطياد الحيوانات والطيور، ومنذ عام 2016 أصبح يتجول برقفة عشرات المشاركين في عدة مناطق في الضفة، بعد انضمامه لفريق محميات فلسطين كقائد مجموعة.
لم يستثنِ السعدي أولاده من هذه التجوالات الذي تعمّد مشاركتهم فيها بهدف توعيتهم حول البيئة وطبيعة الأماكن المختلفة.
"زرعت فكرة حب الطبيعة والتجوال لدى أبنائي الأربعة الذين أصبحوا يرافقونني في 90% من تجولاتي خلال تصويري للحياة البرية" يقول السعدي.
استطاع السعدي تغيير تفكير أطفاله حول الطبيعة وضرورة حمايتها والحفاظ عليها، وكذلك حماية مكوناتها سواء حيوانات أو نباتات، كما شجعهم بالتعرف على أماكن ربما تكون غير معروفة بالنسبة لهم.
هذا ليس كل شيء بل ساهم في صورة مباشرة بتشجيع العائلات المشاركة بجلب أطفالهم خلال التجوالات المختلفة التي أصبحت تنظم مؤخراً بشكل كبير.
"إن وجود الأطفال في المسارات البيئية التي تنظم مهم جداً، لأنه يزرع بذرة حب الطبيعة منذ الصغر لديهم، من ناحية أخرى هذه النشاطات تساعدهم على تفريغ طاقاتهم" ينهي السعدي.