
تقوم فكرة التنمية السياحية على أنها عمليات موجهة لاستحداث تحولات هيكلية في بناء تركيب المنتجعات السياحية التي تقدمها أي منطقة جغرافية، وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعمرانية لهذه المنطقة بما يتفق مع طلب وميول احتياجات الحركة السياحية الحالية والكاملة، وذلك بهدف تكوين قاعدة اقتصادية فعالة يتحقق بموجبها تزايد في تنامي الحركة السياحية إلى المنطقة، وبالتالي زيادة في الدخل الحقيقي الناتج عن النشاط السياحي .
ويعتبر من أحدث المفاهيم السياحية التى ظهرت فى الفترة الأخيرة مفهوم (التنمية السياحية المتوازنة والمستدامة)، ويعبّر هذا المفهوم عن مختلف البرامج التي تهدف إلى تحقيق التوسع المستمر المتوازن في الموارد السياحية، وزيادة الجودة وترشيد الإنتاجية في مختلف الخدمات السياحية، سواء كان ذلك بالنسبة للسياحة الدولية أو الداخلية.
والتنمية السياحية عملية مركبة المكونات، متشعبة الجوانب تضم عناصر متعددة متداخلة ومتفاعلة تقوم على محاولة علمية وتطبيقية للوصول إلى الاستغلال الأمثل لعناصر الإنتاج السياحي الأولية من إطار طبيعي وتراث حضاري، تسندها قاعدة كاملة من البنية التحتية من خلال التقدم العلمي والتكنولوجي، وربط كل ذلك بعناصر البيئة واستخدامات الطاقة الجديدة وتنمية مصادر الثروة البشرية للقيام بدورها الفعّال في برامج التنمية،على ضوء طلب سياحي متنوع يتواكب ويتزامن مع تنمية العرض السياحي .
أما الاستدامة في التنمية السياحية فقد جاء هذا التعبير لأول مرة في تقرير لجنة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المسماة بلجنة برنتدلاند سنة 1987، بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون التضحية بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتهم.
والتنمية السياحية أحد أساليب شتى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، عن طريق عمل نوع من التجانس والتوافق والتنسيق بين مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية لإحراز التقدم في نوعية الحياة ومستوياتها وتحقيق الرخاء للمواطنين، ولا يمكن تصوّر أن يتحقق كل ذلك كهدف نهائي، إلا بتحقيق الأهداف المرحلية في القطاعات الإنتاجية والخدماتية على اختلافها ومن بينها القطاع السياحي.
فالعمل على تحقيق التنمية السياحية بالمعنى المتكامل هو هدف في حد ذاته، وفي الوقت ذاته هو مرحلة من مراحل تحقيق هدف أكبر هو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
وتختلف أهداف التنمية السياحية – بحسب الأصل – باختلاف الزمان والمكان فما يصلح لدولة ما قد لا يصلح لدولة أخرى تختلف ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية عن الدولة الأولى، كما أن ما يصلح كهدف في زمن معين قد لا يصلح بذاته كهدف لزمن آخر ولو في ذات الدولة أو الإقليم، ورغم ذلك فإنه يمكن تحديد أطر عامة لمختلف الأهداف للسياسة السياحية التي تضعها الدولة للقطاع السياحي فيها، وللتنمية السياحية بوجه خاص، ويمكن إيضاحها كالتالي:
1- أهداف اقتصادية: بمعنى تعظيم مساهمة السياحة والترويح في الرخاء الاقتصادي الذي يضم عناصر كثيرة منها: العمالة الكاملة والتنمية الاقتصادية الإقليمية والمحلية، وتحسين ميزان المدفوعات.
2- أهداف اجتماعية حضارية، وتتمثل في:
- النمو الاجتماعي والحضري للمواطنين، ورفع مستوى وعيهم وتعليمهم وتقديرهم لتاريخ بلدهم وجغرافيتها.
- تعظيم فرص التمتع بالسفر والسياحة والترويح بالنسبة للسائحين الأجانب والمواطنين.
3- أهداف بيئية: بمعنى العمل على حماية البيئة كسبيل رئيسي من سبل التنمية المستدامة، ويكون ذلك عن طريق:-
- الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية.
- تفادي أسباب التلوث.
- حماية البيئة الطبيعية عن طريق الالتزام بالطاقة الاستيعابية القصوى للمناطق السياحية.
- الحفاظ على موارد التراث القومي وإحياء فن العمارة الوطني.
4- أهداف متعلقة بالعمل الحكومي، وتشمل:
- تحقيق التعاون الكامل بين جميع أنشطة الحكومة المتصلة بالسياحة.
- دعم الحاجة لتوعية المسئولين عن السياحة بأهميتها، والطرق العلمية لتنميتها.
- إصدار التشريعات اللازمة لتنظيم السياحة ورفع مستوى خدماتها.
- رفع مستوى الوعي الشعبي للسياحة.
- تشجيع القطاع الخاص بشتى الحوافز لتوسيع دائرة اهتماماته بالتنمية السياحية المستدامة.
- حماية الأمن والأمان في مختلف المناطق السياحية لضمان سلامة السائحين الأجانب والمواطنين.
وفي الختام أرى من وجهة نظري إذا كان لابد أن تتناول التنمية السياحية المستدامة بالتحليل الموارد الأرضية المتاحة، وإمكانات تنمية الزراعة والصناعة والثروة السمكية والحيوانية وغير ذلك من نشاطات – فضلًا عن التنمية العمرانية، فإن هذا الإتجاه السليم للتنمية السياحية أو التصنيع السياحي لا يمكن أن يقف وحده في الميدان، بل يجب أن تتكامل معه وتسنده نشاطات إنتاجية وتعميرية أخرى، حتى لا يصبح التصنيع السياحي ابتداعا لمشروعات لاجذور لها.