الأيام الأخيرة لمؤتمر المناخ، الأمور لم تحسم بعد
آفاق البيئة والتنمية- ربى عنبتاوي/ وكالات - بولندا
يدخل مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ المنعقد بكاتوفيتسه في بولندا، مرحلته الأخيرة، مع وصول الوزراء للمصادقة على كتاب قواعد حول تطبيق أهداف المناخ، وخاصةً فيما يتعلق بالتمويل ضمن مبادئ اتفاقية باريس التي تنص على وضع إطار للدول التي تعمل معاً لخفض درجة حرارة الأرض، بما يتراوح بين 1.5 و 2 درجة مئوية ما قبل الثورة الصناعية.
من أهم ما برز بعد الأسبوع الأول هو تحالف الولايات المتحدة مع منتجي النفط الرئيسيين روسيا والسعودية والكويت لاعتراض تبني تقرير الفريق الدولي المعني بتغير المناخ(IPCC) ، الذي كُلف به في اجتماع سابق لمؤتمر الأطراف، ما يشكل حجر عثرة أمام ضرورة التحرك الحاسم بالتوصل لصيغة نهائية لتطبيق اتفاق باريس 2015.
لكن الانقسامات السياسية واضحة منذ البداية خاصة بعدما سحبت البرازيل عرض استضافة محادثات العام المقبل. وجددت الولايات المتحدة خلال قمة العشرين بالأرجنتين التأكيد على قرارها الانسحاب من اتفاقية باريس.
انطباعات في أروقة المؤتمر
في هذا المؤتمر الأممي المزدحم يشارك ممثلون عن 200 دولة من الرسميين والمجتمع المدني والخبراء والأكاديميين والنشطاء المتزاحمين، أمام أروقة المؤتمر الذي وصل عدد مشاركيه إلى 28 ألف وفق موقع منظمة الأمم المتحدة.
تُسمع في هذا المؤتمر مؤشرات وانطباعات في مواجهة أزمة الاحتباس الحراري. تقول ايلين من جزر المالديف غرب سيرلانكا والتي توصف بـ "جنة الأرض"، أن آثار التغير المناخي أصبحت ظاهرة على بلدها الذي يعدُّ وجهةً سياحية مهمة، من حيث تآكل الكثير من الشواطئ والتغيير الاضطراري لمواقع الأماكن السياحية لدرء مخاطر الأمواج العالية بفعل ارتفاع منسوب مياه البحر.
فيما تدافع مسؤولة رسمية من بولندا التي يضم بلدها أكبر محطات توليد للكهرباء في العالم عن استمرارهم في الاعتماد على الوقود الإحفوري كمصدر رئيسي للطاقة، مؤكدةً أن الحكومة تحاول اللجوء لتقنيات مخففة للانبعاثات. بينما انتقدت مشاركتان بولنديتان افتخار حكومتهما بالفحم وتخصيص زاوية له في مؤتمر كوب، الأمر الذي يعد مناقضاً لروح وجوهر المؤتمر.
المواطنة الألمانية مانويلا تعمل موظفة في البرلمان الأوروبي (حزب اليسار) ترى أن دولتها متراجعة فيما يتعلق بالتزاماتها بتقليل الانبعاثات والتوجه للطاقة المتجددة تنفيذاً لخطة الطاقة والمناخ 2020.
تقول لـ "آفاق البيئة والتنمية" "ما زالت أحزاب اليمين التي تضم أصحاب شركات المركبات والفحم والغاز الطبيعي، تعرقل محاولات الاستغناء عن الوقود الأحفوري، كما لوحظ تقليص الميزانيات لمشاريع الطاقة النظيفة ما يعد مؤشراً مقلقاً حول مدى التزام ألمانيا التام بالخطة التي تنتهي بعد عامين".
مؤشرات علمية
وتوقع تقرير لمنظمة مشروع الكربون العالمي أن ترتفع درجة حرارة الأرض بما لا يقل عن درجتين حراريتين في 2018.
وقدم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، صورةً قاتمةً للمستقبل في افتتاح المؤتمر، ووصف التغير المناخي "بمسألة حياة أو موت".
غير أن تقريراً صدر في بداية هذا العام عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية يقول إن حرارة الأرض ارتفعت بنسبة درجة واحدة مئوية منذ التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، وبالتالي، فعلى العالم خفض انبعاثات الغاز بنسبة 50% بحلول 2030.
في ظل صدور تقارير علمية جديدة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، تحديداً بعد التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ في العام 2015، يبدو العالم بحاجة إلى إجراءات أكثر فعالية يتم تنفيذها بطريقة أسرع من أجل الحد من الظاهرة التي تتسبب بأزمات وكوارث بيئية في كل أنحاء الأرض.
التمويل
في سياق متصل بتمويل المناخ أحد أهم بنود اتفاق باريس التي لم تحسم بعد، قال غيرد مولر وزير التنمية في ألمانيا إن بلاده ستعلن هذا الأسبوع عن مبادرة لجذب مزيد من الاستثمار الخاص لمشروعات في أفريقيا وأماكن أخرى وذلك خلال محادثات للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.
وأضاف مولر "ألمانيا سترسل إشارة قوية" خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بمدينة كاتوفيتسه وذلك بمبادرتها التحالف من أجل التنمية والمناخ وتعهدها بإنفاق 1.5 مليار يورو (1.7 مليار دولار) إضافية لحماية البيئة.
فيما أعلن البنك الدولي تخصيص مبلغ بقيمة 200 مليار دولار سيتم إنفاقه بين 2021 و2025 للمساعدة في تخفيض انبعاثات الغازات، وإنشاء مشاريع طاقة تأخذ بعين الاعتبار خطر الأزمة التي يمر العالم فيها. وهذا يعني أن المبلغ المخصص من قبل البنك الدولي يبلغ ضعفي المبلغ الذي خصص سابقاً. وتأمل المؤسسة أن يحذو المجتمع الدولي حذوها.
ولكن حتى اللحظة، يرى مراقبون إن التوصل إلى اتفاقية نهائية في مؤتمر كاتوفيتسه سيكون صعباً جداً، إذ ثمة إشارات كثيرة تشير إلى عدم رغبة بعض الدول في مكافحة الاحتباس الحراري.