باحثة في الثقافة والتراث
من المعتقد ان الوطن الأصلي للرمان هو بلاد إيران والشمال الغربي في بلاد الهند، ومن هذين البلدين انتقل الرمان إلى شمال أفريقيا ومصر وحوض البحر الأبيض المتوسط ومنها إلى فلسطين، كما يقال أن العرب نقلوه إلى اسبانيا ومنها انتقل إلى الولايات المتحدة. وعرف الرمان منذ القدم واكتشفت الأقوام السابقة كثيرا من خصائص وفوائد هذه الفاكهة، وذكرت ذلك على جدران معابدها وبين دفات كتبها، ونقشت صورتها في تماثيلها ورسومها. ويعرف الرمان باللغة الفرعونية باسم "رمن"
ذكر الله سبحانه وتعالى في القران الكريم الرمان بأنه من فواكه الجنة، فورد في سورة الرحمن "فيهما فاكهة ونخل ورمان"
وفي سورة الأنعام: "وجنات من أعناب والزيتون والرمان"
وعن علي رضي الله عنه قال: "كلوا الرمان بشحمه، فإنه دباغ المعدة"
من مجموعة صور الصحافي أسامة السلوادي
يقول الدكتور توفيق كنعان في الرمان:
يعتقد الفلسطينيون أن كل حبة رمان تحتوي على بذره من الجنة، وهكذا يلاحظ بأن كثيراً من المسلمين في المدن، يراعون عدم إسقاط أي من البذور. هذا يوضح عادة سقي الاطفال عصير هذه الفاكهة ويقال: "الرمان بملّي القلب إيمان"
وصف شجرة الرمان
شجرة الرمان ذات أزهار بيضاء وحمراء جميلة تتحول إلى ثمار لذيذة ذات جلد قرمزي اللون أو أصفر محمر تدعى جلنار، ويحوي غلاف هذه الثمرة على المئات من الحبوب المائية اللامعة الحمراء أو البيضاء اللّون، وفي كل حبة بذرة صلبة أو لينة وفقا للنوعية والصنف.
الرمان شجيرة يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار لها أغصان متدلية، في أطرافها أشواك، وأغصانها وأوراقها تميل إلى اللون الأحمر. أزهارها حمراء فاتحة اللون جميلة المنظر. الثمرة كروية تحمل تاجاً، قشرة الثمرة جلدية القوام، تحتوي الرمانة على كثير من البذور الحمراء أو أحيانا تميل إلى البياض ولكن في الغالب تكون بلون احمر قاني. الأوراق تسقط في الخريف ولذا فإن شجرة الرمان ليست دائمة الخضرة. وتسمى أزهار الرمان بالجلنار وهذا معرب لكلمة كلنار الفارسية التي معناها ورد الرمان.
والرمان ثلاثة أنواع: حلو وحامض ومعتدل ويسمى المعتدل شعبيا (لفان)، وتختلف ميزاته وخصائصه باختلاف نوعه، وباختلاف نسبة المواد السكرية الموجودة فيه، فالنوع الحلو منه يحتوي على حمض الليمون بنسبة 1%، والسكر بنسبة 7%، والبروتينات بنسبة 1%، وألياف بنسبة 2% ورماد بنسبة 4.7%، ودسم بنسبة 3% وماء بنسبة 81.3% وفيه مقادير ضئيلة من الأملاح المعدنية وخاصة الحديد، والفيتامين (ج).
أما الجزء الصلب من لب الرمان وهو بذره – فترتفع نسبة البروتين إلى 9% والمواد الدهنية إلى 7%.
تغني نساء فلسطين لشجرة الرمان وتقول:
رمان على العين قوموا تا نقني له فلان اتجوز تعالو تا نغني لــه
رمان على العين قوموا تا نغوط له فلان اتجوز تعالو تا نزغرد له
وتقول الدلعونة:
على دلعونا تحتِ الرُّمّانـــي يامـــــا حبيبِ القلب لاقانـــــي
خوفي يا يما حبي نسانــــي وسافر عالغربي وتركني هونا
تحتِ الرُّمًاني تحتِ الرُّمّاني حبيبِ القلــب هيــــــو استنّاني
دور عليّي، قلـــت هيّانــــي تعــــــــال لعندي يا بو لعيونــا
حبيبي اهداني حبّة رمّـــانِ وقل لي يا مدلل بللّه استنانــي
وأنا عا فراقك صرت مرضانِ كلو على شانك يا اسمر اللونا
وهناك "حزيرة" شعبية عن الرمان اشتهرت في تراثنا الثقافي الفلسطيني:
"طاسة طرن طاسة، جواها لولو، وبراها نحاسة"، شو هي (الجواب: الرمانة)
الرمان في الطب القديم
وصف الرمان في الطب القديم بأوصاف كثيرة، منها ما ذكره ابن القيم في الطب النبوي انه: جيد للمعدة مقوٍ لها، نافع للحلق والصدر والرئة، جيد للسعال، ماؤه ملين للبطن، سريع التحلل لرقته ولطافته ... يولد حرارة يسيرة في المعدة وريحا، وله خاصية عجيبة: إذا أكل بالخبز يمنعه من الفساد في المعدة ... لا يصلح للمحمومين.
وحامضه ينفع المعدة الملتهبة، ويدر البول أكثر من غيره من الرمان، ويسكن الصفراء، ويقطع الإسهال، ويمنع القيء، ويطفي حرارة الكبد، ويقوي الأعضاء .. نافع للآلام العارضة للقلب وفم المعدة، يقوي المعدة ويدفع الفضلات عنها ... وإذا استخرج ماؤه بشحمه وطبخ بيسير من العسل، حتى يصير كالمرهم واكتحل به قطع الصفرة من العين، ونقاها من الرطوبات الغليظة، وإذا لطخ على اللثة نفع من الأكلة العارضة لها، وحب الرمان مع العسل طلاء للداحس والقروح الخبيثة.
الرمان في الطب الشعبي الحديث
- وصف الرمان بأنه مقوي للقلب، قابض، طارد للدودة الشريطية، مفيد للدوسنتاريا، يكافح الأورام في الغشاء المخاطي إذا قطر في الأنف مصحوبا بالعسل.
- وإذا شرب عصيره في الماء والسكر، او مع الماء والعسل، كان مسهولاً خفيفا.
- وهو منظف لمجاري التنفس، والصدر، مطهر للدم.
- يشفي من عسر الهضم، واكله مع المواد الدسمة يساعد على هضمها.
- وتوجد مادة (التانين) بكثرة في أجزاء الزهرة وقشر الثمرة، ولذلك تستعمل كمادة قابضة.
- ويستخرج حمض (التنتك) من الطبقة الخارجية للثمار.
- وفي عام 1878م امكن استخراج مادة فعالة طاردة للديدان من الرمان.
- وقشور جذور الرمان اذا غليت بنسبة (50-60) جراما في لتر ماء لمدة ربع ساعة، ثم شرب كوب منها كل صباح أسقطت الدودة الوحيدة.
الرمان مأكول شهيّ
يؤكل كفاكهة خريفية ويضاف إلى بعض الاطعمة الأخرى على شكل خشاف او (حبوب) او (سليقه القمح)، كما هو الحال ايضا في طبق السنونية للأطفال، ويضاف إلى بعض المواد المطبوخة لتزيينها بحبوبه الحمراء الملونة اللؤلؤية ويصنع منه نوع من الدبس يستعمل في ايام الشتاء كحمض.
تعصر بذور الرمان بعد فرطها على آلة العصر وتنزل شرابا سائغا لذيذا ويفضل شربه طازجا.
صناعة شراب الرمان
المواد اللازمة: رمان حامض، سكر.
الطريقة:
اغسلي الرمان أو اتركيه بدون غسل، ثم فرطي الحبوب وأعصريها، صفي العصير مرتين، عبر الشاش أو بمصفاة سلك ناعم جدا. كيّلي عصير الرمان بفنجان وضعي لكل فنجان من عصير الرمان فنجان وربع من السكر. ارفعيه على نار قوية، وضمي قطعة من نبات العطرة في العصير ان وجدت لتكسبه نكهة طيبة.
أغليه وحركيه بين الحين والأخر وانزعي الفورة واتركي العصير يغلي حوالي ساعة.
انزليه عن النار واتركيه يبرد تماما، ثم املئي زجاجات نظيفة وجافة واحكمي غطاءها. عند الاستعمال يحل شراب الرمان بالماء.
دبس الرمان او عصير ثمار الرمان المكثف
يبدأ التحضير باختيار النوع الأجود من الرمان والذي يجب أن يكون " صنف لفاني " وهو النوع الذي يشوب حموضته بعض الحلاوة لكي لا يكون دبس الرمان المراد تحضيره قارص الحموضة، ويكون ذلك عيباً فيه.
نقوم بشطر الرمانة إلى قسمين ومن ثم تناولها براحة اليد، ومن ثم الطرق عليها بمدقة الثوم لكي تتساقط منها حبيبات الرمان في الوعاء. بعد ذلك نقوم بطحنها في مطحنة لإخراج العصير منها .
طريقه عمل دبس الرمان: يأخذ عصير الرمان الطبيعي ممكن 3 اكواب، ويغلى قليلا، قد تظهر بعض الشوائب على السطح فنزيلها ثم نضيف نصف كوب عصير ليمون طبيعي، ونصف كوب سكر ويغلى على النار حتى يبقى كوب من الخليط. هنا يصبح عندنا دبس رمان سائل. هذه طريقة سهلة لصنع دبس الرمان.
فوائد دبس الرمان: يؤدى لحدوث السمنة بشدة ويزيد من احمرار الوجه، ومع قليل من الخلّ يفيد الجسم بشكل كبير، وبالتين والحلبة يزيل السعال المزمن وأوجاع الصدر، وبماء الشعير يفتت الحصى ويخفف من آلام المفاصل. وهنا يجب أن ننوه ان الاستعمال يكون عند الحاجة اليه وليس على الدوام.
أهم الأكلات التي يدخل بها
يستعمل دبس الرمان في عدد كبير من الأكلات منها الفتوش، الملفوف المحشي والكوسا ولصنع الصلصة، للكوسا المقلي بإضافة الثوم والنعناع وأحياناً للكفتة بالصينية، يضاف منه إلى عصير الطماطم، وكذلك يستخدم دبس الرمان للحصول على الحموضة المرغوبة فى بعض الأكلات، مثل عمل كرات اللحم وسلطة الجرجير وفي مرق الباميا وورق العنب.