خاص بآفاق البيئة والتنمية
تعد منازلنا ثالث أكبر مستهلك للطاقة، بعد قطاعيّ النقل والصناعة، وهي تحوي العديد من المواد الكيميائية السامة والخطرة، مثل المنظفات والمعطرات والمبيدات والأدوية. هذه المواد جميعها مؤذية للبيئة وللصحة العامة، لذا، يمكننا المساهمة في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وصحتنا، انطلاقًا من منازلنا. يستعرض المقال التالي بعض الأفكار البيئية التي يمكننا تطبيقها بسهولة في منازلنا، وبالتالي نخطو أولى الخطوات العملية نحو تحويل بيوتنا إلى منازل بيئية.
|
 |
منازل فلسطينية تقليدية صديقة للبيئة |
تعد منازلنا ثالث أكبر مستهلك للطاقة، بعد قطاعي النقل والصناعة، وهي تحوي العديد من المواد الكيميائية السامة والخطرة، مثل المنظفات والمعطرات والمبيدات والأدوية.
جميع هذه المواد مؤذية للبيئة وللصحة العامة؛ لذا، يمكننا المساهمة في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وصحتنا، انطلاقا من منازلنا.
سنستعرض في هذه العجالة بعض الأفكار البيئية التي يمكننا تطبيقها بسهولة في منازلنا، وبالتالي نخطو أولى الخطوات العملية نحو تحويل بيوتنا إلى بيوت بيئية.
بداية، لنتأكد من أن مصابيحنا المنزلية جيدة الإضاءة ومقتصدة في الطاقة الكهربائية. إذ يمكننا، على سبيل المثال، استعمال مصابيح غاز النيون.
وبوسعنا ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية المستخدمة في الإضاءة، باقتناء اللمبات الفلورسنتية الموفرة للطاقة من نوع سي.إف.إل، والتي تستهلك 20% من الطاقة الكهربائية المستهلكة في اللمبة العادية المكافئة لها، وتعطي نفس نوعية الإضاءة، ولا تبدد الطاقة على شكل حرارة، وتوفر المال على المدى البعيد.
كما أن العمر التشغيلي لهذه اللمبات أطول بكثير من العمر التشغيلي للمبة العادية، ويجب ألا ننسى بأن ننظف المصابيح كل بضعة أشهر، لأنها، إجمالاً، تجذب الغبار، الأمر الذي يضعف الإضاءة.
ومن المستغرب، أن العديد من الناس ما زالوا يشترون الثريات الكبيرة المبددة للكهرباء، وبخاصة تلك التي تحوي عددًا كبيرًا من المصابيح المُثَبَّتَة إلى أعلى، ما يقلل كثيرًا من فعاليتها. لذا، يُفضل الامتناع عن استخدام مثل هذه الثريات.
وفي سياق ترشيد استهلاك الطاقة في منازلنا، ننوه هنا إلى ضرورة إطفاء جهاز التلفزيون بواسطة مفتاح التشغيل في التلفزيون، وليس بواسطة جهاز التحكم عن بعد.
ذلك أن التلفزيون، عندما يُطفئ بواسطة جهاز التحكم عن بعد، يواصل استهلاك نحو ربع كمية الكهرباء التي يستهلكها في أثناء عمله، ويُعد هذا تبديدًا للطاقة والمال، ومساهمة في انبعاث كميات هائلة إضافية من ثاني أكسيد الكربون من محطات توليد الطاقة الكهربائية.
وبهدف تعويض الرطوبة المفقودة، بسبب استخدام أجهزة التدفئة في منازلنا، والتي قد تُجفف الهواء وتتسبب في احتقان الأنف، ينصح بوضع أوعية ماء في الغرف المُدّفّأة.
وتساعد الستائر المحكمة والمبطنة في غرف الجلوس أو النوم، على تخفيض فقدان الدفء والحرارة، إذ أن تبطينها يقلّل كثيرًا من خروج الحرارة عبر النافذة في أيام البرد، فضلًا عن تقليل تسرب البرد الشديد إلى داخل المنزل، وتُعد الستائر المبطنة أقل كلفة من تركيب الزجاج المزدوج.

منازل فلسطينية تقليدية
لا يزال البعض يستخدم البطانيات المصنوعة من ألياف "الأكريليك"، ومن المعروف أن هذه الألياف مصنوعة من مادة "الأكريلونيتريل" التي ثبت بأنها مسرطنة، فضلًا عن أنها تتسبب في مشاكل بالتنفس، وبخاصة لدى الأفراد الحساسين لهذه المادة. لذا، يُفضل تفادي استخدام هذه البطانيات، واستبدالها ببطانيات مصنوعة من الصوف أو القطن.
إضافة إلى ذلك، يُشَكُ أن مادة "البولي – يوريثين" المستعملة في الوسائد، قد تكون مسرطنة للإنسان، فضلاً عن تسببها في التهابات بالجهاز التنفسي ومشاكل جلدية.
وإذا ما شبَّ حريق في المنزل، تتفاعل هذه المادة مع "البولْيِستِر" الذي يُستخدم في أغطية الوسائد، وينتج عن هذا التفاعل غاز "تولُوين ديسوسيانيت" السام الذي يؤدي استنشاقه المتواصل، في حال حدوث حريق، إلى الوفاة.
أخيرًا، وبهدف إطالة عمر الأزهار المنزلية وإبقائها جميلة ونضرة، لا ضرورة إطلاقًا لاستخدام المواد الكيميائية. وبدلاً من هذه المواد الضارة، يمكننا إبقاء الوعاء مملوءاً بالماء، فضلاً عن قص سيقان الأزهار بشكلٍ منحرف، بواسطة سكين، ما يزيد من قدرة الأزهار الامتصاصية للماء.
كما يُفضل زراعة الأزهار في الأواني النحاسية التي تساهم في القضاء على الفطريات، ما يُبقي الأزهار نضرة لمدة أطول.

منزل بيئي منسجم مع الطبيعة
أفكار سهلة التطبيق
علاوة على الأفكار المفيدة والعملية السابقة التي يمكننا تطبيقها بسهولة في منازلنا التي نستطيع تحويلها تدريجيًا، إلى بيوت بيئية، سنستعرض فيما يلي مزيدًا من الأفكار والتوصيات البسيطة وسهلة التطبيق.
بدايةً، نشير، إلى أن معظمنا، وبهدف تنظيف المراحيض، يستخدم منظفات ومطهرات ومبيّضات كيميائية سامة، تنبعث منها أبخرة مؤذية للصحة، وتقتل الكائنات الحية الدقيقة التي تعمل على تحليل البراز البشري.
كما أن هذه المواد الخطرة تمتزج بمياه الصرف الصحي، لتصل، في النهاية، إلى المياه الجوفية، والوديان والأنهار والبحار، وبالتالي تؤدي إلى تلويثها، فضلاً عن تسميم الأحياء المائية.
ولنحاول أيضًا، تجنب استخدام الصابون المحتوي على مُضافات وعطور ومنشطات كيميائية، لأنها تسبب الحساسية وتهيجات جلدية، فضلاً عن تلويثها للبيئة المنزلية.
كما أن الصابون الذي يحوي مركبات كيميائية حادة، لا يزيل الأوساخ والدهون العالقة بأجسامنا فحسب، بل يزيل أيضًا الطبقة الزيتية الواقية للبشرة. لذا، فلنستخدم الصابون البلدي الطبيعي النقي، والماء الدافئ، لأنهما الوسيلة الأكثر أمانًا، صحيًا وبيئيًا، لتنظيف البشرة.
أما فيما يتصل بالقشرة على الرأس، فيجب ألا نركن إلى المستحضرات الكيميائية لإزالتها، علمًا أن القشرة لا تعد مرضًا، وهي موجودة لدى معظم الناس.
ويحوي شامبو إزالة القشرة العديد من المواد السامة التي يمتصها الجلد، وقد تحرق الجفون، فضلاً عن احتمال تسببها في الخمول، وأحيانا الغيبوبة.
ومن هذه المواد: الفورمالديهايد، كبريتيد السلينيوم، الكريسول وغيرها.
كما أن الفورمالديهايد تحديدًا، يُعد غازًا سامًا ومسرطنًا، ويدخل في تركيب بعض السلع المنزلية، مثل الخشب الرقائقي، والغراء، ومواد العزل الرغوية وغيرها، حيث ينبعث الفورمالديهايد من هذه المنتجات باستمرار.
ويعد الصداع والدوار وتفاعلات الحساسية من أبرز الأعراض التي قد تظهر على من يكونون عرضة لهذه المادة ويستنشقونها على الدوام.
إذن، فلنتجنب، قدر الإمكان، التعرض للفورمالديهايد، وفي حال تواجد هذه المادة في المنزل، فيجب توفير التهوية الدائمة، عبر فتح النوافذ باستمرار.
وبخصوص استخدام المياه، فلنحرص على عدم ترك الحنفيات في بيوتنا مفتوحة والماء يتدفق منها بغزارة.

منزل بيئي نموذجي
إذ أن معظم أعمال المغسلة والمجلى تحتاج إلى مياه جارية باعتدال، كما يجب إصلاح الحنفيات غير المضبوطة والتأكد من فعالية الحلقات المطاطية العازلة فيها، وذلك لمنع سيلان الماء. ولا بد أيضًا من إقفال الحنفية في أثناء الحلاقة وتنظيف الأسنان.
وفيما يتصل بشفرات الحلاقة التي يُعد إنتاجها من الصناعات المربحة جدًا، ننوه إلى أن مئات الملايين من هذه الشفرات تُستعمل وتُرمى يوميًا، في مختلف أنحاء العالم، ما يعني هدرًا كبيرًا للمواد الأولية والطاقة، لذا، يُفضل استعمال شفرات معمرة، أو ماكينة حلاقة كهربائية.
ولنتذكر أيضًا، بأننا في أحيان كثيرة، نشتري كتبًا أو صحفًا لا نقرأها، ما يساهم في تراكم غير ضروري للنفايات الملوثة للبيئة. لنحاول أن نشتري منتجات ورقية أعيد تدويرها، ولنعمل على تدوير جرائدنا ومجلاتنا، مساهمين بذلك في إنقاذ آلاف الأشجار، وبالتالي تخفيض المواد الملوثة للهواء، وكميات المياه والطاقة المستهلكة في الصناعة.
وفي حال غياب مركز لإعادة تدوير الصحف في محيط سكننا، فلنبادر، مع الفعاليات المحلية والأهلية لتوفير مثل هذا المركز.
وفي كل الأحوال، فلنحاول قراءة الجرائد الإلكترونية، أو قراءة الجرائد الورقية في المكتبات والمؤسسات العامة.
ولننتبه أيضًا إلى ضرورة إطفاء الأنوار التي لسنا بحاجة إليها، في مختلف أنحاء المنزل.
كما أن تركيب مصابيح الكهرباء الكشافة خارج المنزل، يُعد هدرًا للطاقة، خاصة وأنها غالبًا ما تُنْسَى مضاءة. لذا، يفضل وصلها بجهاز توقيت يشغلها في الليل، ويطفئها في النهار.
ولتخفيض فاتورة الكهرباء بشكل ملحوظ، فلنغَلِّف خزان الماء الساخن في منزلنا بقطعة قماش سميكة وعازلة، ولا نكتفي بالمادة العازلة الرقيقة وسيئة التركيب، من الشركة المصنعة.
ولتسخين الماء، يُفضل استخدام السخانات الشمسية، فتسخين الماء بالطاقة الشمسية يوفر أكثر من 70% من تكاليف تسخين الماء في المنزل. وتُرد كلفتها خلال نحو ثلاث سنوات، وهي أجهزة نظيفة ومأمونة ولا تتضمن قطعًا متحركة تحتاج إلى صيانة دائمة. كما أن اللاقطات الشمسية مصنوعة من السيليكون، وهي مصدر طاقة مجاني ومتجدد ومتاح للجميع، ولا يسبب أضرارا بيئية.
ونشير هنا، إلى أن أكثر من ثلثي الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تستغل الطاقة الشمسية بواسطة سخانات المياه الشمسية.
وفي حال أن نوافذ المنزل تتجه نحو الجنوب، فيمكننا الاستفادة من أشعة الشمس، لتدفئة المنزل في الشتاء. لذا، يجب فتح الستائر في الغرف المواجهة للشمس، كي تتسرب الحرارة إلى داخل المنزل، وذلك بدلًا من تشغيل نظام التدفئة الكهربائي أو المعتمد على الوقود الأحفوري.
في الشتاء، يجب إغلاق جميع الفتحات حول وتحت الأبواب والشبابيك، مع اختيار الوقت المناسب لتهوية المنزل عند الضرورة، علمًا أن نحو 25% من حرارة المنزل يمكن أن تضيع بسبب التيارات الهوائية التي تتسلل عبر النوافذ والأبواب.
وبإمكاننا سد أماكن التسرب بلصقات مطاطية متينة، أما الثقوب الصغيرة والنوافذ غير المستقيمة، فيمكننا سدها وضبطها باستعمال مادة السيليكون المطاطية العازلة، فهي رخيصة الثمن وتتكيف مع التقلبات الجوية.