
باريس/ آفاق البيئة والتنمية: قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن البشرية "تسير في الاتجاه الخاطئ" في مجال التغير المناخي بسبب إدمانها على الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي)، في تقييم يُظهر أن الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري باتت الآن أعلى مما كانت عليه قبل الوباء.
وحذّرت "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" التابعة للأمم المتحدة وبرنامج البيئة التابع للهيئة الأممية من أن الكوارث مثل الفيضانات العارمة في باكستان وموجة الحر التي تدمر المحاصيل في الصين هذا العام ستصبح شائعة إذا أخفق الاقتصاد العالمي في خفض الانبعاثات الكربونية، عملاً بما يقول العلم إنه ضروري لمنع أسوأ تداعيات الاحترار العالمي.
وأكد غوتيريش عند تقديمه تقريراً للأمم المتحدة في هذا الشأن في سبتمبر/ أيلول الماضي أن "الفيضانات والجفاف وموجات الحر والعواصف الشديدة وحرائق الغابات تمضي من سيء إلى أسوأ، محطمةً مستويات قياسية بوتيرة تنذر بالخطر".
وحذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن الجفاف الذي يجتاح القرن الإفريقي، ويهدد الملايين بنقصٍ حاد في المواد الغذائية، قد يمتد إلى عام خامس على الأرجح.
وقال غوتيريش "لا يوجد شيء طبيعي بشأن الحجم الجديد لهذه الكوارث، إنها ثمن إدمان البشرية على الوقود الأحفوري".
ويبرز تقرير الأمم المتحدة بعنوان "متحدون في العلم" أنه رغم مرور قرابة ثلاث سنوات على إعطاء جائحة كوفيد الحكومات فرصة فريدة لإعادة التفكير في مسألة تشغيل اقتصاداتها، فإن البلدان تمضي قدمًا في التلوث كالسابق.
ورأى التقرير أنه بعد انخفاض غير مسبوق للانبعاثات بلغ 5.4 في المئة في عام 2020 بسبب الإغلاق والقيود المفروضة على السفر، تُظهر البيانات الأولية من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار من هذا العام أن الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون أعلى بنسبة 1.2 في المئة مما كانت عليه قبل جائحة كوفيد.
ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الزيادات المرتفعة على أساس سنوي في الولايات المتحدة والهند ومعظم الدول الأوروبية.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس إن "العلم لا لبس فيه، نحن نسير في الاتجاه الخاطئ".
وأضاف: "تركيزات غازات الاحتباس الحراري مستمرة في الارتفاع وصولًا إلى مستويات قياسية جديدة. معدلات انبعاثات الوقود الأحفوري الآن أعلى من مستويات ما قبل الوباء، والسنوات السبع الماضية كانت الأكثر دفئًا على الإطلاق".
من جهته، قال البرنامج الأوروبي لرصد الأرض "كوبرنيكوس" الأسبوع الماضي إن صيف 2022 كان الأكثر سخونة في أوروبا، وأحد أكثر فصول الصيف حرًا على مستوى العالم منذ بدء حفظ السجلات في السبعينيات.
وتوصل تقرير أصدرته الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى وجود احتمال بنسبة 93 في المئة في تجاوز معدلات السنة الأكثر سخونة على مستوى العالم، والتي يعني بها سنة 2016، في خمس سنوات.
وحذّر التقرير من أن مواصلة استخدام الوقود الأحفوري تعني تساوي احتمالات عدم حصر الاحترار المناخي في حدود 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية (احتمال بنسبة 48 في المئة).
واتفق ممثلو 196 دولة أعضاء في الأمم المتحدة في مؤتمر في باريس في عام 2015 على العمل على ألا يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة درجتين مئويتين مقارنة بالوضع قبل الثورة الصناعية، وفي حدود 1.5 درجة إن أمكن.
ومع مرور أكثر من ثلاثة عقود على المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة، لا تظهر الدول الثرية الملوِّثة مؤشرات تُذكر على استعدادها لخفض الانبعاثات بما يحافظ على هدف 1.5 درجة.
وفي أيلول الماضي قال "برنامج الأمم المتحدة للبيئة" في تحديث للتقييم السنوي بشأن "فجوة الانبعاثات" في أعقاب تعهدات جديدة قطعت في قمة "كوب 26" الأخيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني في غلاسكو، إن حتى تلك الوعود لم تكن كافية إطلاقًا.
ورأى أن طموح بعض الدول في تعهداتها الأخيرة بحاجة ليكون أكبر بأربع مرات من أجل حصر الاحترار بدرجتين، وأكبر بسبع مرات لحصره بدرجة ونصف.
وفي المجمل، فإن السياسات المناخية الحالية في أنحاء العالم، تضع كوكب الأرض في مسار احترار بحدود 2.8 درجة بحلول 2100، وفق تقييم برنامج البيئة.
وقال غوتيريش إن التقييم الأخير يُظهر أن "التداعيات المناخية تتجه إلى منطقة دمار مجهولة، ومع ذلك فإننا نضاعف كل عام من إدمان الوقود الأحفوري هذا، حتى مع تفاقم الأعراض بسرعة".
المصدر: AFP