
القاهرة/ آفاق البيئة والتنمية: قالت "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" في سبتمبر الماضي إنه مع ارتفاع درجات الحرارة ومنسوب مياه البحار وظروف الجفاف والفيضانات، تؤثر تداعيات تغير المناخ تأثيراً غير متناسب على أفريقيا، داعية إلى مزيدٍ من التمويل لمساعدة البلدان على التكيف.
وتصدّر أفريقيا اثنين إلى ثلاثة في المئة فقط من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، لكن عموماً عام ترتفع درجة حرارة القارة بأسرع من المتوسط العالمي.
وكان العام الماضي واحدًا من أكثر أربعة أعوام حرارة على الإطلاق، حسبما ذكرت "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" في تقريرها الأخير عن "حالة المناخ في أفريقيا 2021".
يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه أفريقيا الدول الأكثر ثراء والمسبّبة للتلوث بتقديم المزيد من الأموال لمشروعات التكيف في القارة والتعويض عن الخسائر المرتبطة بتغير المناخ، وهي موضوعات من المتوقع التركيز عليها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب27" في نوفمبر/ تشرين الثاني في مصر، والذي يُطلق عليه اسم "كوب الأفريقي".
وأكدت المنظمة الحاجة المتزايدة للاستثمار في التكيف مع المناخ وعدّته أمراً بالغ الأهمية، مشيرة إلى أن التأثيرات المناخية يمكن أن تكلف الدول الأفريقية 50 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، ويأتي الجفاف والفيضانات في مقدمة بواعث القلق.
وتسجّل بعض مناطق أفريقيا ارتفاعاً في منسوب مياه البحار بأسرع من المتوسط العالمي بمقدار مليمتر واحد سنوياً، ما يؤدي إلى تفاقم خطر الفيضانات الساحلية الشديدة.
كما ألقى التقرير الضوء على تزايد اضطراب أنماط الأمطار الذي أدى إلى أسوأ موجة جفاف في القرن الأفريقي منذ أكثر من 40 عامًا وفيضانات مدمرة في مناطق جديدة من القارة بوتيرة أكثر تكراراً.
وسجَّل جنوب السودان أسوأ فيضانات منذ 60 عاماً العام الماضي، والتي ألحقت أضرارًا بأكثر من 800 ألف من السكان، بينما شهدت تشاد هذا العام أكثر هطول للأمطار خلال ما يزيد على 30 عاماً، لتواجه مع العديد من البلدان الأخرى في وسط وغرب أفريقيا فيضانات موسمية.
ويقول العلماء إن الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة تفاقمتا بسبب تغير المناخ الذي يسببه البشر، وسوف تزداد شدتهما وتواترهما مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقال الأمين العام للمنظمة، بيتيري تالاس، إن تحسين مقاومة البلدان الأفريقية "يستدعي أن تُسرِّع القارة الجهود لتأسيس أنظمة إقليمية ومحلية قوية للإنذار المبكر وخدمات مناخية".
ويقدم التقرير تنبؤاً قاسياً بالأزمات المرتبطة بالمناخ التي تهدد أفريقيا.
وقال إن من المستبعد أن تحظى أربع من كل خمس دول أفريقية بموارد مياه تُدار على نحو مستدام في غضون سبع سنوات.
ومن المتوقع أن يؤدي الإجهاد المائي وحده إلى نزوح ما يصل إلى 700 مليون شخص في الفترة نفسها.
على صعيد آخر قالت وزيرة البيئة المصرية، ياسمين فؤاد، التي تستضيف بلادها قمة "كوب"،27 إن أفريقيا لا تتحمل مسؤولية التغير المناخي لكنها الأكثر تضرراً منه.
وشدّدت وزيرة البيئة المصرية على أنه بات من الضروري أن "تكون هناك وقفة على مستوى التعاون الدولي لتوضيح أهمية أن يفي الجميع بالتزاماتهم كما جاء في اتفاقية باريس، بما في ذلك قيام الدول المتقدمة بتوفير موارد مالية لمساعدة الدول النامية".
وسبق أن ذهبت مع الريح وعود قطعت في قمة المناخ في كوبنهاغن عام 2009 بأن يُمنح تمويل تصل قيمته إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2020 لمساعدة الدول الأكثر هشاشة على التكيف مع التغيرات المناخية. وجاء عام 2020 وانقضى من دون أن تتحقق الوعود.
وقالت ياسمين فؤاد "كان يُنظر إلى القطاع البيئي على أنه معرقل للاستثمار، ونوع من الرفاهية".
وأضافت أنه اعتباراً من عام 2018 بدأت مصر "في تغيير رؤيتها لأهمية تطوير القطاع البيئي"، قائلة: "لم يعد هناك اليوم فصل بين الاحتياجات الأساسية للإنسان وهي الغذاء والمياه والطاقة، وتغير المناخ".
وأشارت إلى أن "مصر تقدم أنموذجاً مختلفاً، وهو أنموذج يمكن أن يُنّفذ في أفريقيا أو في أي دولة أخرى وهو ربط مشروعات الطاقة – التي نقول عنها مشروعات ربحية – بعملية الغذاء والمياه، بمعني استخدام مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة في توفير المياه على سبيل المثال بواسطة تحلية مياه البحر".
ورأت أن مثل هذه المشروعات "يمكن أن تربط التمويل اللازم للدول النامية ومن أجل الحفاظ على البيئة بالاحتياجات الأساسية للتنمية لأن لا فصل بين الاثنين".