خاص بآفاق البيئة والتنمية

تُعد البَطَاطا أو البطاطس من أكثر محاصيل الخضراوات انتشارًا في العالم، وتحظى بشهرة واسعة وقبول كبير؛ حتى أنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أهم المأكولات العالمية.
وللبطاطا قيمة غذائية عالية، فهي من الأغذية ذات المصدر الجيد للنشاء والكربوهيدرات والفيتامينات خاصة B6 و C والعناصر الغذائية (النحاس، البوتاسيوم، المنغنيز، والألياف الغذائية).
تُزرع البطاطا في معظم الدول، وهي "محصول دَرني" وبموجبه تنمو الثمار تحت الأرض، وتَعتلي البطاطا على مستوى العالم مركزًا متقدمًا من حيث الأهمية بعد القمح والأرز والذرة.
شدة وفترة الإضاءة
ثمة علامات تظهر على النباتات وثمارها من شأنها أن تعطينا بعض المؤشرات المهمة عنها أو بمعنى آخر "إشارة حمراء" تهدد صحتنا لا بد وأن نتوقف عندها، وإحدى العلامات: اخضرار دَرنات البطاطا.
يخبرنا المهندس محمد لبد من وزارة الزراعة في مدينة غزة، عن أسباب هذا الاخضرار، وفيما لو كان مضرًا لصحة الانسان، قائلًا: "يتكون اللون الأخضر في حبة البطاطا غالبًا، بعد مرحلة الحصاد وليس في أثناء فترة الزراعة، وينجم الاخضرار عند تعرض البطاطا إلى إضاءة شديدة أو طول مدة التعرض للضوء في الحقل أو خلال التخزين أو في مرحلة العرض للبيع، والمرحلة الخطرة تحدث في المنزل بسبب طول فترة التخزين".
ويشير م. لبد في حديثه إلى أن "الاخضرار" يحدث نتيجة تكوّن مادة "الكلوروفيل" التي تعطي اللون الأخضر ويأخذ إما شكل بقع في النبات أو طبقة تتكون تحت القشرة، فيما تُعد هذه الصبغة آمنة تمامًا وتتواجد في جميع النباتات مثل الخس والسبانخ، وبشكل أساسي في الأوراق، وهي مسؤولة عن قدرة النبات على تصنيع الغذاء وتدخل في عمليات حيوية كثيرة داخله.
ويذكر لبد أن "شدة وفترة الإضاءة كلما زادت زاد الاخضرار، كما أن ارتفاع درجة الحرارة في الجو المحيط له تأثير إضافي.
سألنا سيدة غزاوية تدعى سمية عما تعرفه عن اخضرار البطاطا، فقالت: "ألاحظ وجود الاخضرار على البطاطا في كثير من الأوقات عند شرائها وغالبًا لا يظهر بوضوح، ويلفت انتباهي أيضاً أن اللون الأخضر يظهر بعد مرور فترة طويلة عليها في المنزل".
ولا تعرف سمية سبب ظهور هذا الاخضرار، وفيما إذا كان يسبب ضررًا؛ وتقر بأنها كانت تطبخها على حالها، إلى أن تكرر تذمر أحد أبنائها من الطعم المُر لهذه البطاطا المُخضرة، وحينها رأت أن الصغير محق في ملاحظته لأن المذاق لا يبدو كما يجب، ومنذ ذلك الوقت تسارع إلى إزالة تلك المواضع، وفي حال كان اللون واضحًا تتخلص من الحَبة كليًا".

أعراض التسمم بـ "السولانين"
بالعودة إلى المهندس محمد لبد، يؤكد أن مادة "الكلوروفيل" نفسها لا تمثل مشكلة، لكن ظهورها على البطاطا يرتبط بإنتاج مادة سامة تسمى "سولانين" وهنا تكمن المشكلة.
والسولانين مركب سام من المواد الكيميائية، وأحد الأيضات الثانوية العديدة التي تنتجها بعض النباتات- نباتات الفصيلة الباذنجانية مثل البطاطا والبندورة –.
وترّكِب نبتة البطاطا السولانين بشكل طبيعي خصوصاً في الأوراق والجذوع لمقاومة الفطريات والحشرات التي قد تتطّفل عليها، وللدفاع عن نفسها من الحيوانات التي قد تتناولها، فالحيوانات لا تتناول النباتات التي قد تسبب لها التسمم، ولسوء الحظ، هذه المركبات من الوارد أن تتسبب بتسمم الإنسان.
وفي سؤاله عن أعراض التسمم بالسولانين، يؤكد أن التقارير في هذا الصدد نادرة عمومًا. وذلك يرجع حسب رأيه، إلى أنه لا يُبلّغ عن البطاطا المخضرة من قبل الجهات المختصة بسبب تشابه الأعراض مع الأمراض الأخرى التي لها أكثر من مصدر في العادة.
وتكون التأثيرات في الغالب معدية مَعوية، بحسب لبد، وغالبًا ما تحدث بعد مدة تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات، وقد تُنتج أيضًا تأثيرات تصيب الجهاز العصبي المركزي عند تناول كميات كبيرة.
وتشمل الأعراض: آلام في البطن أو المعدة، هذيان (انفعالات وارتباك)، إسهال، اتساع حدقة العين، حمة، هلوسة، صداع، استفراغ، وغثيان.
ويحذر من حالات التسمم شديدة الخطورة، إذا تم تناول كميات كبيرة تحتوي على تركيز عالي من السولانين.
وتبعًا لحديث لبد، فإن البطاطا التي تحتوي على مستويات غير مقبولة من السولانين، عادة لا تصل إلى السوق، وتُتلف في حال وجود كمية منها في جولات المراقبة والتقييم، ومع ذلك، إذا لم يتم التعامل مع البطاطا بشكل صحيح، فليس من المستبعد أن تُنتج السولانين بعد توصيلها إلى أماكن البيع أو أثناء تخزينها في المطبخ".
إرشادات هامة
"هل باستطاعة المستهلك المحافظة على البطاطا بحيث لا تأخذ اللون الأخضر؟".. يجيبني بالقول: "نعم. التخزين المناسب للبطاطا أمر بالغ الأهمية، وحتى نمنع ارتفاع مستويات السولانين الضار، لا بد من فحص جيد للبطاطا قبل شرائها والتأكد من عدم تضررها أو أنها قد بدأت بالاخضرار".
وينصح بتخزين البطاطا في حقيبة غير شفافة (كيس الخيش مثلاً) وذلك في الجزء الخلفي من خزانة، أو درج في المطبخ، حتى تكون محمية بشكل أفضل من الضوء والدفء".
وفي السياق نفسه يضيف: "يجب الأخذ بالاعتبار، أن المطبخ العادي أو غرفة المؤن دافئة جداً للتخزين على المدى الطويل. وبالتالي إذا لم يكن لديك مكان درجة برودته مناسبة لتخزين البطاطا، عندئذٍ نحبّذ شراء كمية محدودة للاستخدام دون فائض".
داعيًا في الوقت نفسه، إلى عدم تخزين البطاطا في الثلاجة بسبب برودتها، "فبعض الدراسات أظهرت زيادة في مستويات السولانين بسبب التخزين في درجات حرارة الثلاجة".
ويقدم لبد جُملة من الإرشادات لتجنب المخاطر التي قد تنشأ بفعل مادة السولانين، إذ يتوّجب تقشير البطاطا؛ كون هذه المادة السامة توجد أسفل القشرة مباشرة وفي الدرنات أيضًا، وقبل الطبخ ينبغي قطع الجزء الذي يظهر عليه اللون الأخضر بشكل واضح.
ولا يجوز تناول البطاطا إذا كانت تحتوي على درنات كثيرة وبقع خضراء واسعة وتغطي جزءًا كبيرًا منها. كما لا يجوز استخدام الماء الذي اُستخدم في الطبخ، نظرًا لانتقال مادة "السولانين" إليه.
ولتجنب الإصابة بهذا السم، يكفيك عزيزي القارئ تجنب البطاطا التي يظهر عليها اللون الأخضر، وهكذا تضمن حماية نفسك وعائلتك من احتمالية الإصابة بهذا المادة السامة.