خاص بآفاق البيئة والتنمية
تشكل مياه الصرف الصحي خطورة على الصحة العامة إن بقيت دون معالجة، لاحتوائها على العديد من الملوثات والشوائب الخاملة والميثان والملوثات الحيوية مثل الحيوانات الميتة والديدان وانتشار البعوض والحشرات وانبعاث الروائح الكريهة. ورغم حاجة السكان الملحة في قطاع غزة لمشاريع استراتيجية تعالج مياه الصرف الصحي، ظل ذلك المطلب بعيد المنال بسبب الحصار الإسرائيلي ومحدودية التمويل الدولي في هذا الاتجاه. ورغم تلك التحديات تمكن قطاع غزة من إنجاح الجهود المحلية والدولية في إقامة مشاريع استراتيجية لمعالجة المياه العادمة، وقد ساهم في الدفع بهذا الاتجاه توصيات التقارير المحلية والدولية المؤكدة على خطورة الوضع الصحي والبيئي الناجم عن بقاء مياه الصرف دون معالجة.
|
شكلت المياه العادمة على امتداد عشرين عاماً مصدراً رئيسياً من مصادر التلوث البيئي في قطاع غزة، فقد تسببت بآثار سلبية حادة على المكونات البيئية، وكان أبرزها تغير في مكونات التربة، وزيادة نسبة النيترات في مياه الخزان الجوفي، علاوة على تلوث مياه البحر.
وكي يتخلصوا من مياههم العادمة، يعتمد سكان قطاع غزة المقيمين على مساحة 365 كم2 على شبكات تصريف عامة والتي تغطي نسبة 60%، وحفر امتصاصية تغطي نسبة 40% تتركز جلّها في المناطق الزراعية.
ورغم حاجة السكان المُلّحة لمشاريع استراتيجية تعالج مياه الصرف الصحي، ظل ذلك المطلب بعيد المنال بسبب الحصار الإسرائيلي ومحدودية التمويل الدولي في هذا الاتجاه.
ورغم تلك التحديات إلا أن قطاع غزة، تمكن من إنجاح الجهود المحلية والدولية في إقامة مشاريع استراتيجية في مجال معالجة مياه الصرف الصحي، وقد ساهم في الدفع بهذا الاتجاه توصيات التقارير المحلية والدولية المؤكدة على خطورة الوضع الصحي والبيئي الناجم عن بقاء مياه الصرف دون معالجة.
إحدى محطات معالجة مياه الصرف الصحي في غزة
ضرر على البيئة
وأكد بهاء الآغا مدير حماية البيئة في سلطة جودة البيئة أن المياه العادمة تعد مشكلة كبيرة جداً لطالما أرّقت السكان الغزيين على مدار 20 عاماً، مبيناً أن البنية التحتية للتعامل مع المياه العادمة غير كافية، وأشد أنواع التلوث هو الناجم عن مياه الصرف المتضمنة للنيترات والمركبات النيتروجينية، وهذه تشكل خطورة إذا ما وصلت إلى مياه الشاطئ أو الخزان الجوفي.
ودعا الآغا إلى تكثيف الجهود المحلية والدولية لتغطية كافة المناطق بشبكات تصريف والاستعاضة عن الحفر الامتصاصية التي تترك تأثيرها السلبي على الأراضي الزراعية.
وحث على أهمية توفير مصدر طاقة دائم، لإبقاء محطات المعالجة القديمة والاستراتيجية تعمل باستمرار لأن انقطاع التيار ساعة واحدة عن المحطة يُحوّل البحر إلى مكرهة صحية ويضر بالبيئة.
وللمياه العادمة غير المعالجة، تبعات سلبية على الأراضي الزراعية وخصوبة التربة، وفق ما يؤكده الخبير الزراعي م. نزار الوحيدي.
وقال الوحيدي لـ"آفاق البيئة والتنمية"، إن قطاع غزة عانى من مشكلة عدم توفر مشاريع كافية للتعامل مع مياه الصرف الصحي، بسبب اندلاع انتفاضة الأقصى، وما أعقبها من إغلاقات للمعابر، والحصار على القطاع والحروب الثلاثة، وهي جميعها شكلّت بيئة منفرة للمانحين الدوليين.
|
|
محطة معالجة عاملة في غزة |
محطة معالجة في غزة |
وبين الوحيدي أن سكان القطاع كانوا يوجهون مياه الصرف الصحي إلى البحر في بادئ الأمر، ثم أقيمت محطات معالجة لاحقاً لكن هذه المحطات توقف معظمها عقب تشديد الاحتلال للحصار وما تبع ذلك من وجود أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
وأضاف الوحيدي أن المياه العادمة تسبّبت في تلوث مياه البحر ونفوق كائنات بحرية تعيش بالقرب من الشاطئ، كما أنه حظر على المصطافين النزول إلى البحر أكثر من موسم بسبب ارتفاع نسبة التلوث وتسببه بأمراض جلدية وحساسية.
ولم يقف تلوث المياه العادمة عند هذا وحسب -يضيف الوحيدي-، بل أنها تسببت في تغير المكونات والعناصر الداخلية لتركيبة التربة، مبينا ً أن المياه العادمة تحتوي على شوائب، ومواد زيتية، ومخلفات مصانع، ومواد بلاستيكية ذائبة، وجميعها تسببت في تفتيت مكونات التربة، ما أدى الى تسللها إلى الخزان الجوفي ورفع نسبة النيترات فيها.
ولفت الوحيدي إلى أن محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، أقل المناطق خدمة في مجال الصرف الصحي لأنها منطقة زراعية ويعتمد فيها التصريف على إنشاء حفر امتصاصية، والتي تشكل خطراً على التربة والصحة العامة.
|
|
محطة معالجة قيد الإنشاء في غزة |
محطة معالجة مياه الصرف الصحي في غزة |
مشاريع استراتيجية
وللوقوف أكثر على طبيعة المشاريع القائمة في قطاع غزة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي، يبين رامي المصري، نائب مدير عام المشاريع في وزارة الحكم المحلي أن مياه الصرف الصحي فيها خطورة كبيرة على الصحة العامة إن بقيت دون معالجة، وذلك لاحتوائها على العديد من الملوثات والشوائب الخاملة والميثان والملوثات الحيوية مثل الحيوانات الميتة والديدان، وانتشار البعوض والحشرات وانبعاث الروائح الكريهة.
وأوضح المصري أن قطاع غزة تُنفذ فيه حالياً ثلاثة مشاريع استراتيجية لمعالجة مياه الصرف الصحي، إذ ستعالج حين الانتهاء من كافة مراحلها الكمية الأكبر من مياه الصرف قبل توجيهها للبحر أو للأغراض الزراعية.
وذكر أن أول هذه المحطات، محطة معالجة مياه الصرف الصحي في شمال شرق مدينة غزة، تقع على مساحة 100 دونم، ويستفيد منها اجمالي 350 ألف نسمة.
وبين المصري أن المحطة تعمل بقدرة استيعابية مقدارها 35,600 م3 يومياً، وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بـ 115 مليون دولار أميركي بتمويل من البنك الدولي ووكالة التنمية الفرنسية والاتحاد الأوروبي والسويد وبلجيكا.
وأضاف المصري أن المحطة الثانية "محطة المعالجة المركزية" – شرق البريج وسط القطاع، والتكلفة الإجمالية للمشروع 86.6 مليون يورو بتمويل من بنك الائتمان الألماني لإعادة التنمية) (KFW.
|
|
مشاريع إنشاء محطات الصرف الصحي في غزة تتقدم ببطء |
معالجة مياه الصرف الصحي |
وأفاد أن مرحلته الأولى أُنجزت بإنشاء محطة المعالجة والتي ستكون قادرة على معالجة 60 ألف متر مكعب من المياه العادمة بقيمة إجمالية حوالي40 مليون يورو، بالإضافة إلى حوالي 20 مليون يورو لاستكمال المشاريع المكملة للمحطة من خطوط ضغط وخطوط بالميول الطبيعية ومحطة الضخ المركزية لتجميع المياه من المحافظة الوسطى ومدينة غزة على أن يتم خلال العام 2025 البدء بالمرحلة الثانية من المشروع بتوسعة المحطة لتصل الى 120 ألف متر مكعب يومياً.
وأشار إلى أن المشروع يتضمن إنشاء خلايا شمسية بقدرة 2 ميغاوات لتغذية المحطة وربط محطات ضخ مياه الصرف الصحي المحاذية لوادي غزة بشبكة الطاقة الكهربائية الخاصة بمحطة المعالجة المركزية شرق البريج.
أما المحطة الثالثة فتوجد في خانيونس جنوب القطاع، ويتحدث عنها م. يحي أبو عبيد القائم بأعمال مدير المحطة، مبينًا أن المحطة بلغ تمويلها 58 مليون دولار بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية من خلال البنك الإسلامي للتنمية والحكومة اليابانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأضاف أبو عبيد أنه تم البدء بتشغيل المحطة في نوفمبر 2019، بحيث تغطي خدمة المحطة 58% من مساحة مدينة خانيونس، ستخدم المحطة في المرحلة الأولى والتي أُنشئت بسعة 26.600 متر مكعب يومياً ما يزيد عن 217 ألف نسمة، مشيراً إلى أنه ستصل سعة المحطة في المرحلة الثانية إلى 44,900 متر مكعب يومياً لخدمة معظم سكان المحافظة.
وبين عبيد أنه أخذ في الاعتبار استدامة المحطة من خلال محطة الطاقة الشمسية المزمع تنفيذها في الفترة المقبلة بقدرة 7 ميجاواط لتزويد محطة المعالجة بالكهرباء اللازمة لتشغيلها، ما سيساهم في خفض التكلفة التشغيلية بنسبة 50%، سيتم تنفيذ محطة الطاقة على مراحل بقدرة 1.3 ميجاواط للمرحلة الأولى عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتمويل من الحكومة النرويجية.
|
|
منشأة لمعالجة المياه العادمة في قطاع غزة |
منشأة معالجة المياه العادمة في غزة |