عن عَتبات البيوت الفرحانة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
منزل الفنان رائد سعيد في حي باب حطة بالقدس العتيقة
أنا عازف موسيقي، وعادة أقضي وقتاً لا بأس به في التنقل بين البلدان الأوروبية. عندما بدأت جائحة كورونا بالتفشي في مختلف أنحاء العالم، وكان من ضمن الإجراءات تقييد حركة السفر، اضطررت للبقاء في منزلي بحي باب حطة بالقدس العتيقة.
كنت كلما تأملت العمران في البلدة، أخذني الشوق إلى المدن القديمة في أوروبا، وإلى الزهور في الأصص التي تزين عتبات البيوت فيما يُلاطف نسيمها العابرين في الطرقات، وشدني الحنين إلى الألوان البرّاقة لأعمدة الإنارة والنوافذ؛ والرسم على الجدران.
في غمرة هذا الإحساس تشجعّت لمحاكاة التجربة، بتزيين واجهة منزلي في "باب حطة"، إذ زرعت في قوارير ملونة الورد بأنواعه، والريحان والنعناع وغيرها من الشتلات، كما لوّنت الباب والشبابيك وأعمدة الإنارة، ورسمت على الجدران، سعيد حقاً أنني حركّت الجَمال الساكن، ونقلت العدوى لجيراني.
اتسع نطاق الفكرة وتحوّلت لمبادرة شبابية تشمل عتبات كل البيوت في الحيّ. عملنا بعد تخطيط يملؤه الشغف، على ضخ الحياة من جديد في الأزقة وأطلقنا على الحملة اسم "باب منزلي هو الأجمل".
حرصت على مشاركة الأطفال في كل مراحل المبادرة بدءًا من اختيار الشتلة، مرورًا بزراعتها، وتلوين الأعمدة والشبابيك، وليس انتهاءً بتوزيع الأصص على العتبات. أعتقد أن ذلك ساهم في إذكاء حسّ المسوؤلية والانتماء لديهم، ومنحهم فرصة ليصبحوا أصدقاء جيدين للبيئة.
أما الجانب الأكثر جمالًا، هو سعادة السيدات الكبيرات في السن بما فعلناه، تقول لي إحداهن بنبرة ممتنة كلما مررت من جانبها "عندما شغلتنا الحياة بظروفها وكدنا ننسى سِحر الطبيعة ووقعه على النفس، جئتَ أنت ورششتَ الفرحَ على عتبات البيوت".
رائد سعيد
الفنان رائد سعيدفي القدس العتيقة