خاص بآفاق البيئة والتنمية
محمد مساعيد يمارس الكثير من الأعمال لصالح بلدية طوباس
جمع محمد ناجي مساعيد بين أكثر من مهنة، وانحاز في كل أعماله إلى البيئة ما أستطاع، وحرص على تقديم نقد دائم للمتسببين في تلويث محيطهم.
أبصر مساعيد النور عام 1957، وأضطره رحيل والده المبُكر إلى تركه مقاعد الدراسة قبل إكمال الثانوية العامة؛ لمساعدة أسرته، ولينخرط في سن مبكر في العمل الزراعي والبناء والسيراميك وقيادة الجرار الزراعي المتصل بدرّاسة (آلة نزع القشور عن الحبوب والقطاني)، بين الأغوار وطوباس والداخل المحتل.
النظافة ثقافة
قال وهو يخطط علامات جديدة للمارة في شارع رئيس وسط طوباس: تنقلت بين مهن عديدة، وأمارس الكثير من الأعمال لصالح بلدية طوباس، فأقود الجرار الزراعي، وأجمع القمامة، وأصلح الشوارع المكسرة، وأحفر وأنظف الآبار، وأزيل الركام.
ووفق الراوي، فإن نهاره يسبق الشمس، ويمتد إلى ما بعد الدوام الرسمي، ويبدي إنزعاجًا كبيرًا من طريقة تعامل المواطنين والمارة مع البيئة باستهتار، فلا يحرصون على النظافة، ويخربون الممتلكات العامة، ويشعرون أن عامل النظافة وجد لكي يستمروا في تلويثهم للطرقات والأماكن العامة، متناسين أن النظافة تربية وثقافة.
وتابع: التحقت بطاقم البلدية عام 1992، وعملت فترات قبلها مياومة، وسبق أن اقتنيت درّاسة كنت أتجول فيها على المزارع والحقول، وعملنا طوال الصيف في القمح والشعير والعدس والحمص، وتحويل بالات القش إلى تبن، ولكن هذه المهنة انتهت منذ عدة سنوات بشكل كامل.
مهن راحلة
ابتاع مساعيد آلة نزع القشور عن الحبوب من نابلس بمبلغ كبير منتصف الثمانينيات ( نحو 1800 دينارًا)، لكنها اليوم متوقفة عن العمل، بسبب تراجع الأنماط الزراعية، وتنفيذ الحصّادات الحديثة الأعمال نفسها بديلاً عن الآلة اليدوية.
وزاد: كانت أجواء العمل على الدرّاسة جميلة، وكنا نسجل المزارعين الراغبين بالحصاد على الدور، ونتنقل من منطقة لأخرى، وبدأنا العمل على الساعة الواحدة بخمسة دنانير، وانتهى الأجر بـ 100 شيقل، وكان العمل شاقًا، وخاصًة مع غبار القش والقشور، والأجواء الحارة، وكان اثنان من العمال يضعان المحصول داخل الآلة، بعد رفعه بالشواعيب (أداة يدوية تشبه الشوكة)، وكنا نشاهد فرح المزارعين بالمحصول، وجمعهم له بأكياس الخيش، وينتهي اليوم بغداء دسم وضيافة تشبه العرس.
محمد مساعيد
جرّارات وربو
نال مساعيد رخصة قيادة الجرار عام 1986، وبدّل خمسة أنواع منها: جوندير، وميجير، وفيات، وميسي فيرجسون، وكان ثمنها مرتفعًا قياسًا باليوم، وبجودة أعلى، ولا تسير دون ترخيص وتأمين. وانتشرت خمس درّاسات في المحافظة، وبالكاد كانت تستطيع الوفاء بمتطلبات مزارعيها.
واستنادًا إلى الراوي، فإنه زرعَ البندورة والفلفل، لكنه تحول فيما بعد لأعمال البناء والدهان والبلاط والقصارة وحفر آبار المياه، لكن الربو لازمه منذ منتصف الثمانينيات بسبب الغبار الكثيف لآلته، ثم انتقل إلى البلدية، التي يحرص على جمع النفايات والأتربة من طرقاتها.
وقال مساعيد: "أتضايق كثيرًا حين أرى التعدي على البيئة واقتلاع الأشجار. لا أطلب المستحيل، فأمنيتي أن أسير في شوارع نظيفة، ولا أرى معتدين على الطرق والأشجار."
حلول وشرطة
وأضاف: الحل لمشكلة انعدام النظافة، وإلقاء المواطنين النفايات في كل مكان فرض غرامات مالية، فحين يشعرون بأنهم سيدفعون مقابل أعمالهم، سيتوقفون عن هذا السلوك، وخاصة مع وجود شرطة للبلدية تُراقب وتُتابع، ولن يتعاملوا مع موظفي جمع النفايات على أنهم وجدوا لأجل مقابلتهم برمي كل شيء على الأرض.
ومساعيد أب لولدين وست بنات، مهتم بتعليم البنات بعد تحول الأبناء إلى سوق العمل، وبالقدر الذي يحب فيه البيئة النظيفة، يتحسر على تراجع الممارسات الزراعية، واندثار جزء منها، كـ"حصادات الرباط" للقمح والشعير، وتناقص المساحات الزراعية، وهجر الشباب لأرضهم.
aabdkh@yahoo.com