أراضي بتير في مناطق 1948 بسبب اتفاقيات رودس
خاص بآفاق البيئة والتنمية
للوهلة الأولى وحين يذكر اسم قرية بتير، يكون للباذنجان حصة من التعريف، ليس لارتباط زراعته بالقرية تاريخياً ولكن للدلالة على ان في القرية خصب ونماء يدب من بين ثنايا الأرض فاكهةً وخضراوات ومزروعاتورقية... لطالما حُملت في الماضي غير البعيد بسلال قش ضخمة في مركبات الشحن الى القدس، حيث سوق بتير الأهم، ....ذكريات مضت واقتربت من الاندثار، فالقدس اصبحت بعيدة جداً، والمزارع بقي وحيداً يصارع المجهول فابتعد رويدا رويدا عن الأرض، فتقلصت البساتين الموشاه بمختلف انواع الثمار، وتم استبدال كثير منها بالزراعات البعلية قليلة التكاليف، والأهم والأخطر الجدار الذي يهدد طبيعة القرية الفريدة، ومزارعيها بالعزلة عن شريان حياتهم.
قرية بتير التي كتب عنها الشعراء لجمالها الطبيعي المزدهر بمياه ينابيعها العذبة، وكما تعرّف عنها كتب التاريخ الفلسطيني فهي تقع جنوب غرب
القدس وتبعد عنها حوالي 8 كم، وهي احدى القرى المتاخمة للخط الأخضر.تحيط بأراضيها أراضي قرى
الولجة وبيت جالا وحوسان والخضر والقبو، وتمر فيها سكة حديد الحجاز أو كما تعرف اليوم ( يافا – القدس) والتي بناها الاتراك خلال العهد العثماني في أوائل القرن العشرين، وجزء من اراضيها ومن ضمن ذلك مدرسة ذكور حسن مصطفى يقع في اراضي الـ 48.
تنضح فيها العديد من العيون من أهمها: عين البلد، عين جامع، عين عمدان، عين المصري، عين فروج، عين ابو الحارث، عين ام الحرذون، عين إباسين. ويرجع أصل تسمية القرية إلى
الفينيقية من
بتر بمعنى قطع وفصل، وكذلك في
العربية، وهناك روايات أخرى منها
بيت الطير، وقد شهدت وجود حضارات عدة قديمة من فينيقية وبيزنطية ورومانية وكنعانية.
منذ هدنة رودس عام 1949 التي وقعت بين الدول العربية وإسرائيل تم تحديد الخط الأخضر في بتير، لتشكل تهديداً لسكان القرية بوضع الاحتلال قبضته على المنطقة، ومنذ ذاك الحين إلى الآن تواصل سلطات الاحتلال تهديداتها المتواصلة بحق القرية في سبيل بناء الجدار العنصري على طول هذا الخط، الأمر الذي يستدعي مصادرة أجزاء من أراضي القرية ومنع دخول المزارعين لأراضيهم، عدا أن الجدار يؤدي إلى تشويه المنظر الجمالي للقرية.
أكرم بدر يقول بأنه سيحارب بالقانون لإنقاذ أراضي بتير من الجدار العنصري
عين البلد، الحمام والبركة الرومانية ...آثار بتير الخالدة
استهلت "مجلة آفاق" الجولة من المسار السياحي الذي يربط اطراف بتير مع مركزها، طريق جبلية محاطة بالتلال المزروعة بالأشجار الحرجية والزيتون، تتميز بصخورها التي نحتتها مياه الامطار فرسمت منها طبوغرافيا مذهلة، عدا المغر الصغيرة المختبئة بين ثنايا التلال المزخرفة بحنكة زراعية قديمة أسست لنظام زراعي مستدام للحفاظ على التربة من حواجز حجرية "السناسل" ، كما تلفت الزائر للمسار المناطير او القصور القديمة التي بناها المزارعون ليقضوا وقتا اطول في مزارعهم. ولكن ما يزعج حقاً ويعكر صفو الطبيعة الخضراء هما: مستوطنة هار جيلو التي تلوح من بعيد، والمظاهر البيئية السلبية حيث تنتشر عند بعض جوانب المسار آثار أكوام النفايات المحترقة ومخلفات أخرى.
ومن المسار الى عين البلد التي تمد منطقة الجنان المزروعة ببعض انواع الخضراوات من يقطين وملفوف وقرنبيط وكوسا وغيرها ..، تحدث ابن بتير ورئيس نادي القرية الرياضي مجدي معمر عن قريته التي يحب بعد أن نثر بعضاً من الماء على حائط العين ليرينا كتابات رومانية لقائد شهير هرب من تمرد اليهود عليه حيث اختبأ اعلى الجبل فخلد شعبه اسمه نقشاً على الحجر.
نظام المعاديد يعود لآلاف السنين
يمسك معمر غصن خيزران، مقسم الى ارتفاعات مختلفة وذلك لقياس ارتفاع المياه في نقطة تجميع البركة الرومانية، حيث تغلق البركة مع غروب الشمس، وتفتح مع طلوعها، ويتم تحديد الحصص عبر عود يوضع على الزاوية الشرقية للبركة ويقيس ارتفاع الماء وفق قيراطات، تقسم على ثماني عائلات خلال اسبوع ويوم يليه وهكذا دواليك. ومن البركة تنساب قنوات تفتح وتغلق عبر مفتاح مائي كبير يتجه جنوباً الى قاع الوادي ليصل الى كل البساتين، وفي قلب هذه الجنان يوجد مقام لمتصوف يقال انه ابو يزيد البسطامي.
يضيف معمر: "هناك مسميات لا يعرفها إلا البتيري كالمتشجبة أي المصطبة او القطعة المزروعة مستطيلة الشكل، وهي نظام قديم يعود لزمن الامويين والعباسيين.
يقطع منطقة الجنان في الوادي سكة حديد الحجاز التي بنيت زمن الحكم العثماني، كانت تربط ما بين الحجاز وفلسطين ولبنان وسوريا حتى حدود الدولة العثمانية. يشير المعمر الى المحطة القديمة عند السكة على اراضي الـ 48 والتي تظهر في قاع الوادي وقد كانت تعج ببائعي الخضار والفواكه ما قبل النكبة كسوق لعابري السكة، حيث ينوي ان ينظم معرضا تذكاريا للمحطة بما احتفظت به بعض عائلات بتير من تذاكر وصور للمحطة حتى النكبة.
|
|
البركة الرومانية |
الجنان هي قلب قرية بتير |
حسن مصطفى...أسطورة بتير
وأضاف: "تعتز بتير بإبنها الذي كان بمثابة رائد الاصلاح والتنمية الريفية والمفكر والمثقف ونصير المرأة "حسن مصطفى" والذي يعود له الفضل في الحفاظ على بتير فلسطينية بعد أن كانت على شفا تهجير سكانها، ففي عام 48 وبعد ما شيع عن جرائم الصهاينة، فرّ كثير من اهالي بتير الى مناطق اكثر أمناً، فاخذ مصطفى بمشاركة رفيقين يشعل كل ليلة فوانيس البيوت لينيرها ويوهم الاحتلال بأن القرية مأهولة بأهلها، وبذلك حمى بتير بحنكته وذكائه. كما ادخل بتير باتفاقية رودس لوقف اطلاق النار عام 49، ما ضمن بقاء بتير كمنطقة 67 جزء من اراضيها ضمن مناطق 48 والتي يحق لسكانها الوصول اليها، مقابل ضمان عدم الاعتداء على القطار اثناء مروره من السكة.
وحول حسن مصطفى نقتبس ما كتبته ابنته السيدة نادية البطمة مديرة مركز بتير الثقافي في مقابلة خاصة مع مجلة آفاق في العدد 13 ، نيسان 2009. "تميزت قرية بتير عن غيرها من قرى فلسطين بأن حظيت منذ الأربعينيات من القرن الماضي برعاية أحد أبنائها، رائد تنمية المجتمع في فلسطين والأردن والعالم العربي رائد "العونة" والعمل التطوعي في سبيل المصلحة العامة، حيث قام المرحوم (والدها) في 13 آب 1950 بأول مشروع يتعلق بالري، بمد قناة الماء من العين إلى أسفل الوادي بدل القنوات الترابية، وكانت عين بتير في عهد الانتداب قد ضبطت ماءها في مواسير ومحابس معدنية من الفولاذ والحديد والنحاس، فكان المشروع الثاني في أيلول عام 1950 بعد النكبة بأن وضع حسن مصطفى الحجر الأول في بناء عين بتير ومدرجاتها على شكل يليق بالنبع الكريم من الحجر الأحمر المسمسم. والأحواض الرخامية. وقد زين البناء المرحوم (سلامة أحمد سلامة) واجهة العين بحجر وثق عليه أبناء القرية ذكرى تجديد البناء فخط على هذه اللوحة اسم مجددها وتاريخ التجديد اعترافا منهم بفضل فاعله وحسن صنيعه؛ وفي 13 آب 1950 هوت أول ضربة فأس معلنة بدء العمل في طريق بتير ومبشرة بقرب ارتباط القرية بالعالم بعد عزلها عن فلسطين السليبة والاستيلاء على محطة القطار وخط سكة الحديد من القدس شمالا إلى يافا غربا؛ وطريق بتير ربطت القرية عبر الجبال الوعرة مرورا في قرية الخضر ثم ببيت لحم وانتهى هذا العمل في 28 شباط 1951."
شاهدت "مجلة آفاق" في منطقة عين البلد والجنان بعض المظاهر البيئية السلبية الظاهرة حيث تنتشر نفايات غذائية من عبوات وأكياس وقناني بلاستيكية، يقول معمر: "حين ترك الفلاح ارضه ازدادت النفايات"، وأضاف مشيراً الى روث الحيوانات المنتشر في مسار العين: "حتى تلك المخلفات كان رائد بتير الشهير "حسن مصطفى" يأمر كل فلاح بوضع دلو على دابته وإلا فسينظف خلفها بنفسه".
في جعبة معمر الذي رافق "آفاق" مشروع بيئي تم البدء في تنفيذه في مدارس بتير الثلاث، يعتمد على التوعية في مجال فصل النفايات والحفاظ على البيئة عبر تعزيز علاقة الطالب مع المصادر الطبيعية المحيطة به للمحافظة على النظافة العامة ومحاولة تبسيط مفهوم تحويل المياه الرمادية الى مياه صالحة للري عبر تطبيق النموذج.
"أهمية بتير تكمن في انها كانت الطريق الأولى والمدخل للقوافل الراحلة ما بين اقطار بلاد الشام، وهذا السبب الذي جعل منها نقطة جذب للسكان للإقامة على سفوح تلالها العالية، فجاء وجودهم بمثابة حماية مطلوبة للقوافل المارة من المنطقة" ختم معمر
|
|
الطريق السياحي في بتير |
القطار الإسرائيلي الذي يجتاز أراضي بتير |
مجلس بتير يخوض معركة القانون لضمان الأرض
التقت افاق من داخل المجلس القروي المحاذي لمنطقة الجنان وعين البلد بالمهندس المعماري ورئيس المجلس اكرم بدر الذي اتسم حديثه بالثقة والهدوء، وفي معرض الاجابة عن الاستفسار الاول حول مخلفات النفايات الصلبة المنتشرة في المسار السياحي المتوسط لطبيعة بتير الساحرة قال:
منذ ترأست المجلس قبل 17 عاماً وأنا أحلم بـ "بتير أجمل وأنظف" تعكس حضارتها العريقة، وقد جاء اختيارها من قبل اليونسكو عام 2011 كمدينة تذكارية هامة من بين قرى حوض البحر الابيض المتوسط، بمثابة التفاتة هامة ولو كانت متأخرة للقرية، ما حدا بنا ومنذ ذلك الوقت الى تشديد اجراءات النظافة العامة فأزلنا المكب العشوائي في المنطقة، وتم تكثيف جمع النفايات المنزلية من قبلنا لالقائها في مكب يطا، وأزلنا الكثير من نفايات المسار السياحي المتفرقة، وقمنا بتأهيل طريق المسار وزرعنا فيه الأشجار حيث اصبح يشهد زيارات عدة من وفود اجنبية سياحية لجماله الأخاذ.
يضيف بدر الذي تعلم الهندسة في ايطاليا وألمانيا: "ولكن ما زال هناك مخالفون...ذات مساء غير بعيد ترصدنا لرجل يفرّغ بعد منتصف الليل بشكل دوري حمولته من طمم البناء في وديان المسار السياحي، حيث القينا القبض عليه وسلمناه للقضاء لينال جزاءه.. وقد انتشر الخبر في كافة ارجاء قرى غرب بيت لحم، متأملين أن يكون له أثر ايجابي لردع اؤلئك المخالفين من اعداء الطبيعة". مشيراً الى ان الامر بحاجة الى حملات توعوية مكثفة تشمل طلبة المدارس وربات البيوت لإقحام الثقافة البيئية في فكر المواطنين.
وأضاف بأن المجلس قد عين في الاشهر الاخيرة موظفاً لمتابعة شؤون المسار السياحي وتفقد احواله البيئية. كما يسعى بدر لزيادة عدد الحاويات وسيارات نقل النفايات لتحقيق الحد الاقصى الممكن من النظافة في القرية.
وأضاف بدر -الذي يحتفظ بالكثير من المشاهدات عن ايطاليا التي درس فيها وعايش التحول في ثقافتها تجاه البيئة منذ السبعينيات حتى اليوم نتيجة ادخال ثقافة فصل النفايات والتوعية البيئية- بأنه لطالما يجتمع مع ممثلي مؤسسات دولية ولطالما لاموه على مسألة النفايات، لافتا الى ان ميزانية كبيرة قد خصصت لإقامة مكب نفايات صحي "المنيا" ولكنه تعرقل لان الاحتلال فرض على المسؤولين الموافقة على اشراك نفايات المستوطنين بالمكب الامر المرفوض من قبل مجلس بتير ومن قبل كل الجهات الفلسطينية ذات الصلة، معقباً بالقول: "المستوطنات جاثمة على اراضينا وتنهب خيراتنا وتلوث قرانا كما يجري في قريتي وادي فوكين ونحالين اللتان تستقبلان مجاري تلك المستوطنات".
"في المانيا تمر يوميا مركبات خاصة تقوم بشكل اوتوماتيكي بمسح الغبار عن اعمدة الضوء" . يقول مؤكداً أنهم لا يحلمون بالوصول الى تلك المرحلة ولكن نريد ان تكون بتير قرية نظيفة مشيرا لى ان المجلس عاجز ماديا عن تكثيف عدد عمال النظافة في وقت يتسم فيه دعم السلطة بالشيء الذي لا يذكر.
"كان همنا الأكبر خلال الثلاث سنوات الأخيرة هو الجدار المزمع اقامته ومن شأنه ان يمزق أوصال القرية ويعزل المزارعين عن اراضيهم، وبالرغم من كوننا اجتزنا المعركة الأولى عبر حملات الضغط والمناصرة، بأن تم تجميد موضوع الجدار وإحالة القضية لمحكمة الجيش في شهر ايار البائت عبر امر المحكمة العليا لها بالبحث عن بدائل عدا الجدار الاسمنتي، إلا ان الحشد العالمي والدولي والمحلي لقضيتنا ما زال مطلوبا للحفاظ على كل متر من أراضينا.
|
|
المناطير القديمة في بتير التي يمنع الاحتلال ترميمها |
المياه في داخل عين البلد ملوثة |
موقف السلطة قد يعرض اراضي بتير للمصادرة
ويضيف بدر المتحمس لقريته: "بحوزتنا اليوم ملف متكامل يتحدث عن المنطقة الممتدة من قرية الولجة حتى غوش عتصيون عبر اعتمادها دولياً كمحمية طبيعية لمنع الاستيطان فيها او اقامة الجدار او أي نوع من الطرق، تحت غطاء اليونسكو وبالتعاون مع الجهات الرسمية الفلسطينية وخبراء عالميين، ولكن للأسف طلبت السلطة الفلسطينية منا عدم تسليم الملف وذلك ما بعد زيارة كيري الأخيرة للمقاطعة.
وبنبرة اندهاش قال بدر: "أريد أن أعرف من السلطة لماذا منعتنا من تقديم ملف المحمية الطبيعية الذي من شأنه ان يحمي اراضينا" أجابني مسؤول على احتجاجي بأن المصلحة العليا تقتضي عدم تسليم هذا الملف لليونسكو !!". أتمنى من أي مسؤول أن يخرج للإعلام ويبرر سبب منع ارسال هذا الملف في الوقت الذي يتحضر فيه الجيش عبر 80 صفحة مدعمة بالافتراءات ذات الابعاد الاستعمارية بضرورة اقامة الجدار مطلع شهر كانون الأول نهاية العام الحالي !!".
ويتساءل بدر: "الا يعد فوزنا بأهم جائزة (أجمل قرى البحر المتوسط التي يقل عدد سكانها عن 20 الف نسمة) من قبل اليونسكو والذي مثلنا فيها وطننا وقريتنا في الوقت الذي لم تنل فيه هذا اللقب أي قرية عربية أخرى...ألا يعد ذلك انتصاراً يجب ان يحتذى به لا أن يقمع؟؟).
وأشار الى أن منع ارسال الملف سيعرض 70 الف دونم من قرى غربي بيت لحم للمصادرة، قالها معتزاً ببتير وابنها الراحل حسن مصطفى الذي حافظ على ارض القرية من الضياع ابان النكبة، وأجبر الاحتلال على الابقاء على اراضي السكان والمدرسة التي يرفع فيها علم فلسطين منذ ذلك الحين.
نحن مؤمنون بأن أرضنا طالما استغلينا كل جزئية في قانون المحتل لصالحنا فسنحافظ عليها، وما يتذرع به الاحتلال من ان شبانا قد حاولوا تفجير القطار ما هو إلا أكاذيب، فهل يعقل ان يخطط شبان لتفجير الحافلة وهم طلقاء الان ولم يحكم عليهم بالحبس ثلاثين سنة على الاقل كما ينص القانون الإسرائيلي منوهاً في المقابل الى استشهاد 14 مواطنا بتيريا منذ الانتفاضة لم يصنعوا شيئاً إلا فلاحة أرضهم فمن يشكل خطراً على من؟؟.
"قلت لوزير الحكم المحلي سائد الكوني لا نريد مشاريع بنية تحتية ولا طرق في الوقت الحاضر نريد المحافظة على أرضنا، فماذا سينفعنا كل ذلك لو اصبحنا مساجين ندخل الى قريتنا عبر بوابة يتحكم فيها جندي اسرائيلي. وأضاف بأن بناء الجدار سيدمر شبكة الري الرومانية الأثرية لأنه سيأتي على بعض الأراضي المزروعة ويدمرها وسيقطع المياه عن المزروعات.
ويتيقظ المجلس القروي في بتير من مشروع الحديقة الوطنية التي يمر جزء منها من اراضي بتير، حيث تم زرع مجموعة من النباتات الطبية مع جمعية التعاون الألماني في تلك الاراضي لحمايتها من المصادرة بحجة انها اراضي غير مزروعة وقد قمنا بدحض جميع افتراءاتهم.
|
|
أنابيب توزيع المياه في بتير |
بتير الخضراء |
توظيف الفن الهندسي للحفاظ على الارض "المناطير نموذجا"
كما أشار بدر إلى وجود 150 منطاراً " قصراً سياحياً " في اراضي بتير لو تم ترميمها فتساعدنا في التشبث بأرضنا مع العلم ان الاحتلال يمنع ترميمها لان معظمها قائم على اراضي جـ.
المهندس في شركة انسطاس الهندسية "يوسف" قام بمبادرة ذكية اطلقها في العاشر من ايلول الماضي من امام ساحة المهد في بيت لحم، بأن أنشأ مناطير لا تبنى على فكرة صب الاسمنت بل على ضغط الحجارة بطريقة ترص بشكل هندسي هرمي. يبلغ ارتفاعه 4 امتار، ومساحة 8 متر، ويحتوي البناء على 859 حجرا من نوع " انجاصة " المعروف بخصائصه الصلبة. هذا التصميم المعماري يمنع الاحتلال من التذرع بحجج البناء في مناطق جـ فلا بناء فعلي في الموضوع.
يعمل بدر والمجلس على تأهيل البنية التحتية للسياحة عبر اقامة فندق صغير، ومكتب سياحي، وإقامة مطعم يتخصص بالمطبخ الفلسطيني، كما يقوم بتدريب 6 مرشدين ومرشدات متمكنين من الارشاد للتعريف بقريتهم.
|
|
بتير الغنية بأشجار الحمضيات والزيتون |
جنان بتير الأخاذة |
نحن نحرس ارضنا
حنكة اهالي بتير دفعتهم قبل سنوات الى الوقوف في طريق أي عثرة ممكن ان تسلب مترا من ارضهم ، وذلك عبر وضع بوابة يشرف عليها حارس معين من المجلس يراقب دخول وخروج المزارعين الى أراضيهم، ما جعل الناس تلومنا بالقول: " تحرسون أمن الاحتلال !! كنا نجيبهم ببساطة نحن نحرس ارضنا".
اليوم في بتير وبالرغم من زراعة الكثير من العائلات للخضراوات في حقول منازلها، إلا انها تعتمد على سوق خضار أريحا، وما نسبته 60% من سكان بتير تكتفي من خضرتها المنزلية، وللحفاظ على الباذنجان كرمز زراعي فينتج اهالي بتير سنويا 10 الاف شتلة.
وعن ذكريات الطفولة يتذكر بدر مشاهداً لا تنسى فبتير كانت اكثر خضرة من اليوم، والغزلان والطيور كانت تلازم القرية، والمشمش كان بكميات كبيرة تفيض عن الحاجة في موسمه القصير، وكنت ارى سيارات الخضرة تشحن حمولتها من الخضار والفواكه في سلال من القش تأهبا لبيعها في القدس وبيت لحم.
بتير والبيئة حقائق محزنة
عزوف المزارعين عن ارضهم وعيونهم العذبة ملوثة بالبكتيريا القولونية وفاقد المياه ينتظر التدخل السريع
ثلاثة استفسارات بيئية هامة جداً تهدد بتير الساحرة وهي عزوف الكثير من المزارعين عن زراعة أرضهم، ومياه الصرف الصحي التي تلقى في وديان بتير وتلوث المياه الجوفية، والفاقد من شبكات المياه نظراً لاهترائها وقدمها، يجيب بدر عن جميعها بالتالي:
بالنسبة للزراعة، فنسبة العاملين في الزراعة لا تزيد عن 10% وهي نسبة قليلة جداً بالنسبة لقرية حباها الله بخير كثير كـ بتير التي تبلغ مساحتها 6795 دونم، ومعظمها أي ما مساحته 6435 اراض قابلة للزراعة وفقط 159 دونماً اراضي سكنية، ولكن سوق القدس كان اقرب مركز تجاري لبتير ونتيجة الاغلاقات والحواجز منعت البضائع من الوصول الى القدس إلا في حالات فردية، بالإضافة الى تأخر المزارع البتيري والفلسطيني عموماً في مواكبة الزراعة الحديثة وتقنياتها وآلاتها ما جعله يتخلف الركب ليس بسبب مباشر منه، بل نتيجة غياب الدعم من وزارة الزراعة الفلسطينية، ما جعل مردود الزراعة قليلاً جداً فاتجه المزارع الى مصادر دخل اكثر جدوى وكان سوق العمل الاسرائيلي هو الملاذ، مع العلم ان نسبة العمالة في اسرائيل لا تزيد عن 25% بسبب العراقيل التي يضعها الاحتلال.
|
|
حيثما تنتشر الينابيع في بتير يعم الثراء والأراضي الخضراء |
صخور جميلة في بتير تشكلت بفعل الأمطار |
عيون بتير الملوثة بالبكتيريا البرازية تهدد ثروة بتير الزراعية
وعن مياه الصرف الصحي التي تفرغ في الوديان حتى في المسار السياحي نتيجة لغياب شبكات صرف صحي وانتشار الحفر الامتصاصية، والتي يتم تفريغها بواسطة صهاريج النضح ومن ثم يتم التخلص منها في المناطق المفتوحة، فأكد بدر أنهم لا يقدرون السيطرة عليها لغياب شبكات صرف صحي، هذا الامر سبب تلوثاً بالبكتيريا البرازية القولونية امتد الى اكثر من نبع في بتير وهذا ما اكدته العديد من الفحوصات الفلسطينية، وذلك نتيجة تغلغل مياه الصرف الصحي في المياه الجوفية، ما يهدد الزراعات الخضرية وخاصة الورقية منها في قرى غربي بيت لحم برمتها.
يضيف بدر: "هذا ما تخوفنا منه قبل 17 عاماً واعددنا له الخطط والموازنات اللازمة، ولكن كون جزءٍ من اراضي بتير هي منطقة جـ ما يخضع أي مشروع لموافقة وتصريح من اسرائيل عدا التكلفة العالية، الأمر الذي يجعل المانحين يعزفون عنها، مشيرا الى ان مؤسسات عدة امنت 32 محطة لعدة بيوت، ولكن المشوار طويل حيث يوجد في بتير 1400 بيت ما زال بحاجة الى محطات تنقية لحماية مياهنا وإنتاجنا الزراعي من التلوث".
بالنسبة لفاقد المياه، فتسرب المياه كبير يصل الى 30%، وذلك عند المصدر الرئيس وخطوط النقل الرئيسة وشبكة التوزيع وعند المنزل ما يجعل استهلاك الفرد 75 لتراً في اليوم، ما يجعله متدنيا مقارنة مع الحد الادنى المقترح من قبل منظمة الصحة العالمية. ولكن أكد بدر إلى أن عطاء ترميم الشبكة قد أعلن في اذار الماضي وتم الموافقة على المشروع بدعمٍ مادي من البنك الدولي والوكالة الامريكية للتنمية،وسيتم البدء به قريباً، بحيث سيشمل تغييراً كاملاً للشبكة سيخدم بتير لعشرين عاماً قادمة ما سيحمي المياه من تسرب الحفر الامتصاصية، اضافة الى ترميم الخط الناقل للمياه من جوش عتصيون وابار كفوع.
|
|
عين البلد في بتير |
قرية بتير |
رغم المشاكل التي تواجه قرية بتير بإرثها الطبيعي والحضاري والثقافي والتاريخي والتي تعود الى غياب سياسات الدعم والمساندة من قبل الجهات الرسمية، إلا ان بقاءهم وحيدين جعلهم يصنعون المستحيل ويعاندون المحتل ولو بقانونه الجائر. وإن استحقاقهم لجائزة منظمة "اليونسكو" السنوية للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي عام 2011 من بين أكثر من 40 قرية عالمية، لهو دليل على أن للقرية اصحاب بصيرة ودهاء يكملون مسيرة والدهم حامي بتير "حسن مصطفى".