خاص بآفاق البيئة والتنمية
رغم كل المغريات في الولايات المتحدة، والتقدير المعنوي والمادي الذي ناله الفلسطيني ابن مدينة القدس عماد العموري في مجال الصناعة الالكترونية، إلا انه فضل العودة لوطنه، لأن "بلده ولو جارت عليه عزيزة"، فأسس أول شركة متخصصة بالكمبيوتر الدقيق أو الشرائح الذكية تحت عنوان "ابتكر" للريادة والإبداع التكنولوجي، واضعاً صوب عينيه تشجيع الابتكار لدى النشء الصغير لأنه ميزة العصر ومن دونه تصدأ العقول.
حول مسيرته الحافلة بالتحدي والطموح واختراعه المهم للتنمية العلمية الإبداعية، أجرت مجلة آفاق البيئة والتنمية اللقاء التالي:
· بدايةً لم تكن مسيرتك نحو تحقيق أهدافك هينة، حدثنا عن خصوصية وضعك ومسيرتك العلمية؟
نعم، فلقد أصبت وأنا صغير بمرض شلل الأطفال، حيث انتشرت في فترة حرب الـ67 تطاعيم ملوثة أصابت عددا من الأطفال، وقد كان قدري أن أكون واحداً منهم، لكني لم أضع إصابتي عائقاً بل ركزت جهودي على ما املك من نقاط قوة، وكانت تتمثل في حبي للتكنولوجيا الحديثة والتي ظهرت مع دخول الحواسيب لبلدي أواسط الثمانينات، وكنت حينها بالثانوية العامة. بعد التخرج، تابعت شغفي بأن أخذت دورات في مجال الحاسوب بالتزامن مع دراسة العلوم في جامعة بيرزيت في عام الـ86 ، ولكن مع اندلاع الانتفاضة الشعبية بعد عام، وإغلاق الجامعة لفترة، انتقلت إلى الولايات المتحدة، فتعلمت البكالوريوس في علوم الكمبيوتر والالكترونيات، والماجستير في ذات التخصص، في الوقت الذي كنت اعمل فيه مع شركة IBM العالمية.
عماد العموري يحصد جائزة دولبة تقديرا لابتكارات شركته
- متى عدت للاستقرار في البلد، وكيف كانت العودة؟
عدت عام 2008، ولكن بصراحة حال البلد لم يكن مشرقاً فالأمور تدهورت منذ غادرتها، بلا شك الاحتلال أحد أهم الأسباب، ولكن ما لاحظته تراجع مستوى التعليم والعلاقات الاجتماعية، واضمحلال ثقافة التطوع، وبالرغم من أن التقدم والسير للأمام هي صفة المجتمعات، لكن في فلسطين للأسف، فالساعة تدور عقاربها للوراء بحكم ما شاهدته، ومع ذلك فقد زادني الواقع تحدياً، لأبدأ مشروعي "ابتكر".
· لماذا "ابتكر"؟
تأسست شركة ابتكر للريادة والإبداع التكنولوجي عام 2010، بالتعاون مع أستاذ الفيزياء في كلية الأمة العالم الراحل"هشام الخطيب"، بحيث تم وضع اللبنة الأولى للشركة عبر الدمج بين علمه الواسع بالالكترونيات وخبرتي العملية فيها من أمريكا، وبدأنا العمل بعد أن وسعنا الطاقم ليصبح مؤلفاً من خمسة مهندسين (3 في فلسطين و 2 في الصين)، عملنا جميعا على إنشاء حقائب الكترونية ( تصنع في الصين بإشراف فلسطيني)، تعمل وفق الكمبيوتر الدقيق بحيث تكون ميسرة لطلبة المدارس وتعلمهم الإدارة التكنولوجية وتحفزهم على الابتكار والاختراع.
عماد العموري يدرب طلابا ومعلمين في في ورشات تدريبية شهرية
الابتكار ميزة العصر، والشركات والمؤسسات التي لا تبتكر تصنع نهايتها بيدها، وخير دليل على ذلك شركة نوكيا التي لم تبتكر الجديد في تكنولوجيا الهواتف فقضت شركة ابل وسامسونج عليها تماماً. ولذلك، فكرة حقيبتنا قائمة على الابتكار في الأساس. |
· لماذا أسميتم المؤسسة ابتكر؟
لأن الابتكار ميزة العصر، والشركات والمؤسسات التي لا تبتكر تصنع نهايتها بيدها، وخير دليل على ذلك شركة نوكيا التي لم تبتكر الجديد في تكنولوجيا الهواتف فقضت شركة ابل وسامسونج عليها تماماً. ولذلك، فكرة حقيبتنا قائمة على الابتكار في الأساس.
· ما هي الشرائح الذكية أو الكمبيوتر الدقيق الذي تبنون عليه الحقيبة؟
هي علم متخصص بالحواسيب الصغيرة جدا والتي أصبحت تدير الأجهزة المختلفة كالثلاجة والغسالة والميكرويف لما تحتويه من مجسات قادرة على استشعار مئات المؤثرات كالصوت والحرارة واللمس والشم، والتي تتسم بأنها بالغة الدقة والتشعب. هذه الشرائح تبرمج من خلال برامج السوفت وير، وهي أكثر ذكاء وأمانا من الأجهزة التقليدية التي تعمل وفق الدارة الكهربائية.
· ماالعقبات التي واجهتكم ؟
العقبات هي جزء من المتعة بعد التغلب عليها، أهم الأمور الإيمان والإرادة، الاحتلال كان العائق الأول باشتراط الحصول على شهادة الكفاءة المهنية (التكن) لإدخال حقائبنا المصنعة في الصين إلى فلسطين، الأمر الذي تطلب وقتا وأخّر إدخال الحقائب مدة من الزمن حتى حصلنا عليه.
· هل تم تقدير حقيبتكم محليا وعالمياً؟
محلياً، استطعنا أن نتعاون مع ما يزيد عن 100 مدرسة بين خاصة وحكومية ووكالة، وأيضا في الفترة الأخيرة دخلنا على خط التسويق في الأردن، وعالمياً فقد فازت حقيبتنا بالجائزة الأولى عن مسابقة أفضل مشروع تكنولوجي لدول البحر الأبيض المتوسط للابتكار في يناير الماضي، وقبلها بثلاث سنوات فزنا بجائزة الابتكار في فنلندا، وحصلنا في العام الماضي على إجازة علمية تدريبية في فرنسا.
عماد العموري يدرس التلاميذ
· ما أهمية اختراعك على صعيد التعليم المدرسي؟
أهمية حقائبنا بأنها مبسطة، تبدأ مع الطلبة من عمر صغير جداً (الصف الرابع) وليست كالحقائب الأخرى التي تبدأ من المرحلة الإعدادية، فنحن نستثمر بالعقول الصغيرة التي لا يستهان بها لطاقتها الكبيرة، وصفاء ذهنها ومسؤولياتها المعدومة، ويتم تسويق حقائبنا بالتنسيق مع المدارس، بالإضافة إلى الدورات التدريبية في المراكز والمخيمات الصيفية.
· هل من اختراعات أو أفكار بتوقيع شرائحكم الذكية صديقة للبيئة؟
من أهم اختراعاتنا هو مجسم الثلاجة بلا كهرباء أو بلا تلك الغازات الخطرة كالامونيا والفريون التي في حال تسربها تشكل خطراً كبيراً على طبقة الأوزون، وبالتالي ابتكرنا من خلال طالبة موهوبة شريحة (في صدد التطوير) تعمل وفق مجسات الكترونية تقوم بعملية التبريد، مبدئيا يمكن استخدامها للرحلات حيث يتم شحنها ببطارية السيارة لمدة معينة، وتقوم المجسات بتحويل الكهرباء إلى طاقة للتبريد.فكرة الثلاجة في حال تطويرها، قد تصبح أفضل ثلاجة صديقة للبيئة في العالم.
|
نعم، هناك العديد من الأفكار اذكر منها على سبيل المثال، الجائزة الأولى التي حصدناها في مسابقة انتل الفلسطينية حول شريحة توضع في الخزان لترشيد استهلاك المياه، حيث تستشعر الشريحة قلة منسوب المياه في الخزان وهذا عادة ما يحدث في الضفة لانقطاع المياه المتكرر، فتطلق الشريحة إشارة للغسالة بالتوقف لأن الماء لا يكفي، فتبقى في الخزان كمية للاستخدام الشخصي.
كما صممنا شريحة شبيهة تستشعر التلوث في خزان المياه وخاصة حين تختلط الأتربة بالماء، حيث تقوم مجسات الشريحة بتوجيه الماء المتسخ إلى محطة تصريف أخرى تلقي بالمياه إلى الحديقة المنزلية.
ولكن من أهم اختراعاتنا هو مجسم الثلاجة بلا كهرباء أو بلا تلك الغازات الخطرة كالامونيا والفريون التي في حال تسربها تشكل خطراً كبيراً على طبقة الأوزون، وبالتالي ابتكرنا من خلال طالبة موهوبة شريحة (في صدد التطوير) تعمل وفق مجسات الكترونية تقوم بعملية التبريد، مبدئيا يمكن استخدامها للرحلات حيث يتم شحنها ببطارية السيارة لمدة معينة، وتقوم المجسات بتحويل الكهرباء إلى طاقة للتبريد.
فكرة الثلاجة في حال تطويرها، قد تصبح أفضل ثلاجة صديقة للبيئة في العالم.
·هل حصلتم على براءة اختراع؟
نعم، نلنا البراءة على ابتكارنا لحقيبتنا التي رغم وجود حقائب مشابهة في العالم، لكنها الأفضل من حيث ملاءمتها للمبتدئين من الجيل الصغير، وبشهادات من خبراء فرنسيين فقد أشادوا بالحقيبة، وقالوا بأنها ليست الأفضل فقط بل الوحيدة، مظهرين اندهاشهم في ذات الوقت كيف يستطيع الفلسطينيون بظروفهم الصعبة أن يبدعوا.
هناك ضعف إدارة وتخطيط من الجانب الرسمي الفلسطيني فيما يتعلق بتشجيع واحتضان العقول، ما دفع بهم إلى الهجرة للخارج حين سنحت لهم أول فرصة، لأنهم ببساطة لم يجدوا البيئة المناسبة في وطنهم. |
· من خلال تعاونكم مع مبدعي الوطن، أين هم؟ وهل هم كثر ؟
بلا شك هناك عشرات "مشاريع علماء" من العقول المبدعة في فلسطين، وقد التقيت العديد منهم، كما أن منهم من عمل معنا في الشركة، ولكن للأسف وأقولها بصدق فعدا الاحتلال، هناك ضعف إدارة وتخطيط من الجانب الرسمي الفلسطيني فيما يتعلق بتشجيع واحتضان العقول، ما دفع بهم إلى الهجرة للخارج حين سنحت لهم أول فرصة، لأنهم ببساطة لم يجدوا البيئة المناسبة في وطنهم.
· هل حققت حلمك الخاص؟
الحمدلله، استطيع القول أنني لم أحقق فقط الحلم العربي، بل أيضا الأمريكي، حيث نجحت في ذلك البلد ونلت أعلى الدرجات، ولكني وبالرغم من تميزي في الغربة، وصلت لمرحلة أنني يجب أن أقدم شيئاً لبلدي، ولذلك عدت.
· هل سنسمع يوما عن اختراع فلسطيني بتوقيع ابتكر؟
حقيبتنا، هي الاختراع الأهم الحاصل على جوائز عالمية، حيث طورنا منها مستوى أول وثانٍ ونحن بصدد تحسينها باستمرار، لأنها وسيلة ستحدث فرقاً كبيراً لطلبتنا وتحفزهم على الابتكار.
تغيير العملية التعليمية ودمج هذه الاختراعات فيها، المدرسة يجب أن تخرّج طلاباً لديهم ثلاث مواهب أساسية: حل المشكلات، التفكير النقدي، الابتكار والاختراع .
|
- رؤيتكم المستقبلية كابتكر؟
تغيير العملية التعليمية ودمج هذه الاختراعات فيها، المدرسة يجب أن تخرّج طلاباً لديهم ثلاث مواهب أساسية: حل المشكلات، التفكير النقدي، الابتكار والاختراع .
· ما هواياتك غير تصنيع الحقائب الالكترونية؟
أتابع القضايا السياسية واعشق القراءة.
· من قدوتك من العلماء؟
العلماء العرب والمسلمين، وخاصةً البيروني والخوارزمي.
· كلمة أخيرة؟
نحن كشعب لا نملك بترولاً أو ذهباً، كنزنا هو عقولنا وتعليمنا فلنستثمر فيهما. الاحتلال يصادر كل ما نملك إلا العقول المتسلحة بالعلم فهي عصية عليه مهما خطط وحاول النيل منها.
رسالة عماد العموري الابتكار
للتعرف أكثر على شركة ابتكر، زوروا الرابط التالي: