خاص بآفاق البيئة والتنمية
خلال عام 2023 شهدت محافظة جنين أكثر من 1500 اقتحام لجيش الاحتلال، تركز أكثر من نصفها بعد 7 تشرين الأول، وخلّف العدوان الواسع دماراً هائلاً طال البشر والحجر والشجر، إذ قتل الاحتلال 149 مواطناً بينهم 42 طفلاً، و81 بعد العدوان على غزة، فيما قدرت وزارة الأشغال العامة خسائر البنية التحتية بـ 20 مليون شيكل خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام. ترصد "آفاق" تداعيات العدوان المتواصل على المحافظة من زواياه البيئية والاقتصادية وتبحث في أبعاده التنموية، وتواكب التشوهات التي فاقمها في البنية التحتية الهشة أصلاً، وتسأل جهات اختصاص عن البدائل الممكنة، خاصة في ظل استمرار الاحتلال في استهداف المحافظة وتدمير بناها التحتية وتخريب أماكنها العامة، حتى بعد إعادة إصلاحها، وخنق اقتصادها ومنع عمالها.
|
 |
آثار الدمار الذي خلفه الاحتلال في جنين |
شهدت محافظة جنين خلال عام 2023 أكثر من 1500 اقتحام لجيش الاحتلال، تركز أكثر من نصفها بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وخلّف العدوان الواسع دماراً هائلاً طال البشر والحجر والشجر، إذ قَتل الاحتلال 149 مواطناً بينهم 42 طفلاً، (81 مواطناً بعد العدوان على غزة)، فيما قدرت وزارة الأشغال العامة خسائر البنية التحتية بـ 20 مليون شيكل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.
ترصد "آفاق" تداعيات العدوان المتواصل على المحافظة من زواياه البيئية والاقتصادية وتبحث في أبعاده التنموية، وتواكب التشوهات التي فاقمها في البنية التحتية الهشة أصلاً، وتسأل جهات اختصاص عن البدائل الممكنة، خاصة في ظل استمرار الاحتلال في استهداف المحافظة وتدمير بناها التحتية وتخريب أماكنها العامة، حتى بعد إعادة إصلاحها، وخنق اقتصادها ومنع عمالها.
في عين النار...
راح الثلاثيني محمد صالح، وهو بائع بسطة في سوق المدينة، يلملم آثار العدوان على مصدر رزقه، والذي أتى هذه المرة على بضاعته كلها.
حرص محمد، طوال عام 2023، على إحصاء جولات العدوان، وشبّه جنين وطولكرم ونابلس وأريحا بـ "غزة الصغرى"، التي ما أن ينتهي العدوان عليها، إلا ويأتي من جديد، وأحياناً بفارق ساعات.
واعتاد البائع حنطي البشرة، على قياس ردود أفعال زبائنه والمارة، الذين يؤكدون له كما قال "عزمهم على عدم الرحيل من مدينتهم"، حتى لو حولوا شوارعها إلى جحيم وأغرقوها بالوحل.
بينما لخص مدير الأشغال العامة، بسام مرعي، تدمير 25 شارعاً و6 مقاطع من شوارع جديدة خلال 100 يوم.
ووصف ما تنفذه الوزارة والبلدية بـ "إسعاف أولي" للطرق المدمرة، يشمل إعادة فتح الطرق وإزالة الأنقاض.
وصرح القائم بأعمال محافظ جنين، كمال أبو الرب بأن أحدث نسخة من عدوان الاحتلال على الطرقات، كلف إصلاح أضراره في مقطع صغير واحد نحو 100 ألف شيكل، قدمها رجل أعمال. وأشار إلى تكرار استهداف الشوارع المؤدية للمشافي في كل اقتحام.

الدمار الذي خلفته ماكنة الحرب الإسرائيلية الهمجية في جنين
البنية التحتية: أول المستهدفين
من جهتها، رصدت بلدية جنين واللجنة الشعبية للخدمات، في أحدث تقرير حصلت عليه "آفاق"، أضرار عدوان الاحتلال خلال 2023، وتعرضت خلاله الشوارع والبنية التحتية -حتى التي تم تعبيدها قبل وقت قصير- لأضرار كبيرة، ما تسبب في معاناة كبيرة للمواطنين.
وفصلّ قسم الطرق والدراسات في البلدية الأضرار التي سببها العدوان في 27 شارعاً في المدينة ومخيمهما، بطول 9 كيلو مترات و57 متراً، فيما تعرضت 8 دورات للتدمير، ما أدى إلى إعاقة تنقل المواطنين والمركبات بحرية، وعرقلة الحياة اليومية، وتشويش خدمات جمع النفايات، وأثر على النشاط التجاري والاقتصادي، وتفاقم مع هطول الأمطار، وخلق صعوبات في تنقل المارة مع تدمير أكتاف الشوارع، وضاعف من أخطار الحوادث.
ووفق التقرير، فقد استُهدفت شبكة المياه والصرف الصحي في المخيم، ما سبب تلويث المياه، ونشر المكاره، وتوقف الخدمات الصحية، وتعطلت الإنارة العامة في المخيم، وتسبب الظلام في زيادة مخاطر الأمان والسلامة الشخصية.
وتحدثت البلدية واللجنة الشعبية عن "أضرار جسيمة" في عشرات الأبنية والمتاجر جراء القصف والتدمير العشوائي، وتضررت الجدران والسقوف والنوافذ، وتعرضت بعض الأبنية للانهيار الجزئي، وتكبد مئات المواطنين خسائر فادحة جراء تدمير بيوتهم ومتاجرهم.
واستناداً إلى التقرير، تعرضت الممتلكات العامة لأضرار، بما في ذلك المشافي والمراكز الحكومية، جراء استهدافها المباشر، وتأثرت الخدمات الأساسية في المخيم، ولحقت الأضرار بالنظام التعليمي والرعاية الصحية والخدمات الحكومية الأخرى، وتضاعف العبء على المواطنين الذين يعانون نقصاً في الخدمات الأساسية.

تدمير إسرائيلي شامل للشوارع والبنية التحتية في مخيم جنين
كما وثق تضرر آليات ومركبات جراء القصف العشوائي، وشمل سيارات وشاحنات ودراجات نارية، تعرضت لتدمير جزئي أو كامل.
وتبعاً للأرقام فإن طول الشوارع المتضررة كلياً بلغ نحو7 كم، و63.5 ألف متر مربع من الإسفلت، و76 ألف متر مربع من الكركار، و4.2 آلاف متر طولي من حجر الشك، و5.3 آلاف متر مربع من الأرصفة. عدا عن تضرر جزئي لـ 2 كم من طرقات المخيم، و10 آلاف متر مربع من الإسفلت، و6 آلاف متر مربع من الكركار، و185 متراً طولياً من حجر الشك، و222 متراً مربعاً من الأرصفة.
وأشار التقرير إلى "تدمير واضح في خطوط الصرف الصحي ومياه الأمطار" بقيمة 3,210,460 شيكلاً، فيما تضررت شبكة المياه بأكثر من 2,735,041 شيكلاً، وتضررت شبكات الصرف الصحي بـ 15,753,879 شيكلاً. بينما كلفت صيانة أعمال الصرف الصحي وشبكات المياه 3,956,339 شيكلاً لإصلاحها.

حاويات القمامة هدف للاحتلال
بدوره، بيّن مدير دائرة الصحة والبيئة، محمد الحيفاوي أن اجتياحاً احتلالياً واحداً للمدينة ومخيمها تسبب نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023 خلال 3 أيام في تضرر عدد كبير من حاويات النفايات، وما زاد الأمر صعوبة أن عددها محدود بالأصل، وفيها نقص حاد في أغلب المناطق.
وأكد أن الدمار الكلي للحاويات بسعة 8 كوب بلغ 11 حاوية، و28 سعة كوب واحد، و16 سعة 4 كوب، بتكلفة إجمالية 20,420,000 شيكل.
وأوضح ان الحاويات المستهدفة موزعة على مسارات خط الاجتياح، وأدى تدميرها إلى معاناة المواطنين الذين صاروا يسيرون مسافات طويلة للتخلص من نفاياتهم، واضطر بعضهم لاستعمال براميل بلاستيكية غير مؤهلة للرفع الآلي على سيارات النفايات، وتضر بالعاملين على المركبات.
وأشار الحيفاوي إلى تعمد الاحتلال استهداف الحاويات وتخريبها في كل اقتحام وعدوان، ما يسبب معاناة إضافية للعاملين وللمواطنين معاً.

التدمير الإسرائيلي للبنى التحتية في جنين
تلوث وتخريب بيئي
من موقعها، قالت مديرة سلطة جودة البيئة في جنين، المهندسة لمى جراد إن تجريف الاحتلال لمقاطع من خطوط المياه وشبكات الصرف الصحي وتدميرها أدى إلى انسيابها في الشوارع لفترات طويلة، كما اختلطت مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.
وأضافت أن التدمير المتعمد للبنى البيئية التحتية قد يؤدي إلى تلوث مياه الشرب، ولو كان هذا "جزئياً وفي مناطق محددة".
وكشفت جراد بان اختلاط المياه وجريانها المستمر في الطرقات دون قدرة على إصلاحها بسرعة، أدى إلى التلوث بشكل عام، وقد يتسبب الوضع الجديد في انتشار الأمراض، كما أنه يسبب الإزعاج البيئي، ويعيق حركة التنقل.
وأكدت أن جريان المياه المختلطة (بين مياه صرف صحي ومياه للشرب) تنساب بشكل طبيعي وتتجه نحو مرج بن عامر، وتجري خلال الاراضي الزراعية ما يسبب تلوث المحاصيل، كما أنها تنساب بشكل طبيعي باتجاه وادي المقطع خلال مرج بن عامر، ما قد يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية.
وبينت جراد أن جيش الاحتلال يتعمد تدمير حاويات النفايات، كما أن تجريف الشوارع يؤدي في مناطق مختلقة إلى صعوبة الوصول إلى بعض الحاويات لتفريغها، وهذا كله يؤدي إلى تراكم النفايات الصلبة في المناطق المستهدفة بالاجتياحات والتخريب، مثلما تتضرر خدمة جمع ونقل النفايات، والتي تكون معطلة، ما يفاقم التحديات البيئية والصحية.

أسعد سوالمة مدير عام كهرباء الشمال
شبكات الكهرباء في مرمى النيران
من ناحيته، أجمل مدير عام كهرباء الشمال، أسعد سوالمة، خسائر الشركة خلال العام الفائت، التي قال إنها وصلت إلى 4،540،000 شيكل، وشملت 35 محولاً، و14 ألف متر كوابل ضغط عال رئيسة، و10آلاف متر كوابل للمشتركين، و50 عامود ضغط منخفض، و5 أبراج ضغط عال، و5 سلالم للضغط العالي، و10 لوحات ضغط منخفض مع مغذياتها، و10 مفاتيح فصل هوائي ضغط عال رئيس.
وأشار إلى أن عدد ساعات الدوام الإضافية للفرق الفنية خلال اقتحامات مخيم جنين وحده بلغت 22 ألف ساعة، يضاف إليها ساعات الدوام الطبيعي لطواقم الشركة الميدانية.
وقال سوالمة إن الوضع الصعب يلقي بظلاله على الشركة، ويستنزف مواردها، ويجعلها عاجزة عن التخطيط لتطوير خدماتها.

نزيف اقتصادي
من جهته، قدّر رئيس الغرفة التجارية الصناعية الزراعية في جنين، عمار أبو بكر، أيام الإضراب التي شهدتها جنين خلال عام 2023 بنحو 80 يوماً، يضاف إليها 52 يوم جمعة، وعشرات أيام الاجتياح، ما يعني أن المدينة لم تتمكن قرابة نصف عام من العمل المعتاد.
وأفاد بأن جنين خسرت مدخولات نحو 30 ألف فلسطيني من أراضي عام 1948 بقيمة 10 ملايين شيكل يومياً، فيما فقدت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 600 - 750 مليون شيكل جراء إغلاق حاجز الجلمة، ومنع وصول متسوقي الداخل.
وأشار أبو بكر إلى أن قطاع المطاعم والخدمات السياحية وفنادق المدينة الثلاثة تضررت بشكل ملحوظ، وأُجبرت منشآت على تسريح أكثر من 75% من عمالها، أو بدأت بالعمل بنظام المناوبات، خاصة بعد العدوان على غزة، كما تراجع عمل المخابز بنحو 70% لارتباطها بمتسوقي الداخل بشكل مباشر، كما تضرر قطاع الألبسة، وأكد أن الإضراب يعني بلغة الأرقام تكبد الأسواق خسائر يومية بنحو 15 مليون شيكل.
وتوقع أبو بكر حدوث "انهيار كبير حال استمرار الوضع الاقتصادي بصورته الحالية حتى نيسان/أبريل المقبل"، وسيتعذر مع ذلك على غالبية التجار الاستمرار، وستُقفل الكثير من المتاجر، كونها "محافظة استهلاكية" لا تتوفر فيها مصانع لامتصاص الأيدي العاملة، كما تغيب عنها المناطق السياحية.
وما يزيد اقتصاد جنين تعقيداً، أنها لم تتعاف بشكل تام من آثار جائحة "كورونا"، التي أدت إلى شل الحركة التجارية 13 شهراً متواصلاً، وأحدثت واقعاً صعباً.
الحل الوحيد برأي رئيس الغرفة التجارية لإنقاذ اقتصاد جنين يكمن في فتح الحواجز التي تربط المدينة والمحافظة بأراضي عام 1948، خاصة أن أسواقها صممت للاعتماد على الداخل من حيث المتسوقين واستيعاب آلاف الأيدي العاملة، في ظل عدم توفر بدائل محلية وعوائق الاحتلال.
وقدرت الغرفة التجارية حاجة المدينة بألف متجر، في حين أن عدد متاجرها 5 آلاف، وسبب ذلك قربها من مدن الداخل، واعتمادها على العمل فيها.

الاحتلال الإسرائيلي خرب بسطات الحسبة في جنين
الأرض وحدها ليست حلاً
من زاويته، قال منسق جمعية الإغاثة الزراعية في جنين وطوباس والأغوار الشمالية، علي جرادات، إن العودة إلى الأرض لاستيعاب تداعيات العدوان وتضرر الحركة التجارية وفقدان عشرات الآلاف فرص عملهم في الداخل، غير كافية "لأسباب موضوعية"، منها قيود الاحتلال على العمل في المناطق المسماة (ج)، وتناقص مساحة الأرض بشكل كبير بفعل الزحف العمراني العشوائي، وحاجة معظم المشاريع الزراعية إلى تكلفة تأسيسية ونفقات جارية حتى تتحول إلى منتجة.
وأشار إلى أن توفير مساحات لنحو 240 ألف عامل من حملة ما تسمى "التصاريح" ولـ 150 ألف كانوا يدخلون بطرقهم الخاصة، ليس ممكناً. كما ستحتاج مشاريعهم لوقت حتى تصبح منتجة، ولهم ولعائلات احتياجات يومية ملحة.
وأفاد بأن تأسيس مشاريع زراعية لفاقدي العمل في الداخل منذ بداية العدوان "غير ممكن وغير عملي" خاصة مع توقعات بأن هؤلاء من الممكن أن يعودوا مرة أخرى إلى الداخل، وقد يتركون المشاريع الصغيرة التي قد يتم تأسيسها.
واستناداً إلى جرادات، فإن مضاعفة المشاريع الزراعية يعني زيادة الإنتاج والمحاصيل، التي ستتطلب أسواقاً جديدة، وهي مهمة غير ممكنة، كما لا يسمح بتصديرها أو إعادة تصنيعها بسبب قيود الاحتلال وعدم توفر مصادر طاقة ووقود ومواد خام محلية لتشغيل المصانع، أو قد نضطر، كما يحدث حالياً لجمع معظم الخضروات وإرسالها عبر حواجز الجلمة وترقوميا لجيش الاحتلال، وسيؤدي ذلك إلى استمرار ارتفاع أسعار الخضروات.
وأكد أن زراعة الحدائق المنزلية وقت الأزمات وغيرها ضروري للاكتفاء الذاتي، لكنها "غير قادرة على توفير احتياجات حياتية يومية أخرى، في ظل الواقع المعيشي الحالي والغلاء المتصاعد".
وتوقف جرادات عند الواقع الزراعي الجديد بعد العدوان، فالكثير من المساحات الزراعية في قطاع غزة وفي المستعمرات والمدن المحيطة به، وعند الحدود الفلسطينية مع لبنان تحولت إلى "أرض غير صالحة للزراعة لوقت طويل بفعل القصف والقذائف وهجرة العمال لها، ما يعني تراجع الإنتاج الزراعي".
وأوضح أن تأسيس مشاريع زراعية جديدة لجزء من عمال الداخل ستكون محفوفة بالمخاطر، حال عادت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل العدوان، فيما عملت "الإغاثة" على دعم شق طرق زراعية جديدة، واستصلاح أراض، ودعم حدائق منزلية، وغرس أشجار زيتون في المناطق المستهدفة من الاحتلال بالاقتلاع، أو التي تعرضت إلى حرائق، ودعم الطاقة النظيفة، لكنها حولت لاحقاً معظم مشاريعها لإغاثة متضرري العدوان على غزة.

كادحو جنين الذين يعملون في أراضي عام 1948 منعتهم إسرائيل من مزاولة أعمالهم
عمال الداخل: أزمة طاحنة ولا بدائل
من جهته، صنّف أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في محافظة جنين، محمد سعيد كميل، العمال المتضررين في المحافظة بين العاملين في الضفة الغربية الذين تضرروا بنحو 40 - 50% من الحصار والعدوان وتقلصت ساعات عملهم، والعاملين في الداخل الذين تأثروا بشكل مطلق، وفقدوا أعمالهم.
وأوضح بأن غالبية عمال محافظة جنين تضرروا، لكن بعض العاملين في قطاعات الغذاء لم يتضرروا مقارنة بالملابس والبناء والإنشاءات.
وأكد أن نحو 15 ألف عامل من المحافظة الذين كانوا يشتغلون بتصاريح أصبحوا بلا عمل في الداخل، منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقرابة 20 ألفاً دون تصاريح، أصبحوا الآن بلا أي عمل.
وقدر متوسط أجر العامل الواحد بـ 250 شيكلاً يوميا، وهذا يعني أن الخسائر التي تكبدها هؤلاء "كبيرة جداً، ولها نتائج وعواقب وكارثية".
ووفقاً لكميل، فإن الاتحاد يعكف حالياً على حصر الأضرار لفاقدي العمل في الداخل عبر دراسة متكاملة، ويتابع مع منظمة العمل الدولية للاتصال مع نقابات الاحتلال، باعتبار أن العمال الحائزين على تصاريح يعتبرون في حالة الحرب أو الانقطاع المباشر على رأس عملهم، ويستلزم تعويضهم.
ورأى كميل أن "البديل الإستراتيجي" عن العمل في الداخل يحتاج إلى حكومة قوية توفر بدائل في القطاعات العامة والإنشاءات، لكن الواقع الحالي هش، وتعجز القطاعات المحلية عن استيعاب أكثر من 15% من فاقدي أعمالهم بأحسن الأحوال، حتى في حال توقف العدوان وتغير الأوضاع الحالية.
وقال: طالب الاتحاد الحكومات المتعاقبة بـ "بدائل حقيقية لعمال الداخل"، وإقرار ضمان اجتماعي عادل لهم، وهو مطلب قوبل في السابق برفض كبير من رأس المال أدى إلى تجميده، وكان بإمكانه أن يساهم في امتصاص جزء من الأزمة الراهنة.
وأشار إلى" أزمة طاحنة ومعقدة" في كل قطاعات العمال، مست حتى موظفي الحكومة الذين لا يتلقون منذ مدة طويلة كامل رواتبهم.
وأوضح كميل بأن الاتحاد مؤسسة خدماتية تدافع عن حقوق العمال، لكن ليس بوسعها توفير حلول مالية واقتصادية للأزمات، وأن جزءاً من أزمة عمال الداخل عدم توجيه نسبة من مدخولاتهم المرتفعة (قياساً بالسوق المحلي)، والتي تصل إلى 14 ألف شيكل شهرياً، للاستثمار، أو لتأسيس مشاريع صغيرة خاصة بهم أو للأزمات.
وخلص إلى القول إن آثار الإغلاق تنعكس سريعاً على العمال، وتكشف عدم ادخار قسم كبير منهم، أو غياب استعدادهم لأية أزمة، عدا عن مبالغتهم في الاستهلاك في الأوقات العادية، رغم أن عملهم شاق ويأتي على حساب صحتهم.
 |
 |
التخريب الإسرائيلي للشوارع والبنى التحتية في جنين |
جنين في 15 يناير الماضي، إثر تجريف الاحتلال وتدميره لشوارعها وبنيتها التحتية |
 |
 |
دولة إسرائيل النووية تلاحق وتخرب مصدر رزق فقراء جنين الرافضين الخنوع لها |
مشاهد الدمار الذي خلفته ماكنة الحرب الإسرائيلية في مختلف الأنحاء بمدينة جنين |