علماء المناخ يعتبرون اتفاق "كوب 28" للتحوّل بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري ليس مقنعاً
واشنطن/ آفاق البيئة والتنمية: فيما لاقى تبني مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب28" في ديسمبر الماضي اتفاقًا يمهّد الطريق للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، المسؤول الرئيسي عن الاحترار المناخي (ارتفاع حرارة الأرض)، ترحيباً واسعاً من جانب الكثير من قادة الدول، يبدو علماء المناخ أكثر تشككاً.
فقد رأى عالم المناخ والجيوفيزياء في جامعة بنسلفانيا الأميركية مايكل مان أن "الاتفاق على التحوّل بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري ليس مقنعاً"، واصفاً الأمر بأنه "أشبه بشخص يعد طبيبه بأنه سيبتعد عن تناول الكعك المحلّى بعد تشخيصه بأنه مصاب بمرض السُكَّري".
واعتبر أن "غياب الاتفاق على التخلي عن الوقود الأحفوري أمر مدمّر" مشيراً إلى أن النصّ لا يتضمّن أي تاريخ محدد للتخلي عن الوقود الأحفوري ولا إي إشارة إلى حجم التدابير التي يتعيّن على الدول اتخاذها.
واعتبر مندوبون كثرٌ ومنظمات غير حكومية النصّ الذي تمّ تبنيه بالتوافق في ديسمبر الماضي تسوية غير كافية، إذ إنه لا يدعو بشكل مباشر إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري، ما خيّب أمال أكثر من مئة دولة كانت تطالب بذلك، ولأنه يتضمّن ثغرات بالنسبة للدول الراغبة في مواصلة الاستفادة من احتياطاتها النفطية.
وأكّدت عالمة المناخ فريدريكه أوتو، المتخصصة في تحليل دور تغير المناخ في بعض الظواهر الجوية القصوى، أن الاتفاق "اُشيد به باعتباره حلاً وسطاً، لكننا يجب أن نكون واضحين للغاية بشأن ما تم التنازل عنه". وأضافت "تغلّبت المصالح المالية قصيرة المدى لبعض الدول مرّة جديدة على صحة وحياة وسبل عيش معظم الناس على هذا الكوكب".
ورأت أنه "مع كل هذه الأفعال المُبهمة، وهذه الوعود الفارغة في النص الختامي، سيجد ملايين الأشخاص أنفسهم على الخطوط الأمامية لتغير المناخ وسيموت كثرٌ منهم".
وشاركها الرأي كيفن أندرسون أستاذ الطاقة والتغيّر المناخي في جامعة مانشستر، حيث قال "لا شكّ أنه سيكون هناك الكثير من التصفيق والتهاني…لكن الفيزياء لا تأبه بذلك".
وأوضح أن أمام البشرية خمس إلى ثماني سنوات فقط، إذا بقيت الانبعاثات عند مستواها الحالي، قبل أن تتجاوز "كمية الكربون" المحدّدة لحصر ارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية، لتجنب التداعيات الأسوأ للاحترار المناخي على المدى الطويل.
وقال أندرسون أنه حتى إذا بدأت الانبعاثات بالتراجع في العام 2024، وهو ليس ضمن بنود اتفاق دبي للمناخ، فسيكون العالم بحاجة إلى التخلي التام عن جميع أنواع الوقود الأحفوري بحلول عام 2040، وليس بحلول 2050 كما تشير "اللغة المخادعة" التي يستخدمها الاتفاق الذي ينصّ على تحقيق "صافي الصفر (الحياد الكربوني) بحلول عام 2050". ووصف ارتفاع الحرارة بـ1.5 درجة مئوية بأنه "ناقوس الموت"، وهو الهدف الأكثر طموحاً لاتفاق باريس، مشيراً إلى أن حتى الهدف الأقلّ طموحاً والمتمثل بحصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين الذي سيؤدي إلى تداعيات أخطر بكثير، يصبح أبعد أكثر فأكثر.
واعتبر عالم المناخ مان أن "فشل مؤتمر كوب28 في تحقيق أي تقدم ملموس في وقت يُعتبر تضاؤل فرصنا المحتملة للحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى ما دون المستويات الكارثية، مصدر قلق كبير".
لكن رغم ذلك دعا إلى عدم التوقف عن تنظيم مؤتمرات المناخ وقال "لا زلنا بحاجة إلى مواصلة إقامة مؤتمرات المناخ. فهي إطارنا المتعدد الأطراف الوحيد للتفاوض بشأن السياسات العالمية للمناخ".
وحضّ على إدخال إصلاحات جوهرية لقواعد هذه المؤتمرات، مثل السماح للغالبية العظمى بتبني قرارات رغم اعتراض الدول النفطية مثل السعودية، ومنع المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط مثل رئيس مؤتمر "كوب28" سلطان الجابر من تولي رئاسة مؤتمرات المناخ المقبلة.
في المقابل رأى ليوهان روكستروم، أستاذ علوم البيئة ومدير معهد بوتسدام في ألمانيا، أن "اتفاق كوب28 يُظهر بوضوح لجميع المؤسسات المالية والشركات أن (…ما نشهده هو) +بداية نهاية+ الاقتصاد العالمي المبني على الوقود الأحفوري".
المصدر: AFP