الاحتلال يقرر اقتلاع آلاف أشجار الزيتون الفلسطينية في وادي قانا ومحكمته الصورية تقرر "حقه" باجتثاث الأشجار
وادي قانا
خاص بآفاق البيئة والتنمية
قررت مؤخرا ما يسمى "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال الإسرائيلي اقتلاع آلاف أشجار الزيتون الفلسطينية في وادي قانا بمنطقة سلفيت. وعمد موظفو تلك "الإدارة" إلى وسم الأشجار المقرر اجتثاثها، بذريعة أن الفلسطينيين زرعوها في منطقة تعتبر "محمية طبيعية". وغالبا ما يستخدم الاحتلال تعبير "محمية طبيعية" كغطاء لنهبه الأراضي الفلسطينية ومنع أصحابها الشرعيين الاقتراب منها أو فلاحتها. ويزعم الاحتلال، من خلال "إدارته المدنية"، أن قرار الاجتثاث يهدف إلى "منع الإضرار بالمحمية" بسبب التوسع في النشاط الزراعي الفلسطيني في المنطقة؛ علما أن أهالي قرية دير إستيا المجاورة هم الذين زرعوا الزيتون في الوادي، وبالتالي فإن اقتلاعه يشكل انتهاكا صارخا لحقهم الوطني الطبيعي في فلاحة أراضيهم.
وعلمت آفاق البيئة والتنمية من بعض أهالي المنطقة، بأن موظفي ما يسمى "الإدارة المدنية" وسموا نحو 1500 شجرة زيتون بهدف اجتثاثها؛ علما أن وسم أشجار الوادي جاء في سياق تحرك الاحتلال المتواصل ضد زراعة الفلسطينيين للأشجار في الأراضي التي يسيطر عليها.
ويعد وادي قانا من أهم وأبرز المواقع الطبيعية في الضفة الغربية المحتلة؛ إذ أنه يحوي تركيزا هاما من الينابيع، إضافة إلى مساحات كبيرة من الأحراج والغطاء النباتي الطبيعي النادر الذي تقلص وجوده كثيرا في مناطق أخرى بالضفة.
وبهدف حرمان المزارعين الفلسطينيين من زراعة أراضيهم في وادي قانا ونهبها منهم، أعلن الاحتلال عام 1983 عن الوادي باعتباره "محمية طبيعية". وكما هو حال سائر "المحميات" المزعومة في الضفة وفي الأرض المحتلة عام 1948، فقد تميزت تلك المناطق، عبر مئات السنين، بكونها أراض زراعية خصبة زرعها الفلسطينيون بالمحاصيل المنوعة والغنية. أما وادي قانا، فقد دأب فلاحو دير استيا على فلاحته منذ القدم؛ بل إن بعضهم سكن فيه لسنوات طويلة وواظب على زراعة اراضيه الخصبة التي يزعم الاحتلال بأنها "محمية طبيعية". ومن المعروف أن التقاليد المتوارثة في فلسطين تسمح بمواصلة فلاحة الأراضي ذات الملكية الخاصة المتواجدة في "المحميات الطبيعية" والتي كانت تعتبر أصلا أراض زراعية. إلا أن الاحتلال زعم في السنوات الأخيرة بأن الفلسطينيين ينفذون أعمالا تضر المنطقة "المحمية"، مثل إنشاء بنية تحتية لنقل المياه، أو وضع جدران مطاطية وزراعة الأشجار! والمفارقة أن الاحتلال ذاته يتجاهل كونه المخرب الأساسي لما يسميه "المحميات الطبيعية" التي تحوي أراض خصبة وتنوعا حيويا غنيا؛ حيث، ومن خلال مستعمراته وجدرانه الكولونيالية وتدريباته العسكرية دمر مئات آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة والخصبة وجرفها ونهبها، كما دمر مساحات واسعة من الغطاء الأخضر واقتلع وسرق مئات آلاف الأشجار المثمرة واجتث مجموعة هائلة من النباتات البرية النادرة، وهدد التنوع الحيوي في مختلف أنحاء الضفة الغربية. كما يتجاهل الاحتلال تماما المستعمرات التي أنشأها في ذات المنطقة، وتحديدا على أراض طالما اعتبرها "محميات طبيعية"!
وفي المقابل، واظب أهالي دير استيا، عبر الأجيال، فلاحة أراضيهم في وادي قانا ومارسوا فيه الزراعات التقليدية المتداخلة والمنوعة، علما أن وضعهم جدران الإطارات المطاطية يهدف إلى منع الحيوانات البرية والخنازير من تخريب وإتلاف محاصيلهم.
ولسخرية القدر، أن ما يسمى "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية التي لجأ إليها بعض أهالي دير استيا، علّها تمنع "الإدارة المدنية" من اقتلاع الأشجار، اصطفت مؤخرا إلى جانب الاحتلال وقررت بأن إدارة الاحتلال "يحق" لها اجتثاث الأشجار في وادي قانا، وتحديدا الأشجار التي زرعت في السنوات الأخيرة. وقد بلغت صفاقة محكمة الاحتلال لدرجة اتخاذها قرارا بعمل جولة مشتركة بين أهالي القرية وموظفي "إدارة" الاحتلال، بهدف الاتفاق نهائيا على الأشجار التي يجب وسمها وبالتالي اقتلاعها!
|
|
أشجار زيتون في وادي قانا وسمها الاحتلال بهدف اقتلاعها
|
واحدة من بين آلاف أشجار الزيتون التي وسمها الاحتلال في وادي قانا بهدف اقتلاعها
|