أبو حلاوة: حرق النفايات يؤدي إلى إطلاق غاز "الديوكسين" المُسرطن وغياب الوعي يفاقم تحدياتنا
د. قراعين: إيجاد جسم منفصل لقياس دائم لنسب إشعاعات الهوائيات حل علمي
د. سعادة: دراسة فلندية أثبتت أن 95% من أيام السنة تحمل هواءً ملوثًا والاحتلال يتهم الأغنام!
الندوة المتلفزة-المشهد البيئي في فلسطين أولويات وحلول
خاص بـ"آفاق البيئة والتنمية"
رسم أربعة خبراء صورة سوداء لأحوال البيئة في فلسطين، وناقشوا الواقع الزراعي-الغذائي الكيميائي: ما له وما عليه، وسبل تبني الزراعة العضوية فعلاً. وتتبعوا النفايات الصلبة والسائلة والمياه العادمة بين الحلول الممكنة والعواقب الوخيمة. وتحدثوا عن التلوث الهوائي والإشعاعي، عبر صورة لما تسببه ممارسات الاحتلال وبخاصة من مفاعلها النووي (ديمونا)، وما ينجم عن الممارسات المحلية أيضاَ. حيث وضعوا قائمة من أبرز عشرة تهديدات تواجه البيئة بفعل انتهاكات الاحتلال من جهة، والممارسات المجتمعية الخاطئة.
وشارك في الندوة في ثالث ظهور مرئي لها في الموسم الثاني بالتعاون مع تلفزيون وطن، والتي حملت عنوان(المشهد البيئي في فلسطين: أولويات وحلول)، الخبير في قضايا الزراعة والأمن الغذائي والمهندس في جمعية المهندسين الزراعيين العرب، سعد داغر، والمدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة أريحا والأغوار، عبد الجبار أبو حلاوة، وعميد كلية العلوم في جامعة بيرزيت د. وائل قراعين فيما قدم د.محمود سعادة رئيس هيئة الأطباء الدوليين للحماية من الحرب النووية فرع فلسطين، مداخلة مكتوبة.
تحديات
ورأى داغر أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة تتلخص في المياه المخصصة للري، وتقنياتها التي ترتبط باستخدامات كميات كبيرة منها، فبالإمكان استخدام تقنيات موجودة في الطبيعة كالأعشاب والقش والمخلفات الزراعية والكرتون بدلا من حرقها، لتغطية المناطق حول النباتات، ولتقليل عمليات التبخر. عدا عن إهمال الأراضي الزراعية، وخاصة في المناطق الجبلية، وما تعانيه من انجراف للتربة وتعريتها، وما يؤثر على نظام تخزين المياه في باطن الأرض. بجوار تحدي استعمال المواد الكيماوية، عدا عن تدمير الأراضي الزراعية بالزحف الأسمنتي.
وقال أبو حلاوة إن التحديات الأبرز في قطاع النفايات الصلبة تتمثل في انعدام الوعي وغياب الثقافة، والقدرة على شمولية جمع النفايات من كافة المناطق التي لا تتوفر فيها هيئات ومجالس محلية غير قادرة على إدارة شؤونها، فنرى أوضاعاً مأساوية وانتشاراً عشوائيا للنفايات، إضافة إلى تحدي الفصل والتدوير، وبخاصة أن أكثر من 60% من نفايات فلسطين عضوية ويمكن إنتاج السماد الطبيعي منها، ولكن هذا يحتاج إلى وعي المواطن بفرزها، وتقبل المزارعين ووعيهم باستعمال"الكمبوست".
وعدد د. قراعين التحديات التي تواجه بيئة فلسطين متمثلة بزيادة عدد السيارات الموجودة داخل المدن، وخلال خمس إلى عشر سنوات ستبرز هذه المعضلة، وسنسأل أنفسنا أين سنذهب بكل هذا العدد من المركبات؟ إضافة إلى ارتفاع عدد الأجهزة الخليوية التي يستخدمها الأطفال كونهم أكثر عرضة للتأثيرات السلبية من الإشعاعات الصادرة عنها وعن الأبراج، حتى لو كانت قدرتها ضعيفة، ولكن لطول فترة الإشعاع فإنهم سيكونون عرضة للإصابة-لا قدر الله- بالأمراض السرطانية. عدا عن اختفاء المساحات الخضراء، وقطع أشجار الزيتون وارتفاع وتيرة الزحف الإسمنتي وهو ما يُحل بالموازنة بين متطلبات التكنولوجيا والحفاظ على البيئة.
ووجه داغر رسالة موجزة لوزراء الصحة والبيئة والزراعة، دعاهم فيها إلى اعتماد وتبني الزراعة البيئية، فيما أطلق أبو حلاوة رسالة إلى وزراء الحكم المحلي والبيئة والتخطيط والصحة، بأن يهتموا أكثر بقطاع النفايات الصلبة، وأن يوجهوا له الدعم؛ من أجل الوصول إلى فلسطين نظيفة وخضراء، ووجه رسالة إلى المواطنين لإبداء قدر أكبر من التعاون لنظافة فلسطين.
واختزل د. قراعين رسالته بدعوة الأفراد والمواطنين إلى المسؤولية والوعي؛ لأنهم مصدر الثقل والتغيير على السياسات والمسؤولين.
جانب من ندوة المشهد البيئي في فلسطين أولويات وحلول
الغلبة للكيماويات
وقال سعد داغر إن الحالة الزراعية في فلسطين تنقسم لقسمين: قسم يعتمد على الكيماويات بشكل كامل، ويحتل الحصة الأكبر، والثاني الزراعة الطبيعية. مبينا صعوبة تحديد نسبة رقمية لكل شق، بسبب دخول الكيماويات للزراعة العضوية، واستحالة التحقق من أن الأصناف الطبيعية لم تتسرب الكيماويات إليها.
وأضاف: هناك محاولات من قبل الجهات المختصة للرقابة وضبط سوق الكيماويات، لكن وبحكم اعتماده على السوق الإسرائيلي وصعوبة ضبطه، وغياب السيطرة على التصدير والاستيراد، ووجود المستوطنات التي تنقُل للسوق المحلي الكيماويات كالحال في الأغوار حالياً، وفي غزة سابقاً، وبخاصة في الأسمدة والمواد الكيماوية، وجزء منها يغيب من قائمة المبيدات غير المسموح باستخدامها، وكلها تدخل عبر المستوطنات المحاذية للمناطق الزراعية الفلسطينية. وليس هناك ضبط كامل للمبيدات، ولكن ثمة تقنين على إدخالها أو السماح باستخدامها، ورغم محاولات وزارة الزراعة شطب مواد من القائمة وحظر استخدامها، إلا أنها تدخل بالفعل إلى السوق.
وأضاف: هناك تطبيقات زراعية دخلت في السنوات القليلة الماضية، لضبط الكيماويات المستخدمة مع معايير التصدير إلى الخارج، وهو ما يعرف بالممارسات الزراعية السليمة (Global Gap)، التي تضبط كمية المبيدات وأنواعها، وهي موجهة للأسف للمنتوجات المعدة للتصدير إلى السوق الخارجي كأوروبا.
ثلاثة مكبات مركزية!
فيما أكد عبد الجابر أبو حلاوة، أن مؤسسات السلطة الوطنية وبالأخص وزارتي الحكم المحلي وشؤون البيئة قد وضعتا إستراتيجية للنفايات الصلبة، وهي نقطة الانطلاق في قضية صعبة ومشهد سوداوي، ونجد الآن مسافة تم قطعها في السنوات السابقة، فلدينا مكب "زهرة الفنجان" المركزي الذي يخدم المحافظات الشمالية في الضفة الغربية، وهناك مكب ثانٍ في الجنوب لخدمة محافظتي الخليل وبيت لحم، ومن المتوقع تشغيله خلال الشهرين القادمين، وثمة محاولات لتشغيل مكب ثالث وسط الضفة لخدمة رام الله والبيرة وأريحا( مكب رمون)، الذي من المتوقع تشغيله منتصف عام 2015، ولكن يبقى التحدي الأكبر كيف نصل إلى جمع النفايات في كل المناطق، وكيف نصل إلى وعي يبدأ خلاله المواطن بالتعامل مع النفايات وفق طريقة منهجية وصحيحة.
وقال: نتحدث عن تحدٍ مزدوج، الأول الوصول إلى وعي المواطن، ثم تحويله إلى سلوك؛ فالمواطن يعي المشكلة وكيفية التعامل معها، ولكن ما ينقصنا التطبيق، فإذا وصلنا إليه نحقق الإدارة المنزلية من المصدر للتعاطي مع الأمر، بعدها يأتي دور البلديات والمجالس المحلية ومجالس الخدمات.
وبشأن المكبات العشوائية، أكد عبد الجابر أن المحافظات الشمالية تخلصت منها مع افتتاح "زهرة الفنجان"، ولم يبق في الجنوب غير مكبين، وفي الوسط يجري التجميع في محطات ترحيل، تنقل إلى المجمعات المركزية.
أحد عشر مجلساً للخدمات
وأضاف إن معظم نفايات أريحا والأغوار إما تُرحّل عبر محطة طوباس ثم تنقل إلى زهرة الفنجان، أو إلى مكب أريحا الذي جرى تنفيذه بنظام صحي لحين إنشاء المكبات المركزية، وبالتالي نحن نسير في الاتجاه الصحيح، وهناك سعي من وزارتي الحكم المحلي والتخطيط لتزويد مجالس الخدمات المشتركة بكافة المعدات والآليات اللازمة على مستوى الضفة الغربية، وتم إنشاء أحد عشر مجلس خدمات لإدارة النفايات في المحافظات، لتكون هي البؤرة المركزية لإدارة النفايات، عدا عن الافتتاح الوشيك لمكب الجنوب، وبعده إطلاق مكب الوسط في عام 2015.
التلوث: "العدو" الخفي!
واستعرض د. وائل قراعين، عن مسببات التلوث الهوائي في فلسطين، ممثلة بالمحاجر والمقالع الموجودة في مختلف المحافظات، وأبراج الاتصالات الخليوية التي يحيطها الجدل الكبير حول ضررها ومدى انتشارها وهل هو أقل أو أكثر من المطلوب، والتغير في الجو وما قد يتسبب به من وصول الإشعاعات الضارة التي يمكن أن تصل إلى الإنسان، وانتشار الأجهزة الخليوية والشبكات اللاسلكية (Wireless) الموجودة في غالبية البيوت، وهي هوائيات منتشرة في معظم البيوت وتبث طوال الوقت، عدا الأجهزة الخليوية التالفة التي يجري التخلص منها وتأثيرها على المياه الجوفية. ووصف التكنولوجيا بحلقة لها تأثيراتها السلبية والإيجابية.
وقال: تم إجراء بحوث في منطقة الخليل لقياس نسبة الإشعاع النووي من مفاعل ديمونا، ولكن لم ترد احصاءات دقيقة عن نسبة التلوث الضار للهواء، بسببها.
وقال د. محمود سعادة في مداخلة مكتوبة، إن الدراسات الأخيرة والتي أجرتها الجمعية الفنلندية (DHF) في منطقة النقب، أن 95% من أيام السنة تحمل هواءً ملوثًا في المنطقة الجنوبية؛ ما يسبب ويبعث على الأمراض المختلفة، والقلق الدائم على الحياة البشرية.
وتابع: إلا أن الذي يبعث على القلق بحق أيضا، كيف استطاعت القيادة الإسرائيلية والمسؤولين الصهاينة إقناع بعض السكان اليهود القاطنين في المنطقة وبعض المصابين بالأمراض الخبيثة، أن هذه السموم المنبعثة والتي تسببت لهم بكل الأمراض وما يصابون به، هي من الأغنام والمواشي، التي يربيها السكان البدو القاطنين في المنطقة برمتها. مع العلم أن جميع الأنبياء كانوا رعاة أغنام، ولقد غدت المصلحة أعلى من المبادئ والقيم والأخلاق!
وزاد على ذلك: الذي أعطى أيضا إشارات واضحة عند فحص التربة والنبات والمياه الجوفية، ما استدعى اختصاصيين لإعادة البحث والتقصي، والذي أفاد في عام( 2007) إلى زيادة واتساع رقعة المناطق المتأثرة والملوثة بالإشعاعات والمخلفات النووية في منطقة الخليل. وصولا إلى شمال المحافظة، إذ تبين أن نسبة الإشعاع وصلت إلى ثلاثة أضعاف النسب المسموح بها دوليا، كما تبين في السنوات الأخيرة تلوث التربة والنبات في منطقتي طولكرم وقلقيلية شمال فلسطين المحتلة.
ندوة المشهد البيئي في فلسطين أولويات وحلول
تبعية وأضرار
وأكد داغر إن استخدام الكيماويات بحد ذاته له الكثير من التداعيات الخطيرة، التي تكرس التبعية في الاعتماد على الغير، لأننا لا ننتج أي مادة كيماوية على الإطلاق، ونستوردها كلها، ويرتبط ذلك باستخدام البذور المعُدلة جينيا ووراثًيا، والتي لا ننتجها أيضاً، بل ينتج بعض المزارعين بذورًا بلدية بكميات قليلة، ويربطنا هذا بالاستيراد بدءاً من البذور التي لا يمكن إعادة زراعة بذورها( حيث يجري تعطيل بعض الجينات فيها لضمان عدم إعادة زراعة، ما تنتجه من بذور)، كما نستورد الكيماويات والأسمدة لإنتاج الغذاء.
ووالى: هناك بعد اجتماعي، لأن الذي يستطيع التعامل مع البذور المهجنة وابتياعها هم كبار المزارعين، أما الصغار منهم فلن يستطيعوا ذلك، ويتسبب هذا بإخراجهم من دائرة الإنتاج، ويضعهم في دائرة الفقر.
وتابع: هناك تداعيات صحية لاستخدام الكيماويات، فحين تم حظر أحد المبيدات الكلورية العضوية من قبل الاحتلال، وبعد سنوات تبين أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي تراجعت بنسبة 35 %، فهذا يؤكد أن الكثير من المبيدات تؤدي إلى السرطان، وسبق أن جرى حظر مبيدات "البردوكس تمرون" و"التوينكس" و"دي دي تي"، أما "الجاوتشو" و"الكونفدور"( وهما "مادة فعالة واحدة" بإسمين تجاريين مختلفين) فجرى إنتاجهما لتعقيم البذور، ولكن يتم عندنا استعمالهما في الري، وأحيانا لرش النباتات ما يشكل خطورة!
وأضاف: نتحدث عن أضرار بيئية للكيماويات، التي قتلت الكائنات الحية الموجودة في التربة، ما يؤدي إلى تراجع كبير في موادها العضوية، ويزيد من اعتمادها على الأسمدة الكيماوية، كما تضعف المناعة لدى التربة والنبات نفسه، مثلما يجري القضاء على الأعداء الطبيعية للآفات.
ومضى يقول: إذا ما أخذنا حال التربة في الأغوار، فنجدها تشبه الرماد، وهشه، وناعمة، ويعتقد المزارعون أنها تربة جيدة، ولكن هذا ليس صحيحاً بل يعتبر مؤشراً على موت المادة العضوية فيها. كما تؤدي الكيماويات إلى تلوث المياه الجوفية، حين يجري شطف المواد الكيماوية والأسمدة وتعود إلى المياه الجوفية، ثم ترجع للإنسان.
الوعي: كلمة السر!
وأشار أبو حلاوة أن وعي المجتمع مسألة جوهرية لتصويب الحال البيئي، فالنفايات تنتج في كل بيت ومنزل، وبالتالي فإذا تعامل الأفراد بشكل سليم، وقللوا إنتاج النفايات، وصنفوها، وأرسلوها إلى الحاوية، فإن ذلك يساهم في حل المشكلة، كما أن الإدارة السليمة لها تبدأ من المنزل، ويبنى عليها لاحقاً في الاتجاه الصحيح.
وأضاف: نتشارك مع المؤسسات الرسمية والأهلية والجامعات لبث الوعي، ولدينا اهتمام من وزارة التربية والتعليم لإدراج البيئة عمومًا، وليس فقط النفايات الصلبة في المناهج. والوعي المجتمعي نقطة جوهرية في نجاح إدارة النفايات الصلبة بالشكل الصحيح، ثم يأتي دور الهيئة المحلية.
وتابع: ما يجري حرقه من نفايات الإطارات لجمع المعادن والمواد البلاستيكية، يؤدي إلى إطلاق غاز(الديوكسين) في الهواء، وهو مادة مُسرطنة، وإذا ما تركزت في الجسم بنسب معينة تؤدي إلى الإصابة بالمرض الخبيث. إضافة إلى أكاسيد الكبريت وغيرها من الغازات، وبالتالي عندما يستنشق الشخص الهواء الملوث، تترسب إليه الغازات، وتظهر لديه الأعراض المرضية.
حلول وأعراض
وقال د. قراعين إن القلق الرئيس في الأبراج يتصل بزيادة نسب ما يتعرض له الإنسان من إشعاع عن المسموح به، ويمكن حل هذا بإيجاد جسم منفصل يقوم بقياس متواصل أوتوماتيكي لنسب الإشعاعات التي تصدر عن الهوائيات، وفي حال ارتفعت عن المسموح بها، يعطينا إشارات تحذيرية، بوجود مشكلة.
وشبّه قياس الإشعاعات التي تصدر عن الهوائيات بقياس ما يصدر عن أشعة الشمس، وقال: إنه بالمبدأ الهندسي وبالطريقة ذاتها التي يمكن قياس نسبة الضوء في وقت معين، نستطيع قياس الإشعاعات، ولكن الاختلاف إن ضوء الشمس يرى، أما الإشعاعات غير مرئية، ولا نستطيع الإحساس بها. ويمكن قياس نسبة الإشعاع المنبعث من الأبراج على مدار الساعة، وإرسال إشارات ومعلومات للمواطنين أن النسبة لم تتعد المستوى الآمن.
ووفق مداخلة د. سعادة: فمن أهم أعراض الإصابة بالإشعاع عالي المستوى للإنسان: الغثيان، القيء، النزيف الدموي، الإسهال، فقر الدم، نقص الوزن، فقدان الذاكرة، فقدان الشهية للطعام، خوار القوى (الهزال)، ابيضاض الشعر، ضعف البصر، الشيخوخة المبكرة، إحمرار الجلد، ضعف القدرات الجنسية وغيرها .
وأضاف: أما إذا كانت جرعة الإشعاع قليلة فإنها ترجع الخلية إلى حالتها الطبيعية، أو أن تموت الخلية، أو أن تحدث انقسامات ومن ثم تموت لأنها خلية ضعيفة. أو أن يُحدث فيها تغييرًا جينيًا، وأي حالة من هذه الحالات ممكن أن تنتقل من الأب أو الأم للأطفال. وهذا ضمن التأثير الوراثي، ويوجد 72 عيبًا خلقيا أو تشوها ما بين خلل في الأعضاء، أو الشكل أو الجهاز العصبي عند تعرض المرأة الحامل للأشعة، بما قد يتحول إلى سرطانات بعد 12-20 عامًا.
وتابع:عند تعرض الحيوان المنوي نفسه للأشعة، قد نشهد في الجيل الثالث لهذا الرجل أبناءً مشوهين، أي أن الضرر ليس بآني، لكنه يمتد لعدة سنوات، إذ إننا نحتاج إلى ما مقداره 3 أطنان من الاسمنت المسلح لتخفيض وضع الأضرار الناتجة من مادة مشعة، بحجم رأس دبوس!
محطات الخليوي
وأضاف: إننا لا نستطيع أيضاً إهمال أو التغاضي عما تسببه محطات تقوية الاتصالات الخليوية، والتي يجب أن تحسب فيها زاوية السقوط بدقة، وتموضع السارية، والأجهزة النقالة لجسم الإنسان، ومن أجل معرفة صلاحية الجهاز النقال، أو ضرره على الصحة نقوم بالخطوات التالية: نجمة + سلم + 06 + سلم يظهر رقما متسلسلا من 15 خانة فإذا كان الرقم السابع والثامن (00 ) فهذا الجهاز من النوع الأصلي، أما إذا كان الرقم 01 فهو صناعة جيدة، وإذا كان الرقم 02 فهو صناعة رديئة، وإذا كان الرقم 13 أو غيره من الأرقام فهو صناعة سيئة جدًا وخطر على صحة الإنسان، ويجب أن نتخلص منه.
وذكر د. قراعين أن الإشعاعات من الأبراج تعتمد على كمية الطاقة المنبعثة منها، ومسافة بُعدنا عنها. وبمثال، يمكن أن تكون هناك هوائيات بعيدة عشرة أمتار عنا وتبث بطاقة ضعيفة ولا تؤثر علينا، وهناك هوائيات تبث بطاقة عالية وبعيدة 100 متر، وتؤثر علينا.
وقال: إذا ما أردنا أن نتأكد 100% من قيمة الإشعاع الذي يسقط كل لحظة من الأبراج، يجب أن نقيسها؛ للـتأكد من أنها ضمن المسموح به، ولكن لا يستطيع أحد أن يضمن هذا الموضوع، فهو يشبه الحديث عن ضمان نسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعث من المركبات.
وأضاف: أن من واجب الجهات المختصة مراقبة عمل الأبراج، فكما يجري ترخيص المركبات كل عام، يجب أن تجري عملية دورية مماثلة لأبراج الاتصالات. كما أن سرعة خطورة الإشعاعات تعتمد على الجرعة التي تصدر منها، فإذا ما تحدثنا عن مفاعل "تشرنوبيل" مثلاً، فإن تأثيراته تظهر خلال ساعات، أما ما يتصل بالأبراج الخليوية، فهو مثل التدخين، ولا تظهر تأثيراته بشكل واضح، ولذا نجد دائما جدلاً حولها، ومع الافتراض بتأثيراتها، نبدأ بمقارنة ذلك مع تأثيرات من مصادر أخرى موجودة في الطبيعة، فمثلاً شاشات الحاسوب والهاتف تصدران أشعة، وقد تكون أكبر أحياناً من أشعة الأبراج.
وتساءل هل لدينا الاستعداد للاستغناء عن الأجهزة الخليوية، كي نضمن 100% عدم التعرض لإشعاعاتها، وأن لا يصيبنا سرطان لا قدر الله؟
الإشعاعات تلاحق الطيور!
وُعرضت في الندوة مقاطع من ندوة نظمتها (آفاق البيئة والتنمية) في آب 2009، ومما جاء فيها من جدل وحقائق، كحال بلدية دالية الكرمل ورئيسها حينئذ د. أكرم حسون، الذي قال إن نصب الأبراج داخل البلدة القريبة من حيفا تسبب برفع نسبة الإصابة بالسرطان بين سكانها، كما جعل الطيور تختفي من المنطقة، وبعد إزالتها عادت الطيور لسابق عهدها وتراجعت نسب الإصابة بالسرطان.
ومما ورد في الندوة أيضاَ: إن ما تسمى"دائرة أراضي إسرائيل" تمنع من نصب الهوائيات في مناطق نفوذها؛ حرصاً على سلامة الحيوانات!
وذكر المهندس داغر، أننا ابتعدنا عن التطبيقات الزراعية العضوية، ونسيناها وصرنا نرى أنها رومانسية وغير قابلة للتطبيق، وهذا ليس صحيحاً، فهي كانت موجودة حتى الاحتلال عام 1967 وصولاً إلى أوائل الثمانينيات، حيث كان اعتمادنا على المواد الكيماوية قليل جداً، فالمواد الكيماوية والأسمدة دخيلة مع الاحتلال، وقبلها كنا نعيش على الزراعة العضوية.
زراعة عضوية متهمة
وقال: لو كانت الزراعة العضوية غير قابلة للتطبيق لما تبنتها دول بعينها، وهناك دول وضعت لنفسها هدفاً للوصول إلى منتجات عضوية 100% حتى عام 2025.
وزاد بقوله: الأفضل أن نستخدم مصطلح زراعات "بيئية" وليس "عضوية"؛ لأنها أوسع وأشمل، كما أن العضوية مرتفعة الثمن لقلة إنتاجيتها، ما يجعل فرصة الحصول عليها ضعيفة وبخاصة للفقراء. ولذا لا أتفق مع "العضوية" كخطوات وإجراءات وشهادات، وإنما أميل إلى الزراعة البيئية التي تعتمد على ثقة المستهلك بالمزارع، ويمكن ربطها بالنفايات، إذ نحو 65% منها قابلة للتحلل، وإذا ما اقنعنا العائلات وأفراد المجتمع بفصل النفايات العضوية( مخلفات المطبخ والورق والكرتون)، ثم نعيدها إلى الأرض عبر صناعة "الكمبوست" أو (السباخ)، وحتى الكرتون الذي يشوه البيئة، يمكن استخدامه لتغطية سطح التربة لتوفير المياه.