خاص بآفاق البيئة والتنمية
في ندوة حوارية عقدتها أخيرًا مجلة "آفاق البيئة والتنمية" في مدينة غزة، بعنوان "تآكل الشاطئ في قطاع غزة.. تحديات وحلول"، أوصى مختصون في مجالي البيئة والمياه بضرورة إعداد دراسة علمية معمّقة ومتخصصة عن شاطئ بحر قطاع غزة للوصول إلى حلول جذرية لظاهرة تآكل وانجراف الشاطئ على مدار السنوات الماضية، داعين للاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال. وحذّر هؤلاء المختصون من غياب رؤية قابلة للتطبيق تحد من الضرر الناجم عن تآكل الشاطئ حيث يبلغ معدل التآكل السنوي للشاطئ (2م/ سنة)، إذ يبلغ طول الشاطئ نحو 42 كيلومترًا، يمتد على طوله 15 لسانًا بحريًّا. وأكد المختصون ضرورة توحيد الجهود بين المؤسسات ذات العلاقة بهذا الخصوص، للحد من ظاهرة تآكل شاطئ بحر قطاع غزة من شماله وحتى جنوبه، مشددين على أهمية اعتبار "حرم الشاطئ محمية طبيعية عبر سن قوانين وتشريعات تثبت ذلك".
|
 |
ندوة تآكل الشاطئ في قطاع غزة |
أوصى مختصون في مجالي البيئة والمياه، بضرورة إعداد دراسة علمية معمّقة ومتخصصة عن شاطئ بحر قطاع غزة للوصول إلى حلول جذرية لظاهرة تآكل وانجراف الشاطئ على مدار السنوات الماضية، داعين للاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال.
وحذَّر هؤلاء المختصون من غياب رؤية قابلة للتطبيق تحد من الضرر الناجم عن تآكل الشاطئ، حيث يبلغ معدل التآكل السنوي للشاطئ (2م/ سنة)، إذ يبلغ طول الشاطئ نحو 42 كيلومترًا، يمتد على طوله 15 لسانًا بحريًّا.
جاء ذلك في ندوة حوارية عقدها مركز العمل التنموي "معا" ومجلة "آفاق البيئة والتنمية"، بعنوان "تآكل الشاطئ في قطاع غزة.. تحديات وحلول" في قاعة المركز في مدينة غزة، بمشاركة خبراء في مجالي البيئة والمياه.
وأكد المختصون ضرورة توحيد الجهود بين المؤسسات ذات العلاقة بهذا الشأن، للحد من ظاهرة تآكل شاطئ بحر قطاع غزة من شماله وحتى جنوبه، مشددين على أهمية اعتبار "حرم الشاطئ محمية طبيعية عبر سن قوانين وتشريعات تثبت ذلك".
وأجمعوا على أن انعدام قدرة الجهات المختصة في قطاع غزة على معالجة مشكلة تآكل الشواطئ جذريًا يفاقم من حجم الكارثة مع انعدام وجود التمويل ومنع "إسرائيل" لإدخال المواد والآليات اللازمة، لذلك يلجأ الغزيون في بعض الأحيان إلى حلول ترقيعية وبدائية لمعالجة المشكلة دون جدوى حقيقية.
وطالب هؤلاء بضرورة تخصيص جهة مُعينة أو لجنة متخصصة مسؤولة عن متابعة كل تطور يحدث على الشاطئ وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكله، واعتبارها مرجعية رسمية لضمان منع أي تدخل خارجي بهذا الخصوص، مشيرين إلى إمكانية الاستفادة من الحلول التي اُعتمدت في بعض الدول الأخرى.
وكانت الندوة قد اُستهلّت بعرض فيلم يدور حول تآكل شاطئ قطاع غزة والمخاطر المترتبة عليه، حيث تُعرّف ظاهرة تآكل أو انجراف أو حتّ أو تعرية الساحل بأنها اهتراء أرضه أو زوال شاطئه بسبب الأمواج والعواصف البحرية والمد والجزر والتصريف والحمل وغير ذلك، وتتأثر جميع السواحل في العالم بالعواصف والأحداث الطبيعية الأخرى التي تسبب التعرية.
ويزداد حجم المشكلة وخطورتها سوءًا مع ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، لكنها تختلف في أجزاء مختلفة في البلدان الساحلية، لذلك لا يوجد حل واحد يناسب جميع البلدان أو السواحل.

جانب من ندوة تآكل الشاطئ في قطاع غزة
انعكاسات خطيرة
يقول م. ماجد حمادة المختص في شؤون المياه والبيئة في مركز العمل التنموي "معا" إن انعقاد الندوة يأتي مع استمرار ظاهرة تآكل شاطئ بحر غزة التي لها انعكاسات خطيرة.
وأبرز المعيقات التي تحول دون إيجاد الحلول اللازمة لظاهرة تآكل الشاطئ، الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة لأكثر من 16 عاماً، والتكلفة المرتفعة للمشاريع التي من شأنها أن تحد من تآكل الشاطئ، وتشتيت الجهود في بلورة رؤية علاجية تنفذ شاطئ القطاع، تبعًا لحديثه.
وذكر أن مركز "معا" يولي اهتمامًا لتسليط الضوء على ظاهرة تآكل الشاطئ، كونه يختص بمتابعة كل ما يتصل بالبيئة في قطاع غزة.
وتطرّق حمادة في حديثه إلى صور جوية أظهرت أن عمق الاهتراء (التآكل) في مخيم الشاطئ للاجئين بلغ 38 مترًا، "وهو أعلى مستوى للتآكل، حيث بلغ طول الشاطئ في المخيم صفر أمتار في بعض المناطق، في حين تبلغ مسافة تآكل الشاطئ والتضرر 2000 متر باتجاه الشمال بسبب ميناء غزة، وقد بدأت هذه المشكلة عام 1994.
كما أظهرت الصور الجوية أن مساحة الأرض المتشكلة بسبب إنشاء ميناء غزة تبلغ نحو 680 دونمًا، بينما عمق تآكل الشاطئ في منطقة شمال غزة بلغ 12 مترًا، فيما بلغت مسافة الاهتراء والتضرر 900 متر وذلك بسبب الألسنة البحرية العشوائية.
وأضاف: "عمق التآكل والاهتراء في منطقة دير البلح ومنطقة القرارة بلغ 13 مترًا، ومسافة الاهتراء والتضرر 1000 متر بسبب ميناء خانيونس الذي بدأت مشكلته تظهر مع إنشائه عام 2014، أما عمق الاهتراء والتآكل في رفح بلغ 25 مترًا، لمسافة اهتراء 700 متر بسبب الميناء الواقع في الجانب المصري".

ندوة آفاق البيئة والتنمية الحوارية حول تآكل الشاطئ في قطاع غزة
ظاهرة طبيعية
بدوره، قال د. زياد أبو هين مدير الأزمات والكوارث في الجامعة الإسلامية بغزة، إن مسألة تآكل الشواطئ هي ظاهرة تحدث في كل البلدان التي تقع على البحار والمحيطات.
وأوضح أبو هين، أن هذه الظاهرة "طبيعية وليست مستحدثة"، مشيراً إلى أن أسبابها هي المد والجزر واندفاع الأمواج بسرعة.
وبرأيه أن حل هذه الظاهرة يتطلب مجموعة من الإجراءات أولها التوعية العامة، لأن جزءاً كبيرًا من هذا التآكل ناجم عن عدم معرفة المواطنين لمخاطر التعدي على الشاطئ، مشدداً على ضرورة "اعتبار الشاطئ ملكية ومحمية طبيعية".
وجدَّد تأكيده على أهمية إجراء دراسة متخصصة لمعرفة طبيعة وظروف الشاطئ كاملة، ووضع خطة إستراتيجية وطارئة للتعامل مع المناطق ذات الحساسية الشديدة.
ومضى في حديثه: "لا بد من التعاطي مع الشاطئ باعتباره موردًا اقتصاديًا، وأن تتولى جهة مسؤولة إدارته، بما أنها لم تُحدد بعد".
وتساءل بقوله: "لماذا لا تُبنى ألسنة، بحيث يُبنى لسان لكل 100 متر من الشاطئ على نحو علمي ومدروس، فمن شأن ذلك أن يخفف من نحر الشواطئ".

ندوة تآكل الشاطئ في قطاع غزة...تحديات وحلول
التغير المناخي سبب
بدوره عدَّ محمد مصلح مدير دائرة المصادر البيئية في سلطة المياه وجودة البيئة، مشكلة تآكل الشاطئ من أبرز المشكلات البيئية التي يمر بها قطاع غزة، دون إيجاد الحلول الإستراتيجية اللازمة لها حتى الآن.
وقال مصلح في مداخلته، إن كل الحلول التي عُمل عليها بشأن هذه المشكلة "ترقيعية" ولم ترق إلى مستوى إنهائها كاملة، لافتاً إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت تآكل كميات كبيرة من الشاطئ.
وذكر أن تآكل الشاطئ ترَّكز في مناطق معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، وقبالة مدينة الزهراء جنوب غزة، والقرية السويدية في محافظة رفح جنوب القطاع.
وأفاد أن السبب الرئيس لتآكل الشاطئ هو التغير المناخي وارتفاع منسوب مستوى البحر واشتداد العواصف والأمطار في فصل الشتاء، إضافة إلى وجود "الألسنة البحرية" غير المنظمة ودون أخذ الأبعاد الهندسية الصحية عند إنشائها.
وبيّن أن الشاطئ هو المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة في فصل الصيف ويُشكل مصدراً طبيعياً واقتصادياً لهم، لذلك تُعد مشكلة تآكل الشاطئ ذات انعكاسات سلبية، مشيرًا إلى أن سلطته أجرت دراسة سابقة لمعرفة مساحات المناطق المتآكلة.
وبحسب حديث مصلح، فإن تدخل سلطة البيئة "محدود" في حل هذه المشكلة، بسبب عدم توفر مصادر التمويل الكافية والمشاريع المخصصة لحل الإشكالية، محملاً الاحتلال المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في شاطئ القطاع.
ودعا كل مؤسسات المجتمع المحلي والدولية لضرورة التدخل العاجل لتدارك مشكلة تآكل شاطئ غزة ومعالجة آثارها السلبية والكارثية.
من ناحيته، يؤكد سامر أبو غالي مدير عام وحدة المختبرات وضبط الجودة في وزارة الأشغال العامة والإسكان، أن مشكلة تآكل شاطئ بحر غزة ظلت قائمة على مدار العقود الماضية دون الوصول إلى حلول إستراتيجية لها حتى الآن.
ورأى أبو غالي في كلمته، أن البُعد السياسي شكَّل عائقاً كبيراً أمام إيجاد الحلول اللازمة لهذه المشكلة، عدا عن عدم موافقة سلطات الاحتلال على إدخال المعدّات وتنفيذ المشاريع.
ومن وجهة نظره أن إنشاء "الألسنة في البحر" جزء من الحلول الجزئية التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب، موضحًا: "حل هذه المشكلة يحتاج إلى مشاريع دولية ومعدّات ومواد ضخمة تستطيع الدخول لأعماق البحار".
وعزا عدم الوصول للحلول النهائية إلى "نقص الخبرات الكافية في قطاع غزة المتصلة بهذا المجال"، معربًا عن أمله في أن "تكون التدخلات في هذا الشأن مدروسة وقد أُعدَّ لها مسبقاً".
وأكد أبو غالي أن الوزارة تواصل جهودها ضمن الأدوات البسيطة المتاحة لديها، مبديًا استعداد وزارته للتعاون مع أي جهة لتنفيذ مشاريع متخصصة في هذا الجانب.
وأوصى بضرورة إجراء دراسة مفصلة عن شاطئ قطاع غزة للوصول إلى حلول نهائية، باعتباره مورداً اقتصادياً مهماً، داعياً إلى تخصيص جهة مسؤولة عن الشاطئ تمنع أي تدخلات خارجية.
معدات مهترئة
إلى ذلك، قال ماجد صالح مدير عام الآليات والطرق في وزارة الأشغال العامة والإسكان، إن الوزارة لا تمتلك الإمكانيات الكبيرة لإنهاء ظاهرة تآكل الشاطئ، التي تحتاج بطبيعة الحال إلى معدات ضخمة.
وأوضح صالح، أن وزارته تبذل جهوداً من أجل الوصول إلى حلول إستراتيجية لإنهاء الظاهرة الخطيرة، داعياً الجهات والمؤسسات الدولية لضرورة لدعم هذه الجهود وتمويل المشاريع اللازمة.
موانٍ ثلاث
بدوره قال الخبير البيئي د. عائد زهد إن التوقعات الراهنة لمعدل ارتفاع منسوب مياه البحر لشاطئ قطاع غزة سيتفاوت من 50 إلى 80 سم، ما يجعل الشوارع والمباني السكنية المجاورة عرضة للخطر.
وفي السياق بيّن أن شاطئ القطاع تأثر بثلاثة موانٍ، الأول ميناء العريش الذي أُنشئ قبل خمس سنوات على السياج الفاصل بين رفح ومصر ويبلغ طول لسانه 200 متر، وهو ما أثّر في شاطئ مدينتيّ رفح وخانيونس.
والميناء الثاني، ميناء خان يونس، ويبلغ طول لسانه 160 مترًا داخل البحر، وهو ما أثرّ في شاطئ القرارة والزوايدة ودير البلح ووصل تأثيره إلى شاطئ مدينة الزهراء، والميناء الثالث مرفأ الصيادين في مدينة غزة، ويبلغ طول لسانه 450 مترًا، وقد وصل تأثيره إلى مخيم الشاطئ وجباليا وبيت لاهيا.