
باريس/ آفاق البيئة والتنمية: كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة "نيتشر كلايمِت تشينج"، في مارس/ آذار الماضي، أن انبعاثات الغازات الكربونية الناجمة عن نظام الغذاء العالمي ستضيف درجة مئوية تقريباً إلى درجات حرارة سطح الأرض بحلول عام 2100 وفق الاتجاهات الحالية، ما يقوّض أهداف اتفاق باريس للمناخ عام 2015.
إلا أن إجراء إصلاح شامل للقطاع، من الإنتاج مروراً بالتوزيع وصولاً إلى الاستهلاك، يمكن أن يقلّل هذه الانبعاثات بأكثر من النصف، حتى مع زيادة عدد سكان العالم، تبعًا للدراسة.
وقد أفاد العلماء المعدّون للدراسة أن درجة حرارة سطح الأرض ارتفعت 1.2 درجة مئوية منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولم يبق سوى هامش ضيق لالتزام الهدف الرئيس في معاهدة باريس والمتمثل في حصر الاحترار بــ "أقل بكثير من درجتين مئويتين".
وقالت المعدّة الرئيسة للدراسة كاثرين إيفانوفيتش، وهي طالبة دكتوراة في جامعة كولومبيا في نيويورك، لوكالة "فرانس برس" إن "التخفيف من الانبعاثات الناجمة عن قطاع الغذاء ضروري للعمل من أجل مستقبل مناخي آمن".
والانبعاثات الكربونية لنظام الغذاء العالمي مسؤولة عن نحو 15 في المئة من مستويات الاحترار الحالية، لكن فقط ثلث خطط خفض الانبعاثات الوطنية بموجب اتفاق باريس تتضمن أي إجراء لخفض التلوث الكربوني الناجم عن الزراعة أو الثروة الحيوانية.
وبهدف تحسين التقديرات السابقة لحجم مساهمة قطاع الغذاء العالمي في ظاهرة احترار المناخ، درست إيفانوفيتش وزملاؤها على نحو منفصل غازات الدفيئة الثلاثة الرئيسة والتي تختلف في القوة والقدرة على البقاء في الغلاف الجوي.
ويبقى ثاني أكسيد الكربون بمجرد انبعاثه في الغلاف الجوي لقرون، أما الميثان، وهو غاز كربوني أيضاً، فيبقى لعقد تقريبًا، لكن في هذا النطاق الزمني، يكون فعّالاً 100 مرة أكثر في الاحتفاظ بحرارة الشمس.
ووجد الباحثون أن الميثان الناجم عن تجشؤ الماشية وحقول الأرز والأطعمة المتعفنة يمثّل نحو 60 في المئة من الانبعاثات المرتبطة بالأغذية، فيما مثّل كل من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الآلات والنقل وأكسيد النيتروز الناجم عن الاستخدام الزائد للأسمدة الكيميائية 20 في المئة من هذه الانبعاثات.
وجمع الباحثون أيضاً بيانات حول انبعاثات الكربون لحوالي 100 عنصر غذائي.
وخلصت الدراسة إلى أنه من دون تغيير كبير في الإنتاج والنظام الغذائي، سيرفع استهلاك الغذاء العالمي متوسط درجة حرارة سطح الأرض ما بين 0.7 درجة مئوية و0,9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
وأشار الباحثون إلى أن "هذا الاحترار الإضافي وحده يكفي لتجاوز هدف حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية والاقتراب من عتبة درجتين مئويتين".
وأظهرت الدراسة أن الميثان هو مفتاح الحد من تلوث الكربون المرتبط بالأغذية.
وأوضحت إيفانوفيتش أن "معظم الاحترار المستقبلي المرتبط بقطاع الغذاء ناجم عن انبعاثات غاز الميثان".
وأضافت "نظرًا إلى أنه ملوث قصير الأمد، فإن الخفض الفوري في انبعاثاته قد يؤدي إلى فوائد مناخية في المستقبل القريب".
وقالت إن تحسين طرق إنتاج اللحوم والألبان ومشتقاته والأرز وحده قد يقلل من توقعات الاحترار الإضافي الذي يسببه قطاع الأغذية بمقدار الربع.
كذلك، وجدت الدراسة أن اعتماد نظام غذائي مثالي لصحة الإنسان في كل أنحاء العالم باستخدام مصادر طاقة متجددة بدلاً من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة وتقليل هدر الطعام، من شأنه أن يقلل تلك التوقعات بنسبة 25 في المئة إضافية.
لكن حتى الآن، ما زالت خطوط الاتجاه للعديد من هذه التدابير على ما هي، وفيما يخص استهلاك اللحوم، تتحرك في الاتجاه الخاطئ، كما أظهرت بحوث أخرى.
المصدر: AFP