خاص بآفاق البيئة والتنمية
بما أننا نمضي جزءا كبيرا من وقتنا في مكان العمل، سواء في المكتب أو المصنع أو المزرعة أو الشارع. لذا، من الطبيعي أن نعمل على حماية بيئة مكان العمل، وأن نقلل إلى الحد الأدنى الممكن من إنتاج أو استهلاك الملوثات المؤذية للبيئة وللصحة العامة. ولنتذكر بأن المقولة القديمة القائلة إن الإدارة الناجحة للشركات والمصانع، هي التي تعنى فقط بجني الأرباح، لم تعد صالحة في عصرنا الحاضر. وذلك لأن زيادة الوعي الرسمي والشعبي بمشاكل التلوث البيئي، وبالتالي سن القوانين واتخاذ التدابير الهادفة إلى الحفاظ على البيئة، أرغم الشركات وعالم الأعمال على اتخاذ الإجراءات البيئية في الاعتبار. بمعنى أن احترام الاعتبارات البيئية، يصبح يوما بعد يوم، هو المقياس لنجاح أو فشل شركة ما.
|
من المعروف أننا نمضي جزءا كبيرا من وقتنا في مكان العمل، سواء في المكتب أو المصنع أو المزرعة أو الشارع. لذا، من الطبيعي أن نعمل على حماية بيئة مكان العمل، وأن نقلل إلى الحد الأدنى الممكن من إنتاج أو استهلاك الملوثات المؤذية للبيئة وللصحة العامة.
ولنتذكر بأن المقولة القديمة القائلة إن الإدارة الناجحة للشركات والمصانع، هي التي تعنى فقط بجني الأرباح، لم تعد صالحة في عصرنا الحاضر. وذلك لأن زيادة الوعي الرسمي والشعبي بمشاكل التلوث البيئي، وبالتالي سن القوانين واتخاذ التدابير الهادفة إلى الحفاظ على البيئة، أرغم الشركات وعالم الأعمال على اتخاذ الإجراءات البيئية في الاعتبار. بمعنى أن احترام الاعتبارات البيئية، يصبح يوما بعد يوم، هو المقياس لنجاح أو فشل شركة ما.
وحيث إن غالبية أماكن العمل صغيرة نسبيا، ويعمل فيها بين خمسة أفراد وثلاثين فردا، فمن السهولة بمكان، رسم سياسة بيئية لأماكن العمل هذه. الأمر الذي يتطلب أن يبادر موظف أو أكثر إلى إثارة الاهتمام البيئي لدى سائر العاملين، علما أن حماية البيئة في مكان العمل قد تكون مجدية من الناحية المالية، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بترشيد استهلاك الطاقة والمواد.

وفي هذه العجالة، نذكر بعض الملاحظات العملية، من حيث استعمال الورق والمستلزمات والأجهزة المكتبية:
أولا: لنحاول، كلما أمكن، استعمال الورق الذي أعيد تدويره، ولنكتب على جهتي الورقة، فضلا عن استخدام االجهة البيضاء من الورق المستعمل، لكتابة المسودات أو للتصوير التجريبي. ولنتذكر، أن إعادة استعمال طن واحد من الورق المستعمل، يؤدي إلى إنقاذ نحو 17 شجرة! لذا، فلتبادر إدارة الشركة أو المنشأة، إلى التعاقد مع طرف ما، يعمل على جمع النفايات الورقية بهدف إعادة تصنيعها.
ثانيا: لنركز، قدر الإمكان، على شراء لوازم مكتبية مصنوعة من مواد طبيعية. ولنتجنب استعمال الكؤوس والفناجين البلاستيكية والمناشف الورقية، فضلا عن تفادي استخدام ماكينة المشروبات الساخنة التي تسرف في استهلاك الكهرباء، وتقدم القهوة والشاي وغيرهما في كؤوس بلاستيكية. ولنستخدم أكوابا خزفية أو زجاجية، وأباريق لتسخين المياه، علما أن هذه الأباريق تستهلك كمية أقل من الطاقة.
ثالثا: بدلا من استعمال قناني المياه البلاستيكية، فلنستعمل البراميل الكبيرة المعبأة بمياه الشرب، والمجهزة بحنفيات.
رابعا: بهدف ترشيد استهلاك الطاقة، وتوفير الموارد الطبيعية والمال، والتقليل من التعرض للإشعاعات الضارة، وتخفيض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي الحد من التلوث وارتفاع حرارة الأرض، فلنطفىء الحاسوب والمصابيح الكهربائية والماكينات، في أثناء عدم استعمالها، ولنشغلها فقط عند الحاجة. ولنستخدم مصابيح موفرة للطاقة. ولنتذكر بأن إشعاعات خفيفة تنبعث من أجهزة الحاسوب، وقد تتسبب تلك الإشعاعات، مع العمل لفترات طويلة، في الصداع، والطفح الجلدي واحمرار العينين، فضلا عن احتمال تسببها بالإجهاض. لذا، يفضل استعمال شاشات LCD التي تتميز بنسبة انبعاث إشعاعي هامشية، أو تركيب فلتر على شاشة الحاسوب، ولنحاول ألا نعمل أمام الشاشة أكثر من أربع ساعات يوميا.
خامسا: بدلا من أقلام الحبر الجاف التي يُرمى الآلاف منها يوميا، بعد الاستعمال، والمصنعة من البلاستيك الذي لا يتحلل بيولوجيا، فلنستعمل أقلام الحبر السائل التي تعاد تعبئتها تكرارا.
سادسا: لنتجنب تنظيف الأجهزة المكتبية بمواد كيميائية ملوثة للجو وللصحة العامة. فقناني "السبراي" للتنظيف، تحتوي على مركبات كيميائية مُزِجَت بمطهرات كيميائية عالية السمية وسريعة الاشتعال، واستنشاقها المتواصل يعد خطرا على الصحة والبيئة المباشرة.
وغالبا ما تشكل أنظمة الإضاءة والتهوية الاصطناعية في أماكن العمل، مصدرا للأمراض. كما أن المعدات والأدوات المكتبية، وما ينبعث منها من أبخرة كيميائية وتشويشات كهروستاتية، تسبب إزعاجا للعاملين الذين قد يعانون، بسبب ذلك، من بعض الأمراض، أو من الدوار، أوالصداع، أوالكسل، أو النعاس، الأمر الذي يؤثر سلبا على الإنتاجية.

يضاف إلى ذلك، طاولات المكاتب الرخيصة المغطاة بقشور خشبية للزينة، والمصنوعة، من الداخل، من خشب مضغوط مُثَبَّت بغراء يحتوي على مادة "فورمالديهايد" الملوثة للجو، والتي تتبخر باستمرار، وتتلف حاسة الشم والجهاز التنفسي، وتتسبب في مرض الربو. إذن، على أصحاب العمل أن ينتبهوا إلى الظروف البيئية في مكان ومبنى العمل، وأن يتخذوا التدابير اللازمة لتحسين الوضع البيئي، وأن يشتروا طاولات مصنوعة من الخشب الصلب المستديم.
علاوة على ذلك، تتسبب ماكنات التصوير أو "الفوتوكوبي" في زيادة غاز الأوزون الذي قد يشكل مادة ملوثة داخل المكاتب، وخاصة بالنسبة لموظف يعمل قرب ماكنة تصوير تعمل طيلة النهار، في غرفة تفتقر إلى التهوية الكافية. والتعرض المتواصل لغاز الأوزون يؤذي الأغشية المخاطية والعينين، وقد يتسبب في صداع متواصل. إذن، فلنطفىء ماكنة التصوير في أثناء عدم استعمالها، ولنحرص على التهوية الجيدة والدائمة للغرف.
وأخيرا، من الأهمية بمكان، جعل أماكن العمل نظيفة من الدخان؛ إذ إن المدخنين في أماكن العمل، لا يعرضون أجسامهم وأجسام زملائهم للمخاطر الصحية، فحسب، وإنما يتسببون أيضا في تلويث بيئة مكان العمل، علما بأن إنتاج التبغ وتصنيعه يتضمنان استعمال كميات كبيرة من المبيدات الكيميائية، وتبييض ورق السجائر بالكلور، وتلويث الهواء والمياه. كما أن تغيب العاملين عن العمل، بسبب تعرضهم للأمراض الناتجة عن التدخين، يعني خسائر للشركة أو المؤسسة، ناهيك أن التدخين قد يكون سببا محتملا للحرائق.

أدوات مكتبية معاد تدويرها
بيئة العمل أولا قبل الأرباح
لا بد من التنويه أن العديد من مكاتب المؤسسات والشركات تبالغ في تشغيل أجهزة التكييف، حيث نجد التدفئة إلى درجة القيظ شتاءً، أو التبريد الشديد إلى درجة الصقيع صيفاً. ويعد هذا تبذيرا للمال والموارد، ناهيك عن تسببه في الأمراض للموظفين والزوار. فلنحافظ على درجة حرارة مريحة في المكتب، تتراوح بين 20 درجة مئوية للتدفئة و24 درجة للتبريد.
ولنتجنب استخدام البطاريات التي تستعمل لمرة واحدة، علما أن الطاقة المستهلكة في صنع البطاريات أكبر بخمسين مرة من الطاقة التي تنتجها. فلنستعمل البطاريات التي يعاد شحنها وتدوم لمدة طويلة، فضلا عن الأجهزة والماكينات اليدوية، أو التي يمكن تشغيلها بالكهرباء، والحاسبات التي تعمل بالطاقة الشمسية.
وبالرغم من أن العديد من المكاتب تستعمل المغلفات ذات الفتحات البلاستيكية الشفافة، إلا أن قلة من الناس تدرك أن هذه المغلفات تعد أكثر المغلفات ضررا بالبيئة، لأنها غير قابلة للتدوير. بينما معظم المغلفات البنية العادية صُنِّعَت من ورق أعيد تدويره، وهي أرخص ثمنا.
ولنستعمل سوائل تصحيح الأخطاء التي يشكل الماء جزءا أساسيا من تركيبها، وتخلو من الإيثان الثلاثي الكلور، علما أن المادة الكيميائية الأساسية المستخدمة في السائل الأبيض الكيميائي المستعمل في تصحيح الأخطاء، هي الإيثان الثلاثي الكلور. وتعد هذه المادة سامة ومهيجة، ومستنزفة لطبقة الأوزون، فضلا عن بقائها لفترة طويلة في البيئة.
لنتذكر، أن الغراءات والأشرطة اللاصقة المستعملة في المكاتب تسبب مشاكل بيئية وصحية. إذ قد تحتوي الغراءات على الفورمالديهايد، والفينول، وكلوريد الفنيل، والنفتالين وغيرها. وتعد هذه المواد متطايرة وإدمانية وضارة. لذا، علينا، قدر الإمكان، تجنب استعمال هذه الغراءات، وأن نستعمل بدلا منها، وعند الضرورة، الأنواع البيضاء، وغراء النجارة الذي يعد تركيبه بسيطا.
لنتجنب استعمال مشابك الورق المطلية بالبلاستيك الملون، لأنها قد تحتوي على معدن الكادميوم الثقيل والسام. ولنستعمل مشابك الورق العادية التي يمكننا إعادة تدويرها واستعمالها مرات عديدة.

أقلام صديقة للبيئة
ولتعليم مقاطع مهمة من النصوص، أو رسم المخططات البيانية، يحبذ استعمال أقلام التلوين المائية، بدلا من أقلام الحبر الملونة التي تحتوي على مذيبات ومواد كيميائية خطرة، مثل التولوين، والزيلين، والفينول، التي يتسبب التعرض المتواصل لأبخرتها بالدوار. كما أن لمادة التولوين تأثيرا خطيرا على الجهاز العصبي المركزي.
إذن، وكما نلاحظ، قد يتعرض العاملون في المكاتب للعديد من المواد الكيميائية الخطرة، مثل السوائل المنبعثة من الماكينات والمعدات، الغازات والغبار والمساحيق الكيميائية. لذا، لدى اضطرارنا إلى استعمال مادة كيميائية معينة، علينا التأكد من خصائصها، واستعمال كمية صغيرة ومحدودة منها، فضلا عن توفير التهوية الجيدة في مكان استخدامها. وإجمالا، التقليل إلى الحد الأدنى من استخدام المواد الكيميائية في مكان العمل سيخفض من إنتاجها، وبالتالي سيخفف من الأضرار التي تسببها للبيئة وللصحة العامة.
وإجمالا، مواد التنظيف الكيميائية المستعملة في أماكن العمل، وبخاصة تلك المحتوية على مذيبات لإزالة البقع، وتنظيف الأرضيات والنوافذ، قد تسبب مشاكل وتهيجات وأمراض جلدية، فضلا عن النعاس والإغماء. من هنا، فإن وظيفة عامل التنظيف، تعد حساسة وخطرة؛ لأنه، وبسبب استخدامه سوائل التنظيف، يعرض نفسه للإصابة بالحساسية، والتقاط الجراثيم في أثناء عملية التنظيف، فضلا عن خطر انزلاقه على الأرض الرطبة وبالتالي تعرضه للإصابة أو الكسور. لذا، من الضروري تدريب عاملي التنظيف على أصول العمل، وكيفية التعامل مع المواد الكيميائية السامة، أو كيفية التخلص منها، فضلا عن استعمال البدائل الآمنة.

أدوات مكتبية صديقة للبيئة
كما أن الضجيج يعد شكلا من أشكال التلوث البيئي. فهو مؤذ للأذنين والحواس، ويتسبب في تأثيرات فسيولوجية ونفسية سلبية على الإنسان، مثل الصداع والقلق، ويضاعف من الإجهاد والتعب الناتجين عن العمل. ويكثر الضجيج في العديد من المكاتب على شكل أصوات وارتجاجات منبعثة من الماكينات والآلات والأجهزة المكتبية. يضاف إلى ذلك، الأصوات الخارجية. وفي بعض المكاتب، يتجاوز التلوث بالضجيج 80 "ديسيبل"، بينما يتجاوز الضجيج في معظم المصانع 90 "ديسيبل". لذا، وللحد من تعرض العاملين لللتلوث بالضجيج، لابد من استخدام الضوابط الهندسية، وتركيب عوازل للصوت، والستائر السميكة والنسيج الكثيف، حيث إنها تكبح الأصوات، فضلا عن زراعة النباتات في الأنحاء المختلفة لمكان العمل، لأن النباتات تمتص الصوت.
ولنضع النباتات الطبيعية في المكاتب وأماكن العمل، ولنواظب على الإعتناء بها. ولنتجنب وضع النباتات الاصطناعية. وإذا ما توافرت حول مكان العمل قطعة أرض، فلنزرعها بالأشجار والأعشاب الطبية والأزهار.
أخيرا، فلنتذكر أن بيئة العمل الصحية والخضراء، توفر جو عمل مريحا، وتؤثر إيجابا في نفسية العاملين. لذا، فلنتخلى ولو عن جزء صغير جدا من الأرباح، لتحسين جودة بيئة العمل وحماية العاملين، لأن صحة الإنسان وبيئته يفترض أن تأتي في المقام الأول، ومن ثم تأتي الأرباح. ولا مانع من مساهمة الشركات والمؤسسات في حماية بيئة البلد، بشكل عام، وذلك من خلال دعم المؤسسات والمنظمات العاملة في المجال البيئي.