خاص بآفاق البيئة والتنمية

بداية إثمار الأفوكادو في مزرعة جمال خلف وجهاد قبها
وُلد المزارع جمال خلف في بلدة برقين اللصيقة بمدينة جنين مطلع ستينيات القرن الفائت، وأتقن منذ الطفولة أعمال الزراعة، المهنة التي ورثها عن والده، ثم سرعان ما بدأ يفكر في تحديث أنماط الرعاية بالأرض، فكان من أوائل مقتني الجرارات الزراعية، وطوَّر بنفسه محراثًا وأدوات للرش، كما ابتكر أداة يدوية لحفر الآبار الجوفية، وقبلها تنقّل بين مهن الحدادة، والعمل في الداخل المحتل.
بعناية وحب، أخذ يتفقد حقل الأفوكادو الذي زرعه في سهليّ عرابة وبرقين، وفي أثناء ذلك، تحدّث عن الخيارات الصعبة التي تواجه الزراعة، فقد تنقّل بين الأنماط المكشوفة، والزراعة المحمية في الدفيئات، وزراعة النخيل، وتربية النحل، وإعادة زراعة البطيخ والشمام، وعشرات الأصناف الجديدة من البندورة والفلفل والكوسا، إلا أن "الخيارات صعبة، وتحديات القطاع الزراعي متزايدة، أبرزها الخسائر المتلاحقة، وكساد المحاصيل، وقلة الأيدي العاملة" كما قال.
ضربات مُتلاحقة
يقول خلف إنه يعمل مع إخوته في زراعة قرابة 250 دونمًا، ونقل المياه لحقوله من مسافات طويلة تتجاوز 5 كيلو مترات، إلا أن "الضربات المتلاحقة" وبخاصة في محاصيل الخيار، والكوسا، والبطيخ، والشمام، والبندورة، والبصل، واللفت دفعته للبحث عن زراعة غير نمطية، ويمكن أن تحقق الحد الأدنى من الضمان في أسعارها.
وتطرّق إلى الخسائر المتراكمة جراء الانخفاض الحاد في الأسعار في السنوات العشر الأخيرة، فقد وصل إلى مرحلة العجز؛ بعد التدني الحاد، الذي وصل إلى حد عدم القدرة على تسويق كميات كبيرة من البطيخ، والبطاطا، والبصل، والكوسا، أو بيعها بأقل من أسعار تكلفتها.
"وهل وجدت طوق النجاة؟".. يخبرني الرجل الذي أمضى معظم حياته في الزراعة عن سؤالي بالقول: "بدأت منذ ربيع 2022 في البحث عنه، إلى أن تعرفّت إلى المزارع الطموح جهاد قبها، وشرعنا في التخطيط لغرس مساحات معقولة من أشجار الأفوكادو، في عمل لم يخل من مغامرة، خاصة أن الشجرة حساسة في بدايات عمرها للصقيع وللرياح، ومع ذلك، تمكنا من غرس 54 دونمًا ممتدة على ثلاثة مواقع، وحميناها بأسلاك شائكة من الأغنام والخنازير البرية".
"لماذا الأفوكادو".. جاء الجواب على لسانه: "اخترنا صنفًا يمكن أن يحقق دخلًا معقولًا، وليس عُرضة للكساد، وهو ما توفر في الأفوكادو، إذ تستغرق الشجرة نحو خمس سنوات لتكون منتجة، وفي فترة تمتد لأكثر من 6 أشهر طوال العام".

حقل الأفوكادو في برقين
تحديات وآمال
تبدو الحقول حديثة العهد شكلًا هندسيًا يغلب عليه لون الجير الأبيض، مع بداية بواكير الثمار على كثير من أغصانها الغضة، فيما تُحاط الحقول مجتمعةً بأسيجة، وعلى هيئة سطور مرتبة تصطّف أعدادٌ من الشجرة الوافدة.
وبطبيعة الحال، لم تكن رحلة الشريكين معبّدة بالأزهار، فقد ظهرت العديد من العراقيل، بدءًا من عدم توفر الأشتال في الأسواق المحلية، ومروراً بالعقبات التي وضعتها وزارة الزراعة أمام استيرادها من الداخل المحتل، وتكلفة الأشجار المرتفعة (كل شتلة تحتاج لأكثر من 10 دولارات)، فيما يتطلب الدونم الواحد كمية تتفاوت من 60 إلى 70 شجرة.
وبحسب حديثهما، فقد نجحا في أول اختبار أمام الصقيع، بتمكنهما من حماية الأشجار الحساسة في وقت قياسي، ويأملا في أن تنجح تجربتهما؛ لوقف الخسائر المتلاحقة.
وجمع خلف وقبها معطيات عن الشجرة الجديدة في منطقتهما، وعرفا أسرارها، واستعانا بخبراء ومهندسين زراعيين في طريقة رعايتها، بدءًا من غرسها في أماكن مرتفعة خشية الغرق، وأصنافها المذكرة والمؤنثة، وكذلك رشها بالجير للحفاظ على حرارة معتدلة، وحمايتها بطبقة رقيقة من الشاش في ليالي الصقيع والانجماد.
ويتطلع المزارع خلف وشريكه إلى اكتمال التجربة، والتوجه لزراعة حقول أخرى؛ هربًا من مصيدة الخسائر التي تعصف بالقطاع الزراعي، وتراجع القوى العاملة المنخرطة فيه.

حقل الأفوكادو للمزارعين جمال خلف وجهاد قبها
فاكهة ثرية
دخلت شجرة الأفوكادو الاستوائية حديثًا للزراعة الفلسطينية، وبدأت في قلقيلية بحوالي 2000 دونم، ضمن مشروع تخضير فلسطين.
وبحسب موقع "ويب طب"، يعد الأفوكادو أحد أنواع الفاكهة المميزة، فيختلف عنها بكونه أقل من ناحية محتواه من الكربوهيدرات وأعلى بالدهون، فيما أشارت العديد من الدراسات والأبحاث إلى العديد من فوائد الأفوكادو التي تعود على صحة الإنسان، أهمها فقدان الوزن أو زيادته والتخلص من النحافة، وفائدته لصحة القلب والشرايين.
وهو مصدر غني للدهون المفيدة الصحية، ومضادات الأكسدة؛ ويتميز بثرائه بالعديد من المعادن والفيتامينات والألياف والأحماض الدهنية المفيدة، وغناه بالعديد من المواد الكيميائية التي تعمل عمل مضادات الأكسدة وتعزز مناعة الجسم.
وتوفر ثمرة الأفوكادو ما يقارب 20 نوعًا من الفيتامينات والمعادن المختلفة، منها البوتاسيوم واللوتين وحمض الفوليك، وكل من فيتامينات (ب)، و(ج)، و(ه)ـ، و(أ).