خاص بأفاق البيئة والتنمية
بحجمها الكبير ومذاقها الشهي، تغري سمكة الأرنب البحري بعض الغزيين الذين يجهلون مدى سمّيتها، فيقعون في الفخ بشرائها وتناولها. انتشرت سمكة الأرنب السامة بكثرة بالقرب من شواطئ مدينة غزة، وهي سمكة غريبة على سواحلها وتعد مهاجرة. تُعرف كذلك باسم "سمكة الصافي" أو "سمكة الثعلب"، وتنمو حتى يبلغ طولها نصف متر تقريباً، فتخدع بمقوماتها كل صياد يجهل كمية السموم بداخلها، الأمر الذي يؤدي إلى تكرار حالات التسمم والوفاة في كل عام.
|
|
سمكة الأرنب في غزة |
تغري سمكة الأرنب البحري، بحجمها الكبير ومذاقها الشهي، بعض الغزيين الذين يجهلون مدى سمّيتها، فيقعون في الفخ بشرائها وتناولها.
انتشرت السمكة السامة بكثرة بالقرب من شواطئ مدينة غزة، وهي سمكة غريبة على سواحلها وتعد مهاجرة.
وتُعرف كذلك باسم "سمكة الصافي" أو "سمكة الثعلب"، وتنمو حتى يبلغ طولها نصف متر تقريباً، لتخدع بمقوماتها كل صياد يجهل كمية السموم بداخلها.
ورغم التحذيرات المستمرة من كل جهات الاختصاص بما فيها وزارتي الزراعة والصحة، إلا أن بعض الصيادين الذين تعلق هذه السمكة في شباكهم يبيعونها أو يطهونها لعائلاتهم، وبعضهم يلقونها على الشاطئ، فيسارع بعض الفتية إلى جمعها وأخذها لأسرهم التي في أغلب الأحيان تجهل مدى سميّتها، الأمر الذي يؤدي إلى عدد من حالات التسمم وكذلك حالات الوفاة كل عام.
الطفلة ديما حجازي اللحام انتهى أجلها عند عمر الثمانية أعوام، لتصبح واحدة من ضحايا "الأرنب البحري"، بعد أن جلبها أبوها من أحد الأسواق دون أن يعلم بأنها سمكة سامة.
قامت الأسرة التي تقطن مدينة خانيونس جنوب القطاع، بتنظيفها كما جرت عادتها عند طهي الأسماك، وفي ساعات الليل بدأت علامات الإعياء تظهر على ديما، وفي إثرها نُقلت إلى مجمع ناصر الطبي، وبعد تدهور حالتها الصحية دخلت غرفة العناية المكثفة قبل الإعلان عن وفاتها، متأثرة بتسممها من سمكة الأرنب.
ولم تكن تلك الصغيرة أول حالة وفاة في قطاع غزة لهذا السبب، فقد سبقتها بعامٍ امرأة حامل توفيت هي وجنينها، وقبلهما بشهور سيدة أخرى فارقت الحياة جراء تناولها السمكة، إلى جانب العديد من حالات التسمم التي تتراوح بين متوسطة وخطيرة.
سمكة الأرنب تحت التشريح
لم تسلم الجرّة في مرّة
الصياد ناصر بكر يقول لمراسل "آفاق البيئة والتنمية": "تعودنا على صيد هذه الأسماك وأكلها، وقد أصبح لدي من الخبرة الكثير بما يؤهلني لتنظيف سمكة الأرنب ونزع كل مَواطن السموم بداخلها قبل طهيها، ولا أذيع سراً أني منذ سنين أتناولها وكذلك عائلتي ولم نصب بأي أذى".
إلا أن الصياد الستيني صمت قليلاً قبل أن يهمس لنا باعتراف: "لكن جلَّ من لا يسهو، في إحدى المرات تركت مهمة تنظيفها وطهيها لزوجتي، فتسمّمتُ أنا وسبعة أشخاص من عائلتي، على الأرجح أنها لم تنظف إحدى نقاط السمّية في السمكة، وحينها مكثنا نحو أسبوع في "العناية المكثفة" في مستشفى الشفاء".
أعراض التسمم
بدوره يقول د. عبد الفتاح عبد ربه، الأستاذ المساعد في العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية لــ "آفاق البيئة والتنمية" إن سمكة واحدة من هذا النوع بداخلها سُم يكفي لقتل مجموعة من الأشخاص في يوم واحد، فــملغم واحد من سم "الأرنب البحري" قادر على قتل الإنسان".
ويضيف: "يتركز سمّ السمكة في عدة مناطق من جسمها، وبخاصة الكبد، والأسنان، وتحت الجلد، وبجانب النخاع والأشواك".
وينصح عبد ربه كل من يتناول هذه السمكة بأن يتوجه على الفور لأقرب مستشفى حفاظًا على سلامته.
سألناه عن أعراض التسمم، فقال: "تختلف من شخص لآخر بحسب قوة مناعة كل شخص، وكمية السموم التي دخلت الجسم، وفي المجمل الأعراض تتمثل في ألم شديد في البطن، وتقيؤ مستمر، وطفح جلدي، وضعف في عضلات التنفس، ونمنمة حول الفم والأطراف، إضافة إلى هبوط حاد في ضغط الدم، الذي يُعد أخطر أعراض التسمم وقد يؤدي غالباً إلى الوفاة.
ويحذر د. عبد ربه من مدى خطورتها بقوله: "تعد من أخطر الأسماك حول العالم وليس فقط في الشرق الأوسط، لاحتوائها على سموم قاتلة في جسمها نتيجة تغذيتها على الطحالب وبعض الديدان السامة في البحر".
ومن جهتها، شدّدت وزارة الزراعة من الإجراءات المفروضة على صيد وبيع هذه السمكة، ومنعت تداولها في الأسواق.
كما أن طواقم "الزراعة" تجري جولات تفتيشية على أسواق السمك، داعية المواطنين إلى ضرورة التبليغ عن أي نقطة بيع لهذه الأسماك، وأهابت بهم عدم شرائها أو تناولها حفاظًا على حياتهم.
مقابلة مراسل المجلة معتز الشوا مع الدكتور عبدالفتاح عبدربه
تؤكل بشرط
سمكة الأرنب تمتد مخاطرها إلى الإخلال بتوازن البيئة البحرية بسبب افتراسها أنواعًا عديدة من الأسماك الصغيرة، مما يهدد اختفاءها من حوض بحر غزة الذي يعاني التصحر البحري، فضلًا عن أنها تقضم بأسنانها شباك الصيادين فتمزّقها، ما يكبدّهم خسائر لا بأس بها.
جدير بالذكر أن الموطن الأصلي لسمكة الأرنب المحيط الهندي والمناطق الاستوائية، وقد دخلت البحر الأحمر بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، ومن ثم إلى قناة السويس ومن خلالها عبرت البحر الأبيض المتوسط، واستوطنت في غزة منذ عام 2006.
ويلفت عبد ربه في ختام حديثه إلى معلومة ربما لا يعرفها كثيرون، مفادها: "سميّة هذه السمكة لا تلغي إمكانية أكلها، شريطة أن تخضع لتنظيف وطهي على درجة من التعقيد، وفي غزة نفتقد إلى الكفاءة للقيام بذلك، إلا أن الكثير من دول العالم تسمح بتناولها وخصوصاً في اليابان، وفيها تُسمّى بــــ "سمكة الفوغو"، وهي غالية الثمن، ويُخصص لها طهاة مهرة في تنظيفها وطهيها، حتى أنها ترتقي إلى أـن تكون وجبة للملوك".