
باريس/ آفاق البيئة والتنمية: اجتمع ممثلو حوالي مئتي دولة في حزيران الماضي في بون لبحث سبل تعزيز مكافحة الاحترار (ارتفاع حرارة الأرض) ومفاعيله المدمرة على البيئة والاقتصاد، وإقرار وتوسيع المساعدة للفئات الأكثر هشاشة، سعياً لإعطاء دفع للمؤتمر المقبل حول المناخ "كوب27" المقرر عقده في نوفمبر/ تشرين الثاني في مصر.
وبعد مرور ستة أشهر على مؤتمر المناخ "كوب 26" الذي عقد في غلاسكو، الذي أكد على هدف الحد من ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، وهو هدف يبدو مستحيلاً حالياً في وقت ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض حتى الآن 1.1 درجة مئوية مقارنة بمستوى عصر ما قبل الثورة الصناعية، ستسعى هذه "الجولة المرحلية" من المفاوضات حول البيئة للحفاظ على التقدم الطفيف الذي حققه المؤتمر.
وشهد العالم منذ ذلك الحين الحرب الروسية - الأوكرانية وانعكاساتها على أسواق الطاقة والمواد الغذائية.
وقال باتريسيا إسبينوزا، رئيسة "وكالة الأمم المتحدة للمناخ"، قبل انعقاد الاجتماع: "إننا بحاجة إلى قرارات وخطوات الآن، ويعود لكل البلدان أن تحقق تقدماً في بون".
فقبل أشهر قليلة من مؤتمر "كوب 27" لا تزال بعض النقاط عالقة، وفي طليعتها خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بالاحترار.
وطلب اتفاق غلاسكو من الأطراف "إعادة النظر وتعزيز أهدافهم لعام 2030 "للتماشي مع أهداف اتفاق باريس لخفض درجة الحرارة بحلول نهاية عام 2022".
وشهد "اتفاق باريس"، الذي أُبرم في عام 2015 ويشكّل حجر الأساس في مكافحة التغير المناخي، موافقة الدول الموقعة على حصر الاحترار بـ"أقل بكثير" من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، و1,5 درجة إذا أمكن.
إلا أن دولاً كثيرة لا تلتزم بتعهداتها الحالية التي تجعل بالأساس أهداف باريس مستحيلة، برأي خبراء "الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ".
ويرى الخبراء أن العالم يتبع حالياً مساراً كارثياً ويتوقعون أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية.
ولم تقدم سوى دول قليلة التزامات جديدة بالأرقام. ويتعين بالتالي إنعاش الجهود من أجل أن يفضي مؤتمر المناخ في شرم الشيخ إلى "تدابير جريئة وملموسة مدعومة بخطط محددة" من أجل تحقيق التغير الضروري "قبل أن يفوت الأوان"، على حد قول إسبينوزا.
وقال يوهان روكسروم، مدير "معهد البحث حول وطأة التغير المناخي" في بوتسدام في هولاندا، أن هناك في الوقت الحاضر "فصل بين الأدلة العلمية على أزمة عالمية ترتسم مع وطأة لا يمكن تصورها على المناخ، وقلة التحرك".
ومن الملفات الساخنة التي طُرحت في بون المساعدة التي يترتب على الدول الغنية، وغالباً ما تكون مسؤولة عن أعلى انبعاثات للكربون، تقديمها للدول الفقيرة التي تتحمل قدراً أقل من المسؤولية عن الاحترار، لكنها غالباً ما تكون في الصفوف الأمامية لمواجهة مفاعيله الضارة.
ولم تتحقق حتى الآن الوعود التي قطعتها الدول الغنية في 2020 بتقديم مساعدات بمقدار مئة مليار دولار في السنة للدول الفقيرة لمواجهة تحديات التغير المناخي.
وفي مواجهة تزايد موجات الجفاف والفيضانات والحرائق وارتفاع مستوى مياه المحيطات، بات الملف المطروح على طاولة المفاوضات يتصل بتمويل محدد عن "الخسائر والأضرار" الناجمة عن الكوارث التي لم يعد بالإمكان تفاديها.
ورفضت الدول الغنية هذا الطلب في غلاسكو، وتُوّصل أخيرًا إلى تسوية تقضي بإنشاء إطار "حوار" حتى عام 2024 لـ"مناقشة سبل التمويل".
غير أن الريبة لا تزال قائمة. فقد حذّر تحالف الدول الجُزرية الصغيرة "آوسيس" بوضع "رؤية واضحة تحدد متى وكيف يطبق التمويل المحدد للخسائر والأضرار".
وعدَّ ماغنوس بنزي الباحث في "معهد ستوكهولم للبيئة" أنه من المهم أن تتوصل الأطراف إلى وضع رد شامل.
وقال: "علينا الربط بين المخاطر المعمّمة التي يواجهها العالم ومنها مخاطر أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن التغير المناخي" والتي ظهرت بوادرها مع النزاع في أوكرانيا".
لكنه قال محذِّراً: "سوف نفوّت هذه الفرصة إذا طرحنا فقط مسألة التكيف من منظار: نحن أو هُم".
المصدر: AFP