هبة العيساوي/ آفاق البيئة والتنمية: في مرآب إحدى العمارات السكنية في العاصمة الأردنية عمان، يتفقد فراس خميس فاتورة الكهرباء الخاصة بشقته والتي زادت في شهر بنحو عشرة دنانير (14 دولاراً) نتيجة شرائه سيارة كهربية بعد معاناة طويلة مع ارتفاع أسعار البنزين.
ويقول خميس (42 عامًا)، وهو واقف في المكان المخصص لشحن مركبته ليتأكد من شحنها شحناً كاملاً قبل الذهاب لاصطحاب أطفاله الثلاثة من المدرسة: "كنت أخصص شهريًا من 200 إلى 250 دينارًا مصروفًا للبنزين، ولكن الآن حمدًا لله لا أحتاج إلا إلى 10 أو 15 دينارًا زيادة على فاتورة الكهرباء لقضاء جميع مشاويري".
ورفعت الحكومة الأردنية في مايو/ أيار الماضي، أسعار المشتقات النفطية للمرة الثانية على التوالي العام الحالي بنسب تراوحت ما بين 3.9 بالمئة و5.3 بالمئة، فيما أبقت على أسعار الغاز وبند "تعرفة الوقود" في فواتير الكهرباء.
وبذلك ارتفع سعر لتر البنزين أوكتان 90 إلى 0.92 دينار، وسعر البنزين أوكتان 95 إلى 1.18 دينار.
وزاد سعر الديزل وسعر الكاز (الكيروسين) إلى 0.68 دينار لكل لتر، مع الإبقاء على سعر أسطوانة الغاز بسبعة دنانير.
يقول خميس، الذي يعمل مهندسًا ميكانيكيًا للتمديدات الصحية: "في البداية كنت خائفًا من مركبة الكهرباء وكلام الناس حول قطع غيارها الغالية وربما تقطعني (ينتهي شحنها) في الطريق في المشاوير الطويلة، ولكن قررت خوض المغامرة لأنني تعبت من مصروف البنزين الذي يزيد مع ارتفاع الوقود شهريًا".
ويؤكد خميس أن معظم أصدقائه ومعارفه قرروا أن يستبدلوا مركبات البنزين الخاصة بهم، وحتى الذين يمتلكون السيارات الهجينة (التي تعمل بالبنزين والكهرباء)، بمركبات كهربائية مع ارتفاع أسعار البنزين من جهة، والغلاء الذي تشهده المملكة من جهة أخرى.
قفز عدد المركبات العاملة كليًا بالكهرباء والتي خُلّصت جمركيًا في المنطقة الحرة بمدينة الزرقاء للدخول للسوق المحلية في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 195 % إلى 5265 مركبة مقارنة بــ 1782 مركبة في نفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لأرقام رسمية من هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية.
إقبال كبير
قال محمد البستنجي رئيس مجلس إدارة هيئة مستثمري المناطق الحرة، إن سبب الارتفاع الكبير في التخليص الجمركي للسيارات الكهربائية هو "تغيير المواطنين لنمط الاستهلاك والاتجاه لمركبات الكهرباء نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وتزايد الأعباء عليهم".
وأضاف البستنجي أن الأسباب الأخرى تتصل بالدعم الحكومي المقدم للمركبات التي تعمل بالكهرباء، إذ يبلغ الرسم الجمركي 10 % مقارنة برسوم تصل إلى نحو 50 % للسيارات الأخرى.
وأشار إلى أن هناك عدة أسباب وراء الإقبال على السيارات الكهربائية في السوق الأردنية، منها النقص في التوريد من الشركات المصنعة لمركبات البنزين والسيارات الهجينة، إضافة إلى أن قدرة المركبات الكهربائية على السير لمسافات أطول بشكل ينافس أي مركبات تقليدية وبكلفة قليلة جدًا.
وتوّقع البستنجي أن يزيد الإقبال على هذه السيارات بما يتجاوز 20 % في الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن التخليص الجمركي للسيارات الكهربية أصبح مقاربًا لمركبات البنزين.
وأشار إلى أن الصين في مقدمة الدول المصدّرة للمركبات الكهربائية للأردن "لأن مصانع المركبات في العالم انتقلت في السنوات الأخيرة إلى الصين بسبب القدرة على توفير كميات كبيرة من المركبات وتوفر التكنولوجيا الحديثة لديها والأيدي العاملة والتنافسية من حيث الأسعار في المواد الأولية".
ويقول خميس إنه سعيد بقراره، وخاصة بعد اكتشافه أن السيارة الكهربية آمنة ومشاكلها بسيطة كمشاكل أي مركبة أخرى، مضيفًا: "أي شيء جديد تثار حوله تساؤلات ومخاوف، ولكن بعد التجربة فالأمر ما هو إلا كلام وإشاعات".