خلال ربع قرن الأسعار ارتفعت 107%.. الغلاء يطارد الجيوب ويصنع فقراء جدد
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تلاحق "آفاق البيئة والتنمية" حُمى الغلاء المتصاعدة، وتجمع معطيات لمؤشرات ارتفاع الأسعار في 26 عامًا خلت، وتقارن نسبة التغير التراكمية في 53 سلعة وخدمة أساسية، يؤكد فيها "الجهاز المركزي للإحصاء" أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفع من عام 1996 وحتى 2021 بنحو 106,93%. فيما يقول منسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين أن الأجور تآكلت بــ 17% خلال 15 عامًا رغم زيادتها بـ 22% نتيجة صعود الأسعار. جوهر الأزمة يكمن في أن غياب قطاع صناعة وزراعة قوي يبقينا عرضة للتأثر بالأسعار العالمية، وعلى العكس، شجعت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة المواطنين على الاستهلاك؛ لأنه كلما زاد الاستيراد ارتفعت الضرائب، إذ ينصبَّ اهتمام الحكومات كلها على جني أموال سريعة؛ على حساب التخطيط التنموي بعيد المدى، ما جعلنا منكشفين أمام السلع العالمية.
|
 |
الغلاء |
المحروقات والغاز والتعليم في المقدمة
تكشف اللائحة الخاصة التي أعدّتها المجلة من معطيات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بـ 104,42%، فيما صعد الأرز بـ 152,79%، أما الخبز ومنتجات المخابز فزادت بـ 117,39%، وتضاعفت اللحوم الطازجة بـ104,38%، والدواجن الطازجة بـ 123,89%، وصعد الحليب ومنتجات الألبان والبيض إلى 79,04%، أما الحليب الخام فتغير بـ 66,27، والأجبان بـ 40,305، واللبن والمنتجات المماثلة بـ 143,46%، والبيض بـ 54,06%.
وقفزت أسعار الزيوت والدهون بـ 97,04%، والزيوت النباتية بـ 98,75%، والزبدة بـ 43,46%، والفواكه الطازجة بـ 114,57%، والخضروات الطازجة بـ 157,44%، وبدائل السكر بـ 23,02%، والمسكن بـ 121,48%، وإمدادات المياه بـ 91,87%، والكهرباء بـ71,23%.

وقفز الغاز بـ 306,09%، والوقود السائل بـ 344,14%، والوقود الصلب بـ 169,02%، والأدوية والمنتجات الصحية بـ 71,46%، والأدوية بـ 61,50%، والمنتجات الطبية بـ 144,06%، والمنتجات المساعدة بـ 94,71%. فيما زادت خدمات الرعاية في الخارج بـ 170,57%، وخدمات طب الأسنان بـ 165,08%، وخدمات رعاية المرضى الخارجيين بـ 199,38%، وزادت المواصلات بـ 132,48%، و"الديزل" بـ 165,25%، والبنزين بـ 190,36%. أما خدمات نقل الركاب زادت بـ 213,61%، وخدمات التعليم بـ 82,88%، والطفولة المبكرة والتعليم الابتدائي بـ 181,65%، والتعليم الثانوي بـ 284,08%، والتعليم ما بعد الثانوي غير العالي بـ 32,73 %، والتعليم العالي بـ 55,99%، فيما انخفضت فقط المعلومات والاتصالات بـ 56,21%.
المعالجات السياسية لأرقام الغلاء
يوضّح أشرف سمارة مدير دائرة الأسعار والأرقام القياسية في "جهاز الإحصاء الفلسطيني"، لـ "آفاق البيئة والتنمية" آلية تحديد جدول غلاء المعيشة، إذ بموجبها تُختار سلة من السلع والخدمات تُمثل أهم ما تستهلكه الأسر الفلسطينية في عام، ويجري تحديدها بناء على مسح لسنة كاملة، بعيّنة ممثلة (نحو 4 -5 آلاف أسرة) من مختلف الشرائح، يُسجلِون على مدار عام ما يستهلكونه، وبعدها تُجمع المعلومات، ونصل إلى رقم يُحدد قيمة ما أُنفق على السلع؛ لحساب أوزان الدخل على كل سلعة وخدمة.
ووفق سمارة، فإن سلة المستهلك تضم نحو 740 سلعة وخدمة، تُجمع وتُوزّع على كل المحافظات، على أن تُنظم زيارة شهرية للأسر المشمولة في العيّنة؛ لتسجيل الأسعار واحتساب نسبة التغير العام في أسعار السلع والخدمات، ثم يُحدد الرقم القياسي العام للمستهلك، الذي يتكون من 13 مجموعة تفصيلية كالمواد الغذائية والمرطبات، والمسكن ومستلزماته، والملابس والأحذية، والتعليم، ثم تُجرى دراسة بخصوص حركة الأسعار وتغيرها في كل مجموعة، ويصدر في الرابع عشر من كل شهر تقريرًا عن الرقم القياسي لأسعار المستهلك.
ويشير مدير دائرة الأسعار إلى أن المعالجات السياسية للأرقام التي يصدرها "الإحصاء" خارجة عن سلطة الجهاز، الذي يكتفي بتقديم البيانات والأرقام لجهات الاختصاص؛ لتضع خطط العمل والمعالجة لكل قضايا.

مدير جمعية حماية المستهلك صلاح هنية
إعادة النظر في الإجراءات
من جهته، يؤكد صلاح هنية رئيس مدير جمعية حماية المستهلك في حديث خاص، أن الجمعية تبحث مع كل موجة غلاء في آثارها على المُستهلك، وطبيعة السلع التي يمسّها الارتفاع، وإذا ما كانت مركزية أو كمالية، ثم تُنقل إلى تصميم شكل التدخل مع جهات الاختصاص والشركات المنتجة.
ويُحلّل الأرقام القياسية للأسعار، التي تفيد بتراجع القدرة الشرائية للمستهلك، فيما تتصاعد نسب البطالة والفقر، ويتزامن ذلك مع وجود أسر كثيرة بلا دخل ثابت، وهي خارج تصنيفات البطالة، لكنها لا تعمل إلا لفترات قليلة، ولا تملك دخلًا ثابتًا، ومع ارتدادات الجائحة دخلوا مربع الفقر.
ويُدلل هنية على ارتفاع أسعار الأرز في رمضان التالي لكورونا، من شركة واحدة، وحينها نجحت الجمعية في الضغط عليها، وأعادت الأسعار القديمة، ثم تحرّكت مع "الاقتصاد الوطني" لإصدار سعر استرشادي للأرز حسب الأوزان، ولم يعد للارتفاع مرة أخرى، بل تراجع عن السقف المحدد، ولا يرتفع الكيس بوزن 25 كيلو عن 125 شيقلًا.

وتعد المشروبات الغازية، ومواد التغليف، والعبوات البلاستيكية المستخدمة مرة واحدة، أبرز المنتجات التي تشملها الموجة، وقد رفعتها وزارة المالية مطلع فبراير/ شباط الفائت، بسبب تصاعد ضريبة الشراء.
ويستدرك أن تبرير رفع ضريبة الشراء عائد إلى "بروتوكول باريس الاقتصادي"، لكنه غير ملزم برفع ضريبة الشراء بنسبة مساوية كما في أسواق الاحتلال، بخلاف ضريبة الجمارك.
وفتحت "حماية المستهلك" واتحاد الصناعات حواراً مع "المالية"؛ لتخفيف أثر رفع ضريبة الشراء على المستهلكين وصغار المنتجين، والتدرج في تنفيذ القرار، وإعفاء بعض الشركات الصغيرة منها.
ويؤكد أن إخفاق الجمعية في كبح الارتفاع يدفعها إلى تحويل الغلاء إلى قضية رأي عام؛ لحماية الشرائح الضعيفة ومحدودة الدخل؛ بسبب غياب المجلس التشريعي، وعدم وجود قنوات للتأثير على صناع القرار.
ويرى مدير جمعية حماية المستهلك أن العقوبات بحق المتلاعبين بالأسعار بحاجة لتعديل؛ لتكون رادعة أكثر، كما أن القانون يشترط كشف المتلاعبين بعد إدانتهم أمام محاكم الجرائم الاقتصادية، غير أن ذلك غير مُطبق، ولا يشكل رادعًا، ويشجع المدانين على التلاعب بالأسعار مجددًا.
ويترأس هنية منذ عام 2001 الجمعية، وكان شاهدًا على موجات غلاء عديدة، تكررت 13 مرة كل رمضان، عدا عن الموجات التي تلاحقها "حماية المستهلك" وتمس قطاعات محددة كالدواجن واللحوم والسلع الأساسية والمحروقات والكهرباء والمياه.
علمًا أن وزارة "الاقتصاد الوطني" هي الجهة المخولة بضبط الأسعار، خاصة أن موظفيها يحملون صفة الضبط القضائي، فيما تتحمل السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة مسؤولية الحد من الارتفاعات، تبعًا لحديث مدير الجمعية.
ويفيد بأن رفع السلع الأساسية، التي وصلت سابقًا إلى مستويات قياسية (50 شيقلًا لـ 5 لتر زيت، و34 شيقلا لـ 10 كغم سكر) جرى كبحها، بعد تدخل الوزارة مع كبار المستوردين، لكن زيادة ضريبة الشراء على المشروبات الغازية، تزامن مع توقف مصانع الألبان عن عروض الأسعار.
ويحذر هنية من رفع أي قطاع لأسعار منتجات لأن ذلك "سيشجع القطاعات الأخرى على خطوة مماثلة". ويقول إن انخفاض صرف الدولار ساعد التجار على عدم رفع إضافي للسلع، بعد ازدياد كلفة الشحن العالمية.
ويذكر أن الأصوات المعارضة لرفع الأسعار لا تساند "حماية المستهلك" إذا ما قررت مقاضاة جهة زادت أسعار السلع، وقد سبق أن كبحت الجمعية أسعار الدواء، الذي قفز في السوق المحلي وبقي ثابتًا في أسواق الاحتلال بفارق 50%.
ويشير إلى أن وجود طبقة وسطى مسحوقة، وطبقات ضعيفة غير قادرة على توفير أدنى احتياجها، يُقابل بانضمام أعداد جديدة إلى فئة الفقراء، واعتمادهم على الإعانات، وهو ما يتطلب إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والمالية.

مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الفلسطيني إبراهيم القاضي
الاقتصاد الوطني: الارتفاعات عالمية
بدوره، يرى إبراهيم القاضي مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني، أن كل السلع في العالم ارتفعت أسعارها؛ بسبب زيادة تكلفة النقل، وهو ما تقارنه الوزارة من تكلفة السلعة للتحقق من منطقية الأسعار، ووضع سقف أعلى للسلع التي يمكن حدوث غش أو تلاعب فيها.
وتبعًا للقاضي، فسبق أن خُفضّت أسعار سلع تم التلاعب بها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كالزيت، كما أن مدخلات الإنتاج للكثير من السلع ارتفعت كالألبان والأجبان التي تنتجها بشكل أساسي 11 مصنعًا، وترافق ذلك مع زيادة أسعار العبوات البلاستيكية.
ويشير إلى أن الوزارة تسعى لتجاوز أزمة الغلاء الراهنة، وعدم استغلال المنتجين لصعود أسعار سلعة معنية لرفع كل الأصناف، ما يؤثر على المستهلك وقدرته الشرائية، ويعطي انطباعًا بأن السوق كله زادت أسعاره.
وبدوره، يؤكد أن أزمة الألبان مفتعلة، وتقف خلفها جهات تحاول إعادة ضخ السلع الإسرائيلية إلى الأسواق، بعد سيطرة المنتجات الوطنية على 85% من السوق المحلي، وشن هجوم حاد على شركتين محليتين.
والمؤسف، وفق القاضي، "ظهور دعوات لمقاطعة المنتجات الوطنية، خاصة الألبان، مع أن منتجات الاحتلال المماثلة ثمنها مضاعف"، لافتًا إلى أن الشركتين اللتين كانتا مثار الهجوم، بعد تغطية أسعارهما السابقة، أخطأتا، وبررتا استخدام ملصقات قديمة لمنتجات جديدة مع إخفاء السعر، وليس بيع المنتجات القديمة بسعر جديد.
ويفيد بأن ارتفاعات الأسعار أعلى من زيادة رواتب العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، وسبب الغلاء الراهن "كورونا" التي ضربت حركة النقل في العالم، وأصبحت الحاويات التي كانت تحتاج 4 أسابيع لوصولها من الخارج تتطلب 4 أشهر، وما كان يكلف 3 آلاف دولار لنقله قفز إلى 12 ألف، كما انخفض حجم الإنتاج العالمي بسبب الجائحة.
وحسب كلامه، فإن الوزارة تضغط على الموردين لاستيراد السلع الأساسية من الخارج، وتؤجل نقاش الأسعار معهم؛ خشية النقص الحاد في الأسواق. ويفنّد رفع أسعار الأرز، إذ كانت قبل الجائحة بـــ 145 شيقلًا للـكيس سعة 25 كغم، لكنها انخفضت اليوم إلى 125 شيقلًا.
ويوضح القاضي لمراسل "آفاق البيئة والتنمية" أن الزيوت والطحين والسكر ارتفعت عالميًا، كما تضاعفت أجور النقل، وفرض الاحتلال ضريبة شراء على العصائر والمشروبات الغازية والمواد البلاستيكية.
وتتدخل وزارة "الاقتصاد الوطني" عند ظهور أي ارتفاع غير مبرر، مضيفًا: "تُعد فلسطين الأقل تأثرًا عالميًا بموجات الغلاء لانخفاض الدولار مقابل الشيقل، ولصغر حجم سوقنا والمنافسة العالية فيه".
ويذكر أنه طُلب من "الإحصاء" فحص الرقم القياسي لأسعار الشهر الحالي، وقبلها وصل الارتفاع في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 1,4%، بخلاف التهويل من قِبل بعضٍ أنه وصل إلى 30%.
ويوضح أن المستفيدين من الغلاء تجار جشعون، وشركات منافسة للمنتجات الوطنية، مؤكدًا أن عدم الالتزام بالتسعيرة "مخالفة"، معربًا عن أمله في أن تنشر الجهات القضائية أسماء المُدانين برفع الأسعار؛ كي يكونوا عبرة لغيرهم.

النزعة الاستهلاكية والكماليات
ويعزو شداد خنفر المدير العام لشركة تجارية في جنين، أسباب ارتفاع الأسعار إلى غلاء الشحن البحري، موضحًا: "كانت حاوية بسعة 20 قدمًا من الهند تحتاج إلى 1500 دولار، لكنها في أيار 2021 أصبحت بـ 6400 دولار (نحو 400%)".
ومن أسباب ارتفاع الأسعار أيضاً حسب وجهة نظره، تراجع الطاقة الإنتاجية للمصانع بعد الجائحة، وبسبب ضريبة الشراء التي أضافت 9 شواقل على كرتون العصير، وارتفاع المواد البلاستيكية والكرتون، التي تدخل في تغليف السلع، كما أدى انخفاض محصول الذرة في أوكرانيا إلى زيادة أسعار الزيت.
وتوقّع أن يشهد شهر رمضان القادم ارتفاعات إضافية تطال سلعًا جديدة، لافتًا إلى أن بعض السلع صعدت في العشرين عامًا الأخيرة بنحو ( 30- 50% ) كزيت الذرة، لكن القليل منها كالأرز استقر سعره.
ويفسر خنفر الأسباب الحقيقية، لما نشهده من غلاء بأنه يعود إلى "النزعة الاستهلاكية" التي سادت، وانتشار الكماليات التي تساوي نحو 80% من مجمل الواردات، ما أدى إلى انخفاض السيولة، وتراكم الديون على شرائح عديدة.
وتبعًا لقوله، فإن العمل في الداخل المحتل بنحو 100 مليون شيقل يوميًا يساهم في إنعاش الأسواق، لكنه يقرّ بأن ارتفاع الأسعار يؤثر كثيرًا على التجار والمستوردين. ويُلخص حل المشكلة في ختام حديثه لــــ "آفاق البيئة والتنمية": "الخيار الممكن أمام المستهلكين تفادي الكماليات، وإعادة جدولة مشترياتهم بالسلع الأساسية، ومقاطعة القروض".

منسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين ايهم ابو غوش
الأجور تآكلت 17% خلال 15 عامًا
وكشف منسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين، أيهم أبو غوش عن تآكل الأجور بنسبة 17% في الــ 15 عامًا رغم زيادتها بـ 22% نتيجة صعود الأسعار بـ 39%". وأوضح أن متوسط الرواتب شهريًا في فلسطين 2893 شيقلًا في مختلف القطاعات مع نهاية 2020، فيما تآكلت الأجور في الضفة بـ 8% وفي غزة بـ 61% فيما شهدت أجور العاملين في الداخل المحتل والمستوطنات ارتفاعًا بـ %8، وتآكلت أجور الموظفين العموميين بالضفة بــ 18% وموظفي القطاع الخاص بـ23% .
وعدَّ أبو غوش في حديثه مع "آفاق البيئة والتنمية" أن التضخم قفز في الـــ 15 عامًا إلى 40%، وهو أمر طبيعي عالميًا، مردفاً حديثه: "لكن من غير الطبيعي فلسطينيًا أن التضخم لم يحدث جراء نمو اقتصادي حقيقي، بل نتيجة تضخم مستورد لوجود عجز تجاري كبير (5 مليار دولار استيراد، ومليار تصدير)، يتمثل باعتماد 75% من الاستهلاك على السلع المستوردة".
ويرى أن سبب الزيادة في الأسعار في الأسواق الفلسطينية التقلبات في السوق العالمية، والاعتماد على الاستهلاك والاستيراد، والارتباط الاقتصادي مع الاحتلال الذي يشهد نموًا حقيقيًا، مضيفاً: "فيما تنعكس ارتفاعات الأسعار علينا مباشرة أو بفعل العمال في الداخل، الذين يؤثرون على التوازن في تآكل الأجور؛ لزيادة أجورهم ونمو دخولهم".

ويصف اقتصاد البلاد بـ "المشوه"، بفعل ارتباطه باتفاق باريس الاقتصادي وغلاف جمركي واحد مع الاحتلال الإسرائيلي، ويفرض الضرائب نفسها على السلع المستوردة، ولا يراعي الفوارق بين الاقتصادين، ولا يراعي أن قوامنا 16 مليار سنويًا والإسرائيلي 400 مليار، ويتجاهل أن نصيب الفرد من ناتجنا المحلي الإجمالي 3400 دولار سنويًا، مقابل 40 الأف دولار للإسرائيلي، والكلام لأبو غوش.
مشيرًا إلى أن الاحتلال علًل رفع أسعار المواد البلاستيكية لـ "أسباب بيئية" ولوقف التلوث، في حين رفع سعر السكر لاعتبارات صحية"، إلا أن ما سبق انعكس تلقائيًا على اقتصادنا.
وقدّر أبو غوش إنفاق الأسر الفلسطينية من دخلها السنوي بأكثر من 50% على الغذاء والنقل والمواصلات والسكن ومستلزماته، وهذا يعني أن المجتمع ضعيف وفقير، وبسبب موجات الغلاء وثبات الرواتب سيزيد الانفاق على السلع نفسها، وهذا يعني إدخال مجموعات كبيرة من المجتمع إلى قائمة "الفقراء الجدد".

أدوات تدخل غائبة
وفي حديثه معنا، ينتقد منسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين عدم امتلاك الحكومة للأدوات المالية لدعم السلع الأساسية أو لإعفائها من الضريبة، كونها تعاني في الأساس أزمة مالية. ويواصل في السياق نفسه: "ما يمكنها فعله "مراقبة السوق بعض الوقت"، لكن تدخلاتها ستبقى محدودة لأننا "سوق حر" يحكمه العرض والطلب بموجب اتفاقية باريس".
ويوضح أبو غوش أن غياب قطاع صناعة وزراعة قوي يبقينا عرضة للتأثر بالأسعار العالمية، وعلى العكس، شجعت الحكومات المتعاقبة المواطنين على الاستهلاك؛ "لأنه كلما زاد الاستيراد ارتفعت الضرائب، إذ ينصّب اهتمام الحكومات على جني أموال سريعة على حساب التخطيط التنموي بعيد المدى، ما جعلنا منكشفين أمام السلع العالمية".
وتوّقع أن تكون الزيادة القادمة المتوقعة على الكهرباء بـــ (ـ 5-10%)، وهذا لن ينعكس على الأسر فقط، بل سيزيد تكلفة الإنتاج، وسيتسبّب برفع أسعار السلع، خاصة مع انعدام البدائل والاعتماد على 94% من طاقة الاحتلال.

أسواق فلسطينية