September 2010 No (28)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
ايلول2010 العدد (28)
 

زراعة آمنه دون كيماويات وعشرات المزارعين باتوا يمارسونها
زراعة الأسطح في غزة.."سلة خضار متكاملة" وطريق "للنجاة من عوز الحاجة"
مزارعون: مركز "معا" ساهم في دعمنا ووفر لنا المستلزمات طوال العام

سمر شاهين / غزة

"لم يخطر في خيالي للحظة واحدة، أن سطح منزلي سيصبح حديقة مطبخ، دون أن يؤثر ذلك على الاسمنت المسلح الذي يصنع منه السطح، وان ألبي جانباً كبيراً من احتياجات أسرتي من تلك المزروعات التي زادت من جمال منزلي". بهذه الكلمات عبّر المزارع نعيم أبو طويلة "39" عاما، عن تجربته في الحدائق المنزلية.

تعر ~ف أبو طويلة على الزراعة فوق أسطح المنازل عن طريق مركز العمل التنموي (معاً) في غزة والذي بدأ معه السلم – بحسب أبو طويلة – من الدرجة الأولى، من خلال إعداد برنامج تدريبي استمر على مدار ستة أيام متواصلة .
وخلال الأسبوع التدريبي، تلقى معلومات مكثفة وشاهد تجارباً حقيقية لمزارعين نهجوا ذات النهج، وحققوا أرباحاً مادية، مشيراً إلى انه تلقى التدريب هو وزوجته التي شاركته العمل في هذه الزراعة .
ويذكر أبو طويلة وهو أب لستة أبناء، أن حياته قد تغيرت عقب نجاحه في الزراعة على سطح منزله، حيث بات هذا العمل فرصةً للتعاون بين كافة أفراد الأسرة، لافتا إلى أن المساحة التي عمل على زراعتها بمساعدة مركز معا، بلغت 24 متراً مربعاً، واشتملت على أربعة أحواض زراعية . حيث عمل على زراعة أصناف متعددة من الخُضر مثل الكزبرة، الخيار، البقدونس، الفلفل، الملوخية، البصل، المريمية، الزعتر والسلق. ويضيف وهو يبتسم: " لقد أصبح بيتي سوقاً من الخضار، لم يقتصر على أفراد أسرتي، بل امتد ليصل الجيران الذي استفادوا من تلك الحديقة أيضاً".

 


مصدر أمان يدرأ شبح  الفقر
وقد اكتسب أبو طويلة معرفة كبيرة في عملية الزراعة، لافتا إلى انه أصبح يستغل كل أصيص أو عبوة أو حتى كيس بلاستيك من اجل ملئه بالتراب والزراعة فيه، كما انه دأب على نقل هذه التجربة إلى الجيران والأصدقاء للاستفادة من هذه الحدائق، وتوفير جانب من احتياجاتهم في ظل الغلاء الفاحش في أسعار الخضروات.

وفي معرض رده على سؤال حول الفرق بين الزراعة فوق أسطح المنازل والزراعة في الأرض، يقول المزارع أبو طويلة :" إن الزراعة فوق السطح لها أساسيات تختلف عن الزراعة العادية، لأن مساحة الزراعة فوق السطح تكون محدودة، فالعملية يلزمها دقة وعناية من اجل تحقيق الانجاز المتكامل".
وينوه إلى انه بات خبيراً في هذه الزراعة وأيضا زوجته، التي سخرت جلّ وقتها من أجل نجاح هذا المشروع الذي بات يحمى أسرته من شبح الفقر وعوز الحاجة، لافتا إلى انه لن يتخلى عنه وسيواصل ليلَ نهار الاهتمام بهذه الحديقة، لأنها مصدر للأمان له ولأفراد أسرته كافة.


سلّة للمطبخ مليئة بالخضراوات
ونوه إلى انه وزوجته عملوا على تطبيق البرنامج التدريبي بحذافيره، وأنهما كانا يتعاونان في كل خطوة من اجل إنجاح الحديقة، التي باتت مثار اهتمامٍ من قبل الجميع.
بدورها تضيف زوجته وهي تشير إلى الحديقة: " لا أتخيل حياتي بدون حديقتي، التي باتت تمثل لوحة فنية تتجسد على سطح المنزل، إنها ملاذي في كل الأوقات، واجد فيها نفسي كما أنها توفّر لي كل سلّة المطبخ من الخضروات".
وأعربت الزوجة عن شكرها لمركز العمل التنموي الذي منحها فرصة المشاركة في البرنامج التدريبي، وتزويدها بالمعلومات التي ساهمت بصورة فاعلة في إعالة أسرتها بطريقة غير مباشرة، داعيةً كافة المواطنين على حد سواء للاستفادة من المساحات المتوفرة لديهم فوق أسطح المنازل.
وأشارت إلى أن مثل هذه المشاريع من شأنها أن تعزز مكانة المرأة في المجتمع كما الأسرة، وتجعلها فرداً منتجاً قادراً على مواجهة أي عائق، مشيرة إلى أنها تعكف على الزراعة واستغلال كل مساحة ممكنة داخل البيت.

اسم على مسمى، وتجربة أخرى ناجحة
المزارع وائل الفالح، كانت له تجربة مع مركز العمل التنموي معا في زراعة سطح منزله، والتي تعدّ من انجح التجارب التي باتت مثار اهتمام المزارعين والمواطنين فيعبّر وعينيه على حديقته الخضراء: " هنا موطني ومسكني الجميل".
يشير الفالح -الذي ينسجم اسم عائلته مع حبه للزراعة- إلى أن الأهل والأقارب وكذلك الجيران، قد شجعوه على ذلك، لاسيما وان لديه خبرة سابقة في عملية الزراعة، ويقول: " أحببت المشروع لأنه رافد غذائي وفيه تنمية لهوايتي في الزراعة" .


ولـ"معًا" كلمة..
ولفت  الفالح إلى انه عمل على زراعة 100 م2  على سطح منزله، تتألف في معظمها من الخضروات الأساسية والهامة للمنزل، لاسيما الزعتر والبندورة والباذنجان، ، حيث استخدم هذه الزراعة كمصدر دخل إضافة إلى المنظر الجميل.
ووجه في هذا السياق كلمات لمركز معا حيث قال:" قدمتم لنا كافة الدعم المطلوب لإنجاح المشروع، وبالفعل تمكنت بفضلكم من تحقيق نجاح كبير، فأصبحت حديقتي تجربة يحتذى بها". وأضاف الفالح مطمئناًً إلى أن المركز سيواصل العمل معه وسيشرف على مشروع ثانٍ لتربية الدواجن والطيور والأرانب.


م. الجيار من مركز معا: الدعم ليس لمجرد الدعم بل فيه استدامة وحياة
بدوره قال المهندس الزراعي عماد الجيار من معاً، أن المركز قد عمل على دعم العشرات من المزارعين من اجل تأسيس حديقة متكاملة على الأسطح سواء كانت الزراعة بدفيئات أو خارجها. كما أشار إلى أن المركز عمل على تدريب الفئات المستهدفة، وصولا إلى قطف الثمار وإعادة الزراعة مرة ثانية، بالإضافة إلى تدريب نخبة من المتخصصين. وتزويد المركز للمزارعين بكافة احتياجاتهم لإتمام عملية الزراعة، بدءاً من الهيكل المعدني والتربة إلى زرع الأشتال، حتى الإشراف المتواصل من قبل المهندسين المختصين.

وتابع م. الجيار أن مشروع  الزراعة فوق أسطح المنازل، قد حقق ايجابيات كبيرة وأهدافاً منشودة من حيث توفير سلّة الخضار الطازجة من ناحية، وتزويد المزارعين بمخزون من المعلومات.


الزراعة فوق الأسطح بالشرح المفصلّ
وقد أسهب م. الجيار في توضيح آلية الزراعة حيث تحدث عن انتشار فكرة زراعة أسطح المنازل المنبثقة من الزراعة الغير أرضية ( الزراعة بدون تربة )  منذ فترة بسيطة بعيد بدء مشروع مركز معا، وقد زاد الاهتمام بهذه الفكرة بعد ترويجها، حتى باتت كثير من الأسر تحلم بتطبيق هذا النظام سواء على الأسطح أو في الشرفات أو في الحدائق المنزلية الخاصة بهم، ما دفعنا في المركز إلى تكثيف المشروع، إضافة إلى ما لاحظناه من مدى الاستجابة الكبيرة والفائدة التي عادت على المزارعين وأسرهم من جهة، وكذلك على البيئة الفلسطينية من جهة ثانية".
وأشار إلى أن هذه الزراعة تساهم في إضفاء لمسة جمالية وتوفّر متنفساً لقاطني أو زائري المكان، عدا عن المصدر الجيد للخضر النظيفة والآمنة صحياً للاستهلاك الشخصي أو للبيع، ما يضيف دخلاً للأسرة. ويخفف الأثر الناتج من سقوط أشعة الشمس المباشرة على الأسطح والأدوار السفلى. كما يساعد على التخلص من المهملات التي تخزّن على أسطح المنازل والتي تؤدى إلى تشويه المظهر الجمالي وتسبب أحيناً في حدوث الحرائق ما يؤدى إلى زيادة تلوث البيئة.  إضافة إلى المحافظة على نسبة ثاني أكسيد الكربون وزيادة نسبة الأكسجين في الهواء، عدا عما توفره نباتات الزينة على الأسطح من منظر جمالي وجو ترفيهي مريح.
وأضاف م. الجيار أنه تم بالفعل من قبل بعض الشباب تطبيق فكرة حدائق الأسطح المنزلية سواء في المنازل الخاصة أو العمارات أو المدارس الموجودة في نطاق المنطقة الخاصة بهم وخصوصاً بعد انتشار الدورات التدريبية المتنوعة مثل المزارع الرملية، مزارع الحصى، مزارع بالات القش ومزارع مخاليط البيت والمواد الأخرى كالرمل، الفيرميكيوليت، البرليت ونشارة الخشب.

أنظمة مختلفة 
واستعرض م. الجيار جملة من الأنظمة المختلفة لزراعة البيئات منها نظام الطاولات (المراقد) وقال:" يتم عمل مراقد مريعة أو مستطيلة على طاولات، ثم يتم تبطين هذه الطاولات التي تكون بارتفاع حوالي 20سم بالبلاستيك الأسود، ثم يتم ملأ المراقد بالخلطة المناسبة للزراعة مع عمل فتحة مناسبة أسفل المرقد لخروج الماء الزائد عن حاجة النباتات. ومن ثم تزرع بعض المحاصيل في هذه المراقد مثل: الملوخية، الجرجير، الفجل، الجزر، البقدونس السبانخ، الخس والكوسة .
أما النظام الثاني وهو نظام الأكياس، فتستخدم فيه أكياس بلاستيكية سوداء اللون  بأحجام مختلفة، ثم تملأ بالبيئة المناسبة للزراعة وتزرع الشتلات بها، على أن يتم عمل فتحات أو ثقوب من أسفل الأكياس لتسرب الماء الزائد منها، وقد يجمع هذا الماء أو المحلول المغذى لاستخدامه مرة أخرى. وتتم زراعة محاصيل خُضر متنوعة في هذه الأكياس مثل الفراولة، الفاصوليا، الفلفل والخيار.
وفيما يتعلق بنظام الأصيص قال م. الجيار ان النظام يستخدم أصصاً بلاستيكية مختلفة الأحجام على حسب نوع المحصول المزروع، حيث تستخدم الأصص الكبيرة لزراعة بعض المحاصيل مثل الباذنجان، البندورة، الفاصوليا والخيار، حيث تملأ هذه الأصص بالبيئة المناسبة للزراعة، ثم تزرع البذور أو الشتلات داخل الأصيص وتغطى جيداً ثم تروى وتسمد بنظام. وتحتوى هذه الأصص على فتحات أو ثقوب من أسفل، بحيث  يخرج منها المحلول المغذي أو الماء الزائد عن حاجة النباتات، وتجمع في طاولات أو مراقد ويعاد استخدامها مرة أخرى مع ضبط نسب العناصر فيها، وقد لا تستخدم إذا كان النظام المستخدم هو النظام المفتوح.
وفيما يتعلق بنظام الباكيتات ( الأكياس المعلقة ) قال الجيار: " في هذه الحالة يتم عمل باكيتات مناسبة من البلاستيك على جدران مباني السقف أو السطح، ويملأ بالبيئات المناسبة ثم الزراعة، وتستخدم في هذا النظام بعض المحاصيل مثل الفراولة، الفاصوليا والبسلة".
وأشار إلى نظام الوسائد، لافتا إلى انه  يتم عمل وسائد على الأسطح من البلاستيك بطول السطح وبعرض حوالي 30 سم وبارتفاع 20سم، وتملأ بالبيئة المناسبة ثم يتم عمل فتحات مناسبة حسب المحصول. وفي هذا النظام تستخدم بعض المحاصيل الغير محدودة النمو مثل البندورة حيث تثبّت على أسلاك.
ومع الأنظمة السابقة يمكن أيضاً استخدام بعض بقايا مستلزمات المنازل مثل الجرادل أو علب الصفيح مع ثقبها من أسفل، وقد تستخدم أقفاص الجريد، وفي هذه الحالة يتم تبطينه بالبلاستيك ويملأ بالخلطة المناسبة ثم الزراعة .


الشتلات.. إنتاج منزلي!!
وفيما يتعلق بإنتاج الشتلات قال الجيار:  "تتطلب الزراعة فوق أسطح المنازل أن تكون بالشتلات مثل البندورة، الفراولة، الفلفل، الخيار والخس". وعن كيفية إنتاج شتلات الخضر أوضح أنه في البداية، يتم تخصيص مساحة أو ركن من أركان أسطح المنزل لإنتاج شتلات الخضر، ومن ثم  يتم تجهيز خلطة الزراعة بنفس الطريقة الموجودة في فصل الزراعة الغير أرضية على أن تكون هذه الخلطة على فرشة نظيفة من البلاستيك، و يتم تعبئة البيئة في صواني الزراعة المصنعة من الفوم أو البلاستيك الذي تنمو عليه الشتلات، وهذه الصواني تحتوى على عدد من العيون التي تكون على شكل حرف v أو أسطوانية الشكل، قد تكون 84 عيناً،  لتستخدم مع محاصيل العائلة القرعية مثل الكوسة، الخيار، البطيخ والشمام، حيث أن جذورها كبيرة والنمو الخضري للشتلة كبير، أو قد تكون 209 عيناً وهى تصلح لإنتاج شتلات البندورة، الفلفل، الباذنجان، الخس والكرنب.
ولفت إلى ان هذه الصواني تملأ  ببيئة الزراعة ( الخلطة المجهزة مسبقاً )، ثم يتم عمل حُفر في كل عين بواسطة إصبع اليد أو وتد خشبي، ثم تزرع هذه الجور بالبذور على أن يوضع بكل عين بذرة واحدة فقط. وبعد انتهاء الزراعة، يتم تغطية البذور بنفس الخلطة السابقة وتثبيت الخلطة جيداً، ثم تروى بواسطة رشاشات يدوية على ألا يؤدى الري إلى غرَق الخلطة أو البيئة الموجودة بالصواني.
وأوضح م. جيار انه بعد زراعة كل الصواني، ترص فوق بعضها البعض،  وتغطى بالبلاستيك وذلك بغرض رفع درجة الحرارة والمساعدة على سرعة إنبات البذور، على أن يُكشف على الصواني يومياً وتروى عند الحاجة، وعند اكتمال نسبة الإنبات تفرد الصواني على أرضية المشتل أو تعلق بأي وسيلة على جوانب الحوائط وفي أدوار داخل المشتل. ثم توالى الشتلات بالري المنتظم والتسميد كل أسبوع، على أن يحتوى التسميد على بعض العناصر الغذائية المفيدة لنمو الشتلة وخصوصاً النيتروجين والفسفور.
و بعد وصول الشتلة إلى الحجم المناسب للمحصول، تنقل هذه الشتلات مباشرة إلى الزراعات المختلفة لأسطح المنازل. ويراعى أن تحتوى الشتلة على 3-4 أوراق حقيقية، وأن تكون الساق سميكةً ولونها أخضر داكن.  

وختم الجيار مؤكداً في سياق حديثه على أن  مركز معاً سيواصل دعم مثل هذه المشاريع، لما لها من أهمية في توفير سلة غذائية من ناحية، والحصول على خضروات خالية من الكيماويات من ناحية ثانية، مؤكداً أن الزراعة فوق أسطح المنازل هي زراعة أمنة مئة بالمئة.                

 

التعليقات

ليت كل مسؤول في مؤسسة ذات علاقة سواء حكومية أو أهلية أو خاصة وليت كل مزارع
فلسطيني يسمع صرختك يا يحيى .
ورغم صعوبة الوضع المائي في منطقة غزة  أنصحك بأن تمارس الزراعة في بيتك أو
على سطح منزلك لتنتج غذاءً نظيفاً وتقدم نموذجاً لأصدقاءك وجيرانك

سعد داغر

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية