خاص بآفاق البيئة والتنمية

أسامة خلف المحاضر في كلية الزراعة بجامعة فلسطين التقنية
وضعَ المحاضر في كلية الزراعة بجامعة فلسطين التقنية، م. أسامة خلف، لائحة بمتطلبات زراعة العنب تبدأ بإنشاء المعرشات، واستخدام الأسمدة العضوية، وإعداد الأرض بشكل سليم، فشراء أشتال بأسعار مرتفعة، ثم توفير مياه الري بشكل كبير، والتقليم، ومعالجة العديد من الآفات الفطرية والحشرية، وخاصة في نهاية الشتاء وبداية الربيع، التي تتطلب علاجًا يوميًا في بعض الأوقات، إضافة إلى التوريق (إزالة بعض الأوراق)، والخف ( تقليل كثافة الثمار في بداية عهدها)، وإزالة الأوراق القريبة من العناقيد لزيادة التهوية وتعريضها للشمس.
وأضاف خلف أن التوجه نحو العنب، كمحصول اقتصادي أمر حديث العهد في جنين ومحافظات الشمال، لكنه "محاط بتكلفة إنشائية عالية، تصل إلى نحو 5 آلاف شيقل للدونم الواحد للمعرشات". وذكر أن الوضع المثالي هو زراعة العنب في دفئيات، أو تغطيته بالشاش، لكن بسبب الكلفة الباهظة "يعزف الفلاحون عن هذا الخيار منذ البداية، رغم أنه يزيد الإنتاجية ويقلل التكاليف".
وقال خلف ان العمليات الزراعية التي تبدأ من كانون الثاني بالتقليم والحراثة وإزالة الأعشاب، وتنتهي بالقطاف في آب تُقابل للأسف بأسعار متدنية، وفي بعض المناسبات يبقى خيار الفلاح الإبقاء على الثمار دون قطاف؛ لتدني أسعار المحصول.

محصول العنب الجنيني
شراء ضعيف
وأشار مدير عام وزارة الزراعة في جنين، م. باسم حمّاد، إلى أن حقول العنب في المحافظة تتركز في قباطية، ومسلية، ومرج ابن عامر، وعرابة وتمتد على نحو 3 آلاف دونم، ويتوقع أن تقفز هذا العام عن معدلاتها؛ لتنتج ما معدله 3 أطنان للدونم معظمها بيروتي.
وأوضح أن أسعار هذا العام "كانت جيدة بداية الموسم" الذي تزامن مع الأعياد، وبيع الكيلو الواحد بـ 7- 8 شواقل، ولكن تراجعت إلى 2,5 شيقل؛ بسبب ضعف القوة الشرائية، وعدم دخول المتسوقين من الداخل، وغياب الأيام التسويقية.
وقال حمّاد أن المزارعين اعتادوا على البيع بأسعار أعلى مما هو عليه الحال هذه السنة، لكن القدرة الشرائية الضعيفة والعرض الكبير من العنب، وتراجع الطلب أدت مجتمعةً إلى انخفاض الأسعار.
وأكد أن الوزارة تدعم مزارعي العنب منذ البداية، إذ تشتري الشتلة بـ 12 شيقلًا، وتبيعها للمزارعين بـ 4 شواقل، ووزعت هذا العام نحو 30 ألف شتلة.
لكن رئيس تجمع منتجي العنب في محافظة جنين، صادق نزال أفاد أن أسعار العنب هذا العام كانت بين شيقلين وأربعة شواقل ونصف، وهذا "ليس عادلًا للمزارعين"، الذين كانوا يأملون بيعه بـ4-6 شواقل لتغطية تكاليفه المرتفعة، وجرى تسويقه بالفعل العام الماضي بسعر أفضل.
وعزا سبب تدني الأسعار هذا العام إلى منافسة العنب الإسرائيلي، وضعف القوة الشرائية، فيما يوضح أن تكلفة الدونم الواحد تصل إلى 17 ألف شيقل، أما بيع الورق فلا يغطى سوى بعض التكاليف.
وأضاف أن محافظة جنين تضم نحو 4 آلاف دونم عنب منتجة وغير منتجة، غالبيتها من صنف بيروتي. ويصل حجم المنتوج إلى 6 آلاف طن.

عنب جنين
خيارات صعبة
ويخشى نزال من ردة فعل بعض المزارعين بسبب تدني الأسعار وعدم بيع المحصول، باللجوء إلى اقتلاع بساتينهم، والتوجه إلى زراعات أخرى "إذا بقوا وحدهم".
ووفق التجمع الذي تأسس عام 2018 ويضم 90 مزارعًا، تذهب النسبة الأكبر من التكاليف على الأسمدة، والري، والمبيدات التي تتطلب بعض أنواعها 1500 شيقل في الرشة الواحدة، أما الأيدي العاملة والحراثة فأقل.
ويسعى "منتجو العنب" إلى التأثير على وزارة الزراعة لضبط أسواق العنب من الأصناف المهربة، والتنسيق لأيام تسوق مباشرة للمستهلكين في محافظات طولكرم، ونابلس، ورام الله، آملين في تنظيم مهرجان تسوق في منطقة مفتوحة؛ بسبب جائحة كورونا.
ورأى رئيس جمعية حماية المستهلك في جنين، علي أبو بكر، أن الحلّ لمساندة المزارعين تدشين نقاط بيع للعنب في مناطق حيوية، ومفارق الطرق، وبأسعار وعبوات منافسة، في تجربة سيجري تقييمها وتطويرها لتشمل كل الأصناف، التي تعاني الكساد.
وأشار إلى أن الحل الجذري اعتماد "رزنامة زراعية" تدرس كل المناطق الزراعية، ومدخلات إنتاجها ومواسمها وكمياتها، وتبحث عن الأماكن ذات الوفرة في التيار الكهربائي لوضع ثلاجات لتخزين المنتجات الزراعية والحيوانية، ثم تجري "الموازنة بين المدخلات والمخرجات، وتنصف المزارع والمستهلك"، ويتم التوجه نحو التصنيع الزراعي في المناطق، التي تشهد وفرة إنتاج وتتدنى فيها الأسعار.

كرم عنب في جنين
تضخم وتصنيع
ووصف منسق جمعية الإغاثة الراعية في جنين، محمد جرادات، أن أزمة تسويق العنب تسببت بها زيادة كميات الإنتاج، ومحدودية التسويق، ومحدودية الوصول إلى الأسواق في المحافظات الأخرى والداخل المحتل، وعدم تنفيذ معارض بيع ودعم للمزارع في جنين والمحافظات الأخرى؛ بسبب جائحة "كورونا".
وأكد جرادات أن أزمة التسويق لعنب الأغوار التي تضم نحو 2500 دونم، لم تكن قائمة هذا العام، وسوّق المزارعون منتوجهم بـ"أسعار جيدة ومرضية". فيما ستبدأ "الإغاثة" بتوزيع كرتون خاص على المزراعين، الذي سيبيعون محصولهم بين 3-4 شيقل للكيلوغرام.
وتوقع أن تكون الأزمة الحقيقية والظاهرة للعيان ستكون مع عنب الخليل، الذي يبدأ موسمه في أيلول وبكميات كبيرة، وبعد انتهاء عنب جنين مباشرة.
ودعا جرادات إلى التفكير بآليات جديدة للتعامل مع فائض العنب في جنين، كالتوجه إلى تخزين العنب في بيوت التعبئة القائمة، والبدء في تصنيعه وتحويله إلى زبيب ودبس وملبن، وخاصة أن بعض الأنواع تنتج نحو 5 أطنان.

صادق نزال رئيس تجمع منتجي العنب في محافظة جنين
aabdkh@yahoo.com