استطلاع للرأي: 40% يعتقدون بوجود اختلاف كبير وجوهري بين مفهومي "السيادة الغذائية" و"الأمن الغذائي"؟
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بين استطلاع أخير للرأي أجرته مجلة آفاق البيئة والتنمية في عددها الصادر في آب الماضي، بأن 40% من المستطلعة آرائهم يعتقدون بوجود اختلاف كبير وجوهري بين مفهومي "السيادة الغذائية" و"الأمن الغذائي"؛ بينما 35% يعتقدون بوجود اختلاف طفيف بين المفهومين. وفي المقابل، 14% فقط يعتقدون بعدم وجود اختلاف بين المفهومين؛ أما الذين لا موقف لهم (لا يعرفون) فبلغت نسبتهم 11%.
وبلغ حجم العينة المبحوثة 333 موزعة على بضع فئات مختلفة هي: طلاب، باحثون، صحفيون، ناشطون بيئيون، منظمات غير حكومية، قطاع خاص، مزارعون، ومسؤولون حكوميون / قطاع حكومي.
ودون الخوض في تفاصيل كيفية تصويت كل فئة من المستطلعة آرائها، بينت نتيجة الاستطلاع، بشكل عام، وجود ضبابية وافتقار للرؤية الواضحة لدى غالبية المستطلعة آرائهم (60%)، حيث توزعت إجاباتهم بين من يقول بوجود اختلاف طفيف بين مفهومي السيادة الغذائية والأمن الغذائي ومن قول بعدم وجود اختلاف، بل أجاب العديد من المستطلعين بأنهم لا يعرفون ما الاختلاف بين المفهومين.
الحقيقة أن مفهوم السيادة الغذائية نشأ بداية في بعض دول أميركا اللاتينية وشرق أسيا، كمفهوم نقيض للأمن الغذائي، وتطور في سياق الحركات الفلاحية الشعبية الثورية التي حررت مساحات الأراضي الزراعية من براثن الأنظمة السياسية المستبدة والشركات الغذائية والزراعية الصناعية الكبرى، وتمردت على سياسات حكوماتها الداعمة للأغنياء والشرائح الطفيلية، والمدافعة عن مصالح الرأسماليين وأصحاب الأعمال الكبار وتجار العقارات والأراضي والشركات الاحتكارية والعابرة للقارات. بمعنى أن مفهوم السيادة الغذائية عبارة عن مفهوم تحرري شعبي مقاوم يهدف إلى تحقيق السيادة الحقيقية على الأرض وإنتاج الغذاء، وبخاصة سيادة الشعوب المقهورة والشرائح الشعبية الرازحة تحت تحكم ورحمة حفنة من الاحتكارات الأجنبية العابرة للقارات وشركات البذور والكيماويات الزراعية العالمية.
كما أن مفهوم السيادة الغذائية يتناقض تناحريا مع المفاهيم والسياسات الاقتصادية الرسمية القائمة أساسا على قاعدتي "اقتصاد السوق" و"السوق الحر" الرأسماليين اللذين تسببا في ترسيخ وتعميق الفقر والمجاعة في دول الجنوب ذات "السيادة" الشكلية.
أما ابتكار مفهوم الأمن الغذائي فيعود إلى الأنظمة الإمبريالية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية (الولايات المتحدة الأميركية، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، بعض وكالات الأمم المتحدة...إلخ.) والذي تبنته بدورها الأنظمة السياسية في جنوب الكرة الأرضية، أي أنه مفهوم نيوليبرالي فوقي فُرِضَ من أعلى إلى أسفل.